الإثنين 04 مارس 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.06 ليرة تركية / يورو
39.73 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.62 ليرة تركية / ريال قطري
8.37 ليرة تركية / الريال السعودي
31.39 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.06
جنيه إسترليني 39.73
ريال قطري 8.62
الريال السعودي 8.37
دولار أمريكي 31.39

حبشكلات رقم واحد

29 سبتمبر 2020، 03:26 م
حبشكلات رقم واحد
29 سبتمبر 2020 . الساعة 03:26 م

كان ينوي الزواج من فتاة جميلة ومثقفة, فقرر لقاء أخيها للاتفاق على ترتيبات الزواج, وحصل اللقاء المنتظر, وهناك اشترط أخو العروس شرطاً غريبا! لقد اشترط أن يدفع الخاطب (الحبشكلات) كي يمر الزواج, خصوصا أن قرار الزواج بيده, وإلا أوقف المشروع إلى أن يأتي عريساً يدفع (الحبشكلات)! صدم العريس صدمة كبيرة, وقرر التفريط بالمشروع الذي بدايته بالحرام والنتانة, وهرب وقرر أن لا يفكر بالزواج مرة أخرى, فهذا البلد لا ينمو فيه إلا الشوك.

تتردد كثيراً مفردة "حبشكلات", وهي مفردة من المفردات الخاصة التي يتداولها العراقيون مثل "دهن الزردوم" و"الريوك" و"استكان الشاي" و"التوريق" والـ "مالات" وغيرها، والتي ظهرت بعد الاحتلال الأميركي للبلاد. لكن اللافت أن جميعها تعني "الرشوة"., حيث أصبحت سياق عمل الأحزاب والمؤسسات والتجارة والأسواق, بل مطلق المعاملات عموما.

وللحبشكلات في واقع بلد الواق واق ألف صورة وصورة, فالدعم مستمر وموجود لهذه الشجرة الخبيثة بأن تثمر وتكبر.

حدثني صديقي أبو زيد عن همومه في تحصيل قرض, فالمعاملة التي قدمها للمصرف لا تتحرك منذ ثلاثة أشهر, وهو قد جلب كل ما طلب منه من الأوراق الرسمية المطلوبة, وقد باح لي بسره, فقال: "إن هنالك موظف كبير داخل المصرف أخبره بدفع (الحبشكلات) حتى يحصل على القرض بسرعة.. يقول صديقي لم أفهم مغزى المصطلح أول الأمر! فظننته نوع من أنواع السرد الروائي, أو تعبيرعن الواقع السياسي, في الأخير فهمت أنه يطلب رشوة.

الآن صديقي حائر.. بين ما يملك من قيم تمنعه من أن ينجر مع أهل الخطيئة ودفع الرشوة, وبين حاجته الشديدة للقرض.

وحكايات الحبشكلات لا تنتهي, ومنها قصة العجوز المسن أبو كريم الذي كان يسعى وراء إصدار هويته التقاعدية, وهو متعب ومريض وساقاه لا يقويان على حمله, ومعاملة إصدار الهوية تحتاج لقوة بدنية وصبر وتحمل, فكل شيء في بلد الواق واق يأتي بمشقة, كأنها أرض ملعونة, كان متعباً فجلس على الأرض فلا توجد مقاعد لجلوس المراجعين, فاقترب منه شاب, وهمس في أذنه: " أنا موظف هنا وسوف أساعدك في إصدار الهوية, من دون أن تتعب, فقط أعطني الحبشكلات وتدلل حجي"!

حتى العجوز المسن المتقاعد لا يسلم من دفع الحبشكلات, فهي الطريق الوحيد لإنجاز الأعمال بسرعة وسلاسة.

أما عن الحبشكلات العملاقة فالكلام يأخذ شكلا آخراً، فهل تعلم أنه في بلد الواق واق لا يمر عقد كبير إلا بدفع نسبة معينة لكل صنم كبير ( القيادات العليا), تأخذ حبشكلاتها كي يمر العقد, حتى لو كان لشراء لحم الخنزير أو الخمور, فالمهم عندهم دفع الرشوة وليحترق البلد, وثاني يوم تجد الأصنام تخرج علينا من دون أي حياء, فواحداً من الأصنام يذكر أهمية طاعة الله, وصنم آخر يحدثنا عن زهده, وصنم ثالث يبكي على خراب البلد وحال الناس التعيس, في لوحة نفاق نتنة جدا كل يوم تتكرر ويصدقها السذج.

كم نحتاج وجود الإمام علي (ع) كي يهد الأصنام من جديد, فالجاهلية عادت لتسطو على حياتنا, وها هي تعتاش بواسطة (الحبشكلات).