نشر الباحث السوري، يحيى السيد عمر، مقالاً علق من خلاله على التقارير الصحفية التركية، التي تؤكد وجود خطة تركية لإعادة 1.5 مليون لاجئ سوري إلى شمال غربي البلاد، خلال الأشهر القادمة.
ويقول الباحث، إن الوجود السوري في تركيا بات قضية سياسية داخلية تشغل الحكومة التركية والمعارضة، وتزداد أهميتها مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية.
وتسعى المعارضة لاستخدام هذه القضية لتحقيق تفوّق سياسي، فيما تسعى الحكومة الحالية أيضاً لسحب هذه الورقة من يد المعارضة.
وقال: "إن إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم يعد في جوهره قضية إنسانية نبيلة وضرورة اجتماعية واقتصادية وسياسية، إلا أنه ومن الناحية التنفيذية دونه عقبات عدة قد تحول دون نجاحه، ومنها عقبات ذاتية تتعلق باللاجئين أنفسهم وبالمناطق السورية، وأخرى موضوعية تتعلق بالظروف الإقليمية والدولية".
وأضاف: "مضى على سنوات اللجوء في تركيا ما يقارب عقد من الزمن، وهذه المدة الطويلة أدت لارتباط اللاجئين بأعمال وعلاقات اجتماعية وبيئة اقتصادية، والتخلي عن هذه البيئة والعودة بشكل مفاجئ إلى سوريا قد يشكل ضغطاً عليهم، لذلك فقد يكون قلة من اللاجئين الذين يفكرون بالعودة الطوعية، ولحل هذه المعضلة لا بد من إيجاد حلول لممتلكاتهم وأعمالهم في تركيا".
ولفت إلى أن التقارير الصحفية تفيد بأن الحكومة التركية ستقوم بتجهيز 200 ألف وحدة سكنية في الشمال السوري بتمويل قطري لدعم إعادة اللاجئين، مؤكداً أن البيئة الاقتصادية في المنطقة ليست مؤهلة لاستقبال هكذا عدد، فالمشكلة لا تنحصر في توفير السكن، بل تشمل فرص العمل ومستوى الأجور والمستوى الأمني والاستقرار الاجتماعي.
وتابع: "من جهة أخرى ووفقاً لتقارير أممية فإن نسبة الفقر في الشمال السوري بلغت 92% عام 2021، ومستوى الأجور يقل عن 100 دولار شهرياً، فهذه المؤشرات لا تدعم مشروع الإعادة، كما أن دخول مليون ونصف لاجئ إلى المنطقة من شأنه زيادة حدة هذه المؤشرات السلبية".
وأوضح أنه على مستوى مناطق سيطرة نظام الأسد، فإن حكومة النظام لا تتمكن من تغطية احتياجات السكان الحاليين في مناطقها، فهي أعجز عن أن تستقبل أيّ أعداد إضافية، فأزمات الخبز والمحروقات والكهرباء في ذروتها.
وحول متطلبات نجاح مشروع إعادة اللاجئين، يقول الباحث، إن مشروع إعادة اللاجئين سيبصر النور آجلاً أم عاجلاً، فبالتأكيد لن يستمر اللجوء السوري في تركيا إلى ما لا نهاية، ولكن مشروع الإعادة يتطلب توافر جملة معطيات اقتصادية وسياسية وأمنية واجتماعية لا تستطيع دولة وحدها توفيرها.
وأضاف أن الشمال السوري بحاجة لمشاريع اقتصادية كبيرة ودعم عمليات التعافي المبكر، وهذا يحتاج مليارات الدولارات، ويحتاج أيضاً لتوافق سياسي دولي، كما يحتاج لضمان استقرار عسكري وعدم حدوث صدام عسكري، وبالتالي لا بد من ضمانات من النظام أو من حلفائه، وكل هذه المتطلبات قد لا تكون متوفرة في الوقت الحالي.
وشدد على أن مشروع إعادة اللاجئين السوريين يشكل أولوية اجتماعية وإنسانية، ولكن الواقعية السياسية تحتّم الاعتراف بأنه لا يمكن لدولة بمفردها حل هذه القضية، فاللجوء السوري بات قضية دولية، وهو يتطلب جهوداً دولية متكاملة لإيجاد حل لها.
يذكر أن صحيفة "Türkiye Gazetesi" نشرت قبل أيام تقريراً للكاتب "يلماز بيلغان" تحدث فيه عن خطة للحكومة التركية تهدف إلى إعادة مليون ونصف المليون لاجئ سوري إلى بلادهم خلال 15 - 20 شهراً من الآن.
وتتمثل الخطة في جعل مناطق العمليات العسكرية التركية مناسبة من الناحية المعيشية والاقتصادية لعودة اللاجئين.
اقرأ أيضاً:
• قرارات جديدة حول حمل السلاح داخل مراكز المدن بريف حلب
• تركيا تغلق أجواءها أمام الجنود الروس المتوجهين إلى سوريا
• "آرام" ترصد انطباعات الشمال السوري عن إصلاحات الائتلاف
• الكشف لأول مرة عن شبكة سجون "داعـ.ـش" في سوريا
شاهد إصداراتنا:
