الأحد 05 مايو 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.92 ليرة تركية / يورو
40.78 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.89 ليرة تركية / ريال قطري
8.62 ليرة تركية / الريال السعودي
32.35 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.92
جنيه إسترليني 40.78
ريال قطري 8.89
الريال السعودي 8.62
دولار أمريكي 32.35
...

عمر محمود

سوريا

الشكل الجديد للنظام العالمي بعد الحرب الروسية الأوكرانية

18 سبتمبر 2022، 08:08 م

مقدمة
منذ عام 1991م شهد العالم تحولاً مهماً عندما سقط الاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي أدى ذلك السقوط إلى تغير جذري في النظام الدولي 
العالمي حيث مع سقوط الاتحاد السوفياتي والمعسكر الشرقي تحول العالم من نظام دولي ثنائي القطبية يحكمه الاتحاد السوفياتي والمعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية إلى نظام أحادي القطبية تسيطر عليه الولايات المتحدة الأمريكية إلى يومنا هذا.
وفي 24 شباط 2022م اعترفت روسيا باستقلال جمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوغانسك الشعبية عن أوكرانيا أعقب ذلك دخول القوات الروسية إلى منطقة دونباس شرق أوكرانيا وذلك بعد حشد عسكري طويل واشتعل الصراع بين الدولتين مما أثر على بنية النظام الدولي وأدى إلى حدوث تغيرات في متن العلاقات الدولية.
وفي ضوء ماسبق تتناول الورقة في محورها الأول: ظهور النظام الأحادي القطبية أما المحور الثاني: فيناقش ثلاث تصورات لنتائج الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها على شكل النظام العالمي الجديد
سقوط النظام الأحادي القطبية – إعادة إحياء الاتحاد السوفياتي
انتهاء الحرب بحفاظ النظام الأحادي القطبية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية على تماسكه
وفي الختام توضح الورقة النتائج المتوقعة لتأثير الحرب الروسية الأوكرانية على شكل النظام الدولي العالمي.

المحور الأول : ظهور النظام الأحادي القطبية 
منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945م حتى اعلان نهاية الاتحاد السوفياتي مطلع 1992م عاش العالم في ظل ثنائية قطبية توزع النفوذ فيها بين جبارين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي إلى أن أعلن عن انتهاء الاتحاد السوفياتي ومع ذلك الإعلان انتهى عصر ثنائي القطبية العالمية وتحول العالم إلى نظام أحادي القطبية هيمنت الولايات المتحدة الأمريكية عليه.
إن فكرت النظام العالمي الجديد تعود إلى الرئيس بوش الأب صاحب عبارة النظام العالمي الجديد وذلك خلال خطاب موجه للأمة الأمريكية عام 1990م 
وتمثل الأحادية القطبية في السياسة الدولية توزيع القوة بحيث تمارس دولة واحدة أغلب النفوذ الثقافي الاقتصادي العسكري
وتنوعت وسائل هيمنة نظام القطبية الواحدة إلى الهيمنة العسكرية تتمثل في ارتباط عدة دول بمعاهدات عسكرية مع الولايات المتحدة الأمريكية وانتشار الأسطول الحربي الأمريكي في مختلف البحار والمحيطات ووجود القواعد العسكرية الأمريكية في عدة بلدان بالإضافة إلى التدخل العسكري الأمريكي المباشر في بعض البلدان. 
الهيمنة الاقتصادية: من خلال التحكم في أهم مناطق النفط في العالم 
الهيمنة السياسية : من خلال التحكم بقرارات منظمة الأمم المتحدة لخدمة مصالحها 
الهيمنة الإعلامية : من خلال استخدام وسائل الاعلام المختلفة لفرض هيمنتها.
فهل يستمر نظام القطبية الواحدة؟

المحور الثاني: تستعرض الورقة تصورات لنتائج الحرب الروسية الأوكرانية على شكل النظام العالمي وعلى الشكل الآتي: 
التصور الأول: سقوط النظام العالمي الأحادي القطبية 
العالم اليوم يشهد تحولاً مهماً وكبيراً إذ أن الإمبراطورية الأمريكية لم تعد الاعب الوحيد على الساحة الدولية ولا هي المتحكم الأوحد في العالم 
خاصة بعد جرأة بوتين على خوض حرب بهذا الحجم في أوكرانيا فالحرب الروسية الأوكرانية هي لحظة تأريخية لميلاد نظام دولي جديد وهذا ربما مايفسر المواقف المترددة للدول العربية التي تعد حليفة الولايات المتحدة الأمريكية لكنها تخشى من إغضاب روسيا والمعسكر الشرقي المساند لها 
إن النظام الدولي مثل الكائن الحي ينمو ويتغير ويتداعى أحياناً  وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا حذر العالم من أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك ستكون بداية حرب واسعة النطاق في أوكرانيا نهاية النظام العالمي كما نعرفه  فإن الرئيس بوتين يسعى من خلال حربه مع أكرانيا إلى الإطاحة بالنظام الأحادي القطبية الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة الأمريكية والتأكيد على دور روسيا السياسي والعسكري والاقتصادي في العالم إن لم يواجه بوتين اليوم فلن يكون غداً هذا النظام العالمي موجود.
إن الحرب التي يخوضها الغرب حالياً مع روسيا هي حرب وجودية فإما أن ينتصر ويستمر مهيمناً على العالم وموارده وإما أن يخسر هذ الحرب ليسقط ذلك النظام وتظهر عدة تحالفات تقضي على حالة القطب الواحد وبالتالي يرى هذا التصور أن العالم اليوم أمام نهاية القطب الواحد الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة الأمريكية.
التصور الثاني: إعادة إحياء دول الاتحاد السوفياتي
إن اعتراف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستقلال دونيتسك ولوغانسك في شرق أوكرانيا أعاد إحياء اتهامات غربية له بأنه يسعى إلى استعادة الاتحاد السوفياتي ولا سيما أنه قال ذات يوم إن انهيار الاتحاد السوفياتي أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين تشكل إعادة أوكرانيا إلى الفلك الروسي هاجساً لدى فلاديمير بوتين الذي يسعى إلى استرجاع مجد الاتحاد السوفياتي، ويرى بوتين حسبما يرى أليكسي ماكاركين من مركز التقنيات السياسية أن أوكرانيا ستصبح جزءاً من حلف شمال الأطلسي بعد 10 -15 عام وستكون بذلك صواريخ الحلف في موسكو وقد قال بوتين في عام 2015م إذا كان القتال أمراً لا مفر منه يجب أن تكون أنت من يضرب أولاً منذ تولي بوتين الحكم عام 2000م أصبح من الواضح بشكل متزايد أنه يطمح إلى جعل روسيا عظيمة مرة أخرى اقتصاديا وجغرافيا وسياسيا وفي 21 شباط 2022م أعلن بوتين اعتراف روسيا رسمياً باستقلال منطقتي دونيتسك ولوغانسك عن أوكرانيا وأنه أمر بإرسال قوات عسكرية للحفاظ على السلام  في المنطقة وفي 22 شباط 2022م صادق البرلمان الروسي على قرار إرسال قوات إلى خارج البلاد. 
أما في 24 شباط 2022م أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إطلاق عملية عسكرية في إقليم دونباس شرقي أوكرانيا فإن هذا التصور يرى أن فلاديمير بوتين يسعى من خلال الحرب على أوكرانيا إلى استعادة أمجاد الاتحاد السوفياتي وإن العملية العسكرية في أوكرانيا جاءت لتلبية طموح بوتين في إعادة بناء الاتحاد السوفياتي والنهوض بروسيا إلى زمن الثنائية القطبية التي حكمت منذ الحرب العالمية الثانية حتى  سقوط جدار برلين.

التصور الثالث: حفاظ النظام الأحادي القطبية على تماسكه وسيطرته على العالم
تعتمد خطط الولايات المتحدة الأمريكية لإضعاف روسيا من خلال فرض عقوبات عليها أو جلب إدانة دولية لموسكو فقد تكون الحرب الروسية الأوكرانية فخ نصبته الولاات المتحدة الأمريكية لروسيا من أجل إضعافها وعزلها دولياً كما فعلت في أفغانستان سابقاً.
ويرى أغلب المحللين الغربيين أن بوتين أخطأ في حساباته العسكرية واستهان بقوة وإرادة الجيش الأوكراني  فالواضح من خلال حجم وضخامة العقوبات الدولية على روسيا وهذه العقوبات التي لم نشهدها بالتدخل الروسي في سوريا إن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى إيقاع روسيا بحرب استنزاف في أوكرانيا لإضعافها وإن محللين اعتبروا أن الرئيس بوتين سقط في فخ أمريكي في أوكرانيا واعتبروا أن أمريكا تسعى إلى توريط بوتين في غزو أوكرانيا وهذا سيحقق لها عدة أهداف أولها ضرب العلاقات الروسية الأوربية وإعادة إحياء استراتيجية الرعب والخوف الأوربي من روسيا ونسف استراتيجية دبلوماسية الغاز التي كانت تسعى موسكو خلالها إلى الهيمنة على أوربا بما يضر المصالح الأمريكية وبالواقع فإن نتائج الحرب الروسية ضد أوكرانيا حتى الآن لا تلبي طموحات وأهداف روسيا فحتى الآن لم تستطع روسيا دخول كييف العاصمة سير المعارك وسلوك سلطات كييف سارت على عكس ماكان يتمناه بوتين قاوم الأوكران ولم يهرب قادتهم كما سارع الأوربيين إلى فرض عقوبات مميتة وإرسال أسلحة إلى أوكرانيا وواكبتهم الولايات المتحدة الأمريكية بتدابير مماثلة.
فهل تم استدراج بوتين إلى فخ ؟ ليتم إغراقه في وحل حرب عالمية مصغرة تنتهي بانهائه . يرى هذا التصور سقوط بوتين ووقوعه بالفخ الأمريكي وحفاظ العالم على خاصية أحادي القطبية المتمثلة بالولايات المتحدة الأمريكية.
الخاتمة 
مما سبق نجد أن النتائج المتوقعة بعد انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية والتي تؤثر على النظام العالمي هي على الشكل التالي:
سقوط النظام الأحادي القطبية الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية وذلك بنجاح عملية روسيا العسكرية في أوكرانيا والاقتراب من حدود دول الناتو بولندا ودول البلطيق.
إعادة إحياء الاتحاد السوفياتي وعودة العالم إلى النظام الذي كان سائداً إبان الحرب العالمية الثانية إلى سقوط جدار برلين أي من المتوقع عودة النظام الثنائي القطبية.

حفاظ القطب الواحد على هيمنته على العالم ووقوع بوتين في فخ أوكرانيا واستنزاف قوة روسيا العسكرية والاقتصادية واستبدال بوتين وحكومته بحكومة موالية للغرب.
وبرأي أن تصور سقوط القطب الواحد هو الأقرب ولا يعني سقوطه أي غياب هيمنته كلياً وإنما تشكل تحالفات جديدة موازية له تفقده التحكم الكامل بالعالم.