السبت 06 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

عدسة على الإدمان الرقمي.. مخاطر وواجبات (7)

08 مارس 2023، 11:44 م
الإدمان الرقمي- جهاز كمبيوتر
الإدمان الرقمي- جهاز كمبيوتر

آيات تركمان – آرام  

في أيامنا هذه انتشرت العديد من الوسائل التي تأخذ من الإنسان الكثير من جماليات حياته. ومع انتشار هذه الوسائل ظهرت مصطلحات وحالات كثيرة لم يسبق أن سمعنا عنها من قبل. ومن أحد هذه المصطلحات ظهر ما يدعى بالإدمان الرقمي حيث أصبح أكثر انتشاراً من إدمان المخدرات، والذي كنا نعتقد بأن الإدمان يخص هذا النوع من الاشياء السيئة فقط.

كثيرٌ منا من يعتقد أن الإدمان هو الإفراط باستخدام شيءٍ ما، لكن الكثير منا يجهل أن المعنى الحقيقي للإدمان يكمن في الكلمة ذاتها وهذا ما الذي سأُلخصه اليوم ببضع أسطرٍ من هذا المقال الذي سأشرح به عن الإدمان الرقمي وانواعه وسلبياته.

أولاً: إذا تعمقنا قليلاً بكلمة (إدمان) سنجد الكثير من الرعب والخراب بهذه الكلمة. فألفها إجرامٌ، حيث يرتكب الشخص جريمة شنيعة اتجاه نفسه وحياته. ودالها دمارٌ، فيدمر صحته وأخلاقه ونظام حياته الذي كان عليه. وميمها مضاعٌ، حيث يجد المدمن نفسه ضائعاً بين آفاقِ حياتهِ ولا يجد باب النجاةِ فيها فيبقى في نقطة الصفر لا رجوع له منها ولا مفر. فأما ألفها الثانية فتحمل معنى الإرهاب الذي يطغي على عقل الإنسان فيتحكم به كرجلٍ آليٍّ ليس له حريةً في التصرف. ونهايتها في نونها، وهي نهبٌ وسرقةٌ لحقِّ الجسدِ والعقلِ والأخلاق.

فلا عقلٌ سليمُ ولا جسدٌ قويُّ لحياةٍ نبيلةٍ وخُلقيَّةٍ. وأما الإدمان الرقمي فلهُ عدة أنواعٍ منها إدمان استخدام الهواتف الذكية وهذه متلازمة إدمان يتأثر بها المفرطون باستخدام هواتفهم لتجدهم دائماً قلقين ومتوترين عند تركهم لهواتفهم، ومنها الإدمان على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وهذه المتلازمة تقوم على استخدام المواقع كالانستغرام، الفيس بوك، التويتر والسناب شات وغيرها، يقوم الناس بمشاركة جميع أنشطتهم اليومية منذ الصباح حتى المساء لتجد الكثير منهم لا يشعر بالسعادة إذا قصَّر في نشر القصص أو المنشورات اليومية، وأُخرى عن الإدمان على استخدام الانترنت وهو ما يعرف باضطراب السيطرة على النفس والانفعالات، يصعب على الشخص التمييز بين الحياة الواقعية والحياة الافتراضية أو ما تدعى بالوهمية فتجد هذا النوع من المدمنين يحبون قضاء أغلب وقتهم على الانترنت لشدة حبهم للخيال.

وآخرها إدمان الألعاب الإلكترونية والتي سببت ضرر كبير بحياة الأطفال خاصةً وبعض الشباب عامةً حيث إنه يعد خطيراً جداً لأنه يؤثر على الصحة العقلية والبدنية في آنٍ واحدٍ مما يؤدي هذا النوع من الإدمان إلى اضطراب في النوم وتناول الطعام ويحب المدمنين على الألعاب الإلكترونية أن يعزلوا أنفسهم للعب على الإنترنت ليجعلهم دائماً قلقين ومكتأبين. هذا النوع من الإدمان الرقمي أصبح يشكل خطراً كبيراً على أهم ثلاث مقوماتٍ في الحياة. أولها صحة الجسد والعقل.

في أول الإدمان يبدأ الشخص بالسهر كثيراً والنوم لساعاتٍ قليلة وأحياناً عدم النوم لليلة التالية وهذا ما يؤثر سلباً على صحة العقل، فيصاب بالتراجع الذهني وعدم التركيز بصحة الأشياء من حوله وأحياناً يصل به المطاف إلى نوباتٍ عصبية بين حينٍ لآخر ما يؤدي بدورهِ لعدم القدرة على التحكم بأعصاب اليد أحياناً، فتصاب بمرض يدعى بمتلازمة النفق الرسغي وهو مرض يصيب رسغ اليد حيث يصبح العصب في مكان ما تحت العضلة فتقوم العضلة بالضغط عليه كلما قام المريض بتحريكها. أما صحة الجسد فأقل ضررٍ من الممكن أن يصل إليه الإنسان هو تراجع البصر وجفاف العين، وأحياناً البدانة أو نقص الوزن بشكلٍ مفرط وسوء التغذية، وبعض الصداع والأرق وبعض الآلامٌ في الظهرِ وبعض آلام الرقبة.

ثانياً: الصحة النفسية، فبكثيرٍ من الأحيان سيشعر المدمن بتأنيب الضمير إذا كان يعيش حياته على قصصه ورواياته الخيالية ويبثها بمواقع التواصل الاجتماعي كالتويتر والانستغرام والفيسبوك وغيرها من المواقع التي سهلت على الجميع في مختلف البلدان أن يقوموا ببث الأخبار بسرعة كبيرة ومشاركتها مع الجميع.

وبهذا سيكون قد خالف أخلاقياته وقام بالكذب على متابعينه. ومن الممكن أن يكتأب بسبب هذا الشعور ويقوم بعزل نفسه عن الآخرين وعدم الذهاب للعمل أو لزيارة أحد أقربائه أو حتى أصدقاءه المقربين. وذلك ما يدفعه للوحدة وعدم القدرة على تخطي الأمر، ومع ذلك فإنه لا يستطيع التراجع عن ما يقوم بفعله والحد منه.

من الممكن أن يؤدي هذا أيضاً إلى عدم الرغبة في الزواج والخوف من هذا الأمر فجميعنا نعلم أن أهم مقومات العلاقات وأساسها هي الثقة وتحمل المسؤولية فإذا دخل ما يدعى الكذب بهذه العلاقات فإن هذه العلاقات ستصبح سهلة الهدم وهذا ما يؤثر سلباً على الانتاج الفردي مستقبلاً. وأما الأطفال فنرى تأثير هذا الإدمان بسلوكياتهم التي اكتسبت صفات عدوانية وعنفوانية وبعض التنمر ليصل بهم الحال إلى الأنانية في تملك كل ما هو حولهم بالإضافة إلى عدم الرغبة في التعاون مع الغير أو مساعدتهم أو الحوار معهم ليصبحوا منطويين على أنفسهم بجميع مجالات حياتهم.

وأخيراً، فإن هذا النوع من الإدمان يلعب دوراً كبيراً بالهوية الدينية والأخلاقية. فكثيرٌ من المواقع الالكترونية تحرض وتعرض بصفحاتها ما لا يتناسب مع مناهجنا الدينية والأخلاقية فنجدها تشجع الأطفال خاصةً والشباب عامةً على التخلي عن دينهم والانحراف عن أخلاقهم، فمنهم من يدعوهم للإلحاد ومنهم ما ينمي بعقولهم فكرة أن بلاد المسلمين بلادٌ رجعية وإرهابية ويشوه معتقداتها بوضع الدلائل الوهمية كمنع شرب الخمر والعلاقات المحرمة والحروب التي قامت ببلاد العرب مسبقاً من غير ذكر الأسباب. فيقوموا أيضاً بنشر مقاطع محرمة وغير أخلاقية، ليقوموا بذلك باللعب بعقول الشباب لحرفهم عن ما هم عليه. لينجر الكثير من الشباب والأطفال ورائهم ويقوموا بتصديقهم والتخلي عن هوياتهم الدينية والأخلاقية واتباع السلوكيات الخاطئة والمحرمة رويداً رويداً.

للإدمان أنواعٌ مختلفةٌ، لكن سلبياته وآثاره واحدة. ففي أيامنا هذه الكثير من الأطفال والشباب قد أضاعوا أنفسهم وحياتهم بسبب ما يُدعى بالإدمان الرقمي والذي أصبح أكثر انتشاراً من إدمان المخدرات. الصحة الجسدية والنفسية والقيم الأخلاقية والدينية هي أهم العوامل التي يؤثر بها الإدمان الرقمي أو جميع أنواع الإدمان سلباً.

هذا ما قد وجده الكثير من الأطباء النفسيين ليقوموا بإجراء أبحاث ليكتبوا تقارير عن حالات وفاةٍ كثيرة بسبب هذا الإدمان وحذروا خطورة هذا الأمر وبدورنا نحن نحذر الأهالي والشباب عن خطورته وننصحهم بأهمية الأخلاق والدين وعدم الانجرار وراء ما يخالفهم ويصنع منهم صيدٌ سهلٌ ينالُ منه كل وحوش المجتمع. وعلى جميع الأهالي مراقبة أطفالهم وشبابهم للحد من هذا المرض الخطير الذي ينتشر في خلايا الدماغ كما ينتشر السم في أنحاء الجسم كلها، فلا يستطيع الإنسان أن يتخلص منه إلا بعد أن يفقد كامل صحته وحيويته وأجمل أيام حياته.

المقالات المنشورة تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي شبكة آرام ميديا

اقرأ أيضاً: عدسة على الإدمان الرقمي.. مخاطر وواجبات (2)

شاهد إصداراتنا: