الإثنين 04 مارس 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.06 ليرة تركية / يورو
39.73 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.62 ليرة تركية / ريال قطري
8.37 ليرة تركية / الريال السعودي
31.39 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.06
جنيه إسترليني 39.73
ريال قطري 8.62
الريال السعودي 8.37
دولار أمريكي 31.39

هيبة الدولمة

02 يوليو 2021، 10:43 ص
الدولمة
الدولمة

واثق الجابري

كاتب عراقي

02 يوليو 2021 . الساعة 10:43 ص

واثق الجابري:

الدولمة واحدة من الأكلات العراقية الشهيرة، وفي الولائم الخاصة تقدم كنوع من ذوق العائلة.

الدولمة ليست أكلة شعبية فحسب، وتسمى سفيرة العراق إلى سفرة العالم، ولا تكاد تنافسها أكلة أخرى، ومن متطلبات العائلة والاهتمام بالضيوف، ودون منازع تقدم ساخنة وسط سفرة الطعام، وفي العائلة لها مراسم وأيام خاصة، وتلتقط لها صور وهي في القدر إلى حين نزولها إلى الصينية، ليراها من يحب العائلة ومن يبغضها، وتُظهر المستوى المعاشي للعائلة حسب مكوناتها.

أصل الدولمة إلى حد التشابه مع المحشي المصري، ودخلت منذ دخول العثمانيين للعراق، وجرت عليها تعديلات كثيرة من زيادة اللحم المفروم والسمن والضلوع والزند في قعر القدر، وعيدان السلق، وشاع طبخها في لبنان ومصر وفلسطين والجزائر، ويختلف مظهرها الخارجي ومحتواها من عائلة لأخرى، حسب ما تُلَفُّ به محتوياتها، بورق السلق او العنب أو البصل والباذنجان والفلفل، وحسب ما متوفر وإمكانية العائلة، وحتى قدورها اختلفت، وبذلك دخلت صراع المساواة والعدالة، وكل العوائل تعملها ولا عدالة في طبيعة مكوناتها.

 رغم الاختلاف عليها، إلاّ أن هناك اتفاقاً على أنها لا تكلف العائلة من أدوات كثيرة، سوى قدر وصينية، وتستخدم للسَفرات والتنزه، وكأنها أكلة جافة يسهل حملها في قدرها، وميزتها بأن لا تقدم بشكل انفرادي، ودائما ما تجمع العائلة أو مع الضيوف، وما تزال محافظة على قدرها على جمع الأيادي متبادلة متكافلة على مكان واحد، لذا من النادر تقديمها في المطاعم.

إن الدولمة بصفاتها جعلت لنفسها هيبة، بين الأكلات وعلى السُفرات، سواء كانت باللحم أو التمن والخضار، وفي الأحوال كلها تؤدي أدوارها، كأكلة تُعبر عن نفس من يقدمها، وتدل على الاعتزاز بذلك الشخص الذي سيتناولها، والطاهي يتدخل بكل تفاصيلها، ويده معها إلى حين إنزالها على مائدة الطعام.

الدولمة منهم من يظنها الدولة، وقد لا يرى حرف الميم، ولكنهما تختلفان في كثير وتتشابهان في أخرى، فالدولمة تؤكل والدولة تبنى أو تهدم، إلاّ أذا اجتمع الفاسدون في أكلها وفرم عظمها، والدولة ثابتة بحدودها ،والدولمة يضاف لها ويُنقص منها ويكبر ويصغر قدرها، ولكن الدولة ثابتة المفاهيم والتقاليد والحدود، ولكنهما تعبران عن أخلاق شعبهما وقيمهم، وتستطيعان جمع من يستفيد من فائدتهما، وللدولمة هيبة بين أفراد المجتمع العراقي، فيما الدولة تفقد هيبتها أن نهبها الفاسدون ومن يخالفون قوانينها، حتى أولئك الذي يعتقدون أنهم يتحركون ضمن سقوف الحرية والديمقراطية، أو إصلاح منظومة فاسدة بمفاهيم وقيم ومنظومة أفسد، ويبدو أن الدولة صارت كالدولمة، تلف وتطبخ وتجتمع عليها الأيادي، إلاّ أن الفرق فيها أنهم لا يتذكرون طعمها.

اقرأ:

شاهد إصداراتنا: