الإثنين 04 مارس 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.06 ليرة تركية / يورو
39.73 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.62 ليرة تركية / ريال قطري
8.37 ليرة تركية / الريال السعودي
31.39 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.06
جنيه إسترليني 39.73
ريال قطري 8.62
الريال السعودي 8.37
دولار أمريكي 31.39
...

هزة أرضية.. امسح الرسالة

18 فبراير 2023، 02:42 م

غريبة هي اللحظات الأخيرة من عمر اليوم عندما تسكن الحياة ويختفي صخبها وضجيجها، وتبدأ أولى مراحل مراجعة شريط ذكريات اليوم وما حصل، وصولاً إلى غرفة النوم ووضع رأسك على وسادة مريحة لتغط بنوم عميق، وفي الغالب عندما يهدأ رأسك على تلك الوسادة، فإن الأفكار في عقلك تثور بقوة فتارة تأخذك لذكريات اليوم المليئة بالسعادة وتارة تأخذك إلى آلام عميقة في داخلك.

لتولد في عقلك سلسلة من الخطط والخرائط الهادفة لتغير الواقع المؤلم الذي مررت فيه، فجأة انقطعت تلك الأفكار فقد غططنا بنوم عميق، ولا ندري من استطاع أن يستيقظ بعدها لموت فجأة أو زلزال دمر المنزل فوق رؤوسنا ودفن تلك الأفكار بعمق معنا.

من عايش لحظات الزلزال المدمر ونجا منه سيطلب منك أن تستجمع قوتك وتستحضر مخيلتك وكأنك ترتدي نظارات العالم الافتراضي، سيروي لك كيف أن الدنيا توقفت في تلك اللحظة التي أدركته فيها رحمة الله واستيقظ على اهتزاز المنزل، فترك أفكاره على الوسادة وهب واقفاً يتماسك بجدران تحتاج من يمسكها.

فاستجمع قوته وذاكرته واستدعى كل ما يتذكر من توصيات الحماية للوقاية من الهزات، فلم يستطع استجماع أي منها، فمشهد الحائط الذي يترنح سكراناً من هول الواقعة فيهوي تارة ذات اليمين وتارة ذات الشمال، كيف لحائط  صلب وجد لنحتمي به يتمايل أمتاراً؟ أين اختبأ وكل الجدران ستنهار؟.

لم نستطع استذكار الآيات التي تتحدث عن الزلزلة لأننا نعايشها فعلاً، فها هي "تذهل كل مرضعة عما أرضعت" لننجو بأنفسنا قبل الانهيار والغوص عميقاً في الأرض تحت الردم، وتسمر الأرض بالزلزلة فتهتز وتصرخ متألمة لهول ما يحدث، بل حتى الحجار والجدران تصرخ متألمة ومرتعبة فإن "عذاب الله شديد" وكيف لا نجزع ونذهل ونحن ضمن هذا المشهد المهول.

وربما ما يجزعنا فعلاً ليس الموت نفسه "فإنه ملاقيكم" بل ما يرعبنا أن تكون نهايتنا مع تلك الأفكار السوداوية التي كانت تراودنا قبل لحظات وتركناها على الوسادة حين اهتزت.

استطعنا الهرب والنجاة وبفضل من الله لم يتهدم المنزل فوق رؤوسنا، ثم رأيتنا نبكي من غير إدراك وننحب كثكلى فقدت كل أبنائها "وترى الناس سكارى وماهم بسكارى" كل مشغول بذاته وبقرب أجله فبين باكٍ وبين مشدوه فقد اهتزت قناعات الخلود وطول الأجل والاغترار بحلم الله.

وأيم الله إن سكرنا لم يكن الخوف من الزلزلة ذاتها وإنما الخوف من غضب الله تعالى شأنه والبكاء لرحمته. لا تستحضر بعد أن يهدأ روعك إلا مشهد يوم الدين الذي عشت جزءاً منه للتو، فترى الحشر والصحف تتطاير وتتراءى لك ذنوبك قبل حسناتك.

وتتمنى لو أن أكثرت من عمل الخير فتمنيت فرصة ثانية لم تتح لغيرك وربما يبكي الكثيرون "رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً" لكن هيهات من الرجوع، وهنيئاً لمن تم تنبيهه ورجع فعمل صالحاً.

ماذا لو اهتزت الأرض بغير هذا الوقت وكنت تقوم بظلمك؟ ماذا لو اهتزت الأرض وفي ذمتك حقوق للناس لم تؤدها؟  ماذا لو اهتزت وأنت تكتب الرسائل تلو الرسائل تؤذي بها أحداً او تهتك ستراً؟ هل ستسعفك تلك الثواني قبل الهدم لتتراجع وترد الحقوق وتطلب العفو؟  قد اهتزت الأرض فامسح تلك الرسالة.. فالمرتدة لن تترك لك فرصة.

المدونات المنشورة تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي شبكة آرام ميديا

اقرأ أيضاً: نظام الأسد يشترط مرور المساعدات عبره حتى يوصلها "لكل المواطنين"

شاهد إصداراتنا: