السبت 04 مايو 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.92 ليرة تركية / يورو
40.78 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.89 ليرة تركية / ريال قطري
8.62 ليرة تركية / الريال السعودي
32.35 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.92
جنيه إسترليني 40.78
ريال قطري 8.89
الريال السعودي 8.62
دولار أمريكي 32.35

رسالة الزلزال إلى ذوي الأموال

15 فبراير 2023، 07:16 م
زلزال تركيا
زلزال تركيا

فراس السقال

كاتب وباحث سوري

15 فبراير 2023 . الساعة 07:16 م

أوجّه هذه الرسالة إلى كلِّ جِهة أو جماعة أو مُؤسسة أو دولة في هذا العالم، وإلى جميع إخواننا المُسلمين، الذين يتعاطفون مع أهلنا في سورية بعد الزلزال المُدمّر الذي ضرب سورية وتركيا، ويَجمعون الأموال والأشياء لعونهم ونصرتهم، أقول لهم: 

بداية لقد رضينا بقضاء الله وقدره في هذا المُصاب الجلل، فالأمر أمره والحكم حكمه ونحن عبيده، فله الحمد على كلّ شيء، ولا نعترض على حُكم ربنا عزّ وجلّ.

ثانياً: إنّ مُصابنا عظيم وأليم ومُفجع، فلا يعلم حال أهلنا في الشمال السوري إلا من يعيش معهم أو يُعاين أوضاعهم ويتابع شؤونهم، فقد نال الشعب السوري خلال هذا العقد شرف التعرّف على شتّى طُرق الموت وأصنافه العديدة، من قصف النظام السوري المجرم وأعوانه، إلى الاختناق بالسلاح الكيماوي، إلى الحصار ومنع جميع مُتطلبات الحياة عن الأهالي، إلى الحبس والاعتقال التعسفي والتعذيب حتى الموت، إلى الموت غرقاً بالبحر بعد أن فرّ البعض طمعاً في حياة كريمة يحلمون بها، إلى الموت في المخيمات السورية المعدومة حيث البرد والجوع والحرق والفاقة، ثمّ وصلنا إلى الموت بالزلزال.

ثالثاً: نرجو من الإخوة المُتبرّعين أن يعلموا علم اليقين أنّ أكثر من90% من الذين تضرروا بالزلزال المُدمّر هم من أبناء الشمال السوري المُحرر، والذي يُسيطر عليه أبناء الثورة السورية، أمّا باقي المُتضررين من أهلنا أعانهم الله في مناطق النظام المُجرم قِلّة جداً، ولكن إعلام النظام السوري يسعى جاهداً على تضخيم الأعداد وتهويل الأمر طمعاً بسرقة المساعدات، وحرمان المُستحقين منها، وإسكات بعض مؤيديه من الشبّيحة بجزء يسير من تلك المُساعدات، وكذلك لتسليط ضوء المجتمع الدولي عليه، لعله يظفر بشيء من الشرعية في زعمه.

رابعاً: إنّ تلك المُساعدات الكثيرة التي وصلت إلى نظام الكيماوي بشار لم ينل منها شعبنا المنكوب شيئاً، فقد ظهرت فجأة على الأرصفة والبسطات وفي الدكاكين يسوقها شبيحة النظام للبيع، ولا تصل إلى يد المتضررين إلا بالثمن، وقد قام عدد من الناشطين المحسوبين على النظام وغيرهم بتوثيق تلك الانتهاكات، بينما راح الكثير منهم -لا سيما الذين يستطيعون رفع أصواتهم- بفضح كذب نظامهم بأنّه لا يُوصل المُساعدات إلى مُستحقّيها مع أنهم يرون المساعدات تدخل إلى البلد ولكنها تختفي مباشرة. 

خامساً: على الراغب الجادّ في إعانة الشعب السوري المُتضرر بالزلزال أن يكون أميناً في تقديم العون اللازم لصاحبه، وذلك بالتحقق من أحوال المتضررين، والوقوف على شؤونهم، ثمّ التعامل مع جهة صادقة ومسؤولة وأمينة يُوثق بها لتقوم على إيصال المعونات لأصحابها، ولا أظنّ ذلك كله متوافر لدى النظام السوري الفاجر. 

فبعض الإخوة المُتبرّعين الذين يُرسلون المُساعدات للنظام السوري يَقومون بجمع التبرّعات العينيّة والنقديّة ثمّ يُرسلونها إلى المجهول دون التوثّق من الجهة المُستلمة، أو أنّهم يُخدعون بالوثوق بالنظام الكاذب الذي ما يزال يُجرم ويَفتك بشعبه منذ 12 سنة، فكيف يأمنون أموال المُتضررين لدى هذا السارق وشبيحته؟!  

سادساً: إنّ أفضل السبل لنصرة الشعب السوري المُتضرر بالزلزال هو اتباع طرق الوساطة التركية، أو الدول التي تقف مع الشعب السوري لا مع المجرم بشار، وهناك العديد من المعابر التركية السورية في الشمال مُتاحة،  يُسيطر عليها أبناء الثورة السورية، فهم فقط القادرون على إيصال تلك المُساعدات بمصداقيّة وأمانة وتوثيق حتى بِمعيّة المُحسن والمُتبرع إلى كلّ مُستحقّ من أبنائنا المنكوبين. أو بالعمل على إصدار قرار أممي مُلزم بإدخال المساعدات عنوة عبر الشمال السوري دون أي تدخل أو مساعدة من النظام السوري بفريق عمل دولي مُستقل.

أمّا بالنسبة لمن تبقّى من أهلنا المنكوبين في مناطق النظام فأهلنا هناك كفيلون بِعونهم وكفايتهم رغم ضعفهم، إضافة إلى وجود الطرق والوسائل الكثيرة الخاصة بأهل تلك المناطق لإيصال العون إليهم من المناطق المحررة.

سابعاً: يليق بالإنسان عموماً والمسلم بشكل خاص ألّا يَقبل بالظلم، وأن يُساهم في رفعه عن نفسه وغيره ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وإنّ شعب سوريّة العظيم يتعرض لظلم كبير، ابتدأ من النظام السوري الظالم، ثمّ من المجتمع الدولي الأعمى في زمن الزلزال وقبله، فقد بقيت المعابر مُغلقة تماماً سبعة أيام منذ حدوث الزلزال المُدمّر ما جعل فُرص النجاة أمام العالقين تحت الأنقاض ضئيلة بل معدومة، لعدم توفر الإمكانات اللازمة لذلك، ورافق ذلك الشتاء والبرد القارس الذي لا تطيقه أبدان المنكوبين. فيجدر بكلّ إنسان حرّ لا سيما المُسلم أن يرفع الظلم عن أخيه، فنصرة المظلوم من حقّ المسلم على المُسلم، ومن النصرة إعانة المنكوبين في مِحنتهم ومُصابهم بإرسال كافة أنواع المساعدات اللازمة في هذه الكارثة، وعدم التأخر بها فكل ساعة تمرّ عليهم دون عون تزيد في عدد القتلى، وكذلك من الأهمية بمكان عدم إعانة الظالم في ظلمه علماً أنّ النظام يَستعين بهذه المساعدات في تقوية زبانيته على الشعب الأعزل. كما يجب فضح ممارسات الكذب والافتراء التي يمارسها النظام السوري على الدول والشعوب، والتحقق من أيّ خبر صادر من إعلامه الأفّاك الذي لا يفتر في كيل الافتراءات والتُهم والكذب على شعبنا دعماً لسيده وعلى حساب هذا الشعب المكلوم.

ثامناً: لقد تألّم شعبنا المحزون بأكمله حتى الذين يُحسبون على النظام من تلك المسرحية الوقِحة الخسيسة التي أخرجها الإعلام الأسدي في زيارة المُجرم وزوجته إلى مشفى حلب لعيادة المُتضررين، وقيامهم بتصرفات مَعيبة ومُخزية ومُسيئة بحقّ جميع الشعب السوري، بل بالإنسانيّة قاطبة، من الضحك والزغاريد والقُبلات والعناق والخلاعة وتوزيع الابتسامات وكأنهم في بار أو حفلة راقصة، وتناسوا أو تغافلوا أنّهم في مُصاب عظيم، وهذا دليل على كذب النظام فيما يتقوّلهُ ويدعيه عن أضرار الزلزال وأعداد المنكوبين، كذلك يَنمُّ عن استهزائه المُتعمد بالسوريين المُتضررين في الشمال السوري، وعدم اكتراثه بأيّ مُصيبة تلمّ بالشعب السوري، فلا يضيره كلّ ما جرى طالما يعيش بسلام وأمان وراحة ورفاهية مع زوجته وأولاده وعائلته القرداحيّة.

تاسعاً: من الواجب أن يعرف العالم أجمع أن أبناء سورية لا يعرفون الذلّة ولا المهانة، فشعار ثورتنا المباركة "الموت ولا المذلّة". وهذه المُصيبة التي ألمّت بنا لا ولن تجبرنا على الخضوع والاستكانة فتضعفنا أمام الحاجة الماسّة. فمن الساعة الأولى من الزلازل تكاتف جميع فئات شعبنا الأبي، وقاموا بجمع المَعونات وكلّ ما يلزم المُتضررين - كُلٌ حسب طاقته - فجمعوا أمولاً وفيرة والتي تعادل أضعاف ما دخل إلينا من المُساعدات، فلا تحسبوا أنّ الشعب السوري شعب مُتسوّل أو ذليل، ولكن المُصاب يحتاج إلى أخ أو صديق يقف بجانبه ليواسيه، والحمد لله في هذه المِحنة عرفنا إخواننا وأصدقائنا من أعدائنا، ففي المصائب والأزمات تعرف الأصحاب من الأعداء.

وإنّ عشائر سورية وقبائلها الكريمة يُضرب بهم المثل بالنخوة والمروءة والشهامة وإغاثة الملهوف، فالشاحنات التي جاءت من تلك العشائر تعجز عنها دول، فالشدائد تؤلف القلوب وتجمع الشتات وتوحّد الصفوف وتُظهر معادن الرجال. 

عاشراً: نتقدّم بالشكر الجزيل لكلّ من مَدّ يدَ العون وساعد شعبنا السوري أهلنا من جميع الدُول قاطبة مَادياً ومَعنوياً، كما نشكر إخواننا المسلمين على تعاطفهم الحثيث الرائع معنا في مصيبتنا، فالمسلم للمسلم كالبنيان المرصوص يَشدّ بعضه بعضاً. ومن فرّج عن مُسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب القيامة، نسأل الله تعالى أن يأجرنا في مصيبتنا ويعوضنا خيراً منها إنّه سميع مجيب.

وأخيراً أقول: لا تعطوا هذا النظام المجرم فرصة ليتنفس ثانية بعدما وصل إلى النهاية، فعونكم له يزيده قوة ويضعف شعبنا المنكوب، فلا تنخدعوا بكلامه وإعلامه المنافق، فو الله لو سئلتم شعبنا المنكوب الرازح تحت سيطرته لقال لكم: يا إخواننا إياكم أن تُرسلوا المساعدات لنا، فالنظام يسرقها ولا نأخذ منها شيئاً، ونحن نصبر على الجوع ولا نصبر على الذل، فلا يغرنكم هذا المجرم، والنصر قادم بإذن الله بزوال آل الأسد ونظامه وأعوانه.

شاهد إصداراتنا: