الخميس 02 مايو 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.74 ليرة تركية / يورو
40.63 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.90 ليرة تركية / ريال قطري
8.64 ليرة تركية / الريال السعودي
32.42 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.74
جنيه إسترليني 40.63
ريال قطري 8.90
الريال السعودي 8.64
دولار أمريكي 32.42
...

إدلب والنّمرود

22 ديسمبر 2019، 02:46 م

في الوقت الذي تفوح فيه رائحةُ الدّم والبارود في #إدلب الغالية.
وتنتهزُ سكونَ السّماءِ طائراتُ العدوّ الرّوسيّ التي لم تجرّب للحظةٍ واحدةٍ منذ تصنيعها أن تحمل غيرَ الموت.

كلُّ ما في إدلب الآن وفي المعرّةِ الجميلة وما جاورها من قرى يلوّثُ سمعَكَ وبصرَك وقلبَك، خَلا تلك الدّعواتِ التي ليس لها وقتٌ محدَّد
تخرجُ من فم شيخٍ كهل، أو يلهَجُ بها قلبُ مكلوم أو تُفصحُ عنها_ وإن لم يفصح لسانُه _ عَينا طفل.

كلُّ ما في (إدلب) يعني كلّه
من هدير الطائراتِ الغازية إلى فحيح الرّاجمات الرامية إلى زئيرِ البراميل المتفجّرة التي تسقطُ من مروحيّاتِ الإجرام لتأكلَ أشلاءَ المحظوظين بموتٍ سريع.

في الطّرقات التي تمشي فيها، عليكَ أن تحدّق أكثر لترى من بين الضّباب الكثيف وجوهَ النازحينَ من الموت إلى ما قد يكون موتاً أو أخفَّ منه بقليل ... فمن يدري ؟
في ذلك الوقت بالتحديد وفي ليلةٍ إسطنبوليّةٍ باردة ذاتِ ريحٍ مجنونة تجعلني على الأقلّ أشعرُ بأنّ هناك قاسماً مشتركاً بيني وبين من ذكرتُهم من أهلنا المكلومين في الداخل ...
في ذلك الوقت بالتحديد، بدأتُ بقراءةِ رواية #أنتيخريستوس الذي يتحدث كاتبُها في أول فصلٍ من فصولها عن شابٍ قويٍّ طائشٍ جبّار اسمه (زاهاك) والذي سيصبح اسمه فيما بعد ( النّمرود)، الذي سيحكم الأقاليمَ السّبعة، وستكون له الكلمةُ الفصلُ في العالم، والذي سيبنى برجَ بابلَ الذي يخترقُ السّحابَ باتجاه السّماء، حتى يحصل على تلك القوة التي تجعله خالداً وحتّى أقوى من الموت.

سيتزوّج من أجمل الجميلات واسمها (محبوبةُ الحمائم) أو (سميراميس) بالبابليّة، بعد أن يقتل زوجَها الذي كان مستشاراً لأبيه كوش العظيم ملك ملوك آشور وبابل، ومستشاراً له بعد ذلك. سميراميس الشّقراءُ الفاتنةُ القويّةُ والتي أثبتت قدرتَها العسكريّةَ الفائقةَ في قيادةِ جيش النمرود في أكثر من معركة.
وعن الشّاب البريء قويِّ الشكيمةِ والإيمان، رابطِ الجأشِ وثابتِ الجَنان.
إنّه ( إبراهيمُ ) النبيُّ الذي سيحطّمُ أصنامَ القوم بفأس العزم . ويترك رأس الصّنم الأكبر (مردوخ) على جسده ليكون شاهدَهم الذي يربُكهم.

وكيف أنّ النار التي حشدوا لإيقادها الليالي ذوات العدد وجمعوا لها الحطبَ من غاباتِ آشور ليحرقوا بها نبيَّ اللهِ إبراهيم، كيف صارتْ برداً وسلاماً عليه.
وكيف واجه (كاوي) الحدّادُ البسيط والذي آمن بدعوةِ نبيّ الله إبراهيم كيف واجه جيشَ النمرود الذي لا يُقهَرُ فقهره بجنوده القليلين وبجنودٍ من عند الله.

وكيف أنّ بعوضةً دخلت رأسَ النمرود. فكانت إذا تحرّكت تألّم وصرخ وكأنّ جبلاً على صدره.
وكيفَ أنّ الطاغيةَ الجبّار كان لا يرتاح من الألم إلا إذا ضربوا رأسه ووجهه بالنّعال.
وكيف أنّ البسطاءَ المقهورين قد انتصروا بعد كلّ هذا القهر وكيف أن الطغاة قد ديسوا بنعالِ الثائرين على الظلم والاستبداد والطّغيان.

وكيف أنّ الأملَ ربّما يسكنُ في تفاصيل الألم ولكنّه بحاجةٍ إلى من يحدّق أكثر من خلال السِّجاف.
وكيف أنّ الرّوح التي تتوقُ إلى الخلاص لا بدّ لها أن تمرّ في حقلٍ من الألغامِ والرّصاص.

وكيف وأنت في أشدّ لحظاتك سوداويّةً وألماً وانهزاماً ... يتناهى إليكَ من بعيدٍ صوتٌ يردّد:
ضاقتْ فلمّا استحكمتْ حلقاتُها ... فُرِجَت وكنتُ أظنّها لا تُفرَجُ