السبت 16 مارس 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.06 ليرة تركية / يورو
39.73 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.62 ليرة تركية / ريال قطري
8.37 ليرة تركية / الريال السعودي
31.39 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.06
جنيه إسترليني 39.73
ريال قطري 8.62
الريال السعودي 8.37
دولار أمريكي 31.39

بوادر حرب شيعية–شيعية في العراق.. ما مدى تأثيرها على سوريا؟

05 اغسطس 2022، 11:20 م
بوادر حرب شيعية–شيعية في العراق.. ما مدى تأثيرها على سوريا؟

د. باسل معراوي

كاتب وسياسي سوري

05 اغسطس 2022 . الساعة 11:20 م

يعتبر العراق ركيزة محور إيران الإقليمي.. ولم تتحول إيران إلى دولة إقليمية مهمة إلا بعد إسقاط نظام الرئيس العراقي الراحل (صدام حسين) حيث تمدد مشروع ولاية الفقيه غرباً.

ولاشك أنّ قيام الولايات المتحدة بإسقاط نظام طالبان في أفغانستان بعد ضربات 11 أيلول عام 2001 قد أزاح عبئاً ثقيلاً عن كاهل إيران.. لكن مشروع ولاية الفقيه لم يتمدد شرقاً بالرغم من جود بيئات شيعية كبيرة في أفغانستان وباكستان والهند، آثرت الثورة الخمينية بتصدير مشروعها غرباً إلى الشيعة العرب والبدء بتنفيذ هلالها الشيعي.. مع أن أغلب الباحثين لا يجدون تفسيراً لتحوّل الاستراتيجية الفارسية، إذ أن الامبراطوريات الفارسية عندما كانت تقوى كانت تتمدد شرقاً.

حكمت الأحزاب والميليشيات الموالية لإيران العراق منذ 2003.. بتخادم مع القوات الأمريكية الغازية أحياناً وبتنافس أحياناً أخرى.. انطلاقاً من العراق بدا محور إيران الإقليمي بالتشكل حيث ضم إليه الأراضي الخاضعة لسيطرة النظام السوري، ولبنان.

كانت ثورة أو انتفاضة تشرين 2019 بداية تبلور لرفض الحاضنة الشعبية الشيعية العراقية بالوسط والجنوب لمشروع ولاية الفقيه ونموذجه الذي السياسي والاجتماعي والاقتصادي فقد سئم الجمهور الشعارات الدينية الجوفاء وارتهان العراق ومقدراته الهائلة (خامس احتياطي نفطي بالعالم وثالث أكبر منتج له) لفساد الطبقة السياسية وميليشياتها والتي عاثت فساداً ونهبت خيرات البلد ولم تستطيع الحكومات المتعاقبة الموالية لإيران من تأمين الحد الأدنى من الخدمات كالماء والكهرباء والصحة والتعليم وفرص العمل.

واجهت الميليشيات الحاكمة المنتفضين بكل وحشية فقتلت الآلاف منهم وفُقد العشرات وجرح حوالي الثلاثين ألفاً.

الحدث الأبرز كان في 3 كانون ثاني/يناير 2020 عندما قتلت القوات الأمريكية حاكم العراق الحقيقي قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري وزميله أبو مهدي المهندس القائد الحقيقي لميليشيات الحشد الشعبي (الشيعي) ذات الولاء للحرس الثوري الإيراني.

لم يستطع الحرس الثوري تعويض غياب القتيلين لامتلاكهما كاريزما خاصة وشرعية تاريخية كانت هي التي أسست كل الميليشيات المتواجدة على الساحة العراقية.

دفعت الأحداث رئيس جهاز الاستخبارات العراقي مصطفى الكاظمي لتبوأ متصب رئاسة مجلس الوزراء (وهو أهم منصب تنفيذي بالعراق حيث هو القائد العام للقوات المسلحة).. ويعتبر السيد الكاظمي أول رئيس وزراء عراقي بعد 2003 لا ينتمي لحزب الدعوة الموالي لإيران.

تمكنت حكومة الكاظمي من إجراء انتخابات نيابية (تعتبر الأنزه بتاريخ العراق الحديث)، ورغم المقاطعة الشعبية التي وصلت إلى 75%، فقد أفرزت نتيجة الانتخابات فوز التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر بـ 74 نائباً وحصل حزب الدعوة على أقل من نصف ذلك العدد.. وبات الصدر صاحب الكتلة البرلمانية الشيعية الأكبر.

وينص الدستور على أنّها ستسمي رئيس الوزراء المقبل.. وتحالف الصدر مع كتلة النواب من العرب السنة وكتلة نواب الأكراد التابعين للسيد مسعود البرازاني، بما سمّي "تحالف إنقاذ وطن" أو "التحالف الثلاثي". وأعرب عن رغبته تأليف حكومة بأغلبية وطنية، ولم يوافق على إشراك كتلة نواب الإطار التنسيقي بالحكومة. وكان يهدد بتحويل الفاسدين منهم للقضاء (وخاصة نوري المالكي الذي سلم الموصل لـ داعش) إضافة لنيته حل هيئة الحشد الشعبي وحصر السلاح بيد الدولة.

تم تعطيل جهود الصدر وتحالفه لتشكيل الحكومة طيلة عشرة أشهر ما اضطره لسحب نوابه من البرلمان وتقديم استقالاتهم.

يعتبر الصدر نموذجاً للشيعي العربي الذي يرفض ولاية الفقيه الدينية الفارسية ومشروعها السياسي وهو الوحيد بالعراق القادر على تحدّيها.

فشلت كل جهود الحرس الثوري لإقناع الصدر بالتوافق مع الإطار التنسيقي الموالي لإيران لتشكيل حكومة توافقية تعتبر امتداداً للحكومات السابقة وتخضع للهيمنة الإيرانية.

جاءت تسريبات المالكي الأخيرة التي هاجم فيها الحلفاء والأعداء وخاصة مقتدى الصدر لتكون القشة التي قصمت ظهر البعير.

حيث دفع ذلك مع الاحتقان الشعبي المتزايد من قاعدة التيار إلى اجتياح المنطقة الخضراء (وهي المربع الأمني والحكومي والدبلوماسي) واحتلال البرلمان وتعطيل أي جلسة لانتخاب رئيس جمهورية يكلف شخصية من الإطار التنسيقي لتشكيل الحكومة، حيث تنتقل القيادة العامة للجيش والقوات الأمنية إليه.

يعتبر رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال مصطفى الكاظمي حليفاً للصدر ومرشحه المفضل (حالياً على الأقل) للقرار التنفيذي الأول بالعراق.

لا شك أن اعتصام أنصار الصدر بالمنطقة الخضراء وإذاعة الصدر نفسه للببان رقم واحد هو زلزال سياسي، بل استراتيجي على محور إيران كله.

لا يخف الصدر مطالباته بتغيير النظام السياسي بالعراق وإخراجه من هيمنة ولاية الفقيه.. وبالتالي القضاء على ميليشيات الحشد الشعبي الموالية للحرس الثوري والتي أثبتت أنها عصابات مسلحة فاسدة لا تملك بعد شعبي حقيقي.

أفشلت حركة الصدر انقلاب ميليشيا الحشد الشعبي على الحكومة الحالية كنسخة طبق الأصل من انقلاب ميليشيا الحوثي في اليمن، أو الإسراع بتشكيل حكومة إطارية تخلّف حكومة الكاظمي.

لن تسلّم ميليشيا الحشد نفوذها ومكاسبها بسهولة وهي لا تملك إلا السلاح والذي سيكون بمقابله سلاح ميليشيا الصدر المعروفة بسرايا السلام التي ورثت جيش المهدي، وسلاح الجيش والقوات العراقية العسكرية والأمنية، إضافة إلى تأييد كاسح من حلفاء الصدر العرب السنة وأغلبية الأكراد.

ليس معروفاً كيف ومتى تبدأ الحروب الأهلية وكيف ومتى تنتهي.. لكن نعرف الآن أن كل أسباب اندلاعها باتت جاهزة وتنتظر الشرارة الأولى لتصل إلى العشب الجاف.

منذ بدايات الثورة السورية، أرسل قاسم سليماني الميليشيات العراقية لدعم ميليشيات الأسد.. وهي تتواجد بكثرة وتنتشر من المنطقة الشرقية إلى الوسطى إلى الجنوبية وأهمها ميليشيا النجباء وأبو الفضل العباس وغيرها من الميليشيا المجرمة، والتي تشكّل العمود الفقري للتواجد الإيراني الداعم للنظام السوري.. حيث يعتبر انتشار ميليشيا حزب الله اللبناني نوعياً وبدون كثافة عددية ويتولى مهمات القيادة والاتصال وغيرها ولا يستطيع سد أي نقص محتمل على الأرض نتيجة انسحاب أجزاء مهمة من تلك الميليشيات لمناصرة الميليشيا العراقية الأم في الحرب الأهلية الوشيكة.

وهذا سينعكس سلباً على أي مشاريع مستقبلية للنظام وحلفائه للإمساك بالأرض الواقعة تحت سيطرتهم حالياً، أو إن كان بمخيلتهم التوسع بغيرها.

يمكننا اعتبار أن عام 2022 كارثياً على نظام الأسد. حيث تورط داعمه الروسي في حرب ضروس في أوكرانيا ونطح بقرونه العجينية جدار الناتو الصلب فأدمى نفسه وسيدمي تابعيه.. وتورط حليفه الإيراني بمشكلة عدم توقيع الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة وستفتح عليه بخاصرته المؤلمة حرباً شيعية - شيعية ستطيح بنفوذه ليس في العراق فحسب، بل في ما بعد العراق أيضاً.

اقرأ أيضاً: مقتدى الصدر ينسحب من العملية السياسية وسط أزمة لتشكيل الحكومة العراقية

شاهد إصداراتنا: