السبت 06 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98
...

طبيعة الخراف والخراف البشر

08 يوليو 2022، 11:51 م

بطبيعة الحال إذا ما أردنا وصف الخراف وراعيها من منطلق الوعي

 فيهرب الخروف عندما يرى الراعي يحمل العصا بيده للتخلص من مصدرالأذى

وهو يهرب في كل مرة للسبب ذاته وتعلم هذه الطبيعة من أبويه عندما كان يشاهد هروبهم من حامل العصى.

وربما حامل العصا أو في الغالب لا يقصد ضربه أو إيذائه بل يريد أن يرشده إلى مكانه الصحيح أو يدله على طريق العودة

إذا ما أبتعد عن الديار وفي النتيجة نستنتج أن الأمر كله يصب في مصلحة ذاك الخروف الهارب

لكن لو أردنا تحديد المشكلة سنجدها هي في عقل الخروف نفسه

لأن هذاالحيوان اكتسب هذه السلوكية ممن هم أكبر منه من القطيع فلا عقله ولا عقل الأكبر منه

يستطيع استيعاب فكرة الراعي

وذلك بسبب الفرق الشاسع بين عقل الراعي وعقل الخراف.

 نفس الشيء بين الفرد الواعي المتحرر والفرد العبد المقيد فعندما يَبُت الواعي بأفكاره

التي تصب في مصلحة المجتمع ككل

والفرد  العبد بشكل خاص ليرشده إلى طريق الصلاح والتحرر نعته ذاك الجاهل المقيد بالكلام الجارح

وتهجم عليه أو هرب منه ولا يريد رؤيته مرة أخرى لأنه التقط ممن هم أكبر منه عمرًا "فقط"

أن الحديث مع أمثال هؤلاء الإفراد "الواعين"

يشكل خطرًا جسيمًا على إيمانه والتزامه وتوجهها العقائدي أو العشائري الذي تمسك به الآباء والأجداد وممن سبقهم واللاحقين أيضًا

فيبقى ذلك الواعي مذمومًا مكروهًا محتقرًا في نظر هذا الفرد المستعبد المقيد الفكر وتستمر هذه الدوامة إلى جيل بعد جيل

وتبقى هذه الفكرة "فكرة عدم مناقشة الواعي" شرط من شروط الالتزام المفروض عليه

كونه فرد وسط مجموعة تؤمن بعادات وتقاليد وقواعد لا يمكن الخروج عنها

حتى وإن كان لا يفهم تداعياتها ودوافعها لأنها ستسبب له الإنجرار خلف أفكار العلمانية أو الماسونية أو الفكر التكفيري المجرد من التدين

أو غير هذه التسميات الباطلة الكثيرة.

 يجب أن تبقى شريحة كبيرة من المجتمع تحت فكرة النقاش والجدال ممنوع والتحري

والبحث جريمة يعاقبك الله عليها يوم الحساب

وهذا هو ما نُقش منذ الصغر، نُقش في أدمغة هؤلاء المجموعات حتى لا تتفتح بصيرتهم ويرون حقائق الأمور

لكونهم مادة جيدة ونافعة لمطامع كثيرةيستفيد منها من يستفيد

لكن في الواقع هذه الفئة المستعبدة المقيدة هي أحد النعم التي جاءت إلى المتفتحين المتنورين

فلولا ظلالة هؤلاء لما بحث الواعين وغمروا أنفسهم في البحث من أجل نجاة هذه الفئة من مجتمعهم

إذن هذه الجماعة المقيدة الفكر هم الدافع الذي يحرك الجماعة المتفتحة الفكر

فإذا أصبح الجميع متفتحين متنورين فلا داعي للبحث والتحري وإيجاد الحقائق وطرحها

لأن جميعهم سائرون على نهج صحيح وقويم فلا داعي للمجادلة والنقاش، إلا أن ظلالة هؤلاء نعمة على المتفتحين لا العكس.

وربما يسأل أحد القراء هل أن جهل البعض يعتبر نعمة أم نقمة؟ 

بالتأكيد نعمة، فلولا المجتمع الجاهل لما تحرك المجتمع العاقل

وهنا نصل إلى نتيجة أن راعي الخراف حين يحمل عصاه لا يريد إيذاء الخراف

بل يريد إرشادهم إلى الطريق الصحيح

والفكرة ذاتها مع الواعي والجاهل فالجاهل يرى الواعي كما يرى الخروف الراعي

فالخروف يرى الراعي وفي يده العصا كعدو مؤذي، والجاهل يرى العاقل زنديق أو ملحد أو شيء من هذا القبيل الذي يريد به الأذى. 

إن مهمة الواعي المتحرر الفكر هي كمهمة راعي الأغنام وواجبه إيصال هذا القطيع من الخراف البشرية إلى جادة الصواب

وأطلقت عليها "بالواجب" لأن من مهام الواعي إنقاذ محيطه فيقع عليه الاجتهاد والتعب

كما يتعب راعي الأغنام في الهرولة خلف خرافه إلى أن يعود بهم إلى الصواب

 وحين يروى الجاهل المقيد أنه وصل إلى مكان يأويه دون أذى وظل يستتر تحته

يشعر بأن عقله الصغير لم يسعفه في معرفة نية الواعي المتحرر كما يفعل الخروف عندما يصل إلى حضيرته بعد الانتهاء من رعيه

ففي المجمل تبقى مهمة الواعي مجابهة الجهل لا الجاهل

فالجاهل مسؤولية المتفتح الواعي في إنقاذه من دوامة الجهل والظلال

وهذا الظلال أيضًا له مريديه ومورديه ويبقى يحارب من أجل بقاء الجاهل على جهله

وبذلك يبقى الواعي المتحرر في معركة ضارية من أجل إنقاذ فئة الجُهل من مجتمعه كمعركة من أجل البقاء.

وفي الحقيقة هي معركة من أجل البقاء فالواعي المتحرر إذا أراد البقاء

عليه الاستمرار بمعاركه ضد الجهل ليخلق لنفسه بيئة تستوعب عقله ومفهومياته

حتى لا يفنى ويفنى بعده كل شيء...

لذا فالعملية سلسلة مترابطة بين المجتمع الواعي يكمله المجتمع الجاهل

إلى أن تستمر هذه الحركة الجدلية المريرة والتي لولاها لنُسف الكون

 فالكون نشأ على جدل وعدم الاستقرار، والجدل وعدم الاستقرار واحدة من أعظم نعم بقاء الأمم.