السبت 06 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

السعودية وتركيا تباعد ومقاربات

هالة القدسي:

شهدت العلاقات السعودية التركية تقلبات عديدة بين تصعيد وتهدئة وهبات باردة وساخنة لعدة سنوات بسبب التحولات السياسية الخارجية والتحالفات الإقليمية على المستوى الثنائي  للبلدين.

وبالعودة إلى تاريخ العلاقات بينهما لم تشهد العلاقة توافقاً تاماً أو تحالفاً استراتيجياً قط بل إنها  كانت تعيش تحت وطأة عوامل عدة منها ما هو تاريخي ومنها ما هو قومي أو سياسي.

مصالح متشابكة

في ثمانينيات القرن الماضي شهدت العلاقات بين الرياض وأنقرة نوعاً من الدفء والتقارب، بيد أن ذلك لم يصل إلى حد التوافق الاستراتيجي، ويعود ذلك لعدة أسباب أهمها المصالح المتضاربة و قرب المملكة من الولايات المتحدة الأمريكية من جهة، ومعاناة تركيا من أزمات اقتصادية وتحديات خارجية وداخلية من جهة أخرى.

عاصفة الصحراء أو حرب الخليج الثانية خلقت مساحة للتقارب وتوطيد العلاقات على كافة المستويات بين البلدين لا سيما بعد مشاركة الطيران التركي في حلف شمال الأطلسي (NATO) لتحرير الكويت عام 1991 من القوات العراقية والذي تشكل تركيا فيه القوة الثانية بعد الولايات المتحدة الأمريكية .

راوحت العلاقات مكانها بعد ذلك واستمرت حالة البرود حتى جاء حزب العدالة والتنمية إلى الحكم عام 2002 وهو الذي مثل بداية عهد جديد لتركيا على جميع الأصعدة الداخلية والإقليمية والدولية، مما زاد فرص قبولها كلاعب فاعل في المشهد العربي وحتى الإقليمي والدولي.

بدأت العلاقات بين البلدين تشهد تحسناً ملحوظاً ، لكنها بقيت بمستوى محدود،لن يخفى على مراقبيها أنها لم ترتقي إلى بلورة مقاربة تغطي جميع الملفات.

مع بداية الربيع العربي زادت التحديات الإقليمية والمتغيرات الداخلية فرص التقارب في كل من الرياض وأنقرة وخاصة بوجود عناصر تهديد مشتركة لكل من أمنيهما في إقليم الشرق الأوسط ووضوح السياسة الخارجية للمملكة وتحديد أولويتها المطلقة في إيقاف التمدد الإيراني واتباع سياسة الفتور تجاه الإخوان المسلمين.

لكن عقبات أخرى حالت دون التقاء الطرفين في كافة الملفات كالملف المصري،وخاصة أن تركيا فتحت أبوابها للمعارضين المصريين وسمحت لهم بالعمل وممارسة أنشطة إعلامية تعارض النظام المصري الذي تدعمه السعودية.

ملفات جدلية

بقى الملف العراقي على مسافة واحدة تقريباً بحكم الأمر الواقع، ودخول "داعش" على الخط، بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تمسك برقبة هذا الملف.

بينما تفاوت حجم الاختلاف في الملف المصري الليبي عن الملف السوري،والعراقي  واليمني حيث وقفت تركيا إلى جانب تحالف دعم الشرعية في مصر بينما وقفت المملكة ودول الخليج إلى جانب الانقلاب العسكري وقد لا يختلف المشهد الليبي عن المصري مع فارق حساسية الملف المصري لدى الطرفين.

وفي المقابل اتفق الطرفان حول الخطوط العريضة في كلٍّ من سوريا والعراق واليمن وخاصة أن تركيا دعمت عملية عاصفة الحزم التي أطلقتها السعودية في اليمن، فالحالة اليمنية تمثل أولوية بالنسبة للرياض كما هو الحال لأنقرة في سوريا وذلك لوجود الطرف الإيراني في الصراع الدائر هناك، مع تفاوت نسبة الأولويات فالدور المالي السعودي الداعم لميليشا قسد في سوريا نزولاً عند رغبة الولايات المتحدة كان أبرز النقاط الشائكة وحال دون رأب الصدع مع تركيا التي تتعامل معها على أنها تنظيمات إرهابية مما حول سوريا إلى ميدان للصراعات المتنامية بين البلدين.

ذروة الصراعات

رغم الاتفاقيات الاستراتيجية والتجارية المتبادلة الموقعة بين البلدين إلا أن حصار قطرعام 2017  رتب التزامات على عاتق تركيا بحكم التحالف الذي يجمعها معها والاتفاقات العسكرية القديمة مما دفعها للوقوف معها وفتح خط جوي وبحري عاجل لإمدادها بعد الحصار المفروض عليها و إنشاء قاعدة عسكرية فيها لتصبح جزءاً رئيسياً من الأزمة لتتجه بعدها العلاقات إلى مزيد من التصعيد والتوتر بسبب القضايا المتضاربة ولكن تركيا كانت دائماً تحافظ في علاقتها المتوترة مع السعودية على شعرة معاوية.

تزامن ذلك مع وصول محمد بن سلمان ولي عهد السعودية الذي جاء باستراتيجية مغايرة تضع  الخطر الإيراني  والإسلام السياسي في كفة واحدة وأعلن لاحقاً مواجهتهما معاً في مارس 2018 وقال أن تركيا جزء من مثلث الشر إلى جانب إيران والجماعات الإسلامية.

ازدادت الشراسة الإعلامية وتعمقت الأزمة بعد مرور شهر تقريباً على مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول في الثاني من اكتوبر 2018 ،حين وجه الرئيس التركي أردوغان للحكومة السعودية اتهاماً مباشراً بقتله  قائلاً  "نعرف أن أمر قتل خاشقجي جاء من أعلى المستويات في الحكومة السعودية".

شنت السعودية على تركيا حملات مقاطعة نفت رسميتها واتهمها وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودية عادل الجبير، في (فبراير 2020)   بتمويل ورعاية المليشيات المتطرفة في الصومال وليبيا وسوريا ،تبعه حجب للمواقع التركية في السعودية وتصريحات نارية ضدها قابلته هي الأخرى بحجب المواقع السعودية ولكن سلسلة الاضطرابات المتواصلة والخلافات العديدة والتنافس على زعامة الأمة الإسلامية لم تذهب بهما إلى قطيعة رسمية.

عودة التقارب

شكل زلزال أزمير التحرك الأول لجبر الكسر بين البلدين وبدت الخطوة المتقدمة لعودة أواصر العلاقات بعد إرسال السعودية لمساعدات عاجلة إلى تركيا بعد حدوث الزلزال الذي خلف خسائر بشرية و مادية كبيرة ،حيث لاح في الأفق أن الرياض في طريقها للتقارب مع أنقرة.

وأما ما رجح إذابة الجليد بين البلدين، هو الاتصال الهاتفي الذي أجراه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخراً في إطار الحديث عن قمة العشرين التي جرت في السعودية خلال 21 و22  من نوفمبر2020 ،واتفاق الجانبين على إبقاء قنوات الحوار مفتوحة لتطوير العلاقات الثنائية وإزالة المشاكل.

مما يعني أن هناك  تطوراً ملحوظاً في سير العلاقات السعودية التركية  بعد التحركات الإيجابية من قبل السعودية تجاه تركيا خلال شهر نوفمبر الذي شهد إجراء الانتخابات الأمريكية.

ولعل التقاء الرياض وأنقرة ببعض المصالح وعناصر التهديد المشتركة كفيلة بدفعهما لطي أوراق الخلافات جانباً، والتعامل مع المستجدات في المنطقة، والتركيز على نقاط الاتفاق ومعالجة الملفات الشائكة كلٍّ على حدة؛ بهدف تجاوز نقاط التماس التي كانت في العهد السابق.

شاهد إصدارتنا: