عائشة صبري - آرام
وصف مدير منظمة الدفاع المدني السوري، رائد الصالح، في ندوة على منصة تويتر دعا إليها د. طارق شندب، قيام منظمة الصحة العالمية خلال دورتها الـ74، باختيار نظام الأسد كعضو جديد في مجلسها التنفيذي، هو "أمر محبط لكنّه غير مفاجئ".
وقال "الصالح" في الندوة التي استمرّت لنحو ساعتين، ليلة السبت - الأحد، بحضور شبكة "آرام": إنَّ "أداء المنظمة لم يكن بالشكل المقنع في القضية السورية، وكانت منحازة دائماً إلى جانب النظام في إجرامه".
وأضاف أنَّ "المنظمات الإنسانية سلّمت إحداثيات المشافي والمراكز الطبية، لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) وأحد مكاتبها يتبع لمنظمة الصحة، وسُلّمت الإحداثيات لروسيا وللنظام تحت آلية حماية المنشآت الإنسانية، لكن تم قصف معظم المشافي والمراكز، وآخرها تدمير جزئي في مستشفى الأتارب ووقوع سبعة شهداء و15 جريحاً في 12 مارس/آذار الفائت".
بدوره اعتبر المحامي "شندب" أنَّ منظمة الصحة بهذا القرار "تُشرِّع الجريمة، وتشجِّع المجرم على ارتكاب المزيد من الجرائم ضد الإنسانية"، متسائلاً: "هل يُعقل أنَّ المنظمة التي استهدفها نظام الأسد في سوريا وأدانت سابقاً جرائم النظام بحقّ الأطباء، تعود اليوم لتعومه مجدداً".
من جهته، أكد الصحفي السوري عبد القادر اللهيب، خلال الندوة، أنَّ اعتراف منظمة الصحة هو دليل على تعاون المجتمع الدولي بتعويم مجرم يقوم بمهاجمتهم في خطاباته.
وذكر أنَّ قرار المنظمة كان "صدمة" للسوريين، ليس لأنّنا مؤمنين بالمجتمع الدولي بل لأنَّ هذه المنظمة محسوبة على من يدَّعي حماية المدنيين وهي ذاتها أحصت 494 هجوماً بين 2016 و2019 ومقتل 480 شخصاً من الكوادر الطبية في تلك الهجمات على مشافي الشمال السوري".
تواطؤ دولي
حسب الواقع الحالي، لا يرى "الصالح" تغييراً قريباً في سوريا، وإنَّما جُلَّ ما يفعله المجتمع الدولي هو "تجميد الصراع وإيصال روسيا إلى الغرق في المستنقع، حتى ترضخ وتوافق على تغييره".
وأضاف: "لا أعتقد أن يتحرَّك المجتمع الدولي، وإن تحرَّك فعليه منع النظام من ارتكاب الجرائم التي يرتكبها ليس فقط ضد الشعب السوري، بل ضد غيرهم مثل ما فعل في لبنان، وارتكابه عمليات اغتيال سياسي دولية، فعندما نستذكر جرائم الأسد خلال خمسين سنة نحتاج لمجلدات لإحصائها".
وأردف: "إضافة إلى قضايا أخرى منها حرق المحاصيل الزراعية، ومحاربة الناس بقوت يومهم، وكان هناك جلسة بمجلس الأمن عن استخدام الأسلحة لكن النظام لا يتبع القوانين الدولية، فهو أيضاً استخدم سلاح الجوع واحتكار المساعدات الإنسانية عبر منعها من وصول المحاصرين".
وبيَّن "الصالح" أنَّ هناك تواطؤ دولي عبر الخطاب، فما يحصل في سوريا هو ثورة، وليس حرب أهلية، وروسيا تعدُّ "شبيحة المجتمع الدولي"، ومؤخراً بيلاروسيا خطفت طائرة مدنية لاعتقال صحفي، فالمحور الإجرامي تقوده روسيا وتتبعه بيلاروسيا وإيران وغيرها، مشيراً إلى أنَّ المصالح السياسية هي من تُدّمر المجتمع.
وقال: "يجب توحيد جهودنا ليس فقط لإسقاط النظام لأنَّه مجرم بل يجب محاكمته، ونحن نخشى من الحلول السياسية القاصرة التي لن يستطيع السوريون خلالها أخذ حقهم، ومحاكمة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية خلال السنوات الماضية".
وعن طبيعة الجرائم في سوريا، أفاد "الصالح" بأنَّ "الجرائم الإيرانية أفظع من الروسية، لأنَّها تضمنت التهجير القسري والتغيير الديمغرافي، وهدم المساجد وبناء الحسينيات، وإجبار الناس على التشيّع وبناء ميليشيات جديدة قوامها السوريين".
وتابع: "روسيا ارتكبت الكثير من الجرائم ورئيسها بوتين صرّح مؤخراً بتجريب 300 نوع من السلاح في سوريا وأنَّ أكثر من 85% من قادة تشكيلات وأفواج القوات المسلحة الروسية تلقوا تجارب قتالية في سوريا".
وحول آلية عمل الدفاع المدني، قال: "نعمل بشكل تقني حول شهادات الضحايا لحمايتهم وعدم كشف أسمائهم لأيّة جهة، وذلك كي لا تصل لروسيا العضو في المنظمات الدولية".
وأردف: "لا نعتمد على الكم في الإعلام بل على النوع، ولدينا فيلم الخوذ البيضاء على منصة نتفليكس تُرجم إلى 18 لغة، وبرامج مع قنوات أجنبية عالمية بشكل مستمر، فلا يمضي شهر إلا وننتج عملاً للمشاهدة، والخدمات التي نقدمها للداخل السوري هي لدعم الأهالي ومساندتهم".
قضية المعتقلين
أمّا عن قضية المعتقلين، فوصفها "الصالح" بـ "الثقب الأسود في الثورة السورية"، فهي تشكّل ضغط على عائلاتهم، مضيفاً: "الخوذ البيضاء ستستمر في خدمة أهلنا حتى التخلّص من المجرم ومحاكمته، ونحن على عهدنا والتزامنا في توثيق الجرائم لتقديمها إلى المحاكم الدولية، وإن لم نستطع، فهناك محكمة رب العالمين العادلة".
وشارك في الندوة الدكتور في جامعة أم القرى، حسام الدين الحزوري، واعتبر أنَّ أقوى سلاح هو "سلاح الإعلام"، مطالباً "الخوذ البيضاء" بأن تبرز التضحيات عبر منصة إعلامية دولية وعربية.
وتخلل الندوة مشاركة شهادات عن معتقلين في سجون نظام الأسد، وأشارت والدة الضابط المنشق محمد ناصيف الذي اختطفه حزب الله مطلع عام 2015 وسلَّمه للنظام، إلى أنَّ آخر زيارة لابنها كانت في سجن صيدنايا بريف دمشق مطلع عام 2020.
وذكرت أنَّ ابن شقيقها تعرّض لتعذيب في السجن، لمدة أربع سنوات، وتم رميه في العراء عند الإفراج عنه، ونتج عن التعذيب ضعف جنسي ولم يستطع الزواج بسبب ذلك، وكان اعتقاله لأنَّه صديق ابنها محمد، وهناك مرض "ورم في القدمين" ناتج عن قصور كلى، يصيب المعتقلين وهم منشقون وصحفيون.
وطالبت الجميع بالعمل على مساعدة المعتقلين، بدوره أشار "شندب" إلى تواطؤ من قبل قضاة أخفوا ملف "ناصيف"، لكنهم وقعوا في شر أعمالهم حيث تم اتهامهم مؤخراً بقضية مخدرات.
كما أدلى محمد بكار، بشهادته عن المخطوف أبو ظافر النعيمي، وهو ثائر سوري أصيب في الثورة وذهب للعلاج في لبنان فسجن لمدة سنتين في سجن رومية، ثم خطفته ميليشيا حزب الله وحزب البعث والحزب القومي السوري بعد خروجه من السجن وسلمته للنظام الذي أعدمه.
وشارك المعتقل السابق في سجون النظام الشيخ عبد الرحمن العكاري، وقدّم شهادته عن بعض المعتقلين، كذلك تحدث د. طلال الحموي، مدير "فريق سنابل الخير" عن المعتقلين، لافتاً إلى أنَّ المفرج عنهم معظمهم بحاجة لعلاج نفسي.
اقرأ أيضاً:
- لماذا اختار بشار الأسد دوما دون غيرها من المناطق الثائرة؟
- سياسيون: انتخابات نظام الأسد .. ساقطة قانونياً ومدعومة أمريكياً
- مجبرون لا خائنون .. حملة حقوقية لفضح انتخابات نظام الأسد
- تحديات الهوية الإسلامية وعلاقة نظام الأسد بمشروع تدميرها
