الأحد 14 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

استدعاء سري عاجل.. إيران ترث روسيا في سوريا

14 مايو 2022، 05:27 م
استدعاء سري عاجل.. إيران ترث روسيا في سوريا

د. باسل معراوي

كاتب وسياسي سوري

14 مايو 2022 . الساعة 05:27 م

 كان استدعاء رئيس النظام السوري إلى العاصمة الإيرانية طهران يوم الثامن من أيار الجاري بزيارة قصيرة سرية، يعلن عنها بعد انتهائها.. هو رسالة إيرانية للعالم مستنسخة فوتوكوبياً من شكل استدعاءات الرئيس الروسي السابقة لبشار الأسد إلى روسيا، بأن إيران قد ورثت الحليف المتورط بالمستنقع الأوكراني (والذي قد يغرقه) وأنها الوصي والراعي الآن لنظام الأسد.

 سوريا.. حصة استراتيجية ثابتة

ما أرادت طهران توجيهه للعالم بإجراء تلك الزيارة، خاصة للاعبين الذين يمرون من الملف السوري، بأن تدخلها فيه "أمراً استراتيجياً" لا تُغيّره ظروف دولية أو إقليمية، وليس دوراً تكتيكياً تؤديه، إنَّما يحمل كل الأبعاد الجيواستراتيجية لمشروعها في المنطقة. وبما أن نظام الملالي يعتبر سوريا حصة استراتيجية فلا بدّ من وضع الزيارة بأبعادها ودلالاتها.

أبعاد الزيارة

لا شكّ أن الملف السوري يتداخل مع ملفين دوليين مهمين يرتبطان به ارتباطاً مباشراً، وهو ملف الحرب الروسية في أوكرانيا، وملف إعادة إحياء الاتفاق النووي، وأيضاً لا يخفى على أحد تشابك الملفان الدوليان مع بعضهما.

أرادت طهران بهذا الاستدعاء أن تؤكد على استمرارية دورها المحوري برعاية النظام السوري  وإرسال رسائل للعالم، ولثلاثي أستانا المزمع عقد جولة قريبة له، ولأمريكا والمجموعة الغربية بعد نقض عقد الرعاية المبرم (وغير المعلن) مع روسيا، بوصايتها على الملف السوري قد انتهى من خلال استبعاد روسيا عن مؤتمر مستقبل سوريا والمنطقة الذي عقد في بروكسل يومي 8و9 أيار الحالي، وعدم استبعاد إيران منه دلالة على اعتراف دولي برعاية إيرانية للنظام السوري ووصاية عليه بعد استبعاد موسكو من ذلك.

والرسالة لمجموعة أستانا وتركيا بالتحديد بأن وراثة المواقع العسكرية الروسية وملء الفراغ بعد سحب روسيا لبعض تشكيلاتها العسكرية، وأن تركيا لا يمكنها التمدّد على حساب تراجع الدور الروسي، بل أخذها بعين الاعتبار أن الميليشيات ذات التابعية الإيرانية الموجودة على الأرض لن تتأثر بأي حظر جوي تركي تم فرضه على الطيران الروسي، وأن بروبوغاندا القصف الجوي وكثافته وعنفه هي السبب بالنجاحات العسكرية التي تم تحقيقها بعد 30 أيلول 2015. ليعود الفضل بها بشكل رئيسي للتشكيلات البرية الإيرانية، لأن القوات الجوية الروسية طبقت نفس الخطة في أوكرانيا وفشلت قواتها البرية بتحقيق أي تقدم جوهري على الأرض.

 إن ذلك يعني إضافة ملف ساخن آخر للملفات بين البلدين، خاصة أن الاشتباك جاري اليوم في العراق بين الجيش التركي والمنظمات الإرهابية الكردية التي يدعمها الحرس الثوري الإيراني في شمال إقليم كردستان وقضاء سنجار.

دلات الزيارة

توجيه طعنة مباشرة لكل الجهود والأحلام والأوهام التي تحاول فصل الأم عن الجنين وقطع الحبل السري الذي يربط بينهما، وبالذات للجهود الإماراتية والتي وصلت لحد دعوة بشار الأسد لزيارة أبو ظبي في سابقة هي الأولى من نوعها منذ انطلاق الثورة السورية واقتصار زيارات رأس النظام السوري على موسكو وطهران.

إن طي صفحة عودة النظام للعرب وجامعتهم على حساب العلاقة مع إيران جسدتها تلك الزيارة والتي كان بيانها الرسمي يُشيد بالإنجازات السابقة التي تحقّقت لمحور المقاومة اتجاه الكيان الصهيوني، وبما أن إيران تصدر طاقتها القصوى من النفط الآن -بغض نظر أمريكي- فإن خزينتها التي يصلها القطع الأجنبي قد فُتحت اعتماداً عبر بنك الصادرات الإيراني بقيمة مليار دولار لنظام الأسد بحيث تعوض النقص الذي سيحصل نتيجة توقف الدعم الروسي، وخاصة على مستوى الطاقة والمواد الغذائية.

أيضاً تخشى القيادة الإيرانية من أن تلجأ الولايات المتحدة لاستعمال الملف السوري بالضغط على روسيا ومضايقتها بها، لذلك قدمت نفسها كممسك بالورقة السورية بمعزل عن روسيا. وبالتالي لا يغيب دعم دمشق اقتصادياً مقابل قرارات أمريكية ستصدر قريباً من الخزانة الأمريكية تُعفي قطاعات مهمة من عقوبات قانون قيصر في مناطق شرق الفرات وبعض مناطق غرب الفرات، لدفع عجلة التنمية وانسياب رؤوس الأموال للنهوض بالحالة الاقتصادية مع استمرار القيود على نظام الأسد، وربما تشديدها أكثر بمنع تزويد النظام بالنفط والغاز والقمح من منطقة الجزيرة السورية الخاضعة للنفوذ الأمريكي.

إن العبارة الصادرة بالبيان الختامي لزيارة الأسد طهران، بأن العلاقات ستدخل مرحلة جديدة يمكن فهمها بأن علاقات النظام مع المحيط يمكن لها أن تعود برغبة أو ضوء أخضر إيراني، كتلك الدعوات التي كانت تطالب بضم سوريا إلى محور الشام الجديد الذي يضم العراق والأردن ومصر، أو أي اتفاقات بينية قد تحصل مع الأردن ومصر، إذا ما أرادا توصيل الغاز العربي والكهرباء إلى سوريا ولبنان.

 كما لا يمكن إغفال جملة وردت بالبيان الختامي تعبّر عن دعم طهران لدمشق بمحاربة الجماعات الإرهابية المتواجدة على أراضٍ سورية بدعم دول أخرى.. في إشارة من طهران لاعتبار الوجود التركي والأمريكي في سوريا كقوى احتلال تدعم فصائل إرهابية، وذلك كموقف إيراني من كل القرارات الدولية المتعلقة بالمسألة السورية ومسارات التفاوض المنبثقة عنها.

 ما يمكن استخلاصه من شكل ومضمون زيارة بشار الأسد لطهران ولقائه بالمرشد خامنئي والرئيس الإيراني، هو رسالة إيرانية للعالم مفادها بأن سوريا هي واسطة العقد بالهلال الإيراني وأنها حصة استراتيجية لا يمكنها التفريط بها. وننتظر أن تنعكس نتائج الحرب في أوكرانيا ومآلات الاتفاق النووي والمحور الجنيني الإقليمي الجاري تشكيله بالمنطقة والاهتمام الأوربي بالمنطقة الحيوية لأمنها وطاقتها.. كل ذلك سيترك آثاره على المسألة السورية بالتأكيد.

اقرأ أيضاً للكاتب:

أسباب خارجية وداخلية وراء صدور قانون العفو