السبت 06 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98
...

القتل بدافع الشفقة

02 ديسمبر 2022، 05:05 م

القتل هو عملية إنهاء حياة كائن حي بفعل كائن آخر، وهناك نوعان من القتل قتل خطأ وقتل عمد، ويمكن أن يستخدم في عملية القتل أدوات حادة أو قوية أو ثقيلة أو سلاح ناري أو مواد سامة.

"الشفقة": هي الشعور بالحزن والرحمة نتيجة للتفاعل مع معاناة الآخرين، وتعتبر الشفقة ضمن التعاطف أو المواساة أو التقمص الوجداني وتعود جذور كلمة الشفقة إلى اللغة اللاتينية (pietās (etymon والتي تعني التقوى) وتُعرف الشفقة على الذات بأنها الشفقة الموجهة نحو الذات.

تنقسم الشفقة إلى نوعين شائعين وهما «الشفقة الإيجابية» و«الشفقة السلبية» (انظر كيمبال)، حيث تُستخدم الشفقة المزيفة أو المصحوبة بالازدراء أو الاستعلاء أو الاحتقار.

الدافع: هو الشعور بالرغبة أو النفور (ترغب في شيء، أو تريد تجنُّب شيء أو الهروب منه).

والقتل: كفعل لا يقتضي بالضرورة وجود صفة جريمة، إذ يمكن أن تقع عملية قتل خطأ كما يمكن أن يكون فعل القتل إعداماً مقصوداً لمجرم أو سفاح أو غير ذلك، وهناك نوع آخر غير عمد، فالقتل العمد: هو الذي يقع بنية مرتكبه أما قتل الخطأ: فهو الذي يقع عن غير قصد نية.

إِنَّ أول من استعمل مصطلح القتل بدافع الشفقة هو الطبيب فرانسوا باكون، وذلك في القرن السابع عشر الميلادي، في كتابه "علاج المرضى الميئوس من شفائهم" [1].

ويرى أصحابُ هذه النظرية أَنَّ هذا القتل يتم بدافع تخليص المريض من المعاناة والآلام، شفقةً به عند اليأس مِن شفائِه طبيّاً فإذا كان تطور المرض حتميّاً في نظرة الطب، وكان علاج المرض ميئوساً منه، فهنا يرى أصحاب هذه النظرية التدخُّل بقتلِ هذا المريض شفقة به بل رأَى هؤلاء قتلَ أصحاب الآلام الكبيرة والتكاليف الباهظة، والبلهاء، والأطفال ناقصي الخلقة، وأصحاب الآلام النفسية للمريض والأهل؛ كالإحباط والفشل واليأس نتيجةً لمرضٍ ما

ومنذ أيام فاجأنا البرلمان التايواني بالموافقة على مشروع تعديل قانوني يسمح للأقارب من الدرجة الأولى بطلب سحب أجهزة المساعدة على الحياة بالنسبة للمرضى الميئوس من شفائهم والفاقدين للوعي.

ويعد هذا تعديلاً لقانون سابق كان يقضي بالحصول على موافقة مسبقة من المريض بفصل أجهزة المساعدة على الحياة في حالة المرضى الميئوس من شفائهم.

ويتم قتل وإزهاق روح المريض أو صاحب المعاناة بأحد الوسائل المتاحة والممكنة لذلك، بدون آلام، أو عن طريق القتل البطيء، أو القتل الحسَن كما يسمِّيه البعض.

فالقتل بدافع الشفقة يتم عند أصحاب هذه النظرية لتخليص المريض من الآلام أو الأهل من التكاليف الباهظة، عند اليأس طبيّاً من شفاء المريض... ومن هنا يمكننا رصد ثلاثة أمور مهمة:

الأول: أنَّ القتل بدافع الشفقة لدى هؤلاء هو قتلٌ مُتَعَمَّدٌ، توفَّر فيه ركن القصد الجنائي لارتكاب القتل، والإصرار على ذلك.

الثاني: أَن الباعث على هذا القتل هو تخليص المريض من الآلام والأهل من التكاليف الباهظة.

الثالث: أَنَّ تقدير اليأس في الشفاء وعدمه يرجع إلى وجهةِ النظر الطبية البحتةِ.

ويمكننا بناءً على هذه الثلاثية استخلاص النتائج الآتية:

الأولى: أنَّ القتل بدافع الشفقة أيّاً كان شكله أو وسيلته المستخدمة فيه لا يخرج عن كونه قتلًا مُتَعَمَّداً، توفرَّتْ فيه أركان القصد والتعمُّد مع الإصرار عليه.

الثانية: أَنَّ مرجعية هذا القتل إلى وجهة نظر الأطباء، وهذه بلا شك تختلف من طبيبٍ إلى آخر، ومِن لجنةٍ إلى أخرى تبعاً لما لدى كلٍّ من العلم بالطب وتطوراته وأبحاثه، ونحن نرى العالم من حولنا يزخر بعشرات الأمثلة على اختلاف وجهات نظر الأطباء في عشرات القضايا العصريَّة، فمجرَّد الاعتماد على هذه المرجعيَّة فقط يجعل الأمر متأرجحًا غير ثابتٍ، فما تراه اللجنة اليوم، قد ترجع عنه غداً، وربما عادت بعد غدٍ لرأيها الأول، وهكذا.

الثالثة: وبناءً عليه قد يُقتل عشرات من الناس ثم يُظهر الطب الحديث أَنَّهُ كان بالإمكان علاجهم بطرقٍ ما.

الرابعة: أَنَّ الباعث على هذا القتل قد يتغيَّر من شخصٍ لآخر، فما يكون شفقةً عند البعض قد لا يكون كذلك عند آخرين، وربما كان العلاج في الْمُرِّ أحيانًا.

هذا وغيره مِمَّا يستدعيه العقل ويناقشه حول برامج هذه النظريَّة ومفرداتها.. ونحن نرى أنها لا تسلم من المناقشة، ولا تسوِّغها العقول كما ترى.

لكن أصحابها لم يروا بها بأساً حين تشرَّبوا قواعد المادة والإلحاد ونظريات اللادينية والانفصال عن الوحي.

المدونات المنشورة تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي شبكة آرام ميديا