أولًا: الانتقاد فعلٌ ضروريّ ولا ينبغي أن يستثنى منه أحد من العاملين سواء في ذلك المـ ـقـاومـ ـة بأشكالها المختلفة أو غيرها من المؤسسات والكيانات، ولكن يجب علينا التفريق بين الانتقاد الهادف إلى التّصويب والارتقاء بالعمل وبين توجيه سهام الانتقام والتشفّي والهدم تحت ستار الانتقاد والنّصح.
وكذلك لا بدّ من بيان أنّ الانتقاد في غير موضعه وأوانه الصّائب يكون نتاجه عكسيًّا ولو كانت النيّةُ حسنةً وخالصة، فالانتقاد ورحى الحرب قائمةٌ وغبارها يغطّي الأرجاء يختلف عنه وقد وضعت المعركة أوزارَها وزال غبارها.
ثانيًا: استحضار مواقف وتصريحاتٍ مثيرة للإشكال صدرت عن المـ ـقـ اومـ ـة أو بعض شخصيّاتها قبل أشهر أو سنوات وتوظيفها خلال نشوب المعركة واحتدامها ليس من الانتقاد في شيءٍ بل هو ضربٌ من قلّة المروءة وسوء الطويّة والمساهمة في تشويه الفعل الجـ ـهـ ـاديّ المـ ـقـ اوم وهذا من الإرجاف الذي هو من صفات المنافقين التي بيّنها ربّنا تبارك وتعالى في قوله: "لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا" الأحزاب:60
ثالثًا: الذين يتعمّدون نشرَ ما يسيءُ للمـ ـقـ اومـ ـة وهي تواجه المحتلّ الصّهيونيّ وتدافع عن كرامة الأمّة اليوم من خلال اللمز أو الطّعن أو الافتراء أو استحضار مواقف مرّت وانقضت ونوقشت وانتهى وقتها، فهولاء عليهم أن يراجعوا أنفسهم وقلوبهم المريضة التي قال عنها ربّنا تبارك وتعالى: "أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ" محمّد: 29
رابعًا: من اعتادوا سلق المـ ـقـ اومـ ـة بألسنةٍ حدادٍ حين تقع في خطأ متذرّعين بأنّهم يفعلون ذلك حرصًا ونصحًا ثمّ يبتلعون ألسنتهم وهم يرونَ هذا الجهاد المشرّف العظيم والأداء البطوليّ التي تمارسه المـ ـقـ اومـ ـةويرفع رأس كلّ مسلمٍ وحرٍّ عاليًا، ويحاولون الاكتفاء بالحديث عن بعض الجوانب الإنسانيّة لما يجري؛ فهؤلاء عليهم أن يعلموا أنّ المـ ـقـ اومـ ـةليست بحاجةِ كلماتهم ولكن عليهم أن يقفوا أمام أنفسهم ويسألوها عن مدى صدق دعواهم في الحرص والنّصح يوم سلقوها بألسنتهم الحداد.
خامسًا: إنّ الذين يجنّدون أقلامهم وألسنتهم لتشويه المـ ـقـ اومـ ـةوالافتراء عليها تنفيذًا لأجندات الأنظمة المتحالفة والمطبّعة مع الصّهاينة سيكون ما يكتبون ويقولون وبالًا عليهم حين يتبرّأ منهم أسيادهم وأولياء نعمتهم الزّافة والزّائلة؛ قال تعالى: "إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا ۗ كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ ۖ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ" البقرة: 166 ـ 167
سادسًا: من صور الجـ ـهـ ـاد المطلوب اليوم؛ جـ ـهـ ـاد الكلمة ومن أجلى صوره الذّبّ عن المجـ ـاهـ ـدين وردّ الشبهات ومحاولات التشويه التي تتعرّض لها المـ ـقـ اومـ ـة، وهو ما ينبغي أن تتضافر عليه جهود أهل الحقّ الحريصين على النّكاية بالأعداء الغاصبين بعيدًا عن الحسابات القُطريّة الضيّقة والعصبيّات الجاهليّة.