الإثنين 15 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

تجريم الثورة بجنايات (التأسلم والتسلح والتريُّف)

30 ديسمبر 2020، 11:43 ص
تجريم الثورة بجنايات (التأسلم والتسلح والتريُّف)

حسن الدغيم

مدير إدارة التوجيه المعنوي

30 ديسمبر 2020 . الساعة 11:43 ص

ما دامت الثورة من صنع البشر -وهم المجبولون على النقص والخطأ كما جُبلوا على الصواب- فإنّها ستكون ظاهرة اجتماعية إنسانية تقع تحت ظروف الضغط والحرارة، وتجد نفسها مدهوشةً أمام القمع والاستفزاز، وسيشوبها من الأخطاء مايشوبها ولاسيّما مع الفوضى وانعدام المركزية.

كلّ هذا مفهوم، ولا يعصمها من النقدِ والمساءلةِ بل والتوبيخِ طُهوريّةُ مبادئها ولا طيبُ نيّات الثائرين، فهي ليست مقدَّسة ولا محصَّنة من التناول والتسديد.

ولكن غير المفهوم أن يتحوّل هذا النقد من مِبْضَعٍ بيد جرّاحٍ متخصّصٍ غيور يعالج فيه مواطن التورُّم إلى ساطورة بيد جزَّار يسلخ جلد الضحيّة ويُكسّر عظامها ويدفن رفاتها ولا يزال جلّادُها الأصلي على شُرفة قهره وجبروته. 
مرّة تُجرَّم الثورة على أنّها تأسلمت، نعم هي ثورة لكلّ السوريين، وتحميلها أيديولوجيا خاصّة لايجوز 

ولكن الأمر ليس هكذا، هذا عندما يزيد مستوى النقد ليطال حتى المظهر والملبس والعادات والتقاليد ويُنَمَّط الثائرون على أنّهم "إسلام سياسي" مرتبط بمشروع عالمي، وأنّ الثورة المضادّة محقّةٌ في سحقه.. فبهذا نكون قد دخلنا في شيطنة الضحيّة وتأهيل الجلّاد.

حتى وصل الأمر أنّه لو كبّر أحد الثائرين عند المعمعة، أو أطال لحيته، أو كانت زوجته -بحكم الثقافة- محجّبة، أو عُثر في بيته على زجاجة بيرة خالية من الكحول، أو اقتنى أسطوانة موسيقية لمطرب شعبي كلاسيكي، أو كتب على دكّانه هذا من فضل ربّي.. سيقال هؤلاء هم الإسلام السياسي الذي يجب أن تُعقَد ضدَّه الأحلاف وتقوم ضدَّهم عملية العزم الصلب أو عاصفة الصحراء!

ومرة تُجرَّم الثورة على أنّها تسلَّحت أو يقودها مدنيون ليسوا أَكْفاءً.
أن تقولَ: إنّ التسلُّح فخٌّ نُصب للثائرين.. هذا ممكن، أن تقولَ: إنّ السلاح يؤدّي إلى الارتهان.. ممكن، أن تقول: إنّ المسلّحين قد يتجاوزون القانون.. ممكن.

أمّا أن يُقَتَّل الناسُ وتُغيَّر الديمغرافيا وتهجم قطعان الميليشيات الدولية بينما يبقى السلميون على إدارة خدودهم فمصيرهم التهلكة والذلّ المؤبَّد، وكما قال الكواكبي: "والظالمُ لا يترك المظلومَ حتى يرى السيفَ يبرُق في يده".

وآخِر صرَعات التجريم والشيطنة أنّها ارتكبت جريمة الانتساب إلى الريف كما نفخ أحدهم في كِير أحقاده محمِّلاً المنشأ الريفي للثائرين مسؤولية فشل الثورة وخراب الوطن!

دعاوَى مزيَّفة تتعامى عن الجلّادين الدوليين والعابرين للقارّات والذئاب المنفلتة من كلّ قيد على الحُملانِ الضعيفة تتناوشها بشريعة الغاب، وتريد أن تُفرغ غلّها أو تهميشَها وقهرَها في إهاب الضحية.
لسنا مجرمين لأنّنا ريفيون؛ فقد طال انتظار المدن.
لسنا مجرمين لأنّنا مدنيون؛ فقد طال انتظار الجيش.
لسنا مجرمين لأنّنا إسلاميون؛ فقد طال انتظار "الكفرانيين".
ولا "صلَبْنا" المسيحَ، ولا قتلنا الرضيع، ولا غدرنا "بالحسين".
ولا أحدثنا زلزالاً فطوى غابات السراخس العملاقة وحوّلها نفطاً ونحساً سرمدياً.
ولم نسكب الشاي الأخضر لسايكس وبيكو وهما يرسمان خريطة الشرق الأوسط.
كلّ ما فعلناه أنّنا عبّرنا عن مطالبنا بالحقوق المشروعة التي لا يختلف في وجوبها لكلِّ إنسانٍ اثنان.
فمتى تُكَفُّ سياطُ الجلّاد وسواطيرُ الجزّار عن تكسير عظام الضحية؟
ما خرجنا على الحكّام، وإنّما خرج الحكّام علينا.
وما نازعنا الأمر أهلَه، وإنّما نزعَ أرواحَنا السفّاحون.
وما ولَغْنا في الفتنة، ولكنّهم في الفتنة سقطوا.
وما نزعنا يداً من طاعة، ولكنَّا كسرنا قيد نخاسةٍ.
وما حملنا سيفاً على بريء، ولكن لِنُغمدَ سيوف الظالمين