السبت 06 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

هل تنهي أسماء الأسد حكم “العلويين” في سوريا؟

19 أكتوبر 2020، 12:16 م
أسماء الأسد
أسماء الأسد

نضال معلوف

كاتب سوري

19 أكتوبر 2020 . الساعة 12:16 م

معظم السوريين يعلمون بأن عماد الحكم في سوريا منذ الثمانينيات يقوم على ركيزتين.. عائلتين.. عائلة مخلوف والأسد.

وطالما كان محمد مخلوف الرجل صاحب النفوذ الأكبر الذي يتحكم بالأمور من وراء الستار وبشراكة تامة مع الرئيس السابق حافظ الأسد، استطاعت هذه “التركيبة” أن تسيطر على كل مفاصل القوة في سوريا.

طبعا تركيبة الحكم في سوريا ليست بهذه البساطة، فقد نسج النظام تركيبة معقدة للغاية تتوزع فيها المنافع على “الاقطاعيين” كل في قطاعه، ويتم إطلاق يد الاقطاعي في حصته من “المزرعة”  لجني المنافع وتقاسمها مع النظام صاحب الملك ، بشرط الولاء المطلق غير المشروط.

ولكن لا يسمح لأحد أن يسطع أكثر من الشمس، وشمس سوريا الاقتصادية كانت عائلة مخلوف، فيما مسك حافظ الأسد كل مفاصل القوى العسكرية والأمنية والسلطات الثلاث في يده بطريقة مركزية قل مثيلها في التاريخ حتى في عصور الملوك والسلاطين.

عزز الأسد من تواجد الضباط العلويين في الجيش والأمن وهذا معروف، وإن كان لا يتم الحديث عنه بشكل علني مباشر ولكن كل السوريين يعرفون هذا.

وإن كان في بعض المواقع الحساسة ضباط من طائفة أخرى، فانه عادة ما يعين ضابط علوي في منصب النائب ويكون له الكلمة الفصل بطبيعة الحال.

طبعا حافظ الاسد لم يفعل هذا حباً في الطائفة، ولكن ليزج فيها في معركة وجودية ترتبط فيه مباشرة وتقوي موقعه، وتتمثل رؤيته ببساطة بتوريط العلويين باغتصاب معظم المناصب في الدولة والاستحواذ على الحصة الأكبر من المكاسب بشكل واضح وفج وكثير من الأحيان وقح، وذلك لاثارة النقمة بين باقي مكونات الشعب عليهم، وفي المقابل قمع هذه النقمة عندما تريد أن تتحول لفعل يعيد التوزيع العادل للثروة والسلطة، بالعنف.

فكانت هذه المعادلة الشيطانية "النقمة المقموعة بالعنف" تجعل مصير الطائفة معلق بشكل كامل بشخص الرئيس، وهذا استمر بعد رحيل حافظ الاسد في حكم بشار الاسد بنفس الطريقة.

طبعا لا نقول بأن كل من في السلطة وكل من استفاد هو من الطائفة العلوية، هذا ليس صحيحا أيضاً فقد حرص حافظ الأسد ومعه مخلوف كما ذكرت أعلاه على ابقاء الاقطاعيين كل في منطقته بحسب تركيبتها الاولية، اقطاعات عائلية، عشائرية، طائفية، مافيوية.. على رأس كل منها شخص يدين للرئيس بالولاء المطلق ويعمل على ضبط “اقطاعيته” بحسب أوامر ومخططات الرئيس “الملك” وبما يخدم مصالحه.

وأيضا لا يمكن أن نقول بأن كل علوي استفاد من هذه المعادلة، ايضا هذا خطأ فادح، فقد بقي أكثر العلويين يعيشون في حالة من الفقر والعوز، وصاحب الحظ منهم حصل على مكاسب بسيطة (فتات) تتمثل في وظيفة، رخصة، تنفيعة.. لا تكاد تسد رمقه ولا تصل به إلى أن يكون من الطبقة الوسطى حتى.

ولكن رأس الهرم، شراكة السلطة والمال، الامن والعسكر.. كلها كانت على مدى 50 عاما ضمن نفوذ اشخاص ينتمون للطائفة العلوية.

تغير الوضع مع وصول النظام على حافة الهاوية، مع اقترابه من الانهيار، وكان التدخل الروسي الذي حمى النظام من السقوط وثبته، ولكن ثبته على حافة الهاوية، هو لم يساعده على الابتعاد عن الخطر ولم يتركه يقع في حفرة النهاية.

والتدخل الروسي بحسب ما اعتقد ما كان ليكون قراراً روسياً منفرداً، على الاقل يمكن أن نقول لا يمكن أن تقرر روسيا في سوريا بشكل منفرد، لن يتنازل أحد عن نفوذه في هذه الارض التي أصبحت أرضاً مفتوحة، فكان لا بد للروس من أن ينسقوا بشكل كامل مع الولايات المتحدة وتركيا وايران وإسرائيل.

لا أحد يعرف ما الخطة، ما الذي تم الاتفاق عليه فيما يتعلق بمصير هذا البلد المنكوب، ولكن يمكن من خلال سياق الأحداث ان نخمن معالم الخطة..

برز في السنوات القيلة الماضية اسم أسماء الاسد، بشكل يتجاوز ما يمكن ان تلعبه “السيدة الاولى”، برزت أسماء الاسد كمركز قوة منفصل عن زوجها وبات التباين بين الموقعين واضح مع الزمن اكثر فاكثر.

بدأت السيدة الاسد بالتمدد وتثبيت مراكز نفوذ خارجة عن سيطرة المنظومة المعروفة، بدأت بوضع اليد على بعض المفاصل وكان قرارها يبدو مستقلاً إلى حد كبير عن قرار الرئيس بشار الاسد.

واذا كانت الشكوك تحوم حول هذه القراءة في السابق إلا أن المعركة الاخيرة بينها وبين ال مخلوف وانتصارها عليهم ونجاحها الى حد كبير في ان تحل مكانهم يدعم نظرية وجود دور هام لها في مستقبل سوريا.

بعد اندلاع “الثورة” السورية والنتائج التي آلت اليها نتيجة التدخلات الاقليمية والدولية، لم يعد استمرار حكم” علوي” في سوريا ممكن.. لا يمكن ان يعيد بشار الأسد السيطرة على الارض (او ماتبقى منها) من خلال ذات الفلسفة التي حكم فيها “مخلوف الاسد” في الخمسين عاما الماضية، يجب على هذه الفلسفة ان تتغير.. يجب على موازين القوى ان تتغير..

فاطفاء نار الحريق لن يكون إلا باعادة المكون السني ليكون له دوراً فاعلاً في تقرير مستقبل البلاد، واذا كان اقصاء العلويين تماماً والاطاحة بالنظام بمثل النموذج الليبي أو العراقي أو اليمني من خلال تغليب فصائل متشددة على النظام وتمكينهم من استلام الحكم من الخطورة بحيث انه يهدد وجود كل الأقليات في المنطقة (حتى خارج الحدود السورية) فان الحل يبقى في تفكيك آلية سيطرتهم إلى أجزاء، والقيام باستبدال بعض هذه الأجزاء لاعادة التوزان، وربما تغليب تمثيل “الأكثرية” في السلطة بدون اقصاء الاقليات..
هي معادلة صعبة.. ولكني أجد بانها تتقدم مع الزمن بشكل مثير للدهشة..

فأسماء الأسد المنحدرة من عائلة سنية اليوم باتت تتمتع بسلطة لم تتمتع بها شخصية سنية قبلا خلال نصف القرن الماضي، صحيح أنها محسوبة على النظام ولكن في حسابات المجتمع السوري ومع الزمن وفي حال نجاحها في كسر الطوق القديم وادخال شخصيات تنتمي للأكثرية السنية في سوريا الى دائرة القرار وهي جالسة على رأس المائدة أمر لا بد بانه سيكون بداية تغير كبير في النفوذ في سوريا..

اقرأ أيضاً: فيصل القاسم لبشار الأسد: يا ابن الستين ألف صرماية

قد يبدأ باسماء الأسد ولا ينتهي بها.. قد يكون أمر لا يرضي “الثورة”و لا “الثوار” ولكنه قد يشكل رؤية القوى صاحبة النفوذ في تشكيل مستقبل المنطقة.. باعادة الاستقرار لها المشروط ببقاء مفاتيح هذا الاستقرار بيدها..

شاهد إصداراتنا: