الأحد 21 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

مقاربة روسية جديدة في سوريا .. هل ستنجح موسكو في الخروج من المستنقع؟

19 مارس 2021، 08:00 م
مقاربة روسية جديدة في سوريا .. هل ستنجح موسكو في الخروج من المستنقع؟

أنس الخطيب

كاتب سوري

19 مارس 2021 . الساعة 08:00 م

تتحرك الرمال السورية بعد ركود طويل على وقع المتغيرات الدولية والإقليمية، فحالة الانسداد المسيطرة على المشهد تصب في غير صالح عدد من اللاعبين، وعلى رأسهم روسيا التي جال مسؤولوها عدداً من الدول العربية، وبدا أن في جعبتها مشروعاً جديداً في سوريا حضّرت له من خلال عدة لقاءات استطلاعية مع أطراف سورية عسكرية وسياسية ومجتمعية جرى بعضها في درعا وريف دمشق وحميميم وبعضها في سوتشي وموسكو وجنيف، فالهواجس الروسية بعد رحيل ترامب وقدوم بايدن الذي هدد مقربون منه بجعل سوريا مستنقعاً للروس، الذين يخشونه بعد تجربتهم المريرة في أفغانستان الحاضرة حتى في المباحثات الأخيرة.

جولات الروس العربية سبقتها زيارة وفد سعودي لموسكو في إطار ردّ تشغيبي من الرياض على إجراءات الولايات المتحدة الأمريكية في ملفات أهمها اليمن وحقوق الإنسان في المملكة، والتلويح بنهج جديد لواشنطن في المنطقة، الأمر الذي دفع المتضررين من هذا النهج لمزيد من التقارب واللقاء على تقاطع المصالح والغايات، وهو ما يفسر التحركات الأخيرة وعمليات المصالحة العربية - العربية من جهة، والعربية – التركية من جهة أخرى، والاندفاعة السعودية باتجاه الروس الباحثين عن مخرج في سوريا.

المخرج الروسي متوقف على مقاربة جديدة، ومشروع ينهي حالة الاستعصاء القائمة دون أن تخسر موسكو هيبتها ولا نفوذها، الذي دفعت أثمانه في تدخلها العسكري، وبإخراج لا يظهرها بمظهر الخاسر المنكسر فالإنجازات العسكرية على الأرض لا تساوي شيئاً يذكر إذا لم تترجم سياسياً، وهو ما تحتاجه إذ تستبق أي تحرك أمريكي جديد على الأرض السورية وخصوصاً في الجنوب المتربع على صفيح ساخن وعروض غربية بتسليحه مقابل إفشال الانتخابات الرئاسية القادمة، وإحراج الروس الذين سارعوا لعقد لقاءات مع اللجان المركزية في درعا والقنيطرة ووجهاء السويداء، طرحوا خلالها إغراءات من قبيل إخراج المعتقلين وتقديم الخدمات والمساعدات في مقابل الحفاظ على الهدوء، وإنجاح العملية الانتخابية، وهو ما فشلت في الحصول عليه في غياب الدعم العربي والإقليمي ورفض القوى الثورية على الأرض.

الفشل الأخير وتبلور ملامح مشروع غربي (أمريكي – أوروبي) يقضي بعدم الاعتراف بالانتخابات وتعليق إعادة الإعمار وعودة اللاجئين، بحل سياسي حقيقي، وفق القرارات الدولية ذات الشأن، أشعرت الروس بضرورة تقديم المقاربة الجديدة التي كانت تجهز لها كخطة (ب) تقدمها إن فشلت الخطة الرئيسية، وهو ما فعلته في اجتماع أمني موسع عقد في مدينة العقبة الأردنية، حضره قادة أجهزة أمنية من تركيا وسوريا ومصر ودول خليجية بالإضافة للدولة المستضيفة وموسكو صاحبة المبادرة بطبيعة الحال.

اللقاء الذي سُربت بعض مجرياته قدّم الروس فيه عدداً من التنازلات منها التخلي عن الدور الإيراني، وهو ما يفسر غياب طهران عن لقاء الدوحة اللاحق وإصلاحات جذرية سياسية وأمنية في سوريا تحد من صلاحيات "الأسد" والإبقاء عليه كرئيس فخري لسوريا خلال مرحلة الإصلاحات مع تأمين حماية كاملة له ولعائلته وبعض المقربين منه، وإقامة مجلس عسكري أعلى تترأسه شخصية مقبولة لكل الأطراف، وإخراج الميليشيات والتنظيمات الخارجية بما فيها الميليشيات الإيرانية مقابل تقديم تسهيلات ودعم لعودة اللاجئين وإعادة الإعمار.

وطرحت قيادات النظام الأمنية فكرة العودة الى جامعة الدول العربية ودعمها مادياً ودولياً لسداد ديونها والنهوض باقتصادها عبر تشكيل مجلس اقتصادي أعلى يترأسه شخص مختص بهذا المجال وبعضوية الدول الداعمة وهيئات تمثل المعارضة في الخارج والداخل ويكون تحت إشراف المجلس العسكري الذي يتم العمل على تشكيله في المرحلة الأولى والبدء بعملية عودة السوريين الى ديارهم على أن يتولى المجلس العسكري عملية الإشراف على العودة، وإعادة الأملاك لأصحابها، وإخراج كل من استولى على أملاك اللاجئين في شتى انحاء العالم.

حسب التسريبات، فإن لقاء العقبة جرى قبل أسبوعين أي قبيل جولة وزير الخارجية الروسي "سيرغي لافروف" في المنطقة، والذي اختتم بلقاء ثلاثي جمع روسيا وتركيا وقطر في الدوحة وأعلن فيه عن مسار جديد يوازي مسار أستانا، ولا يكون بديلاً عنه، وأن اللقاء هو بداية لعملية تشاورية جديدة تهدف إلى إيجاد حل سياسي دائم في سوريا على أن يلتقي ثلاثي المسار الجديد في إسطنبول قريباً.

السؤال الأهم الآن، هل ستنجح موسكو في تنفيذ مقاربتها الجديدة للحل في سوريا والخروج من الفخ الأمريكي كما وصفه "روبرت فورد" سفير واشنطن السابق في دمشق، الذي علل إحجام بلاده عن التدخل في سوريا وإيقاف الروس لرغبتهم بجعل موسكو تغرق في أوحال المستنقع السوري "كما حصل مع الأمريكان في فيتنام"، لكن نجاة روسيا من الفخ الأمريكي ليس متوقفاً على إرادتها التي تتبلور مع تقدم الوقت، وهو ما عبّر عنه "لافروف" خلال لقائه نظيره الإسرائيلي بقوله: بلادنا مستعدة " للبحث ضمن أيّ صيغة عن سبل تهيئة الظروف الخارجية التي ستسمح للسوريين أنفسهم بتقرير مصيرهم بناءً على القرار 2254 لمجلس الأمن".

نجاح الإرادة الروسية متوقف على عدة عوامل منها قدرتها على الإيفاء بالوعود التي قدمتها لمختلف الأطراف في دفع النظام باتجاه القبول بالتسوية المطروحة وعزله من الجانب الإيراني المعطِل، والمُستَبعد من المقاربة الجديدة بفعل الرغبة الكبيرة من مختلف الأطراف في تحييده، وإخراج ميليشياته من الأرض السورية لما تشكله من تهديد مباشر لدول المنطقة، فإذا نجحت روسيا في تحقيق هذه الشروط ستكون أمنت دعماً عربياً وإقليمياً لمشروعها تستطيع من خلاله التحرك والمناورة في مواجهة المشروع الغربي.

لكن تحقيق تقدم في هذا الإطار يبدو صعباً وفق المعطيات المتوفرة في الوقت الراهن بانتظار التطورات التي تبدو أكثر تسارعاً وترسم ملامح مشهد سوري وإقليمي وربّما دولي مختلف في ظل تجاذبات أمريكية - روسية جديدة دفعت ساكن البيت الأبيض الجديد "بايدن" لوصف "بوتين" بالقاتل الذي يجب أن يدفع ثمن تدخلاته في الانتخابات الأمريكية ورد روسي بإعلان الوصول إلى طريق مسدود مع أمريكا، وفي انتظار اللقاء الأمريكي الصيني في "ألاسكا" على مستوى مستشاري الأمن القومي ووزراء الخارجية.

شاهد إصداراتنا