الثلاثاء 07 مايو 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.92 ليرة تركية / يورو
40.78 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.89 ليرة تركية / ريال قطري
8.62 ليرة تركية / الريال السعودي
32.35 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.92
جنيه إسترليني 40.78
ريال قطري 8.89
الريال السعودي 8.62
دولار أمريكي 32.35

كيف نستفيد من تحركات العملة التركية غير التقليدية؟

23 ديسمبر 2021، 04:38 م
كيف نستفيد من تحركات العملة التركية غير التقليدية؟

محمد العريان

المستشار الاقتصادى لمجموعة «أليانز» و»جرامسرى» ورئيس كلية «كوينز» بجامعة «كامبريدج»

23 ديسمبر 2021 . الساعة 04:38 م

بعد محاولتها تحدي المنطق الاقتصادي الداخلي والخارجي من خلال خفض أسعار الفائدة بشكل متكرر، اختارت تركيا الأسبوع الجاري مجموعة جديدة من الإجراءات غير التقليدية لبث الاستقرار فى عملتها.

وما إذا كانت السلطات أكثر نجاحًا في نهاية المطاف هذه المرة يتلخص في سؤال بسيط: هل ترى الأسر والشركات التركية هذه «التدابير القاطعة» كجسر لاستحداث مجموعة أكثر شمولاً من التدابير التي تعالج الدوافع الأساسية لعدم الاستقرار الاقتصادي والمالي، أم تراها بدلا من ذلك، كوجهة سرعان ما تثبت عدم استقرارها بطبيعتها؟.. ومن الصعب أن أصف بالكلمات مدى الفوضى التي أصبحت عليها أسواق العملات التركية بعد ظهر يوم الاثنين الماضي.

تراجعت الليرة لتتجاوز 18 ليرة تركية لكل دولار أمريكي، وفقدت نصف قيمتها في شهرين فقط، وكان معدل التراجع يكتسب زخما، وكانت طبيعة التداول فوضوية رغم تدخل البنك المركزي، وهو ما استنزف احتياطياته الأجنبية، وكانت المسألة مسألة وقت حتى أدى كل هذا أيضا إلى زيادة أخرى فى معدل التضخم الذى تجاوز بالفعل %20.

واختار جزء متزايد من السكان حماية مدخراتهم عن طريق تغيير الودائع بالليرة إلى الدولار والعملات الصعبة الأخرى، «ما يشير إليه الاقتصاديون باسم الدولرة»، وكان السبب المباشر لكل هذا هو التخفيض بنسبة %5 للفائدة الرسمية المحلية منذ سبتمبر فى وقت دعت فيه الظروف الداخلية والخارجية إلى رفعها.

وكان التضخم فى ارتفاع، وكانت العملة تحت الضغط وبدأت الأحوال السياسية النقدية العالمية تتخذ منحا متشددا، خاصة فى العالم الناشئ، وفى محاولة يائسة لكسر الدائرة المفرغة، اختارت السلطات الأسبوع الجارى مجموعة من الإجراءات المعقدة التى يمكن وصفها على أفضل تقدير بأنها آلية لمعادلة سعر الفائدة مع ضمانات للحفاظ على القيمة الحقيقية لودائع الليرة عند قياسها بالعملة الصعبة.

وبالإضافة إلى خفض الحافز لمزيد من «الدولرة»، يبدو أن هذا النهج له ثلاث فوائد جانبية تهم السلطات التركية، أولا، يتجنب تأثير رفع سعر الفائدة الجزئي والضمني على بقية الاقتصاد، ثانيا، نظرًا لأن الضمان ينطبق على الودائع من 3 إلى 12 شهرا، فإنه يشجع على إطالة متوسط مدة هذه الودائع، وثالثاً، يساعد فى تخفيف الضغوط التضخمية الثقيلة والمتنامية.

كل هذا فى وقت، قبل الإعلان عن التدابير، كانت العملة تتداول فى منطقة «التجاوز» وفقًا لمعظم المقاييس الاقتصادية، وتأتى هذه المزايا مع مخاطر كبيرة إذ تعرض الآلية الحسابات المالية / البنك المركزى لعبء تمويلي كبير ما لم يتم اتخاذ تدابير أخرى للسيطرة على التضخم والحد من الضغوط المتجددة على العملة بعيداً عن «الدولرة».

وإذا فشلت الآلية، فإنها ستزيد من إضعاف مصداقية صانعي السياسات، مما يزيد من صعوبة اتخاذ المجموعة التالية من التدابير بسرعة حتى لو كانت شاملة ومناسبة، وسيكون المجموعة الكبيرة من المودعين بالليرة التركية هم الذين سيحددون النتيجة فى غضون أسابيع، فإذا كانوا يثقون فى استجابة السياسة ولا يقلقون كثيرًا بشأن الأضرار الجانبية المحتملة، فإنهم سيشجعون الآخرين على شراء العملة المحلية، بالداخل والخارج.

ويمكن للحكومة أن تساعد فى هذه العملية من خلال الإشارة بمصداقية إلى أن الإجراءات الأخيرة ليست غاية فى حد ذاتها ولكنها بالأحرى جسر لمجموعة سياسات أكثر شمولاً، وسيشمل ذلك قيام البنك المركزي برفع أسعار الفائدة بشكل صريح، والتى لا تزال، فى هذه المرحلة، ضرورية ولكنها لم تعد كافية.

وستحتاج تركيا أيضًا إلى البحث عن دعائم داخلية أخرى، مثل تشديد السياسة المالية، وربما السياسات الخارجية أيضا، مثل الاتفاق على برنامج مع صندوق النقد الدولي لتوفير التمويل والمصادقة الخارجية.

كل هذا يجب القيام به مع تجنب الإغراء المفهوم لضوابط رأس المال التى من شأنها أن تقوض نموذج النمو المفتوح القوي تاريخيًا والذى لا يزال مؤثرًا والذى يستغل، اقتصاديًا وماليًا، «المميزات التنافسية» العديدة لتركيا.

ومن خلال مجموعة جديدة من الإجراءات غير التقليدية، اشترت تركيا لنفسها استقرارًا مصطنعًا، ومن غير المرجح أن يُترجم هذا إلى استقرار حقيقي ما لم يقتنع المواطنون الأتراك بأن أزمة عملتهم قد مرت بالفعل، ولن يحدث هذا إلا إذا تحولت الحكومة بسرعة إلى نهج سياسي أكثر شمولاً – وأكثر تقليدية – وعدم القيام بذلك من شأنه أن يزيد من تآكل الخصائص الاقتصادية القوية للبلاد، وبعد كل شئ، هناك حدود للتحدى المستمر لقوانين كل من الاقتصاد والمالية.

بقلم: محمد العريان، المستشار الاقتصادى لمجموعة «أليانز» و»جرامسرى» ورئيس كلية «كوينز» بجامعة «كامبريدج»

اقرأ أيضاً:

شاهد إصداراتنا: