الخميس 07 مارس 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.06 ليرة تركية / يورو
39.73 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.62 ليرة تركية / ريال قطري
8.37 ليرة تركية / الريال السعودي
31.39 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.06
جنيه إسترليني 39.73
ريال قطري 8.62
الريال السعودي 8.37
دولار أمريكي 31.39
...

ربانية الدين الإسلامي العظيم وخلود رسالته

26 ديسمبر 2020، 02:15 م

يوجِّه البعض في زماننا الحاضر بعض الشبهات في مجالات متعددة: كالعقيدة، والفكر، والتشريع، وفي مجالات المرأة، وكذلك في مجالات العقوبات، وغير ذلك.

وما أُثير في ذلك أن الدين الإسلامي – الذي يتبعه قريب المليار ونص المليار مسلم-  هو صناعة بشرية، من صناعة محمد ﷺ!، وليس وحياً من الله تعالى وليس القرآن الكريم كلاماً له، وبناء على ذلك شككوا بعالمية الدين الإسلامي، وديمومته وخلوده، بل هم في ذلك نفوا رسالة كل الأنبياء وليس رسالة محمد ﷺ؛ لأن رسالة الأنبياء واحدة ودينهم واحد، فنحن نذكر في هذا البحث دلائل ربانية الدين الإسلامي العظيم، ورسالته الخالدة ونرد على هذه الشبه المثارة حول هذا الدين العظيم، دينِ الفطرة الإنسانية، وهذا من واجب العلماء جميعاً الذين هم ورثة الأنبياء، فوجب عليهم أن يقوموا بواجب البيان، وواجب الإفصاح، والصدع بالحق، قال تعالى: فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ [الحجر: 94-95].

أولاً: الدين الإسلامي الخالد ودلائل عالميته:

أ‌. تعريف الدين:

الدين مجموعة من الاعتقادات، والقيم، والتعليمات التي يدين بها الإنسان، أي: يسير وفقها، ويلتزم بها.

والغالب أن الدين بهذا المعنى يكون - حسب اعتقاد أصحابه - من الله تعالى، وصل إلينا بواسطة أنبيائه، وإن كان الدين بالمعنى اللغوي فإنه يشمل غير ذلك، فإن الله تعالى يقول للمشركين: لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِين [ الكافرون: 6]. ويقول تعالى في سورة يوسف: مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ [يوسف 76]. دين الملك: شرعه، وقانونه الذي تسير به البلاد، ويحَكم به على الناس، ولكن الغالب – كما ذكرنا -أنّ الدين يراد به: ما هو اعتقاد في الله تعالى، واعتقاد في تعاليمه، وأوامره وتوجيهاته.( ) 

وهذا المعنى مطابق للمعنى اللغوي فإنَّ كلمة: دان يدين: خضع للشيء، وسار عليه، والتزم به.

ب‌. ‌‌معنى عالمية الدين ومحدودية الرسالات السابقة:

الدين هو الوضع الإلهي الذي اختاره الله لعباده ليصلحهم في الحياتين، ويكون عالميا بعدم اختصاصه بجنس من الأجناس البشرية، وبعدم انحصار تطبيقه في إقليم خاص أو بيئة معينة، وبامتداد هدايته أزمانا طويلة تتجاوز العصر الذي بدأت فيه، بمعنى أن يكون الدين صالحًا لكل جنس وكل جيل، أو لكل زمان ومكان، أو بمعنى آخر أن يكون الدين شريعة الإنسان من حيث هو إنسان، بقطع النظر عن العوامل والفوارق العارضة، التي لا تدخل في ماهية الإنسان كإنسان، وبدون ذلك لا يتحقق معنى العالمية في أي دين.

فهو لا يكون دين جنس تميزه فصيلة الدم، أو سمة اللون، أو ظاهرة اللغة، بل دينا لا يفرق بين العربي والعجمي والحبشي والرومي، ولا بين الأبيض والأسود والأحمر والأصفر، ولا يمنع من أن يستظل بلوائه متكلم بأية لغة من اللغات، وهو لا يكون دينا محلياً تحده حدود جغرافية واعتبارات إقليمية، بل يصلح لكل البيئات وكل الأجواء ويتناسب مع كل بقعة زراعية وصناعية وتجارية، برية وبحرية، بدوية وحضرية على اختلاف المستويات المادية والاعتبارات الأخرى.

وهو لا يكون دينا عالميا إلا إذا صحب الإنسان في جميع أزمانه المتطورة، وعصوره المتلاحقة، بمعنى أن يكون خالدا لا يعتريه نسخ أو زوال، ولا عقم أو جمود، موفيا بجميع مطالبه المتنوعة المتجددة في الميادين السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، وفي كل الميادين التي يزاول فيها الإنسان بعقله الواسع نشاطه الكامل من كل نوع.

ولا يوجد دين من الأديان السماوية أو الوضعية فيه هذه المواصفات التي تجعله عالميا إلا دين الإسلام، فالدينان السماويان الكبيران وهما اليهودية والنصرانية، كل منهما خاص بقومه وبعصره.

فاليهودية لا تصلح أن تكون دينا عالميا لأنها مرتبطة بشعب معين تعرض للتشريد غير مرة، تقوم حياته على العصبية الحادة والعنصرية الجامحة، ذلك أنهم يحاولون أن يستأثروا بعبادة إله وصفوه بأوصاف خاصة، ويعتقدون أنهم شعب الله المختار وأن غيرهم أميون، ويستبيحون من غيرهم ما لا يستبيحون من أنفسهم كالربا، فهل مثل هذا الدين يصلح أن يكون عالميًا؟ على أنه لا يوجد نص في التوراة يتحدث عن هذه العالمية، فهي دين أسرة بشرية واحدة هي بنو إسرائيل وهم يكرهون أن يدخل بينهم غير عنصرهم.

ولو نظرنا إلى المسيحية لرأينا أنها عند تقرير العقيدة لا تعتمد على الدليل المقنع، بل توجب أن تؤخذ بالتسليم المطلق، والعقول في تطورها جريا على سنن الله الكونية، تأبى أن تظل حبيسة التقليد أو التلقين.

