الإثنين 04 مارس 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.06 ليرة تركية / يورو
39.73 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.62 ليرة تركية / ريال قطري
8.37 ليرة تركية / الريال السعودي
31.39 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.06
جنيه إسترليني 39.73
ريال قطري 8.62
الريال السعودي 8.37
دولار أمريكي 31.39

تعقيد المعقّد.. الاحتجاجات والمُسيَّرات الإيرانية تطيح بالاتفاق النووي

05 نوفمبر 2022، 11:50 م
تعقيد المعقّد.. الاحتجاجات والمُسيَّرات الإيرانية تطيح بالاتفاق النووي

د. باسل معراوي

كاتب وسياسي سوري

05 نوفمبر 2022 . الساعة 11:50 م

كان متوقعاً أن تكون عودة الولايات المتحدة للاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس ترامب هي حجر الزاوية للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، والذي سيكون له تداعيات على الإقليم كله، وما على الجميع إلا التعامل مع نتائجه.

والتموضع على تلك الحالة والتي ستعني بالضرورة شهراً من العسل مدته أربع سنوات طيلة مدة بقاء الإدارة الديمقراطية في البيت الأبيض كحد أدنى إن لم تصبح ثمانية أعوام، وستعاني المنطقة من شرور هذا التخادم الأمريكي - الإيراني في أهم الملفات وهو الملف الأمني، حيث تنتشر الميليشيا التابعة للحرس الثوري في بلاد الشام والرافدين واليمن الحزين، فتثبت دعائم وجودها وقد تنطلق لقضم أجزاء أخرى كالأردن مثلا مما يتيح لها الإحاطة بالخليج العربي وقلبه المملكة العربية السعودية كإحاطة السوار بالمعصم أو كحبل يلف على عنق جزيرة العرب لخنقها.

راقبت إيران ترتيب الأولويات الاستراتيجية الأمريكية لإدارة الرئيس بايدن وأدركت أن الولايات المتحدة عازمة على الانسحاب من البر الشرق أوسطي والتموضع في البحار المطلة عليه وتركيز جهدها الرئيسي باتجاه الصين بعد أن أنشأت تحالف ناتو جديد في المحيط الهادي مع أستراليا وبريطانيا بمواجهة التمدد الصيني، وانسحابها من أفغانستان وتغيير طبيعة وجودها بالعراق وعدم وجود تموضع عسكري أمريكي استراتيجي في سوريا أكّد تلك القراءات الإيرانية.

إن عدم وجود أي احتكاك أو خشية من الاتحاد الروسي، أو عدم توقع طموح أو تهور روسي اتجاه القارة العجوز، أدى بالإدارة الأمريكية الجديدة إلى الاكتفاء بإصلاح ما خربته حقبة ترامب في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي والجناح الأوروبي لحلف الناتو.

كانت وتيرة المفاوضات في فيينا تسير بخطى بطيئة لكنها واثقة من الوصول لتصاعد دخان أبيض من فيينا، وكانت الاندفاعة الأمريكية يقابلها تشدد إيراني لتحصيل أقصى ما يمكن تحصيله من إدارة أعلنت رغبتها في إحياء الاتفاق القديم، وكانت هي نفسها ضمن إدارة الرئيس السابق أوباما من توصّل إليه.

وعندما وصلت المفاوضات إلى نهايتها المتوقعة حصل ما لم يخطر على بال أحد، اجتازت القوات الروسية الحدود الدولية الأوكرانية وبدأت حقبة دولية جوهرها من سيقود النظام الدولي، وظاهرها تصدي المجموعة الغربية الجماعية للطموح بابتلاع أوكرانيا، ووجدت إيران نفسها فجأة أن الـ5+1 والذي من المفترض أنها جهة واحدة تفاوضها، وجدتهما بعد 24 شباط/ فبراير 2022 فريقين متصارعين.

تنازع إيران بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا تيارين، أحدهما يحبّذ الوصول للاتفاق مع المجموعة الغربية وتحرير الأموال الإيرانية المجمّدة ورفع كل العقوبات الأمريكية المفروضة على البرنامج النووي وضخ تلك الأموال في الداخل الإيراني الذي بات على حافة الانفجار بسبب الحالة الاقتصادية والمعيشية السيئة للمواطن الإيراني، وتيار يمثله الحرس الثوري حاول تعطيل الاتفاق أو انتزاع مؤلم من الولايات المتحدة برفع تصنيفه والشركات المرتبطة به عن لوائح الإرهاب الأمريكية، وبالتالي رفع كل العقوبات الاقتصادية عنه وكانت حجّة العرس أن الوقت مناسب الآن بل فرصة ذهبية لأن الطاقة الإيرانية ممكن فيما إذا وصلت إلى الأسواق الدولية أن تعوّض جزءاً مهماً من الطاقة الروسية والتي هي الهدف الذي تصوّب عليه الإدارة الأمريكية لقتله.

لم تتمكن الإدارة الأمريكية والفريق القوي الراغب للعودة للاتفاق فيها من قبول الفكرة، ولم يكن باستطاعتهم تبريرها، خاصة أن مؤسسات الدولة العميقة بالولايات المتحدة أفرجت عن ملفات منها كشف محاولة إيرانية لاغتيال مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون على الأراضي الأمريكية واتهمت فيها الحرس الثوري الإيراني وقدمت وزارة العدل الأدلة الدامغة على ذلك.

وتوقفت المفاوضات على إثر ذلك على وقع التركيز الأمريكي على الحرب الأوكرانية وعدم رغبتها بإغضاب الحزب الجمهوري بالولايات المتحدة أو إغضاب الحلفاء في الشرق الأوسط الذي يكتوي بنيران تهديدات الأذرع الإيرانية.

إلا أن تداعيات خطيرة عقّدت المعقّد أصلاً وألقت بظلالها على مستقبل التفاوض الأمريكي -الإيراني، وأهم تلك التطورات هي اندلاع احتجاجات إيرانية غير مسبوقة مدنية وسلمية بعد مقتل الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني، والقمع المفرط والوحشي للسلطات الإيرانية لتلك الاحتجاجات، والتي تتبوأ المرأة الإيرانية فيها الواجهة من حيث مشاركتها الفعالة بتلك الاحتجاجات واندلاعها بسبب الاعتداء على حرية وحقوق المرأة في المجتمعات الشرقية والتي ليس لأي حكومة غربية تجاهلها بحجة مصالحها.

إن تعاطف الشعوب في العالم مع الانتفاضة الإيرانية ومن ثم الدعم من الحكومات الغربية لتلك الانتفاضة وإدانتها لتعامل السلطة الإيرانية معها، وهو الأمر الذي أدى لتوتير العلاقة مع دول الاتحاد الأوروبي الرئيسية، ألمانيا وفرنسا، سوف يجعل من الصعوبة بمكان الوصول لاتفاق مع الحكومة الإيرانية يضخ لها بالمزيد من الأموال والتي ستستعملها حتماً بقمع الشعب الإيراني.

بالإضافة إلى انخراط إيران بالحرب الفعلية إلى جانب روسيا عبر بيعها 2000 طائرة مسيرة وعدد لم يُكشف عنه بعد من الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، مع وجود خبراء إيرانيين في شبه جزيرة القرم يدربون، أو يديرون بأنفسهم، توجيه مسيرات شاهد 136 الانتحارية وتدميرها للبنى التحتية المدنية في كييف وغيرها من المدن الأوكرانية حيث إنه بعد الضربة الأولى منها والتي جاءت رداً على تفجير جسر كيرتش بالقرم قد أخرج ثلث محطات التوليد الكهربائية في أوكرانيا عن الخدمة.

وقد لقي ذلك الفعل الإيراني استنكاراً وإدانة واضحة من الغرب الجماعي عموماً، ومن الدول المنخرطة بمفاوضات الاتفاق النووي خصوصاً، وقد أضاف هذا الفعل عقبة أخرى وقد تكون المسمار الذي يدق في نعش الاتفاق النووي، خاصة أن التورط الإيراني بدعم روسيا في الحرب في بداياته وبالتأكيد سيتطور لاحقاً وقد يأخذ أبعاد إرسال مرتزقة تابعين للحرس الثوري للقتال إلى جانب الجيش الروسي الذي يعاني من نقص وتردي كفاءة العنصر البشري اللازم لإدارة حرب استنزاف طويلة لا تبدو أي ملامح لإيقافها.

المصدر: داماس بوست

جميع المقالات المنشورة تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي شبكة آرام ميديا

اقرأ أيضاً: محور شر جديد.. لماذا يثير حلف إيران وروسيا قلقاً شديداً؟

شاهد إصداراتنا: