الأحد 05 مايو 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.92 ليرة تركية / يورو
40.78 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.89 ليرة تركية / ريال قطري
8.62 ليرة تركية / الريال السعودي
32.35 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.92
جنيه إسترليني 40.78
ريال قطري 8.89
الريال السعودي 8.62
دولار أمريكي 32.35

ماذا بعد إغتيال محسن زادة؟

03 ديسمبر 2020، 10:39 ص
ماذا بعد إغتيال محسن زادة؟

م.زيد شحاثة

كاتب عراقي

03 ديسمبر 2020 . الساعة 10:39 ص

زيد شحاثة

تفاجأ أغلبنا بخبر مقتل العالم النووي الإيراني محسن زادة, خصوصًا بعد توارد أخبار كثيرة تتحدث عن هدنة غير معلنة منحتها إيران للأمريكان حتى انتهاء الانتخابات, شملتها وكل حلفائها من أحزاب وحركات وفصائل في المنطقة, فرغم الإعلان الإيراني عن تنفيذ إسرائلي للعملية, لكن كلنا يعلم أنهم لن تجرؤا على تنفيذ هكذا عملية وخصوصا ضد إيران, إلا بوجود ضوء أخضر أو قبول أمريكي.

خسارة ترامب للانتخابات جعلته كالذئب الجريح, يريد أن يؤذي أكثر ما يمكنه من قطيعه قبل أن يقوموا بالتهامه.. فصار ومنذ فترة يفكر جديًا بتوجيه ضربة لإيران تسبب تعقيدًا وصعوبة أمام خليفته بايدن, تمنعه من تحقيق أي من وعوده التي سوقها خلال حملته الانتخابية, وكان أهمها العودة للاتفاق النووي مع إيران, وينفع في دفع بايدن باتجاه موقف إسرائيل المتشدد ضد إيران, وربما ينفع الجمهوريين في الانتخابات القادمة بعد سنوات أربع

بايدن لن يستطيع أن يسوق لعودته للاتفاق النووي مع إيران إن قامت الأخيرة بأي رد ضد إسرائيل أو أمريكا وقواعدهما وسفاراتهما في المنطقة, فهذا سيجعله بموقف ضعيف جدًا داخليًا, وربما يهز صورة أمريكا المتشددة القوية التي يرغب بالحفاظ عليها كقائدة للعالم كما تحاول سياستهم الخارجية وإعلامهم أن يظهراه..

إيران من جهتها محرجة جدًا أمام مواطنيها وحلفائها في المنطقة, فبعد اغتيال الجنرال قاسم سليماني, كان الرد حينها لا يوازى ولا يقارب حتى مستوى الخسارة, لكنهم بقوا يتوعدون بأن الرد الحقيقي قادم .. ورغم أن اغتيال العالم النووي زادة, كان خرقًا أمنيًا خطيرًا وعالي المستوى, ويمثل فشلًا كبيرًا للنظام الإيراني ومؤسساته الأمنية, لكن الجانب الأخطر من العملية, كان في أنه الاعتداء الثاني  بهكذا مستوى من الاستهداف دون انتقام مقابل.. وبالتالي هم بأمس الحاجة للرد لحفظ هيبتهم أمام حلفائهم في المنطقة وأمام الإيرانين أنفسهم, لكن هذا الرد قد يكلفهم البقاء بحصار خانق لبضعة سنوات أخرى, ويخسرون فرصة قد تكون ذهبية لهم للعودة للاتفاق النووي (6+1) مع وجود بايدن في البيت الأبيض, وهم بوضع اقتصادي سيء جدًا.. فهل سترد إيران وتنتظر لأربع سنوات أم ستبلعها وتتوعد كما فعلت مع الجنرال الراحل؟!

من يفهم السياسة الإيرانية يعرف أنها سترد ولن تتأخر كثيرًا.. ورغم بعض التزمت والجمود والتقليدية التي يظهرها بعض قادتها من ذوي الخلفيات العسكرية, لكنها أيضا تمتلك ساسة من الطراز الأول, وسيكون ردها بنفس طريقة الضربة الأخيرة التي وجهت لها.. فكما أن أمريكا طعنتها بيد إسرائيل وبشكل غير معلن أو متبنى رسميًا, فهي ستفعل بالمثل وسترد الطعنة بمكان ما وبشكل لا يظهر بالضرورة تبنيها للعملية, لكنه سيكون بطريقة يفهم منها القاصي والداني أنها من فعلها..

قد يكون الرد في منطقة الخليج حيث حلفاء أمريكا, فهذا سيؤذي العم سام ويظهر ضعفه عن حماية حلفائه.. أو  قد يكون الرد ضد إسرائيل في إحدى سفارتها أو باستهداف شخصياتها المهمة, فهذا سيثبت فشل الاحتياطات الأمنية لهذه الدولة "السوبر" وكذلك يقوي دور ومكانة إيران أمام حلفائها الإقليمين, ويعيد لها دور الند في أي تفاوض مستقبلي حول ملفات المنطقة والإقليم .. وقد يكون الرد غير مبتنى من أي جهة أو قد يتبناه فصيل مقاوم هنا, او يظهر فصيل جديد يعلن مسؤوليته, ولن نتفاجأ إن أعلنت جهات بعيدة مذهبيًا وعقائديًا عن إيران, تنفيذ هكذا عمليات.. فإيران اليوم لم تعد كما كنا نعتقدها سابقًا.

ترامب عودنا على تصرفاته الرعناء الحمقاء, لكنها هذه المرة قد تعود بالضرر على أمريكا وحلفائها.. وإسرائيل أثبتت ومن زمن بعيد قدرتها على تحقيق الاختراقات الأمنية واغتيال كثير من العلماء العرب والمسلمين لكنها تتلقى ردًا مؤلمًا لاحقاً لهشاشة وضعها دائمًا.. فيما إيران أثبتت امتلاكها قدرة عالية في ممارسة سياسة النفس الطويل, وهي لا تنسى ثأرها مهما طال الزمن.. لكن ما أثبته العرب سابقًا وحاليًا وربما مستقبلًا أيضًا أنهم هم من ينفردون بدفع ثمن كل ذلك..