الثلاثاء 09 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

محور شر جديد.. لماذا يثير حلف إيران وروسيا قلقاً شديداً؟

25 أكتوبر 2022، 09:39 م
محور شر جديد.. لماذا يثير حلف إيران وروسيا قلقاً شديداً؟

خاص آرام – وزارة الخارجية الأوكرانية

شهدت العلاقات الإيرانية الروسية تحسناً سريعاً، في نهاية آذار/مارس الماضي أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنَّ حكومتي البلدين ستبحثان عن طرق للالتفاف على العقوبات الغربية حيث شهدت الصادرات الإيرانية إلى روسيا نمواً بنسبة 70% خلال الفترة الممتدة من مارس إلى أكتوبر بينما زاد إجمالي حجم التجارة بنسبة 40%.

وفي الوقت نفسه أصبح التعاون في قطاع الصناعيات العسكرية الورقة الرابحة الرئيسية للعلاقات الجديدة بين الكرملين وطهران. وذكرت صحيفة الغارديان في 12 نيسان/أبريل الفائت أن روسيا الاتحادية تتلقى أسلحة مهربة من إيران عن طريق العراق لاستخدامها في الحرب على أوكرانيا.

وكان إعلان البيت الأبيض في أوائل تموز/يوليو الماضي، أنَّ إيران تخطط لإرسال مئات الطائرات المقاتلة بدون طيار إلى روسيا، الإشارة الأولى إلى دعم إيران لروسيا عسكرياً، ما يعني أنَّها أصبحت تشارك مباشرة في الحرب الروسية على أوكرانيا.

وتفيد معلومات استخباراتية من البنتاغون بأنَّه في 15 تموز/يوليو الماضي قام المسؤولون الروس بفحص طائرات بدون طيار يمكن شراؤها واستخدامها في الحرب، وفي نهاية ذلك الشهر ظهرت في وسائل الإعلام الدولية "معلومات عن بيع طائرات مسيرة لروسيا وإرسال مدربين إيرانيين إلى القواعد العسكرية الروسية لتدريب مشغلي الطائرات بدون طيار".

روسيا تستعين بإيران

بطبيعة الحال، إنَّ روسيا استعانت بإيران بعدما بدأت تفتقر في بداية الصيف إلى طائرات مسيرة. غير أنَّ كلاً من الصين وإيران اللتين تدعمان روسيا ضمناً تدرك أنَّ أيّة محاولة لنقل علاقات الدول إلى مستوى تجارة الأسلحة لاستخدامها في العملية العسكرية الخاصة تحف عاجلاً أم آجلاً بمخاطر تقويض السمعة وتشديد العقوبات التي لا تعوض بالدعم العسكري الروسي.

وفي نهاية المطاف لم يبقَ أمام بوتين خيار آخر سوى اللجوء إلى جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية وإيران بحثاً عن طرق لحلّ مشكلة نقص الأسلحة والاحتفاظ بذلك سراً، ولكن حقيقة استعانة روسيا بهاتين الدولتين وجهت ضربة خطيرة لسمعة بوتين ودائرته الداخلية.

ولأول مرة، ظهرت معلومات حول استخدام طائرات كاميكازي بدون طيار من طراز شاهد-136 في أوكرانيا في نهاية آب/أغسطس. تلاها في أيلول/سبتمبر أسقط الدفاع الجوي الأوكراني أول طائرة بدون طيار من طراز شاهد-136 تحمل علامة جيران-2 بالقرب من كوبيانسك بمنطقة خاركيف.

إجمالاً، تمكّن الدفاع الجوي خلال ذلك الشهر من إسقاط العشرات من الطائرات بدون طيار التي هاجمت كييف وأوديسا ونيكولاييف وكذلك مقاطعة دنيبروبتروفسك مستهدفة البنية التحتية الحيوية وأصابت المباني السكنية والمدنيين.

حتى يومنا هذا، تنفي إيران رسمياً تزويد روسيا بالطائرة بدون طيار، وذلك على الرغم من الأدلة المباشرة التي جمعتها أوكرانيا والمخابرات الغربية. كما اتهم الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ إيران ببيع الطائرات بدون طيار.

الأمر الذي دفع مجلس الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات على ثلاثة مواطنين إيرانيين وشركة واحدة وكندا إلى تشديد العقوبات وهي المرة الثالثة خلال شهر، بينما أعلنت كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة عن التحضير للعقوبات.

لعل إيران لا تهتم بواقع بيع طائرات عسكرية بدون طيار للدولة المعتدية لاستخدامها في الحرب على أوكرانيا، بل باتت على قناعة تامة بأنَّها تعزز المجمع الدفاعي لشريكها الاستراتيجي ولا تسهم في تدمير الدول المجاورة له.

تعتبر إيران الحلف مع روسيا غاية في الأهمية لإظهار وجود قوة نووية من ناحية وللحفاظ على النفوذ في الشرق الأوسط من ناحية أخرى، بينما يرى الجناح الراديكالي الإيراني الحرب الروسية الأوكرانية آلية لمواجهة الغرب والولايات المتحدة. إنَّ إيران بأفعالها هذه تعلن أمام الملأ أنَّ "أسلحة طهران يمكن أن تنافس الأسلحة الأمريكية".

ويعود توطيد السياسة الخارجية والشراكة الاستراتيجية بين إيران وروسيا في مواجهة الولايات المتحدة إلى أنَّ العالم الديمقراطي بقيمه يعني نهاية نفوذهما.

تحتل الدولتان المركزين الأول والثاني من حيث عدد العقوبات المفروضة، وعلاوةً على ذلك، أدرجت إيران في قائمة الدول الراعية للإرهاب منذ أكثر من عقد بينما باتت روسيا قريبة من إدراجها في هذه القائمة جراء غزوها لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير2022. وكلا البلدين يتميزان بالطبع الاستبدادي حيث تم الجمع بين جهاز الدولة والدين وتتلاشى حرية الكلمة وحقوق الإنسان على خلفية التهديد بفقدان السلطة.

تعيش إيران في ظل العقوبات الأمريكية منذ الثمانينيات وحتى تمكنت من التكيف معها من خلال إعادة بناء الاقتصاد للاستغناء عن نظام الدفع الدولي "سويفت" والبحث عن طرق جديدة لشراء البضائع من خلال الوسطاء. وفي الصدد، قد تكون الخبرة الإيرانية ثمينة بالنسبة إلى روسيا.

تتعاون روسيا مع إيران منذ زمن طويل. على سبيل المثال، أكملت بناء أول محطة للطاقة النووية في إيران وجميع أنحاء الشرق الأوسط في مدينة بوشهر. بدأت أعمال البناء في عام 1997 وتم إطلاق محطة بوشهر في عام 2011. وفي 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 وقعت روسيا وإيران اتفاقية لبناء وحدتين جديدتين للطاقة، ومن المتوقع الانتهاء من بناء الوحدة الثانية في عام 2024 والوحدة الثالثة في عام 2026.

أصبحت فرصة لجوء الكرملين إلى إيران وكوريا الشمالية لسد النقص في احتياطات المجمع الصناعي العسكري بمثابة شريان الحياة. والفرق الوحيد بين كوريا الشمالية وإيران هو أن الأخيرة تريد إحراز إصابتين برمية واحدة يعني إعادة توقيع الولايات المتحدة على الاتفاقية النووية لعام 2015، وبالتالي الحصول على مئات المليارات من الصفقة.

رسالة واضحة للمجتمع الدولي

بالنسبة لإيران فإنَّ لجوء روسيا إليها رسالة واضحة للمجتمع الدولي حول الإمكانات العسكرية لطهران حيث صرح المرشد الإيراني علي خامنئي قائلاً في 19 الشهر الجاري: "قبل بضع سنوات كانوا يقولون إنَّ صور الطائرات المسيرة الإيرانية مفبركة ومعدلة بالفوتوشوب، والآن يقولون إنَّ الطائرات الإيرانية المسيرة خطيرة للغاية"، الكلام الذي يفاقم موقف إيران في محاولة لحل الفضيحة المحيطة ببيع طائرات شاهد-136 بدون طيار لروسيا ويجافي تماماً ما صرحت به وزارة الخارجية الإيرانية.

كان الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 (خطة العمل الشاملة المشتركة) بين إيران والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا وبريطانيا العظمى وفرنسا)، وكذلك ألمانيا تنصّ على رفع جزء من العقوبات الغربية (الحظر النفطي بشكل أساسي) مقابل موافقة إيران على نقل الجزء الأكبر من اليورانيوم المخصب إلى الخارج مع الاحتفاظ بمخزون 300 كيلوغرام تحت المراقبة المستمرة لكاميرات المراقبة والمفتشين الدوليين، خاصة خبراء من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فضلاً عن فرض قيود على تخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء 3.67% وتشغيل أجهزة الطرد المركزي المتطورة اللازمة للتخصيب.

وأصبح قرار الأمم المتحدة رقم 2231 جزءاً من الصفقة الإيرانية لعام 2015 الذي يقضي بسريان القيود المفروضة على شراء وبيع إيران لأسلحة متطورة من قبل، بما في ذلك الطائرات بدون طيار، حتى عام 2023. ومن خلال الطائرات بدون طيار إلى روسيا انتهكت إيران بشكل مباشر قرار الأمم المتحدة هذا، وهو ما أعلنته فرنسا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وهي أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رسمياً.

انسحبت الولايات المتحدة عام 2018 من الاتفاق الإيراني النووي استناداً إلى المعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية عن تخصيب إيران اليورانيوم سراً لتطوير أسلحة نووية. ورداً على قرار ترامب بدأت إيران في انتهاك التزاماتها.

جرت العديد من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة من خلال وساطة الاتحاد الأوروبي على مدى الأشهر الـ 11 التالية لإرسال مسودات اتفاقيات جديدة من الاتحاد الأوروبي إلى طهران للدراسة.

الجدير بالذكر أنَّ الاتفاق النووي الإيراني كان بالنسبة للاتحاد الأوروبي هدفاً مرجواً، ولذلك بذل قصارى جهده لدعم الحوار بين الولايات المتحدة وإيران بعد قرار ترامب في عام 2018. ورداً على قرار الرئيس الأمريكي في سبتمبر/أيلول من العام نفسه اتفقت بريطانيا العظمى والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا على إنشاء آلية للالتفاف على العقوبات الأمريكية من أجل استمرار التجارة و التسويات النقدية مع إيران.

أما المشروعات الجديدة للصفقة النووية فقد قدمت إيران تنازلات في بعض النقاط، على سبيل المثال، لم تعد تصر على أن تقوم الولايات المتحدة بشطب الحرس الثوري الإيراني من قائمة التنظيمات الإرهابية.

ثانياً، لم تعد إيران تطلب ضمانات بأنَّ الرئيس الأمريكي المستقبلي لن يتراجع عن الصفقة مثلما فعل ترامب في عام 2018.

في الوقت عينه، تظل قضية تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية حجر العثرة حيث طالبت إيران من الوكالة الدولية للطاقة الذرية بوقف التحقيق في مصدر الآثار الإشعاعية التي عثر عليها في منشآتها الثلاثة.

على كل حال، كان تنازل إيران عن أيّ مطالب خياراً وحيداً لتجديد اتفاق 2015. وأدركت ذلك في منتصف الصيف، حينئذ زار بوتين طهران التي اتخذت موقفاً محايداً تجاه الحرب الروسية على أوكرانيا يشبه إلى حد ما مواقف الصين والهند. وصف المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي أثناء زيارة بوتين، 19 تموز/يوليو، إجراءات الكرملين ضد أوكرانيا بأنَّها "وقائية" موضحاً أنَّ بلاده تدعم روسيا بشكل عام.

"محور الشر"

يظهر قرار الانحياز إلى روسيا المنبوذة دولياً أنَّ الباب لتحسين العلاقات مع الغرب والولايات المتحدة أغلق أمام إيران، على الأقل على المدى القريب. هناك احتمال كبير أنَّ روسيا وعدت إيران بشيء يغطي بالكامل مخاطر وعواقب التقارب بين الدولتين. من المحتمل أن يجري الحديث عن التكنولوجيا، على وجه الخصوص، تكنولوجيا الطيران العسكري التي لا تمتلكها إيران لعدة عقود.

يجب القول: إنَّ إسرائيل الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط عارضت رفع العقوبات عن إيران. وتشارك موقفها السعودية التي لها جذور تاريخية للصراع مع طهران. وهناك العديد من الأسباب للاعتقاد بأنَّه بعد رفع العقوبات عن إيران وإعادة إطلاق الاتفاق النووي لن تتخلى طهران عن طموحاتها في رعاية الإرهاب الدولي وانتهاك التزاماتها، وذلك في ظل امتلاكها فرص وأموال أكثر.

أما رفع العقوبات عن إيران فيثير قلق روسيا. بادئ ذي بدء، بسبب دخول إيران سوق النفط الدولية باعتبارها المنافس غير المرغوب فيه بالنسبة إلى الكرملين ومصالح بوتين. وخاصة في ظل استمرار العملية العسكرية أكثر من 8 أشهر لا تريد روسيا مشاركة التدفقات المالية إذ لا يزال النفط والغاز الروسيين مصدراً لتمويل العدوان الروسي على أوكرانيا.

هل كانت تتمثل خطة إيران وروسيا في تغيير اسم الطائرة بدون طيار من "شاهد-136" إلى "جيران" أو باعت إيران تلك الطائرات بدون طيار لروسيا ليس لغرض استخدامها في العملية العسكرية متنصلة من كل مسؤولية عن استخدامها اللاحق؟ لكن الخيار الأخير مستبعد لأن وفداً ومدربين من الحرس الثوري الإسلامي جاءوا إلى شبه جزيرة القرم لتدريب الروس على العمل مع الأسلحة الجديدة.

شيء واحد لم يتغير وهو كذب الحكومة الإيرانية التي يجب أن تدفع ثمناً مضاعفاً للمال الملطخ بالدم إذ هناك أدلة على الهجمات الروسية على المدن الأوكرانية بطائرات بدون طيار شاهد-136 إيرانية الصنع، على وجه الخصوص، على مرافق البنية التحتية الحيوية ومبان سكنية وسقوط الضحايا. لا شك في أنَّ من بيع السكين لقاتل يعلم كيفية استخدامها ببساطة يصبح شريكاً في جريمة القتل.

وينبغي ألا يضيع هذا المبدأ وراء الكواليس الكبرى للسياسة العالمية بل يجب تطبيقه على فرد ودولة على حد سواء. إنَّ رعاية الإرهاب بأيّ شكل من الأشكال عمل عدواني، وكلما أغمض المجتمع الدولي عينيه عن الجرائم المرتكبة وبقي مكتوف اليدين زاد الإرهاب.

ما حدث يوم الاثنين، 17 أكتوبر، وضع حداً نهائياً لرغبة إيران في عدم الانخراط في الحرب في أوكرانيا إذ أنها  تتحمل مع روسيا المسؤولية عن وفاة امرأة في الشهر السادس من الحمل. تعمل الدوائر السياسية الإيرانية منذ أكثر من أسبوع على تطوير الرواية الرسمية وموقف السلطات من بيع الطائرات بدون طيار مدركة أن مواصلة الخطاب القائل: "لم نبع شيئاً" لن يجدي بينما تروج حجة قائلة: "لم نبع طائرات بدون طيار لروسيا لاستخدامها في العملية العسكرية الخاصة".

هناك أيضاً مخاوف من أنَّ إيران تنوي بيع صواريخ باليستية أرض-أرض من طراز "فاتح 110" و"ذو الفقار" لروسيا. على كل حال، ستزداد رغبة إيران في إرضاء الكرملين بتزويدها بطائرات بدون طيار من أنواع مختلفة وصواريخ باليستية. كما ظهرت في وسائل الإعلام معلومات عن تدريب المشغلين الروس للعمل مع طائرة مسيرة من طراز آراش-2 التي عزمت إيران بيعها لروسيا.

في وقت سابق، نفى المسؤولون الإيرانيون هذه المعلومات بحجة أنه "إذا استخدمت روسيا هذه الطائرات بدون طيار في أوكرانيا فيمكن للأمريكان الوصول إلى التكنولوجيا الخاصة بها".

ختاماً، إذا كنا نبني عالماً ديمقراطياً تشكل فيه روسيا تهديداً لقيمه، فلا يمكننا تجاهل جمهورية إيران الإسلامية التي اختارت "محور الشر" وليس محور الخير إذ تؤدي أي تقوية لحلف الشر إلى توسعه وزيادة عدد الضحايا.

اقرأ أيضاً: هل تكسب روسيا الحرب في أوكرانيا إذا استخدمت السلاح النووي؟

شاهد إصداراتنا: