كشف تحقيق صحفي عن شبكة تعمل على استغلال السوريات جنسياً، وخاصة القاطنات في مناطق سيطرة نظام الأسد، عبر إغراءات كثيرة، تبدأ بإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي، عن عمل سهل ولا يحتاج لخبرات سابقة.

بدأت تتكشف طبيعة عمل الشبكة، بعد أن نُشر إعلان على صفحة تجمع سوريات، جاء فيه "عمل بسيط ومريح جداً للبنات عَبْر الإنترنت ويدرّ مبالغ محترمة.. العمل ليس تسويق منتجات ولا مندوبة مبيعات".

تقول معدة التحقيق في موقع "نداء بوست"، آلاء عوض، إنها تواصلت مع لانا (صاحبة الإعلان) بعد أن لفتها الإعلان وعبّرت لها عن رغبتها في العمل فطلبت منها تحميل برنامج يدعى (soul chill) على هاتفها لتشرح لها التفاصيل.

جاء في التحقيق أن التطبيق بدائي بتصميم سيء يتم من خلاله إنشاء مجموعات تعارُف، وفي مكان مزدحم بالأسماء الفاتنة وصور الجميلات والمثيرات من المشاهير عبرت معدة التقرير إلى مجموعة تُدعى وكالة "القوى الناعمة" فيها نحو 1500 فتاة معظمهن سوريات في مناطق سيطرة النظام.

ويتطلب العمل من "القوى الناعمة" مهارات تواصل اجتماعية عالية وقدرة على جذب الداعمين، والأدوات هي فقط الصوت والحديث الشيّق بحسب "لانا" (إحدى المشرفات) ليتضح فيما بعد أن العمل هو استغلال جنسي تحت ستار التواصل وبناء صداقات.

يضيف التقرير: "يتوجّب على كل فتاة، التواصل مع شباب من مجموعات أخرى وجذبهم عن طريق الغناء أو إلقاء النكت أو حتى الأحاديث العادية الممزوجة ببعض الطراوة، وعادة ما يتواجد في كل مجموعة العديد من الشباب، الذين يبحثون عن شابات يستحققن الدعم من وجهة نظرهم".

وتكون طريقة الدعم من خلال التطبيق أيضاً، إذ يتيح أدوات تعبيرية خاصة منها (الأزهار والألماس) يشتريها الداعم ويرسلها للفتاة، لكن الأخيرة لا تستطيع التحكم بها أو أخذ الهدايا مباشرة أو الحصول على ثمنها -عبر التطبيق- وتذهب الهدايا جميعها إلى إدارة كل مجموعة، يبيعها المدير ويعطي الشابات مبالغ مالية شهرية كمرتبات تتراوح بين الـ 20 والـ 50 دولاراً.

وتشير معدة التحقيق، إلى أن المجموعةَ التي انضمت إليها يديرها شاب عراقي يدعى "مصطفى"، الذي يُلزِم بنات الوكالة بقوانين صارمة فهو يدّعي حرصه عليهن وخوفه عليهن من الاستغلال الجنسي، ويطلب منهن عدم الإفصاح عن هُوِيّتهن الحقيقية أو صورهن ومعلوماتهن للداعم.

وهناك فتيات تساعدن هذا الشخص في إدارة بنات الوكالة، مثل "أريج ولانا"، أريج من ريف دمشق ولانا من حمص، وتنفذان تعليمات المدير حرفياً وإملاءاته وتطلبان من الفتيات الانصياع لأوامر مصطفى، الذي يزعم أنه يحبّ فعل الخير ويريد مساعدة السوريات لاطلاعه على أحوالهن الصعبة وعلمه بحاجتهن، وأنه لا ينال شيئاً من الأرباح وإنما يبيع الهدايا ويرسل الثمن لينتشل السوريات من براثن الفقر والحاجة، حسب وصفه.

ويعقد مصطفى اجتماعات دورية مع بنات المجموعة، يحثهنّ فيها على الالتزام بالقوانين، وتتلخّص بعدم إرسال أي معلومات أو صور حقيقية للشباب الداعمين، وعدم إنشاء مجموعات تواصل خاصة، فكثيراً ما كان ينشأ بين البنات وبعض داعميهن علاقات حب وإعجاب ومن الممكن أن يؤثر ذلك على سَيْر العمل، إذ من الممكن أن لا يرسل المعجب الأموال عَبْر التطبيق، ويرسلها بشكل خاص للفتاة التي نشأت بينه وبينها علاقة إعجاب أو صداقة، وبذلك تتضاءل فرصة مصطفى في الحصول على مبالغ إضافية عَبْر التطبيق.

تقول الصحفية آلاء في التحقيق: "المؤلم أن البنات كن يسمين دخولهن إلى التطبيق يومياً بالعمل، حيث يتوجّب على كل فتاة أن تبقى في العمل أون لاين لمدة لا تقل عن ساعتين إلى أربع ساعات يومياً، ومن الممكن أن تتجاوز المدة الست ساعات إذا كان هنالك حدث أو مناسبة تستوجب الحضور والمشاركة بالأنشطة والتحدِّيات، بَيْد أن مشكلة الإنترنت وانقطاع الكهرباء في مناطق سيطرة نظام الأسد كانت تَحُول دون مشاركة البعض، فينهال عليهنّ مصطفى بالسباب والشتائم لعدم التزامهنّ، ويشير لهنّ بأصابع الاتهام لتقصيرهنّ في شحن الهواتف والتساهل".

وغالباً ما يتجاوز الأمر السباب والصراخ، إلى التهديد بفضح أسرار البنات كون الإدارة تعرف معلوماتهنّ الشخصية، فعملية تحويل الراتب تتمّ عَبْر مكاتب سوداء لها أفرع في بلدان أخرى ويُطلَب من كل فتاة أن تُرسل صورة هُوِيّتها للمدير الذي يقوم بدوره بتحويل المبالغ المالية، وينبغي إبراز صورة البطاقة الشخصية عند تسلُّم المبلغ.

ويتعمّد مصطفى تشويه سمعة أي فتاة تركت العمل بعد الارتباط بداعم على مسمع البنات الأخريات لكي لا يحذون حذوها، ويصفها بـ"العاهرة بنت العاهرة"، وتؤيدانه أريج ولانا عَبْر طرح قصص ومواقف تدلّل على كلام المدير وتؤيده.

اقرأ أيضاً:
• الحكومة المؤقتة تعلن موعد افتتاح معبر "عون الدادات" أمام حركة المدنيين
• دوّن مع "آرام".. مساحة حرّة للتعبير
• كيف علق "المسلط" على طرده من مظاهرة أعزاز بريف حلب؟
شاهد إصداراتنا: