السبت 04 مايو 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.92 ليرة تركية / يورو
40.78 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.89 ليرة تركية / ريال قطري
8.62 ليرة تركية / الريال السعودي
32.35 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.92
جنيه إسترليني 40.78
ريال قطري 8.89
الريال السعودي 8.62
دولار أمريكي 32.35

مهزلة الحل السياسي في سورية وخطورة القرار 2254 (11)

18 سبتمبر 2022، 05:51 م
مهزلة الحل السياسي في سورية وخطورة القرار 2254 (11)

الدكتور عبد المجيد الويس

أكايمي وباحث في مركز آرام للدراسات والنشر

18 سبتمبر 2022 . الساعة 05:51 م

قرارات مجلس الأمن والفيتو الروسي الصيني،

 ودور السعودية في إنقاذ بشار الأسد، ونظامه وحمايته

 

      لما شعرت إحدى الدول الخليجية الكبرى - زعيمة محور الشر الخليجي سيء الصيت- بالخطر الكبير الذي يحيط ببشار الأسد من كل جانب، تحركت بعدة اتجاهات لإنقاذه من الهلاك، فأرسلت وزير خارجيتها المقبور ورئيس مخابراتها، إلى موسكو وعقدوا صفقة مع بوتين بتعطيل أي قرار أممي مقابل مبلغ مالي كبير بلغ 15 مليار دولار، أعلن ذلك رسميا، وكان ظاهر الاتفاق اقتصادي، وباطنه دعم بشار سياسيا بالفيتو، وعسكريا بالسلاح والعتاد، وفيما بعد بالتدخل العسكري، وكذلك دعم المالكي مجرم العراق، وقاتل السنة، وحفتر ليبيا، وغيره من الحكام الطغاة.

       ثم قاما بعدما أنجزا مهمتهما في موسكو بالتوجه إلى فرنسا، ومنها انطلقا  بجولة أوربية مفادها أن سقوط بشار سيشكل كارثة على المنطقة وستتهدد عروش كل الطغاة العرب بالسقوط والزوال، ويهدد أولا وقبلهم الكيان الصهيوني، ومصالح الغرب عموما، ولذلك يجب إيقاف أي توجه أممي لمعاقبة بشار وإزاحته عن السلطة، ومن ثم دعمه وتثبيته والمحافظة عليه.

   وعملت السعودية على سحب الملف من يد قطر، واستلمته منها، وفعلت به ما فعلت، وعملوا على تمزيق صفوف المجاهدين، وتمكين ضعاف النفوس الذين أرسلهم بشار الأسد نفسه ليكونوا عونا له، واستوزروهم واغدقوا عليهم الأموال، وصنعوا منهم قادة، وأبعدوا القادة الشرفاء، فأمسكوا بخيوط المعارضة السياسية والعسكرية، وحرفتها بالاتجاه الذي تريد.

     وقف الروس والصينيون في مجلس الأمن أمام كل قرار ضد بشار الأسد ومنعوا تمرير كل قرار يطالب بتنحيته ومحاسبته، وعملوا على اللعب بعامل  الزمن عله يلتقط أنفاسه، ويقضي على الثورة.

       كان الروس قد قبضوا الثمن مقدما، وأما الصينيون فقد كان وزير خارجيتهم يطير من نيويورك إلى الدولة الخليجية؛ فيستقبله المقبور وزير خارجيتها، ويخرج بعد اللقاء بيانا مشتركا يقول بأن استخدام حق النقض الفيتو من قبل الصين لا يؤثر على العلاقات بين البلدين.  

التصويت الأول لمجلس الأمن: حيث منعت روسيا والصين عدة محاولات لاستصدار قرارات من المجلس الذي يضم 15 عضوا؛ خمسة منهم لهم العضوية الدائمة، ويتمتعون بحق النقض الفيتو، هم أمريكا وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا.

     ففي أكتوبر/تشرين الأول 2011 وفبراير/شباط 2012 وقف الفيتو الروسي الصيني أمام قرار أممي يدعم خطة الجامعة العربية التي كانت تنص على تنحي الرئيس السوري بشار الأسد وتسليم سلطاته إلى نائبه.

    وندد مشروع القرار المجهض بالانتهاكات الفاضحة والمعممة لحقوق الإنسان التي يرتكبها النظام السوري، ودعا إلى الوقف الفوري لأعمال العنف ضد المتظاهرين.

     وقد اعترضت روسيا والصين على مشروع القرار الأوروبي يدين سورية ويلمح إلى إمكانية فرض عقوبات عليها إذا استمر قمعها الدموي للمحتجين.

     وأيدت تسع دول مشروع القرار وامتنعت عن التصويت أربع دول هي البرازيل والهند ولبنان وجنوب افريقيا.

      وكان مشروع القرار نسخة مخففة من مسودات سابقة تضمنت تهديد سورية بعقوبات إذا تجاهلت المطالب الدولية بوقف قمعها للمحتجين.

    وحذفت من المسودات اللاحقة كلمة عقوبات، إلا ان هذا لم يكن كافيا لإرضاء روسيا والصين.

التصويت الثاني لمجلس الأمن: وتم فيه أسوأ استخدام للفيتو أمام أهم قرار كان سيصدر من مجلس الأمن، وينهي حقبة سوداء من تاريخ سورية الحديث، لكن المال الخليجي حال دون ذلك، حيث استخدمت روسيا والصين أيضا حق النقض الفيتو ضد القرار العربي الغربي الذي يدعم خطة جامعة الدول العربية المتضمنة تسليم السلطة إلى نائب الرئيس السوري بشار الأسد؛ لإتاحة الفرصة أمام عملية التحول الديمقراطي في المجتمع السوري، واحتجت روسيا بأن مشروع القرار غير مناسب، ويمثل محاولة منحازة "لتغيير النظام" في سورية، وصوتت باقي الدول الأعضاء الـ 13 لصالح القرار في 4/2/ 2012م.

     تم ذلك بمسرحية استعراضية بين الإخوة الألداء، محكمة الإخراج حيث اشتعلت حرب كلامية بينهم حتى لكأنك ترى معركة كلامية حامية الوطيس، ولتظن بعدها أن تقوم حربا عالمية، وكله كان مهزلة متفقا عليها بين الروسي والأمريكي وبينهما الصيني والفرنسي والبريطاني، وبقية المشاركين.. ثم تنتهي الجلسة وينتهي معها حلم كبير راود شعبا مظلوما وأمة جريحة مهانة مستعبدة، وينتصر المال الخليجي، والقرار الصهيوني، والأيدي المجرمة الملوثة بدماء العرب والمسلمين إلى قتل بارقة الأمل التي راودتنا ومازالت تراودنا.

التصويت الثالث لمجلس الأمن: وفيه تكرر الفيتو المزدوج، الصيني والروسي للمرة الثالثة في 18/07/2012، ضد مشروع قرار يهدد بفرض عقوبات على النظام السوري في حال عدم توقفه عن استخدام الأسلحة الثقيلة ضد المدنيين، ثم عاد ساسة روسيا والصين.

  • إن الرسالة التي أراد الساسة الروس والصينيون إرسالها هي أنهم مستعدون لاستخدام الفيتو ضد أي قرار دولي مازال الخليجي يدفع والميزان التجاري يتحسن لصالحهم وما زالوا هم على مواقفهم الداعمة بلا حدود للنظام، وأنهم مستعدون لتغطية جميع الجرائم التي يرتكبها ضد غالبية السوريين منذ أكثر من ثلاث سنوات، بما فيها جرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة، التي تتطلب المحاسبة حسب جميع مواثيق وأعراف القانون الدولي.

التصويت الرابع لمجلس الأمن: في 23/5/2014،

بعدما تفاءل الناس كثيرا حين بدا أن إجماعا حصل بين هذه الدول على القرار 2118، الخاص بإزالة ترسانة النظام السوري من الأسلحة الكيميائية، الذي اتخذ في 27 سبتمبر/أيلول الماضي، والقرار 2139، الذي اتخذ في 22 فبراير/شباط 2014، لتخفيف المعاناة التي يعيشها الشعب السوري، ولفك الحصار المطبق، وغير الإنساني على كثير من المناطق السورية، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى كل المناطق المتضررة في سورية.

   ولكن الروس والصينيين استخدموا حق النقض الفيتو للمرة الرابعة، ضد مشروع قرار، ينص على إحالة ملف الجرائم المرتكبة في سورية إلى المحكمة الجنائية الدولية، في حين صوتت 13 دولة الباقية لصالح القرار.

     نائب الأمين العام للأمم المتحدة يان إلياسون شدد نيابة عن الأمين العام بان كي مون في بداية الجلسة على «تجديد الدعوة إلى المحاسبة على الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب في سورية»، داعياً مجلس الأمن الى «تحمل مسؤولياته الكبرى لتحقيق العدالة»

     وجاء هذا القرار ردا على تمادي النظام المجرم في حرب الإبادة وارتكابه مختلف الخروقات وأشكال الجرائم التي تمارس بحق السوريين في المعتقلات والسجون، إلى جانب جرائم التعذيب، والاختفاء القَسري، والعنف الجنسي، والسجن التعسفي، والاضطهاد، وقد انتشرت عشرات آلاف الصور والفيديوهات التي تظهر التعذيب والقتل الممنهج الذي يرتكبه النظام بحق المعتقلين السوريين، فعمل الروس والصينيون من خلال الفيتو على تعطيل مفعول القانون الدولي في الأزمة السورية، وإفشاله في توفير الحماية للسوريين، وإنقاذهم من ممارسات ومخلفات الحرب المدمرة، التي يشنها النظام ضد الثوار وحاضنتهم الشعبية الثورية، منذ أكثر من ثلاث سنوات.

      ويتذرع الساسة الروس بالقول إنهم يستخدمون الفيتو، كي يمنعوا الولايات المتحدة الأميركية ودول الغرب من إيجاد أسباب وذرائع للتدخل العسكري في سورية، على الرغم من أن القاصي والداني يعلم أن ساسة الولايات المتحدة الأميركية يعلنون على الدوام أنه لا حل في سورية سوى الحل السياسي، وأن بلادهم لن تتدخل عسكريا، وأنها تمتنع عن تزويد قوات المعارضة السورية بأسلحة نوعية، بل وتمنع الدول الأخرى من تزويد المعارضة بهذه الأسلحة، على الرغم مطالبة المعارضة الملحة بالسلاح النوعي في كل مناسبة.

      في المقابل، حشد الساسة الروس والإيرانيون والصينيون كل طاقاتهم العسكرية والدبلوماسية والسياسية دعما للنظام السوري، ولم يتوقفوا يوما واحدا عن إرسال مختلف أنواع الأسلحة الفتاكة له، واستمروا في تنفيذ صفقات السلاح المبرمة، وتوفير الدعم والخبرات والخبراء الأمنيين والعسكريين، الأمر الذي وصل إلى درجة كبيرة من الدعم والإسناد، غير مسبوقة في علاقات هذه الدول بالنظام، وهو أمر شجع النظام على الإمعان في مواصلة حربه الشاملة ضد غالبية السوريين، وفي ارتكاب المجازر والجرائم ضد الإنسانية، وسوى ذلك كثير.

     وكل ذلك يجري أمام أعين الأمريكان والعرب الذين كانوا شهود زور، وخونة وباطنيون، يظهرون شيئا، ويخفون شيئا آخر؛ يظهرون أنهم مع الشعب السوري، ويعملون لصالحه؛ ويخفون تآمرهم مع الروس والصينيين بإعطائهم الضوء الأخضر الأمريكي، والمال الخليجي، عدا قطر التي كانت لوحدها تجتهد لكن سحب الملف منها والحصار عليها فيما بعد أفقدها قوتها، وسلب قرارها، وجعلها تغرد خارج السرب، وكان موقفها المشرف من أهم أسباب الحصار عليها من قبل دول محور الشر الخليجي.

     ولعل أخطر الإشارات أو الرسائل، التي يبعثها الفيتو المزدوج، الروسي الصيني، هي الإفلات من العقاب، حيث يدشن الساسة الروس والصينيون سابقة خطيرة من سياسة الإفلات من العقاب على الجرائم ضد الإنسانية، بما يعني تغييب العقوبة، على الرغم من أن خبراء وقضاة ولجان تفتيش وتقصي حقائق في الأمم المتحدة أقروا وأكدوا بارتكاب النظام جرائم عديدة ضد الإنسانية، بما فيها جرائم إبادة جماعية بأسلحة كيميائية وأسلحة أخرى، مما شجع النظام على خرق جميع قواعد القانون الدولي، بالنظر إلى أن هناك من يتولى مسؤولية غياب حق، أو فعل يرتب المسؤولية الجنائية عليه، وكذلك تغييب المسؤولية المدنية والإدارية والأخلاقية، مما يجعل ساسة هذا النظام يفلتون من كل تحقيق يمكن أن يضعهم محط اتهام.

    ويمكن اعتبار الإفلات من العقاب في سورية، في حد ذاته، انتهاكا مضاعفا لحقوق السوريين، فهو يحرم الضحايا منهم وأقاربهم، من الحق في إقرار الحقيقة، والاعتراف بها، وفي إقرار العدالة والإنصاف الفعال والتعويض، وهو يطيل أمد المأساة والأذى والضرر الذي لحق بالشعب السوري.

    غير أن ما هو مستغرب تعامل أمريكا والغرب السلبي مع الأزمة السورية؛ الذي لم يتعد حدود الكلام؛ ما جعل الساسة الروس والصينيين يعرفون تماما معالم وحدود اللعبة المتفق عليها، وعلى أساسها راحوا يتصلبون في مواقفهم، بناء على معرفتهم الحدود التي وضعها الغرب، حيث اختارت إدارة أوباما، صاحبة القوة العسكرية الكبرى، والأكثر مرونة في العالم، اللجوء إلى الحلول السياسية، عبر التفاوض مع الروس بيدين خاليتين، طيلة أكثر من ثلاث سنوات من عمر الأزمة السورية، وكان من الممكن ألا تكتفي الإدارة الأميركية بصفقة نزع أسلحة النظام الكيميائية، وأن تعمل على محاسبة المسؤولين عن استخدام السلاح الكيميائي، في مجزرة غوطتي دمشق، وأن تعمل على دعوة المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق بجريمة الحرب التي ارتكبها النظام، أو أن تحث دول العالم على تشكيل محكمة لجرائم الحرب خاصة بسورية، بعد ثبوت استخدام السلاح الكيميائي، وهو أمر لم تفعله إدارة باراك أوباما، مما أعطى للنظام السوري إشارة بأنه قد يفلت من العقاب، على الرغم من جريمته المثبتة، في سابقة دولية خطيرة.، وقد أفلت من العقلب فعلا، وظهر تآمر أمريكا والغرب واضحا وجليا فيما بع، وتكشفت خيوط اللعبة والتآمر الخليجي الأمريكي الغربي مع الروس والصين والإيرانيين على الشعب السوري الأعزل، وعلى أمة العرب المسلمة.

         كانت هناك أكثر من طريقة لنصرة العدالة، ووضع حد للإفلات من العقاب، وإحالة المسؤولين السوريين إلى المحاكمة، حيث يمكن الاستناد إلى مبدأ "مسؤولية الحماية"، الذي يجيز التدخل العسكري الأجنبي في أية دولة، تحدث فيها جرائم إبادة جماعية، في عدم حماية الدولة المعنية لمواطنيها، وقد طرحه الأمين العام السابق، كوفي أنان، منعا لحدوث مجازر إبادة جماعية، كالتي حدثت في رواندا.

     كما أنه من الممكن تجاوز الفيتو الروسي والصيني المزدوج، من خلال اللجوء إلى تشكيل مجموعة من دول العالم تحالفا، على شاكلة "الاتحاد من أجل السلم"، الذي أصدرت الجمعية العامة الأمم المتحدة قرارا بخصوصه في أكتوبر/تشرين الأول 1950، حمل الرقم 377، وينص على ضرورة أن تتحمل الجمعية العامة للأمم المتحدة مسؤولياتها في حماية السلم والأمن الدوليين، حتى لو اقتضى الأمر استخدام القوة العسكرية.

     وكان يمكن للولايات المتحدة وسائر دول الغرب أن تفعل هذا القرار في الحالة السورية، من خلال الدعوة إلى اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورة غير عادية، لاتخاذ الخطوة المناسبة، ولكنها لم تفعل، وكان بإمكان الولايات المتحدة أن تتصرف لوحدها منفردة كما تصرفت مع صدام حسين في حرب الخليج الثانية، ولكن التآمر الصليبي الصهيوني الخليجي منع ذلك، وضاعت الفرصة التاريخية التي لو تمت ونفذ القرار لوفر دماء كثيرة، وفرصة كبيرة للحياة والبناء والعمران والازدهار والتقدم وعودة الحياة لبلد قتل منذ خمسين عاما ومازال يقتل كل يوم ويهجر ويعذب ويدمر والعالم يتفرج ويبارك والمال الخليجي مازال يدفع بسخاء والجريمة صار أكبر، وهي عملية اقتلاع شعب من أرضه، ومن بقي منهم يتحول إلى التشيع وعبادة الحسين بدل عبادة الله، وتصبح إيران وقم هي القبلة بدل مكة وهذا ما تريده أمريكا والغرب ودول محور الشر الخليجي ولكن ذلك لن يحصل وستنتصر ثورتنا وتغير وجه الأرض بإذن الله..