الإثنين 04 مارس 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.06 ليرة تركية / يورو
39.73 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.62 ليرة تركية / ريال قطري
8.37 ليرة تركية / الريال السعودي
31.39 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.06
جنيه إسترليني 39.73
ريال قطري 8.62
الريال السعودي 8.37
دولار أمريكي 31.39

فعلاً لماذا يا سوريين !!*

21 فبراير 2021، 01:06 م
فعلاً لماذا يا سوريين !!*
21 فبراير 2021 . الساعة 01:06 م

السوريون بالعام، تغيروا وتبدلت طبائعهم بعد الثورة واغترابهم، فباتوا شكّائين ملحاحين متوجسين، وربما تسللت، أو زادت فيهم، أمراض النميمة والأحقاد وعدم القدرة على الانصياع لطقوس المؤسسية والعمل الجماعي، للحد الذي وضعهم علامة فارقة، ربما لكل من عاملهم أو تعامل معهم، بمن في ذلك، بعض السوريين شواذ تلك القاعدة.

على الأرجح، هذا توصيف يغلب عليه التعميم، فهو يمهد لحكم أو حكم ناتج عن تجربة، بصرف النظر عن دقته، رغم أنه في غالب الأحايين، يستند إلى المعايشة والاختبار، وإن تأثر ربما، بحملات غائية يكثّفها من يهمهم الأمر.

بيد أننا إن أردنا التعاطي فلسفياً مع هذه "القضية"، بمعنى، سبقنا هذا التحوّل بلماذا، لطالما بات أقرب إلى الظاهرة التي تستأهل البحث بأسبابها، على اعتبار أن السوريين مازالوا بطور التجريب بشتى القطاعات، يتلمسون أو يحاولون، الطريق القويم للدولة والديمقراطية، ومن الخسائر الكبرى أن تلتصق بجميعهم تلك الصفات نظراً لعقابيلها على إحجام المناصرين والداعمين لقضيتهم.

أعتقد أن هذا التحوّل الذي غلبت عليه صفة الظاهرة، جاء مكتسباً، أو بعضه مما قبل الثورة، وقت كانت تلك الصفات، بدولة البعث والاستبداد، غير مذمومة إن لم نقل ممدوحة وتوصل متقمصها لنجاحات تفوق وبدرجات، إمكاناته وتخصصه.

وإن زاد "الشذوذ"، أو تمت تعريته وتسليط الضوء عليه، بعد الثورة وفي مهاجر ومنافي السوريين، وقت اضطروا للعمل والتعامل، في بيئات جديدة، لا تعتمد، الغيبة والتزلف وانتقاد الآخر كطريقة للوصول، أو تضخم الأنا والتمرد، عملات في مصارف تشغيلها أو تعاونها مع المهجرين الجدد.

إلا أن السؤال الأول هنا، ألم تمض من السنين والأحداث وحتى التجارب، ما مكّن، أو فرض على السوريين خلع تلك الصفات، والتي كانت من أسباب قيامهم بثورتهم على مغذيها ومروجيها ورعاتها. إذ لم يعد من المقنع لأحد، أن يرمي أي سوري على ضفة الثورة خاصة، أن بقايا البعث والاستبداد لم تزل عالقة فيه، والأنكى، يتذرع البعض بأن السوريين يحتاجون خمسين سنة، كعدد سنين تدجينهم وتأصيل تلك الصفات، حتى يتنقوا وينظفوا منها.

إذاً، البحث بمعظم سوريي ما بعد الثورة، ولماذا تكسوهم تلك الصفات، أو يراها من يعاملهم على الأقل، للحد التي باتت لعنة تلاحقهم من جلّ من تعامل معهم وناصرهم بقضيتهم، وربما انسحب أو تراجع خطوات، بعد لمسه تلك "العقد" التي تحول، أو بالواقع حالت، دون نجاح المشروعات الإنسانية والإغاثية وحتى الإعلامية والسياسية.

رقم واحد على ما نعتقد هو الفهم الخاطئ والمغلوط للحرية، التي نسفت حرية الآخر وحقوقه ودخلت بخانات الإساءة والتعدي، أكثر مما بقيت مفهوماً فوقياً سامياً ومسعىً يتوق إليه السوريون منذ عقود.

وربما لا حاجة هنا للشرح، إذ السباب والاتهامية من دون أدلة، والتي تتفشى وتزداد، أدلة لا تحتاج عناء الإثبات.

والسبب الثاني بالبحث بـ "لماذا" تفشت تلك الأمراض لدى سوريين، ولا نقول السوريين، كانت وسائل التواصل الاجتماعي خاصة والإعلامية بشكل عام. إذ فتحت كبرى الوسائل الإعلامية، والمرئية خاصة، أبوابها وهواءها، للسوريين ليقولوا فقط، بصرف النظر عن صحة وجدوى الأقوال، أو قدرة وإقناع القوالين.

أما الطامة بزيادة أو فضح تلك الأمراض، فتجليت بمجانية وسائل التواصل، والمجانية هنا بوجهيها، المالي والتسطيحي، فرأينا، بالاستناد للسبب السابق" الفهم المقلوب للحرية" تصفية حسابات وإساءات وتناول قضايا وقامات، من دون أدنى مبرر أو حجة وأدلة، وربما المؤلم هنا، أن ذلك القفز لاقى مؤيدين ومصفقين وأنتجت بعض البيئات، من هؤلاء القافزين، أبطالاً فدخلوا جراء علوّ الصوت والاتهامية، حقول الإعلام والسياسة من أوسع أبوابهما.

تأتي هنا، ضمن البحث بلماذا، عوامل ذاتية وموضوعية، يمكن وصفها بالمهمة، وإن كانت غير مبررِة لتلك السلوكيات المشينة.

فشعور السوري بفشل أو مقتل ثورته سبب، وتلاشي حلم العودة بواقع التنكر والعهر الدولي سبب ثان، مضاف إليهما، الغربة وجهل المجتمعات الجديدة، والخوف من المستقبل. بكل ما تحمل كلمة الخوف من معان، مالية وجغرافية ومصير.

هذه الأسباب وربما غيرها الكثير، هي ما دفعت سوريين، ليسيئوا لأنفسهم أولاً ولأبناء سوريا، وحتى تاريخ بلدهم وأعلامه وما يقال عن حضارة ومورثات تمتد لسبعة آلاف سنة، من تقاليد مدنية وأخلاقية، ثانياً وثالثاً وعاشراً.

ولكن، وربما لب القول بعد لكن.

ما هو دور ومسؤولية الدول والمنظمات والممولين، بتنامي هذه الصفات والسلوكيات للحد الذي خالها كثيرون، أنها شروط مطلوبة ويقتصر الاستقطاب، على معتنقيها أولاً؟!

وربما المهم، ماذا تفعل الدول وسواها، وقت تعلم أن من اختارته، إنما هو حكاء ونمام ولا يتمتع بأي مواصفة تخوله ما تبوأ؟!..

وأما الأهم، ماذا فعلت الدول وسواها، من محاسبة وإيقاف من غامرت أو غُررت بهم..ليكون الأكثر من مهم والأهم، كيف اقتصت الدول وسواها، ممن رشّح وذكى من خابت الآمال بهم.

وهنا، لا يمكن البتة تبرئة تلك الدول وسواها، من جريمة تكريس الصفات اللامؤسسية وتسويق الأشخاص غير الكفؤين وتعظيم الإحباط بدواخل السوريين، هذا إن لم نأخذ سوء النية بالقضية، ونتهم تلك الدول وسواها بزيادة تهديم سوريا والسوريين، وإلا، من يفسر دعم المشروعات الإعلامية ببداية الثورة، حتى بات لكل مريض ومهووس جريدة أو إذاعة، ومن ثم تنسحب الدول والمنظمات وتترك للسوريين قامات من ورق ووهم، ساعدوا بتكريس ما انطلقنا منه.

وكيف يمكن تبرير، نخر الدول وسواها، عبر تنظيمات ومنظمات غائية، جسد الثورة عبر دود وفطريات، أساؤوا للعمل الإنساني ومارسوا أحقادهم وجشعهم، على السوريين وحقوقهم.

والأمثلة لم تقتصر على الإعلام والإنساني، بل كانت الأكثر فقوعاً بالسياسة، إن عبر تبني هواة ووصوليين أو تأسيس كيانات مقتلها بداخلها منذ التأسيس، إن عبر المحاصصات أو ربط الاستمرار بالولاء ومصالح الممول أو، وهو الأهم والأخطر، ترئيس وتبريز الصغار الذين لا يجيدون إلا النعم والحاضر ولم تنبت الـ"لا" يوماً على ألسنتهم.

نهاية القول: حينما نقول السوريون كذا، فهنا وقعنا بفخ التعميم أولاً، وأسأنا لكثر، لم يزالوا رغم هول ما حصل، قدوة بالأخلاق والمهنية والوطنية..وبرأنّا ثانياً، من أيقظ بدواخل سوريين متكسبين، الأنا والتملك والشهرة، وهي على ما نحسب، أمراض لا يمكن خص السوريين بها، لأنها صفات سلبية بشرية عامة، تزداد بالبيئات غير الصحية وتختفي أو تقل، ببيئة القانون والمحاسبة وإعطاء الخبز لخبازيه.

وأما، ما هو الحل للجم جنوح السوريين، وإن دخل اقتراح الحل، ضمن التنظير والأماني، فهو على الأرجح، بقانون واضح وصارم إلى جانب معايير محددة، علمية وعملية، وعدم الاعتماد فقط على إذكاء الجانب الأخلاقي والوطني ومخاطر الاستمرار بالتشرذم والمكائد على الشخصي والموضوعي، كالدولة الحلم..لأن ما وصل إليه جلّ السوريين، من تمرد وضياع وانقسامات، لا ينفع معه النصح ولا تفريق الخيط الأبيض من الأسود.

المصدر: زمان الوصل