للوهلة الأولى يظن المتابع أن كتيبة من روسيا حضرت للمشاركة في مؤتمر عودة اللاجئين في دمشق وليس وفداً، حيث وصل أول وفد وزاري روسي مشترك إلى دمشق في 24 تموز/ يوليو الحالي، تمهيداً لما سيتم الاتفاق عليه، ليتبعه بعد يومين فقط إلى العاصمة السورية الوفد الروسي الكامل الأشبه بالجيش؛ حيث بلغ عدد أعضائه 230 عضواً منهم شخصيات عسكرية ومعظمهم ممثلون سياسيون وحكوميون يتبعون لثلاثين إدارة تنفيذية اتحادية في روسيا وخمس مقاطعات ومناطق عسكرية روسية.
لم يكن الهدف من زيارة هذا الوفد الكبير جداً هو المشاركة في المؤتمر الدولي لعودة اللاجئين السوريين وإن كان هذا هو الظاهر، المؤتمر الذي عقد في دمشق برعاية روسية يوم الاثنين 26 تموز/يوليو الجاري، وهو المؤتمر الثاني من نوعه بعد عقد المؤتمر الأول في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020.
فالهدف الحقيقي بحسب ما جرى في دمشق والذي هو أهم من موضوع اللاجئين السوريين، هي الاتفاقيات الخمسة عشر التي تم توقيعها كجزء من أعمال المؤتمر تحت عنوان "الاتجاهات الأساسية للتعاون السوري الروسي"، كما أشار البيان الختامي للمؤتمر إلى أنه تم الاتفاق على توقيع عشر اتفاقيات أخرى لاحقاً تتعلق بالتعاون القانوني وأمن الشبكات والاتحاد الجمركي والتعاون الاقتصادي والعمل التربوي.
كان واضحاً من حجم الوفد الروسي والزهد بالحضور الإقليمي والدولي أن الاتفاقيات التي تستغل بها روسيا المزيد من الموارد في سوريا هي الهدف الرئيسي من هذا اللقاء الكبير الذي اهتم به الرئيس الروسي "بوتين" بشكل شخصي وأرسل إليه مبعوثه الخاص إلى سوريا "ألكسندر لافرنتييف".
أما حضور المنظمات الإقليمية والدولية فاقتصر على ممثل الأمم المتحدة في دمشق وممثل منظمة الصليب الأحمر الدولي، وبشكل أو بآخر فقد كان المؤتمر روسياً بمشاركة سورية، دون أي حضور دولي إلا في عنوان المؤتمر فقط.
وإلى جانب الهدف الرئيسي من المؤتمر وهي الاتفاقيات التي تم التفاهم عليها فقد صدر البيان الختامي عن رئيسي الهيئتين التنسيقيتين الروسية والسورية وهما "ميخائيل ميزينتسيف" و"حسين مخلوف"، وجاء البيان بحجم كبير جداً من المغالطات المعهودة ضمن الخطاب الروسي المتعلق بالوضع في سوريا، والذي تحدث عن عودة كبيرة جداً وتفاعل من اللاجئين، وفي نفس الوقت عن آثار كبيرة من التضليل الإعلامي الغربي المعيق لعودة اللاجئين، ثم ذكر أن أهم المشكلات التي تقف في وجه الشعب السوري، هي "العقوبات الغربية الجائرة على سوريا"، و"الاحتلال الأجنبي للأراضي السورية" (دون التطرق لجهات الاحتلال).
والخلاصة أنه وكما هي العادة تحافظ روسيا على سياستها في سوريا كمجموعة من الأوراق التفاوضية والتي منها قضية إعادة الإعمار وعودة اللاجئين وغيرها من القضايا المتفرقة التي لم تستطع روسيا بعد الحصول على مكاسب حقيقية غربية في مقابلها، في حين وبالتزامن مع ضيق أو انفراج أروقة التفاوض الروسي الأمريكي تهتم موسكو بكسب أكبر قدر ممكن من المكاسب الاقتصادية والجيوسياسية الحالية والمستقبلية، مستغلة حاجة النظام السوري المستمرة للموقف الروسي في مقابل المزيد والمزيد من الاتفاقيات والعقود.
المصدر: نداء بوست
اقرأ أيضاً:
- تصعيد عسكري جديد .. درعا البلد تحت نيران نظام الأسد
- عائلة ضحية تطالب "قسد" بالاعتراف بالجريمة وتدعو للوقوف معها
- أولمبياد طوكيو يكافئ إيرانياً شارك بقتل السوريين بميدالية ذهبية
- الرئيس التونسي يعلن حظر التجوال وتعطيل العمل بمؤسسات الدولة