الخميس 04 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98
...

هل يحب شباب تركيا أردوغان؟

22 مايو 2022، 08:09 م

المعادلة الصعبة

وأنا أتابع الحب الذي استقبلت به الجماهير الرئيس التركي الطيب أردوغان خلال مشاركته في مهرجان الشباب في أضنة.. استوقفتني كلمة شباب.. وتفحصت الصور لأتأكد أن الحاضرين شباب، لأنني شهدت في عدة بلدان من بلدان الربيع المسروق حافلات رسمية تجمع الموظفين الذين اقترب تقاعدهم وقدماء المتملقين لتملأ بهم مدرجات المهرجانات السياسية.. لكن في صور أضنة كانوا فعلاً شباباً!.

رغم أن بعض المتابعين للشأن التركي تحدثوا عن جيل جديد لا يحب أردوغان لأنه حسب تحليلهم لا يدرك  إنجازاته، جيل ولد في الرخاء ولم يعش السنوات العجاف التي نجح أردوغان في إخراج تركيا منتصرة منها، إلا أن جولات الرئيس التركي لحضور مؤتمرات الشباب فندت ذلك ونجح نظام أردوغان في تحقيقع معادلة ربما لم تنجح حتى أقوى الأنظمة في تحقيقها، أن تستقطب الشباب لرئيس، أن تجعلهم يفتخرون به ويحترمونه و يحبونه كأب روحي للوطن.. كزعيم..

 الاستثمار الواعد

أغلب الشباب في بلداننا يكرهون الأنظمة والرؤساء والسياسة والساسة.. أغلبهم ناقم أو ساخط أو معتزل لا يحب أن يسمع أو يعرف عن ومن المسؤولين شيئاً، اعتزل إما لأنه يعرف الحقيقة لكنه عاجز عن التغيير أو أنه يخاف المواجهة أو يائس مل من دفع الثمن مراراً دون نتيجة.. أغلب الشباب في بلداننا مشروع ثورة غاضبة بسبب القمع والظلم والحرمان بما فيهم ذاك "الخواف" الصامت المعتزل حتى هو يكبت بداخله غضبا لو وجد الفرصة لانفجر.

فكيف استطاع الرئيس التركي أن يحظى بهذا الحب وأن يجعل الشباب يحبونه ويدافعون عنه بأرواحهم، وقد رأينا قبل سنوات شباباً في عمر الزهور  يواجهون الدبابات دفاعاً عن هذا الرجل.. كيف حول مشاريع الثورة  الغاضبة بداخل الشباب إلى مشاريع  بناء.

ببساطة لأن نظام أردوغان استثمر في الشباب فملك مفتاح قلوبهم، ذاك المفتاح هو جعلهم يحسّون بالانتماء للوطن فيشاركون في بنائه، أن تعطيهم حقوقهم ليحسوا بواجباتهم، قال لي أخ مصري: "يكفي أن نرى الأحياء الجامعية والمركبات العلمية والثقافية والرياضية في تركيا لنفهم مدى اهتمام نظامها بالشباب".

دولة المؤسسات

الحقيقة أن نظام أردوغان هو مؤسسة متكاملة ركزت على زاراعة مشروع النهضة التركية في كل شيء.. في المسلسلات والأفلام والأغاني في مخرجات الرئيس.. في تسويق تصريحاته داخلياً وخارجياً.. في إحاطة هذا المشروع بهالة العمق التاريخي وبريق المستقبل الواعد.. ونجح ذلك.. رغم كل العقبات نجح، من زار تركيا سيؤكد لك مدى اعتزاز الأتراك بتركيتهم، على عكس شباب بلدان أرهقتهم المقاومة الخاسرة و خيبات الفرص الضائعة فأصبحوا بدون انتماء.

في بداية حراك وطني الغالي الجزائر توقفت الهجرة غير الشرعية أو ما يسمى قوارب الموت، توقفت بقرار شعبي لا شعوري لأن الشباب لفترة أحسوا أن هناك أمل وفرصة في وطن تكون لهم فيه حرية وحق وواجب البناء، لفترة اشترك لاوعي ووعي الشباب في قرار البقاء لصناعة التغيير.. ثم تلاشى الحلم بعد اعتقال العشرات وعادت رحلات الموت وزادت وتضاعفت بزيادة عدد المتابعات القضائية في حق النشطاء والإعتقالات وكأنها متلازمة طردية.

وهذا يثبت ويؤكد أن هؤلاء الشباب لو وجدوا فرصة فسيكونون قوة واستثماراً حقيقياً لأي مشروع  وطني يريد بناء أمة، لكن للأسف أغلب الأنظمة تتعامل مع فترة توليها الحكم بنظرة ظرفية آنية، تبحث عن توفير السلام والسلم لنفسها بدل التفكير في بناء السلام والسلم لمستقبل الوطن.

أقول هذا، وكلي أمل أن تجد كلماتي مكاناً في مستقبل وطني وبقية البلدان الجريحة، فالقمع قد يمنح النظام القائم هدوءاً وطاعة وخضوعاً، لكنه يصنع جرحاً في جسد الوطن ستدفع الأجيال القادمة ثمنه، وهنا نعود للنظام التركي الذي عمل دائماً بخطط مستقبلية تستثمر في الشباب لأنهم المستقبل،  يقولون أنه حين سئل أردوغان عن إغلاق الحانات رد: "همنا ليس إغلاق الحانات بل تربية جيل لا يدخلها" لست متأكدة من التصريح لكن هو تجسيد للمفهوم أو الفلسفة التي يتبناها النظام التركي وتوضيح للفرق بين الحل الآني والذي لن يزيد الطين إلا بلة في مجتمع علماني، والحل البعيد المدى الذي يبني لبنة لبنة وعي أمة. 

ولست هنا أقدس نظام أردوغان فسيبقى اجتهاداً بشرياً له ما له وعليه ما عليه، ولكني أتحدث عن تجربة جديرة بالدراسة، لرجل تجمعت المؤامرات ضده و خاض ويخوض  حروبا باردة وساخنة داخليا وخارجيا و لكنه لا يزال يحصد حب شعبه وخاصة الشباب منهم.

ملاحظة : أنا لا أؤمن بالقوميات العرقية وأؤمن أن من زرعها فينا عدو يبعدنا عن أهم ما يجمعنا ولكني أتحدث بعقلانية المتاح حالياً.. أن يصلح كل ذي بيت بيته..