الخميس 04 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

أسباب خارجية وداخلية وراء صدور قانون العفو

08 مايو 2022، 03:36 م
أسباب خارجية وداخلية وراء صدور قانون العفو

د. باسل معراوي

كاتب وسياسي سوري

08 مايو 2022 . الساعة 03:36 م

لا شكَّ أن المناورة واللعب على التناقضات بين الروس والإيرانيين في سوريا يتقنها رأس النظام، وأضيف إليها مؤخراً إيهام بعض العرب أنه من الممكن أن يقفز من الحضن الإيراني أو يخفف ارتباطه به مقابل انفتاح عربي عليه يتجسد بإعادة شغله لمقعد سورية بالجامعة العربية وبدء إعادة تعويمه عربياً، وبالتالي دولياً بل ذهب الظن أن معاهدة سلام مع دولة الاحتلال الإسرائيلي ممكنة، مع منافع اقتصادية تنتشل بقايا اقتصاد الحرب والفساد من غياهب الجُبّ التي أوصله إليه.

كانت بارقة الأمل تكاد تتحول لحقيقة عند الحديث عن خط الغاز العربي الواصل للبنان وضرورة رفع بعض عقوبات قانون “قيصر” والذي كان بعهد الرئيس بايدن يغط أساساً بنومة أهل الكهف، وازدادت الآمال بعد انفتاح دولة الإمارات العربية المتحدة عليه بزيارة وزير خارجيتها لدمشق ومن ثَمَّ استقبال رئيس النظام بأبوظبي إلا أن الرياح الدولية والإقليمية سارعت بعكس أشرعة النظام السوري وأمانيه.

أسباب خارجية

1- يعلم الجميع أن التدخل الروسي من بدايات الثورة سياسياً ولوجستياً ودبلوماسياً كان السبب الرئيسي في استمرار النظام بارتكاب جرائمه بحق الشعب السوري حيث كانت السياسة الروسية فاعلاً منذ البداية حيث شاركت بصياغة بيان “جنيف 1” ومن ثَمّ التوسط بين النظام والإدارة الأمريكية لتسليم السلاح الكيماوي للنظام بعد مجزرة الغوطة ثم شارك الروس بصياغة القرار 2118. أما استعمال حق الفيتو فكان حكاية وحده وبالتالي عدم تمكن مجلس الأمن من توجيه إدانة أو تحويل ملف الجرائم المرتكبة للمحاكم الدولية، وعندما لم تفلح كل تلك الجهود مع جهود ميليشيا الحرس الثوري الإيراني متعددة الجنسيات.. تدخلت القوات العسكرية الروسية بشكل مباشر والتي قالوا مراراً إنه لولا فعل ذلك لسقطت دمشق خلال أسبوعين.

ما أريد قوله أن رمز نجاح التدخل العسكري الروسي بسورية هو بقاء بشار الأسد في الحكم.. لذلك كانت الجهود الروسية تصبّ في ذلك الاتجاه بمنحيين اثنين… أولهما تغيير المعادلة العسكرية على الأرض لصالح قوات النظام وثانيهما سياسي دبلوماسي بالعبث بالقرار الدولي 2254 وتعطيل أي مسار جدي للحل واجتراح مسارات تضليلية لتقزيم القضية كمسار أستانا ومسار اللجنة الدستورية إلى أن وصل الحال إلى ما هو عليه الآن.

وبعد الغزو الروسي لأوكرانيا واستحالة أي تعاون أمريكي روسي بأي ملف من الملفات ومن ضمنها الملف السوري، وبسبب فشل الحرب الروسية بالمرحلة السابقة وفقدها لزخمها وبالتالي إمكانية تحولها لحرب استنزاف طويلة عسكرياً واقتصادياً.. وتوقع فرض عزلة دولية شاملة على روسيا، فإن روسيا بالتأكيد سيضعف دورها الخارجي خاصة في سوريا، ويبدأ التآكل يعتري دورها في سورية بل وفقد اهتمامها به باستمرار أمد الحرب وتداعياتها.. فإن النظام بذلك سيخسر حليفاً عالمياً قوياً كان له الدور الأكبر ببقائه جاثماً فوق صدور الشعب السوري.. وبالتالي قد يكون قرار العفو الأخير في محاولة من النظام لبدء مواجهة مرحلة جديدة أن روسيا بعد 24 شباط ليست كما قبلها.. وما عليه إلا التخلي المجاني عن ورقة المعتقلين التي كابر كثيراً للإمساك بها.. لأنه لا ظهر دولي يستند إليه الآن.

2- تعتبر المصالحات الجارية الآن في الإقليم بين قطر وبعض دول الخليج ومصر وتركيا مع السعودية والإمارات ومصر وإسرائيل.. وقبلها توقيع الاتفاقات الإبراهيمية.. إن هذه المصالحات التي تمت بين دول كانت على عداء فيما بينها.. تمت كلها تحت تأثير وصول رئيس ديمقراطي لسُدّة البيت الأبيض ومجاهرته برغبته بالعودة لإحياء الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس ترامب.. والتغول الإيراني لميليشيا الحرس الثوري بـ4 عواصم عربية بالإضافة لغزة.. واستهداف المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات عبر أدواتها وإلحاق الأذى بها، إضافة لأسباب أخرى جعلت أن هذه الدول الشرق أوسطية المهددة بتطاير شرر الميليشيات الإيرانية تعمل على إنهاء خلافاتها.. تحت عنوان وإن لم يكن ظاهراً الآن لكنه معروف للجميع لمواجهة المشروع الإيراني.. وسوف تتوج تلك المصالحات والتطبيع الذي تلاها بين الدول المتخاصمة ضمن منصة أو منظمة تنسيق أو تعاون أمني وعسكري يملأ أي فراغ ينجم عن تخفيف التواجد أو الاهتمام الأمريكي بالمنطقة.

ما حصل من تطورات إقليمية لا يصب بمصلحة نظام الأسد (أحد أذرع المشروع الإيراني).. وبالتالي مواجهة الدول مجتمعة لإيران وأذرعها ستمنع عليه أي مناورة باتجاه هذه الدولة أو تلك.. وبالتالي سيكون النظام أضعف بالتأكيد بمواجهة جواره.

3- إن حدوث الانسداد بمحاولة التوصل لاتفاق نووي بين الولايات المتحدة وحلفائها مع إيران أصبح أمراً واقعاً بالمدى المنظور الآن.. وسيعقب ذلك عدم وصول أموال للنظام السوري وتحمل تبعات الحروب الرمادية بين إسرائيل والولايات المتحدة من جهة وإيران من جهة أخرى والتي يدور القسم الأعظم منها فوق الأراضي السورية.. أو توجيه الميليشيات الإيرانية لرسائلها من الأرض السورية… كل ذلك سيجعل النظام أضعف من المرحلة السابقة بكثير.

أسباب داخلية

1- لا أظن لو أن الدور أو التأثير الروسي حاضر كما في السابق لما أصدر النظام قانونَيْ تجريم التعذيب والإفراج عن معتقلين، لأن الروس يأملون بالإمساك بتلك الأوراق للمساومة عليها مع الغرب وتركيا خاصة أن شبح إغراق تركيا وأوروبا باللاجئين عَبْر أيّ تصعيد بالشمال السوري يُعتبَر إحدى أدوات الضغط البوتينية.

شاهدنا مؤتمرين لعودة المهجرين عُقدا برعاية روسية كانا أقرب إلى المسرحية الهزلية.. إذ إن الروس لا يقبلون بأي موقف حقيقي يتعلق بعودة لاجئين أو إفراج عن معتقلين دون تنازُلات بإعادة إعمار أو إلغاء بعض المواد المتعلقة بعقوبات قيصر. وأنا أرى أن النظام رمى بتلك الورقة دون رضا الروس بل بدعم وتشجيع من الإيرانيين.

2- نعلم أن النظام السوري وحلفاءه يسعيان لإفراغ المعارضة السورية الرسمية من قوتها الشعبية ومحاولة قضم أراضيها الجغرافية وهو ما دأبت عليه روسيا والنظام وإيران من خلال قضم الأراضي بتفاهُمات أستانا، وذلك لتحويل المعارضة الممثلة للثورة السورية إلى معارضة بدون بُعد شعبي وتواجد جغرافي وتحويل مطالبها لأي معارضة أخرى كالحصول على بعض المناصب الوزارية بحكومة وحدة وطنية أو تعديل بعض المواد غير المؤثرة بالدستور أو ما شابه ذلك.

وإن قرار العفو الأخير يصبّ في هذا الاتجاه بحيث يسحب من يد المعارضة أهم ورقة أخلاقية وسياسية تلقى دعماً من المجتمع الدولي بدوله ومنظماته

3- أن الحديث الذي بدأ يتردد -وخاصة من المسؤولين الأتراك عن منطقة آمنة (غير معروفة المساحة والمواصفات حتى الآن) تتيح عودة طوعية للاجئين سوريين في تركية إلى الشمال السوري المحرر.. وبالتالي الاستفادة من دعم دولي حكومي ومنظمات مجتمع مدني بما لا يتعارض مع مفهوم التعافي المبكر الذي تقره قوانين الأمم المتحدة.. لا يروق للنظام الذي لا يرغب بتخفيف عبء اللجوء التركي عن الحكومة الحالية قبل الانتخابات لتعزيز فرص فوز المعارضة في انتخابات العام القادم والإيحاء  النظري بأن مَن يريد العودة بإمكانه العودة لبلدته أو قريته التي خرج منها بإسقاط كل الملاحقات ومذكرات الاعتقال والإفراج عن موقفين وبالتالي لن يعود أحد ويتم إجهاض المشروع الحكومي التركي وتبقى حكومة النظام أيضاً مستفيدة من برامج الإنعاش المبكر لإنشاء بنية تحتية وتأهيل المناطق المدمرة.

لا أعتقد أن لمجزرة التضامن التي كُشف عنها مؤخراً أي دور بإصدار ذلك القانون لأنه صدر في اليوم التالي، وقوانين كهذه تتم دراستها بالأفرع الأمنية والقصر الجمهوري لأشهر على الأقل.

وسيواجه النظام مُكرَهاً ما كان يخشى منه كأحد ارتدادات قانون العفو عليه وهو أن مَن اختُطف ولم تصدر شهادة وفاة بحقه ولم يُفرج عنه، المطلوب من النظام الإجابة عن مصيره ونأمل من الله أن لا يكون ذلك العدد بعشرات الآلاف الذين تمت تصفيتهم خلال الأعوام السابقة.

المصدر: نداء بوست

اقرأ أيضاً للكاتب:

لماذا تراجعت الخدمات الطبية في الشمال السوري؟