الجمعة 19 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98
...

عبد معلق فوق الشجرة

19 يونيو 2021، 01:14 م

لم نعد نتحدث عن سوريا.. عن الدماء التي تسفك يوميا بكل الطرق الوحشية.. عن الجرائم التي تجاوزت شيطانية الشيطان نفسه.. وكأنه من المسلمات أن يكون هذا حال سوريا .. نموذج مجسد لرد الكبار على الصغار الذين يخرجون عن الإطار المرسوم.

العبودية لم تنته لكنها غيرت شكلها ونمقته لتسمى "المصالح المشتركة".. امبريالية برداء السلام تقتل بنفس السيف الذي تدعي أنها تحارب الإرهاب به.. في عرفها هذه الأوطان مزارع يعمرها العبيد.. ومن الطبيعي أن يمثل السيد بأي عبد تسول له نخوته مقاومة العبودية.

سوريا بالنسبة لهم عبد متمرد والتمثيل به سيمنع بقية العبيد من التمرد.. علقوها أمامنا وعذبوها علنا وتعمدوا إطالة المشهد لنخاف.. ونخاف.. و يتحول خوفنا إلى قيد طوعي يربطنا بكل خنوع بعمود ما في حضيرة الروتين العبودي.

نعم روتين عبودي، نتمسك به حفاظا على السيء حتى لا يتحول إلى أسوء، ثورات الربيع هي النشاز الذي أفسد ترانيم العبيد.. أفسد على السيد الاستمتاع بمشهد عبيده يتجمعون حول أخشاب تحترق وهم يتراقصون على أنغام قديمة.. لذلك تم التنكيل بها وبحملتها.

أما من يستحضرون سوريا في كل خطاباتهم لتخويف شعوبهم فليسوا إلا حراسا على المزارع ينفذون أوامر سادتهم.

سوريا ومصر وليبيا واليمن وتونس.. ونحن سابقا ونحن الآن.. دروس مفتوحة تفرض علينا التفكير العميق في اختيار طريق سليم للحرية، طريق وإن كان شائكا لكنه يخرجنا من حضيرة العبودية، لأن مصيرنا في الحقيقة مرتبط ببعض.. وكلنا تمرد مرة أو مرات وعلق على الشجرة فترة ليعود من جديد ويرتدي القيد طوعا وكراهية .

لا نريد أن ندفع الثمن دون نيل المراد، وهذا لن يتحقق إلا بإعادة رسم استراتيجيات الثورات بذكاء يحميها من الالتفاف كما حدث في تونس أو الاقتناص كما حدث في ليبيا واليمن أو الانقلاب كما حدث في مصر أو التنكيل كما حدث ويحدث في سوريا.

إن إرادة التحرر باتت واقعا يؤمن به الفرد في أوطاننا ولكن ما يعوق انتقاله من الإيمان السري إلى العلني هو عدم ثقته في نجاعة الوسائل التقليدية في تحقيق ذلك، سواءا كانت هذه الوسائل مشاركة سياسية تنتهي بالتحول إلى ديكور يمدد عمر الأنظمة، أو بمقاطعة لا تستطيع فرض إرادتها، أو بثورات عذراء تقذف نفسها إلى الميادين بسذاجة العفوية، ضعف النخبة وانكماشها في قوقعات المحلية أو انحسارها في أيديولوجية ضيقة أو براغماتية غبية جعلها غير قادرة على فرض نفسها محليا ودوليا، ليترك هذه الثورات مجردة من أي حصانة تحميها داخليا ودوليا.

الرّهان الحقيقي هو التكوين السليم والاستثمار طويل المدى في المقاومين الشباب ليكملوا الطريق.. طريقاً ليس سهلا ولا قصيرا حتى وإن نجح في تغيير الواجهات السياسية سيبقى التغيير خاضعا للوصاية التي لم نتحرر منها بعد.

تصحيح المفاهيم الثورية وتوضيح المسار بمبادئه وآلياته وأهدافه من الأساسيات التي يجب البناء عليها لتكون خريطة ترشد كل من يريد الالتحاق بركب المتمردين على العبودية.. وبدونها ستنتهي محاولاتنا.. بأن نكون مرة أخرى.. عبدا معلقا على الشجرة.