كما أنها تنادى بالزهد البالغ والرهبانية الشديدة، وتحرم الأغنياء أن يدخلوا ملكوت السماوات، وفى المسيحية تسامح متناهٍ وعفو واسع، ومن المعلوم أن امتثال هذه الأوامر يتعذر على غير الأذلة المستضعفين من الناس، وقد يكون من أكبر المفاسد بإغراء الأقوياء بالضعفاء الخاضعين. على أن سيدنا عيسى عليه السلام بدأ دعوته ببنى إسرائيل خاصة، كما جاء في إنجيل متى: "لم أرسل إلا إلى خراف بني إسرائيل الضالة".( ) 

وإن الدين اليوم أشد منه، وأقوى مما كان عليه في القرن التاسع عشر – على سبيل المثال-.

وهذا السؤال كان وارداً في بداية القرن التاسع عشر إلى بداية القرن العشرين؛ بسبب تراجعات كبيرة، وبسبب التقدم الكبير لما اعُتبر بديلاً عن الدين، أي: العلم ومجموعة من المبادئ التي سميت بالحداثة، ولكن الآن من أول القرن العشرين، حتى نهاية القرن العشرين، والآن قد مضى خُمس القرنِ الحادي والعشرين، الدينُ يتقدم، ويترسخ، ولله الحمد.( ) 

 

ج‌. مستقبل الدين الإسلامي:

"مستقبل الإسلام" موضوع يشغل الجميع، يشغل أبناء الإسلام وأعداء الإسلام. يشغل الخائفين على الإسلام والخائفين من الإسلام، الجميع يتطلع ويترقب ويتساءل: ما هو مستقبل الإسلام؟ ( ) 

إن الإسلام في أصله وجوهره ومجمل ما جاء به، هو إسلام واحد؛ هو إسلام الكتاب والسنة. فليس هناك إسلام للماضي وإسلام للحاضر وإسلام للمستقبل، وأقول: إن ثوابت الإسلام العقدية والخلقية والتشريعية، منها ما هو مستمر ومستقر منذ آدم ونـوح إلى محمـد عليهـم الصـلاة والسـلام. وهو ماض على ذلك إلى يوم القيامة. وأن إسلام الماضي البعيد هو نفسه إسلام الماضي القريب، وهو إسلام الحاضر وإسلام المستقبل.( ) 

إن الإسلام هو دين الله تعالى، وهو حاميه ونحن كبشر مستخدمون فقط في ذلك، فمن امتن الله عليه برعاية الإسلام، وخدمته فقد شرفه الله تعالى، ومن لم يشأ الله تعالى به ذلك فسيصرفه عنه، كما قال تعالى: {‌سَأَصۡرِفُ ‌عَنۡ ‌ءَايَٰتِيَ ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ} [الأعراف: 141] 

وقد جعل الله تعالى المستقبل لهذا الدين مطلقاً ولأجل ذلك قال: {‌وَعَدَ ‌ٱللَّهُ ‌ٱلَّذِينَ ‌ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَهُم مَّغۡفِرَةٌ وَأَجۡرٌ عَظِيم} [المائدة: 9] 

قال موسى لقومه: {ٱسۡتَعِينُواْ بِٱللَّهِ وَٱصۡبِرُوٓاْۖ ‌إِنَّ ‌ٱلۡأَرۡضَ ‌لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۖ وَٱلۡعَٰقِبَةُ لِلۡمُتَّقِينَ} [الأعراف: 121]. ثم قال الله تعالى في آية أخرى:

وقال: {‌وَلَقَدۡ ‌كَتَبۡنَا ‌فِي ‌ٱلزَّبُورِ مِنۢ بَعۡدِ ٱلذِّكۡرِ أَنَّ ٱلۡأَرۡضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ ٱلصَّٰلِحُونَ * إِنَّ فِي هَٰذَا لَبَلَٰغاً لِّقَوۡمٍ عَٰبِدِينَ * وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا رَحۡمَةً لِّلۡعَٰلَمِينَ} [الأنبياء: 105-107] 

(وأل) هذه للجنس فإنها تستغرق كل العالم ولا يستثنى منها أحد.

وقال تعالى: {‌وَنُرِيدُ ‌أَن ‌نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَنَجۡعَلَهُمۡ أَئِمَّةً وَنَجۡعَلَهُمُ ٱلۡوَٰرِثِينَ} [القصص: 5] 

وقال: {إنَّا ‌لَنَنصُرُ ‌رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَيَوۡمَ يَقُومُ ٱلۡأَشۡهَٰدُ} [غافر: 15] 

كل هذه نصوص تبين مستقبل الإسلام الزاهر، وأن العاقبة في الحياة الدنيا هي للمتقين من عباد الله، وأن العاقبة في الدنيا والآخرة لهذا الدين، وأن الله تعالى كتب أن الأرض يرثها عباده الصالحون، فهذه مبشرات عظيمة لمستقبل هذا الدين العظيم.

إن مستقبل الإسلام مرتبط بمستقبل البشرية كلها، والدين الحق والرسالة الخالدة، والخاتمة لبقية الرسالات هي دين الإسلام، قال تعالى: {ٱلۡيَوۡمَ ‌أَكۡمَلۡتُ ‌لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ ديْنَاً فَمَنِ ٱضۡطُرَّ فِي مَخۡمَصَةٍ غَيۡرَ مُتَجَانِف لِّإِثۡم فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُور رَّحِيم} [المائدة: 3] 

وإن مستقبل الإسلام هو مستقبل البشرية كلها نحو السعادة، والهداية ونحو تعاليم القرآن، والقيم الإنسانية الرفيعة التي غرسها الله تعالى في الفطر السوية، والعقول والقلوب السليمة، فلا شك أن الإنسانية جمعاء بحاجة لتعاليم الإسلام. ( )

هذا الإسلام الذي شرعه الله تعالى هو مصلحة البشرية في كل جوانب حياتها: في الجانب السياسي، هو الذي أتى بالحريات ومنع الإكراه، وفي الجانب الاقتصادي حرم الاستغلال والربا والاحتكار والغش والخداع... وفي الجانب الاجتماعي شرع الأسرة وحرم الجنْدَرة وغيرها.

مبشرات مستقبل الإسلام من الواقع:

ومبشرات مستقبل الإسلام الواقعية كثيرة، فالآن يثوب الناس إلى دين الله أفواجاً، والتدين في كل مكان أحسن وأفضل وأكثر مما مضى، حتى الأذان على المستوى العالم لا يتوقف ولا لحظة، وهذا لم يكن موجوداً قبل مئة سنة فأكثر.

وللنظر إلى الشباب والتدين الذي نراه فيهم، وحبهم للإسلام وقيمه، وكذلك النساء وعودتهم إلى الحجاب والأخلاق الفاضلة، وكذلك انتشار الجامعات والمؤسسات التعليمة هذه كلها مبشرات على مستقبل الإسلام الزاهر.( )

مبشرات مستقبل الإسلام من تاريخ الأمم:

بعد سقوط دولة الموحدين كانت قابلية الناس للاستعمار جاهزة مهيئة( )، وكان المغرب الأقصى تحت الاحتلال الإسباني والفرنسي مسلوبَ الإرادة السياسية والاقتصادية والثقافية.

وفي الجزائر كان هناك استعمار شمولي بالكامل استهدف الهوية، واستهدف الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وبقيت الجزائر في الاحتلال في أسوأ حالاتها، ولننظر إلى الجزائر الآن نجدها متقدمة نحو شهود حضاري، وفي ليبيا كان الاستعمار الإيطالي فيه قتل، وهتك إعراض وتنصير، فإذا نظرنا إلى حال المسلمين اليوم نجدها أحسن مما كان سابقا بكثير، قد كنا في عهود ظلامية استعمارية والآن الأمة تقاوم وتناضل وتطالب بحقوقها، وتضحي من أجل كرامتها وحقوقها، وكل ما يحصل في الأمة في هذا الزمن هو بمثابة الابتلاء حتى نصل إلى الشهود الحضاري فيما بعد، ونحن الآن في طور الابتلاء، ولا يكون شهود حضاري إلا بعد ابتلاء، ثم سيكون هناك المستقبل الزاهر للإسلام وللأمة الإسلامية.

وقد مر سيدنا نوح في ابتلاء عظيم في نهاية الحضارية الإنسانية الأولى، ثم أنشأ الحضارة الإنسانية الثانية، {‌قِيلَ ‌يَٰنُوحُ ٱهۡبِطۡ بِسَلَٰام مِّنَّا وَبَرَكَٰتٍ عَلَيۡكَ وَعَلَىٰٓ أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَۚ وَأُمَمٍ سَنُمَتِّعُهُمۡ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيم} [هود: 48].

لقد نزل نوح عليه السلام بسلام من الله وبركات، وباشر مهمته الإيمانية في خلافة الأرض، ومعه مقومات الحضارة الجديدة التي حملها معه في الفلك من كل زوجين اثنين وفيها المؤمنون كلهم( )، ولقد كان التدخل الإلهي لكي يصحح مسار قوم نوح من خلال الطوفان والغرق للجاحدين، والسفينة والنجاة للمعتصمين بالله؛ لكي ينطلقوا لتأسيس جديد للحضارة الإنسانية والرقي بها إلى رؤية أشمل لتحقيق العبودية لله ومفهوم الخلافة في الأرض، وبالتالي تكون دعوة نوح قد انتقلت من المكان الطبيعي إلى المكان التاريخي مستكملة رسالة آدم - عليه السلام - التي انتقلت من الزمان الطبيعي إلى الزمان التاريخي وأسست المؤسسة الأسرية، وها هي رسالة نوح تؤسس المؤسسة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتشريعية في إطار الرسالة الإلهية عبر التاريخ الإنساني( ).

وأفضل من رسم فقه الحضارة الربانية لمسيرة الإنسانية على مرِّ تاريخها الطويل، هم الأنبياء والمرسلين، وبالتالي هم قادة حضارات إنسانية عظيمة أصلت لمفهوم التوحيد والعبادة والقيم والعمارة والاستخلاف والارتقاء السياسي والاجتماعي والاقتصادي والروحي والنفسي والعمراني والمادي المنبعثة؛ قيم مستمدة من الوحي الرباني.( ) 

والدراسات المختصة -كمركز (بيو) الأمريكي-هو الذي قال إن الإسلام سنة 2050م سيكون الديانة رقم واحد، وسيتجاوزون مليارين.

وهناك دراسات أخرى تقول إن الإسلام الدين الوحيد الذي يتقدم والديانات الأخرى تتراجع وإن هذه الحرب الشديدة اليوم على الإسلام تحمل في طياتها بشارةً، ولو كان الإسلام ضعيفاً لما حورب هكذا، ومع ذلك فإنه ينتشر بكثرة.

ويتمحور دورنا أن يكون عندنا جهود جبارة وكبيرة؛ لبيان الإسلام الصحيح، وتنقيته من الشبهات.( ) 

حسب تقارير علمية غربية – أمريكية على وجه التحديد- إنَّ الإسلام يسير في العشرين أو ثلاثين سنة المقبلة إلى أن يصبح مليارين من الناس، نقول: ملياران في هذه اللحظة، ومليارات أخرى تعاقبت على هذا الدين منذ بدايته.

هذه المليارات من أذكياء، وعقلاء، وعباقرة، ومفكرين، وفلاسفة كلهم-مجمعين-فحصوا هذا الدين، ليس كلهم آمنوا بحد السيف، أو بالتبعية، بل آمنو بما تبيَّن لهم من براهين.( )

فالشهود الحضاري – والمستقبل الجميل – قادم لا محالة، وهو لمصلحة الإنسانية المعذبة الضائعة التائهة، من خلال القيم التي يحملها هذا الدين العظيم.

ثانياً: الشبهات المثارة حول ربانية الإسلام ونبوءة محمدﷺ:

قد خرج قديماً – من بعثة الرسولﷺ-من ينادي ويقول عن القرآن الكريم أنه ليس من الله تعالى، بل هو صناعة بشرية، وقد نقل الله تعالى في كتابه الكريم عشرات الآيات حاكياً فيها قول المشركين عن القرآن الكريم، أنه أساطير الأولين، أو أنه افتراء – كذب- أو أنه من أخذه من رجل آخر من أهل الكتاب، وقالوا عن رسول الله ﷺ شاعر، مجنون، ساحر، وغير ذلك من الكلام الذي أبطله الله تعالى، وما زالت هذه الشبه تثار في أوساط بعض الناس على مر الأزمان، إلى أن امتدت إلى عصرنا هذا ويقول بعضهم نفس الكلام، ويكررون نفس الشبه، ونحن نذكر شيئا من الردود على ما قالوا مبينين تهافت كلامهم، وبطلانه. 

وعموماً إن هذا الشبه، هي لبعض الناس، ولكنَّ الشعوب عموماً، يؤمنون بأديانهم على ماهي عليه، إن كانت صحيحة، أو كانت فيها ما فيها، ولكن هذا الكلام الذي ذكر بالسؤال ليس قول البشرية، وليس قول جموع من الناس، ولا قول جماهير من العلماء والمفكرين، ولكن قال هذا القول قلة قليلة قديماً وحديثاً، ومع هذا لا بد أن يناقش هذا القول.

حسب تقارير علمية غربية – أمريكية على وجه التحديد-  إنَّ الإسلام يسير في العشرين أو ثلاثين سنة المقبلة إلى أن يصبح مليارين من الناس، نقول ملياران في هذه اللحظة، ومليارات أخرى تعاقبت على هذا الدين منذ بدايته.

هذه المليارات من أذكياء، وعقلاء، وعباقرة، ومفكرين، وفلاسفة كلهم-مجمعين- قد فحصوا هذا الدين، ليس كلهم آمنوا بحد السيف، أو بالتبعية، بل آمنو بما تبيَّن لهم من براهين، فهذا هو الردُّ المجمل، والرد المفصل يكون من خلال إثبات نبوة الأنبياء عموماً لأنهم جاؤوا من مشكاة واحدة وأدلتهم واحدة، ومن يطعن بنبوة محمد ﷺ يُلزم بأن يطعن بنبوة كل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.( )  

أ‌. معجزات الأنبياء عموماً والبشارة بمحمد ﷺ:

1 ـ الأنبياء أعدل الناس طريقة، وأصدقهم لهجة، وأكثرهم وقاراً، وأزهدهم في المال والجاه، وأرفضهم لحُبِّ الدعة والراحة( )، هذا مع كثرة المحن والابتلاء عليهم، فما زادهم ذلك إلا ثباتاً، فما ليّنَتْ الشدائدُ لهم قناة، ولا فتّرت المكايدُ لهم عزماً( )، ومع ذلك كلِّه ما جافوا في حكمٍ على عدو، ولا شهدوا بغيرِ الحقِّ لصديقٍ.

 فنوحٌ عليه السلام لبث في قومه ألفَ سنةٍ إلاّ خمسين عاماً لا يدعوهم إلا إلى الله، ولا يطلبُ منهم غرضاً دنيوياً، ولا مقصداً عاجلاً، وليس له في دعوته هوًى ولا شهوة.

وخاتم الأنبياء وسيد ولد ادم أجمعين ﷺ عُرِضت عليه الدُّنيا مُلكاً ورئاسةً ومالاً، على أن يتركَ ما يدعوهم إليه، فأبى ذلك، وسَرْدُ ذلك يطول عن سائر الأنبياء صلوات الله وسلامهم عليهم أجمعين.

2 ـ معاداتهم لقراباتهم وأرحامهم الذين جُبِلَتِ الطباع على محبّتهم، وعلى رجاءِ الاستغفار لهم، بحيث تركوا مناهجَ ابائهمَ، التي ولع الطبع باتباعها، وعادَوْا عشيرتهم التي يتقي مِنْ كلِّ عدوٍّ بمحاماتها، ولقوا في الصبر عنهم الحتوف، ووقعوا في الدنيا لذلك في أعظم مخوف( ).

 فنوحٌ عليه السلام ترك ابنه وفلذة كبده يغرقُ مع الغرقى، مع رجائه له أن يكون من الناجين، ودلّه على ما ينجيه، وهو ترك الكفر بالله، ثم إنه استغفر من دعائه له، فقال تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ *}  [هود :  47].

 وإبراهيمﷺ تبرّأ من أبيه لما أصرّ على كفره، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأِبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ *}  [التوبة:  114]( ).

3 ـ أنهم حصلت لهم أغراضهم النبيلة من النصرة، والنجاة من الهلاك، كما قال الله تعالى: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ *} [القصص:  83].

وقال تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم:  47].

وقد استدل بهذا قيصرُ الروم على صِدْقِ نبوة خاتم الأنبياء محمدﷺ لما ذكر له أبو سفيان ـ وكان وقتئذٍ مشركاً ـ ذكر له أنّ الحرب سجالٌ بينهم وبين، فقال هرقل: هكذا الأنبياءُ تبتلى، ثم تكونُ العاقبةُ لهم( ).

 وفي المقابل أهلك الله مَنْ خالفهم وعاداهم، فأغرقَ قومَ نوح، وكان غرقهم ايةً لم يستطيع دفعَها إنسٌ ولا جان، ومسخَ أهلَ السبتِ قردةً وأهلكهم، وكان ذلك اية، وأهلك عاداً وثمودَ، مع قوتهم وشدة بطشهم، ولنا طريقان إلى العلم بذلك( ) ما يعاينُ، وما يعقل بالقلوب، فقد ترك لنا الله آيات مرئية، كمساكن ثمود، كما قال الله تعالى: {وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ}  [العنكبوت:  38].

والطريق الثاني: ما يسمع وهو متواتر، فإنّ العلم بأنّه قد وُجِدَ أنبياء، وحصل لهم ولأتباعهم النصر على أعدائهم، وأنّ المكذّبين لهم، منهم من أغرق، ومنهم من خُسِفَ به، ومنهم من أُرسلَ عليه الريحُ العقيم، العلم بذلك متواتر، ومعلوم علماً ضرورياً، ويقول الله عَقِبَ ذكره لإهلاك المكذبين وإنجاء المؤمنين: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ}[الشعراء :  8]( ).

  إن تأييد الله لرسله، ونصرته لهم، ذو تأثير كبير على نفوس الناس، فإنّ العرب لما رأت انتصار الإسلام صدّقت، وامنت، ودخلت في دين الله أفواجاً، قال تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ *وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا *}[ا ـ 2].

   إنّه يستحيل على الله أن يتقوّل عليه متقوِّلٌ، فيدعي أنّه مرسلٌ من عند الله، وهو كاذب في دعواه، ثم بعد ذلك يؤيده وينصره، ويرسل الملائكة لتثبيته وحمايته، وقد أشار الله إلى هذا النوع من الاستدلال فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ *} [النحل:  116]، فحكم بعدم الفلاح وقال: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ} {الأَقَاوِيلِ * لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ *ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ *} [الحاقة: 44 ـ 46]( ).

4 ـ زهدهم في الدنيا وإطراحهم للأهواء، وقلقهم من هول المعاد الأخروي، وتقطُّع نياط قلوبهم خوفاً من العذاب السرمدي، وهو شيء عُلِمَ منهم أنّه جدٌّ لا مزاحَ فيه ولا هزل، وحقٌّ لا تصنّع فيه ولا تكلّف، وكيف، والتكلّف لا تخفى اثاره، ولا تستمر لصاحبه أحواله( )!!.

  والناسُ يميّزون بين الصادق والكاذب خاصةً في دعوى النبوة ، فإنّه يدعيها أصدق الصادقين أو أكذب الكاذبين ، والنبوّة مشتملةٌ على علوم وأعمال هي أشرفُ العلوم والأعمال ، فكلّها صدقٌ وعدلٌ واستقامةٌ في الأعمال بخلاف الكاذب ، فلابدّ أن يظهرَ عليه ما يدلُّ على بطلانِ دعواه من الكذب والفجور( )، فلابدّ أن يظهرَ في أقواله كذبٌ واختلافٌ ، وفي أفعاله زَيْغٌ وانحراف ، يقول الله تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ *تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ *يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ *وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ *أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ *وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ *}  [الشعراء :  221 ـ 226].

إنّ الرسلَ أزهدُ الناسِ في متاع الدُّنيا وعرَضها الزائل، وبهرجها الكاذب، لا يطلبون من الناس الذين يخاطبونهم أجراً ولا مالاً، فهم يبذلون الخير، ولا ينتظرون 

جزاءاً ولا شكوراً، وقد قصَّ الله علينا في سورة الشعراء طرفاً من قصة نوح وهود وصالح، ولوط وشعيب، وكل منهم يقول لقومه: {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ *} فهذا اخرُ الرسل يأمره الله بمثل ذلك: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً *} [الفرقان:  57]( ). 

5 ـ أنّ جمعاً منهم تمكنوا من الدنيا، واستولوا على ما يحبُّ الناسَ منها، فلم تتغيّر لهم طريقة، ولم تتحوّل لهم سجيةٌ، ملك سليمان عليه السلام ملكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعده، فخدمته الطيرُ وحُشِرت معه، وحملته الريحُ على متنها، وسُخِّرت له، ودانت 

له ملوك الإنس، وخضعت له عفاريتُ الجنّ، وكان البساطُ يحمله في أرجـاء الأجواء مستقرّاً على متن الريح الخفاقـة، وكـانت الطيرُ تظلّـه، وكـانت الأرض في يده، وكانت أوامره مطاعة، والخلائق له طائعة ( )، ومع ذلك كان في غاية التواضع، قائماً بأمر الله، لا يعصيه.

  وسيد المرسلين محمد ﷺ كانت حاله مستقيمة، وأخلاقه على الكمال في كل أوقاته بعد أن تغلّب على أعدائه، وقبل ذلك، وقد توفى ﷺ وليس عنده درهم ولا دينار يـورّثه، وبقيت له درع مرهونةٌ عند يهودي على ثلاثين صاعاً من شعير ابتاعها لأهله( )، وكل ذلك من دلائل الصدق( ).

6 ـ قوّة يقينهم بوعود الله ، وتسليمهم نفوسهم لما أمر الله ، وإن كان في ظاهره كالجناية على النفس ، والإلقاء بها إلى التهلكة ، كقول نوح عليه السلام لقومه مع كثرتهم وقوتهم {ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلاَ تُنْظِرُونِ *}  [يونس :  71] وقال هود عليه السلام:  {إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ * مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ  * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ *}  [هود :  54 ـ 57].

7 ـ أنها ظهرت لأجلهم خوارقُ العادات، وبواهِرُ المعجزات: من غير ممارسةٍ لشيءٍ من علوم الطبائعيين والمرتاضين، والمتفلسفين والمنجّمين، والمتكهنين، والمصاحبين للجنّ والشياطين، وأخبروا عن الغيوب، واتّصلوا في خرق العادات إلى مرتبةٍ قصّر عنها أهلُ الدراية في فنون هذه العلوم( ).

8 ـ عدم اختلافهم، فأخبارُهم كلُّها صدقٌ، ولا تناقُض بينها، وما جاءوا به من الأعمال وتفاصيل الشرائع دالٌّ على أنّ ما جاءوا به هو من عند الله العزيز العليم الحكيم. ألا ترى أنَّ النجاشيّ لما استخبر من هاجر من الصحابة إلى الحبشة عمّا يخبر النبي ﷺ به ، واستقرأهم القرانَ ، فقرؤوا عليه ، فقال: (إنّ هذا والذي جاء به موسى عليه السلام ليخرجُ من مشكاةٍ واحدةٍ)( )، وكذلك ورقة بن نوفل لمّا قالت له خديجة رضي الله عنها: أي عمِّ ، اسمع من ابن أخيك ما يقول ، فأخبره النبي ﷺ بما رأى ، فقال: هذا الناموسُ الذي أنزل الله على موسى( )، وكذلك هرقل لما سأل أبا سفيان: بماذا يأمركم؟ أجاب: يأمرنا أن نعبدَ الله وحده ، لا نشركَ به شيئاً ، وينهانا عمّا كان يعبد اباؤنا ، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والوفاء بالعهد ، وأداء الأمانة ، قال هرقل: وهذه صفةٌ نبيٍّ( ).

9 ـ عجز من عـاصرهم عن عدِّ كذبـة واحدة على واحدٍ منهم، في جميع عمره، من جميع الأمور التي ادّعاها، وكان هذا من الدلائل عند هرقل، إذ سأل أبـا سفيـان: فقـال: أكنتم تتهمونـه بالـكذب قبل أن يقول ما قال؟ قال: لا. فقال هرقل: فعرفتُ أنّه لم يكنْ ليدعَ الكذبَ على الناسِ ويكذبَ على الله( ).

10 ـ نسبهم وسيرتهم وأخلاقهم: فهم الأحسنُ في ذلك كله، وقد سأل هرقلُ أبا سفيان عن نسب رسول الله ﷺ فأجاب أبو سفيان: هو فينا ذو نسب، قال هرقل: كذلك الرسلُ تبعث في نسبٍ من قومها( )، وقد قالت خديجة رضي الله عنها لرسول الله ﷺ أول نزول الوحي عليه: كلا واللهِ لا يخزيك الله أبداً، إنّك لتصلُ الرحمَ، وتَصْدُقُ الحديثَ، وتَحْمِلَ الكلَّ، وتَقْرِي الضيفَ، وتعينُ على نوائبِ الحقِّ( ).

قال قوم صالح لصالح عليه السلام: {قَالُوا ياصَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا} [هود: 62]. مع كمال أمانتهم، وعدم غدرهم.

وكان من أسئلة هرقل لأبي سفيان عن صفة النبيِّ ﷺ: فهل يغدر؟ قلت: لا، قال هرقل: وكذلك الرسلُ لا تغدر( ).

11 ـ البشارة بمبعث خاتم الأنبياء محمد ﷺ في الكتب السابقة: فقد وردت صفته في التوراة والإنجيل ، وذكر مكان ظهوره ، وصفة أمته ، وخاتم النبوة بين كتفيه على ظهره ، وما يحصل له من الهجرة والتمكين والنصر على أعدائه ، وظهوره على الدين كله ، فكان ذلك كما أخبر الله ، وقد أسلم بذلك كثيرٌ من أهل الكتاب ، ولا يكون الخبر بذلك إلا من عند علام الغيوب ، الذي بيده الأمر كله( ). قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَم يابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}  [الصف :  6]. وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ}[الشعراء:  197]. 

فالآية تبيّنُ أنّ من الآيات البينات الدالة على صدق الرسول ﷺ وصدق ما جاء به علمُ بني إسرائيل بذلك، وهو علمٌ مسجّلٌ محفوظٌ مكتوبٌ في كتبهم التي تداولونها، كما قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ *} [الشعراء: 196] ( ). وقال تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ *رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ *رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيْهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ *}  [البقرة :  127 ـ 129].

 وقد استجاب الله دعاء خليله إبراهيم، وابنه نبيِّ الله إسماعيل عليهما السلام، وكان محمد ﷺ هو تأويلُ تلك الاستجابة ( ).

وقال تعالى: {عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطِّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ *}  [الاعراف :  156 ـ 157].

  وضرب الله في التوراة والإنجيل مثلين لرسولنا محمد ﷺ ولأصحابه: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا *}  [الفتح :  29].

ب‌. معجزة محمدﷺ وإثبات نبوته:

وبالإضافة إلى المعجزات والدلائل السابقة نذكر المعجزات التي اختص بها رسولﷺ:

بلغت الفصاحةُ والبلاغةُ وفنونُ القول قبل بعثة خاتم النبيين ﷺ شأناً عظيماً، وأخذت الكلمة مكاناً في نفوس العرب من التقديس والتعظيم لم يبلغه شيءٌ اخر، ممّا حدا بهم أن يُعلقوا المعلّقات السبع في جوف الكعبة، وإذا علمنا أنَّ الكعبة كانت تعتبر أقدسَ مكانٍ عند العرب في جاهليتهم أدركنا مكانةَ الكلمةِ في نفوسهم.

  والحكمة الإلهية في اختيار المعجزة من جنس ما اشتهر بين القوم هي أنَّ الإنسانَ إذا أُتِيَ من قِبَلِ ما يعتبره مفخرته، ومجالَ إجادته واعتزازه تكون الحجّةُ عليه أقوى، والمعجِزُ أكثر فعلاً وأثراً.

  ولتكون معجزةُ النبي الخاتم ﷺ أشدَّ لمعاناً، وأسطعَ برهاناً، فقد جعل الله معجزته كتاباً متلواً معجزاً، وهو الإنسان الأمي الذي لم يَخُطَّ بيده كتاباً، ولم يتلقَّ من أحدٍ من البشر معرفةً.

بعض معجزات الرسول ﷺالحسية:

قد جرى على يد رسولنا صلوات الله وسلامه عليه العديد من الخوارق الحسية والكونية، التي شهد لها مَنْ حضرها آنذاك، وجاءت بها الأخبار الصحيحة، ومن تلك المعجزات الحسية ما يلي:

أ ـ انشقاق القمر:

   من المعجزات الخارقة التي أيّد الله بها محمّداً ﷺحين سألته قريش أن يريَهم ايةً تدلُّ على صدقه، فأراهم انشقاقَ القمر، فلمّا رأوا ذلك قالوا: هذا سحرٌ منه ﷺلأعينهم، إلاّ أنَّ بعضَ القوم قالوا: انظروا ما يأتيكم به السفّار، فإنّ محمداً لا يستطيع أن يسحرَ الناسَ كلها، فلما سألوا مَنْ قدم عليهم من المسافرين أجابوهم برؤية القمر وقد انشقّ إلى نصفين.

وقد أثبت القران هذه المعجزة صراحةً في قوله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ *} [القمر: 1 ـ 2]. كما جاءت بها أحاديث صحيحة ومن ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: إنّ أهل مكة سألوا رسول الله (ص) أن يريهَم ايةً، فأراهم انشقاقَ القمر ( ).

ب ـ نبع الماء من بين أصابعه ﷺ على مرأى ومشهد من الصحابة:

   ومن ذلك ما روي عن جابر رضي الله عنه قال: عطش الناسُ يومَ الحديبية، ورسول الله (ص) بين يديه ركوةٌ، فتوضَّأ منها، ثم أقبل الناسُ نحوه، فقال رسول الله ﷺ: «ما لكم»؟ قالوا: يا رسول الله ليس عندنا ما نتوضَّأُ به، ولا نشربُ إلاَّ مِنْ ركوتِكَ، فوضع النبيُّ (ص) يَدَهُ في الركوةِ، فجعل الماءُ يفورُ من بين أصابعه، كأمثال العيون قال: فشربنا وتوضَّأنا، قلت لجابر: كم كنتم يومئذ؟ قال: لو كنا مئةَ ألف لكفانا، كنا خمس عشرة مئةٍ ( ). وقد علّق القاضي عياض على ما ورد من أحاديث حول هذه القصة قائلاً: هذه القصةُ رواها الثقات والعددُ الكثيرُ عن العدد الكبير من الصحابة، ومنها ما رواه الكافة عن الكافة متصلاً بالصحابة، وكان ذلك في مواطن اجتماعِ الكثيرِ منهم في المحافلِ ومجمع العسكرِ، ولم يَرِدْ عن أحدٍ منهم إنكارٌ على راوي ذلك، فهذا النوع ملحق بالقطعي من معجزاته ( ).

ج ـ معجزة الإسراء والمعراج:

  قد سجل القران هذه المعجزة في قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ *} [الاسراء: 1].

  كما أشار القران الكريم إلى بعض تلك الآيات التي أراد أن يريها لعبده محمّداً في قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى *عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى *عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى *إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى *مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى *لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى *} [النجم: 13 ـ 18].

كما سجلت تفاصيلها أحاديثُ الرسول ﷺ ( ).

د ـ معجزات أخرى:

 ومن تلك المعجزات المادية: معجزةُ تكثير الطعام القليل، حتى أشبعَ العددَ الكثير، ومعجزةُ حنين الجذع، واستجابةُ الجماداتِ لدعائه لها، وإتيانها له، ومعجزات إبراءِ المرضى، وردّ ما انفصل من بعض أجزاء الإنسان، وغير ذلك من الآيات( ).

  إن تلك الآيات المعجزة والعجائبَ الخارقة للعادة على كثرتها وتنوعها وصحّة وقوع حوادثها، لم يقع بها التحدّي العام لإثبات دعوى الرسالة كما وقع بالقران الكريم ، فقد كانت معجزته ﷺ الكبرى التي وقع بها التحدّي ، وبقيت على مرّ الزمان ، وخوطبت بها البشرية جمعاء ، هي القران الكريم ، وقد ورد في الحديث عنه ﷺ أنه قال: «ما من الأنبياء نبيٌّ إلا أُعْطِيَ من الآيات ما مِثْلُهُ امَنَ عليه البَشَرُ ، وإنّما كانَ الذي أُوْتِيْتُهُ وحياً أَوْحَاهُ اللهُ إليَّ ، فأرجو أنْ أكونَ أكثرَهم تَبَعاً، يومَ القيامةِ»( )، فتحدى الله سبحانه وتعالى العربَ بأن يأتوا بمثل هذا القران.

قال تعالى: {قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا *} [الاسراء: 88].

  وتنزَّل معهم في التحدّي، وطلب منهم أن يأتوا بعشر سور مِنْ مثله: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ *}  

[هود: 13].

  ولمّا عجزوا عن ذلك، وظلّوا على عنادهم واستكبارهم، زادهم تحدياً بأن يأتوا بسورة: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ *} [يونس: 38].

  وقال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ *فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ *} [البقرة: 23 ـ 24].

 وظلَّ التحدي قائماً منذ ذلك الحين، عجزَ عنه فصحاءُ العرب وبلغاؤهم وعجزتْ عنه البشريةُ كلُّها على مدى أربعة عشر قرناً من الزمان، وإنهم لعاجزون حتى قيام الساعة، فقد كان أولى الناس بالردّ على التحدي أولئك الذين كانت صناعتهم الفصاحة والبلاغة يتيهون بها على الناس.

  ولقد كانت معجزاتُ الرسل كلهم مِنْ قبلُ معجزاتٍ حسيةً وكونيةً، تتعلّق بالسنن الجارية في الكون وتخرقهَا، فمعجزتا نوح وهود عليهما السلام كانتا حسيتان كونيتان، ومعجزة صالح عليه السلام كانت ناقة عجيبة لم يعهد البشر لها مثيلاً.

وكذلك كانت معجزات موسى وعيسى عليهما السلام التي أشرنا إليهما انفاً، أشياءَ خارقةً للسنن الكونية.

أما معجزة الرسول ﷺ فهي معجزةٌ عقليةٌ معنوية جامعة، وليست معجزةً حسية ولا كونية، وإن كان للرسول ﷺ معجزاتٌ أخرى حسية وكونية، كالإسراء والمعراج، وانشقاق القمر. إلخ، ولكن المعجزة الكبرى التي وقع بها التحدّي، والتي بقيت على الزمن وخوطبت بها البشرية كلها هي القران ( ).

  وإعجازُ القران الكريم ، لا يقتصرُ على ناحيةٍ معينةٍ ، ولكن يأتي من نواحٍ متعددة ، لفظية  ومعنوية ، وروحية ، وعلمية ، وتشريعية ، وقد اتفقت كلمةُ العلماء ، كما يقول الشيخ خلاّف ، على أنّ القران لم يعجزِ الناسَ على أن يأتوا بمثله من ناحية واحدة معينة ، وإنّما أعجزهم من نواحٍ متعددة لفظية ومعنوية وروحية ، تساندتْ وتجمّعتْ ، فأعجزت الناسَ أن يعارضوه ، واتفقت كلمتهم أيضاً على أنّ العقول لم تصل حتى الان إلا إدراك نواحي الإعجاز كلّها ، وحصرها في وجوه معدودةٍ ، وأنّه كلّما زادَ تدبّر سننه أظهر مرُّ السنين عجائبَ الكائنات الحية وغير الحية ، وتجلّت نواحٍ من إعجاز ، وقام البرهانُ على أنه من عند الله( ). وليس من صناعة الرسول ﷺ كما يدعى أصحاب البهتان، ومخالفة الحقائق الظاهرة البينة.

إن المسلمين يجب أن يؤمنوا بمستقبل الإسلام ومكانته، وبدوره ورسالته، وبإمكان نجاحه ونجاعته، دونما توقف على نجاح الآخرين أو فشلهم، ولا على قوتهم أو ضعفهم، ولا على انتصارهم أو هزيمتهم. بعبارة أخرى: إن للإسلام مكانته وقوته ومستقبله حتى مع قوة الغرب وجبروته ومع بقاء حضارته وهيمنته. ( ) 

 

الخاتمة: 

أهم نتائج البحث:

1- لا يكون أي دين عالمياً إلا إذا صحب الإنسان في جميع أزمانه المتطورة، وعصوره المتلاحقة

2- الدين الوحيد الذي حقق أوصاف العالمية هو دين الإسلام وهي ليست متوفرة بأي دين سماوي سابق أو وضعي.

3- الدين الوحيد الذي يتقدم ويترسخ باستمرار هو دين الإسلام.

4- عقيدة المسلمين أن الإسلام هو دين الله تعالى، وهو حاميه وهو يسخر من يشاء لنصرته المحتمة.

5- إن مستقبل الدين الإسلامي مرتبط بمستقبل البشرية كلها وهو لمصلحة الناس كافة.

6- شبهة ربانية الإسلام، وأن الدين الإسلامي صناعة بشرية؛ هي شبهة قديمة رد عليها الدين الإسلامي قديماً بعشرات الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية.

7- إن أصحاب هذا الشبه – وغيرها – هم القلة القليلة على مر الزمان، بينما السواد الأكبر والأعظم من عقلاء وعلماء ومفكرين، وعباقرة، وفلاسفة آمنوا بهذا الدين وبربانيته وعالميته.

8- الطاعن بنبوة محمدﷺ يُلزم أن يطعن بنبوة المرسلين قبله؛ فإن طريق الوحي إليهم واحد والموحي إليهم واحد، ودينهم واحد.

9- إن معجزة الرسول ﷺ الكبرى هي القرآن الكريم وهي معجزةٌ عقليةٌ معنوية جامعة، بخلاف معجزات الأنبياء قبله فإنها كانت حسية، ومعجزة الرسول ﷺ هي معجزة دائمة لا تنقطع والتحدي فيها لا يزال قائما في كل زمان.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصادر والمراجع:

• ابن تيمية، الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، دار العاصمة، السعودية الطبعة: الثانية، ١٤١٩هـ / ١٩٩٩م.

• أحمد الريسوني: 

أ‌. كتاب مستقبل الإسلام وإسلام المستقبل.

ب‌. برنامج شبهات وشهوات، الحلقة الأولى. 

• خالد عبد اللطيف عبد الله، مسائل أصول الدين المبحوثة في علم أصول الفقه، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، الطبعة الأولى، 1426ه.

• عباس العقاد، حقائق الإسلام وأباطيل خصومه، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، ط4، 2005م.

• عبد الرحمن حللي، رسالات الأنبياء؛ دين واحد وشرائع عدة: دراسة قرآنية، بيروت، مركز نماء للدراسات والبحوث، ط1 2015، ص 69. 

• عطية صقر، الدين العالمي ومنهج الدعوة إلى الله، مجمع البحوث الإسلامية، القاهرة -١٩٨٨ م. 

• علي الصلابي: 

أ‌. نوح والطوفان العظيم ميلاد الحضارة الإنسانية الثانية

ب‌. برنامج شبهات وشهوات، الحلقة الأولى.

ت‌. سلسلة أركان الإيمان (4): الإيمان بالرسل والرسالات.

• علي القره داغي، برنامج: "شبهات وشهوات" الحلقة الأولى.

• عمر سليمان الأشقر، الرسل والرسالات ص: مكتبة الفلاح للنشر والتوزيع، الكويت، دار النفائس للنشر والتوزيع، الكويت الطبعة: الرابعة، ١٤١٠ هـ -١٩٨٩ م.

• القاضي عياض، الشفا بتعريف حقوق المصطفى.

• مالك بن نبي، الصراع الفكري في البلاد المستعمرة، دار الفكر الجزائر / دار الفكر دمشق – سورية، الطبعة: الثالثة، ١٤٠٨ هـ = ١٩٨٨ م / ط ١ القاهرة ١٩٦٠ م.

• محمد أسد، الإسلام على مفترق الطرق، دار العلم للملايين – بيروت، ط3، 1951م.

• محمد بن إسماعيل البخاري، الجامع الصحيح المختصر المسند من أمور رسول الله ﷺ وسننه وأيامه المشهور بصحيح البخاري، ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي. 

• محمد بن الوزير، البرهان القاطع في إثبات الصانع جميع ما جاءت به الشرائع.

• محمد متولي شعراوي، قصص الأنبياء، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2011م.

• محمد ولد الددو الشنقيطي، برنامج: " بيان للناس" حلقة بعنوان: مستقبل الإسلام.

• مسلم بن الحجاج النيسابوري، الجامع الصحيح، ترقيم فؤاد عبد الباقي.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

جدول المحتويات

مقدمة: 1

أولاً: الدين الإسلامي الخالد ودلائل عالميته: 1

أ‌. تعريف الدين: 1

ب‌. ‌‌معنى عالمية الدين ومحدودية الرسالات السابقة: 2

ج‌. مستقبل الدين الإسلامي: 4

ثانياً: الشبهات المثارة حول ربانية الإسلام ونبوءة محمدﷺ: 8

أ‌. معجزات الأنبياء عموماً والبشارة بمحمد ﷺ: 9

ب‌. معجزة محمدﷺ وإثبات نبوته: 16

الخاتمة: 21