السبت 06 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

محددات سورية ضرورية.. لأي مبادرة عربية

10 مارس 2023، 12:36 م
محددات سورية ضرورية.. لأي مبادرة عربية
10 مارس 2023 . الساعة 12:36 م

حفل المشهد السوري بعد زلزال السادس من شباط الماضي بحراك سياسي وإعلامي غير مشهود منذ العام 2011 غداة انطلاق الثورة السورية، إذ ما إن بدأت التداعيات المدمرة للزلزال، حتى انهالت على دمشق برقيات التضامن والتعزية مصحوبة بزيارات لمسؤولين عرب كزيارة وزير الخارجية الأردني، أعقبها زيارة نظيريه المصري والإماراتي إضافة إلى الزيارة التي قام بها الوفد البرلماني العربي الذي التقى برأس النظام يوم 26 شباط المنصرم، فضلاً عن الاتصالات الهاتفية المباشرة التي بادر بها كل من ملك الأردن ورؤساء مصر والجزائر وموريتانيا.

لا شك أن جميع أشكال هذا الحراك قد وجدت في التداعيات الكارثية للزلزال مدخلاً مناسباً بالمبادرة لإعادة العلاقة مع نظام دمشق، علماً أن العديد من تلك الأطراف هي بالأصل تحتفظ بعلاقاتها مع الأسد ولم تنقطع في يوم، وكان من الممكن ألا يحمل هذا الحراك الأخير أكثر مما يحتمل لولا مؤشرات تحول في سياسة دول عربية عرفت بمواقفها المبدئية والحازمة تجاه النظام، وخاصة المملكة العربية السعودية التي ألمح وزير خارجيتها يوم الثاني والعشرين من شهر شباط أثناء حضوره مؤتمراً للمناخ في ميونخ إلى "وجود توافق عربي على عدم استمرار الملف السوري كما هو عليه".

وبعيداً عما ينطوي عليه تصريح الوزير السعودي من تأويلات، فإنه يمكن أن يعكس رغبة عربية جادة بالتعاطي الجمعي مع القضية السورية، وهذه من حيث المبدأ، يمكن النظر إليها بإيجابية، باعتبارها تعكس اهتماماً عربياً بمصير الشعب السوري الذي استحكمت به أشكال الموت جميعها، كما تظهر إيجابية هذا المسعى بسبب غياب الدور العربي في مشهد القضية السورية طيلة السنوات السابقة، وكذلك لحاجة السوريين إلى وقوف أبناء جلدتهم معهم لمساعدتهم في إيقاف المقتلة القائمة في سوريا منذ 12 سنة.

إلا أن تلهّف السوريين إلى حل سياسي يفضي إلى إنهاء مأساتهم، لا يحول دون تكاثف غيوم الريبة والخوف مما يجري بين دمشق وبعض العواصم العربية، وخصوصاً تلك التي تهدف إلى تعويم نظام الأسد وتعتبره منتصراً على شعبه. ولعل المؤسف أن مثل تلك المساعي تتلاقى وتتشابك مع الدعوات التي يسعى إلى ترسيخها المحتل الروسي بتبعية أطراف أخرى من ضمنها المبعوث الدولي غير بيدرسون وذلك ضمن مشروع أطلق عليه (خطوة مقابل خطوة).

إذاً فما الحل الذي يريده السوريون ويلبي الحد الأدنى من تطلعاتهم؟

منذ وقت مبكر أوجدت القرارات الأممية ذات الصلة بالقضية السورية (جنيف1، 2254، 2118) آفاقاً واضحة لحل سياسي في سوريا، وذلك من خلال إنشاء هيئة حكم انتقالي مشتركة بين النظام والمعارضة، تليها مرحلة يتم فيها كتابة دستور جديد للبلاد ومن ثم الدخول في انتخابات عامة تحت رعاية أممية، إلا أن جميع هذه القرارات لم تحظَ بتفاعل جديّ من جانب النظام، بل مارس وما يزال حيالها كل أشكال التعطيل والرفض.

وفي موازاة هذا الرفض، استمر باتباع منهجه الأمني القائم على المزيد من العنف الذي وصل مرحلة التوحّش، الأمر الذي جعل الصراع في سوريا يخرج من إطاره السياسي إلى إطار وجودي من خلال استهداف حياة المواطنين بكل وسائل الدمار بما فيها المحرمة دولياً، فكانت حصيلة هذا التوحش هجرة 13 مليون سوري داخل سوريا وخارجها، واستشهاد ما يقارب المليون شخص ووجود 135 ألف معتقلة ومعتقل في زنازينه، حسب ما وثقته "الشبكة السورية لحقوق الانسان"، عدا عن الذين تمت تصفيتهم في السجون الذي وثقت قتلهم صور وشهادات "قيصر".

لعل هذه الحصيلة الرهيبة من الجرائم بحق السوريين قد جعلت رفضهم لأي تقارب أو أي مصالحة مع الأسد وسيلة نضالية من أجل الحفاظ على البقاء، باعتبار أن الجرائم التي ارتكبت بحقهم ليست أحداثاً مضت ويمكن نسيانها، بل وقائع لا تزال حاضرة وهي قابلة للتكرار طالما أن الجاني ما يزال متمسكاً بمنهجه الدموي الذي لا يمتلك سواه.

وتكفي الإشارة في هذا السياق إلى القصف الذي قامت به طائرات الأسد يوم 26 شباط لمحيط بلدات معرتمصرين وكفريا والفوعة في ريف إدلب، وذلك تزامناً مع وجود الوفد البرلماني العربي في دمشق وأيضاً تزامناً مع المأساة التي مُنِيَ بها السوريون جراء الزلزال. وفي ضوء ذلك لا تستقيم الدعوة الى حلول عبر المصالحة، بل ينبغي أن تكون عبر مقاضاة المجرم، ليس إنصافاً للضحايا من السورين فحسب، بل إنصافاً لمبدأ العدالة والقيم الإنسانية أيضاً.

وفي هذا السياق يمكن طرح أهم الأولويات التي يمكن أن تجسد مدخلاً مناسباً للحل في سوريا:

أولاً: الإفراج التام عن جميع المعتقلين السياسيين والكشف عن مصير المخطوفين والمغيبين قسرياً في سجون النظام ولدى جميع الأطراف، باعتباره مبدأ إنسانياً فوق تفاوضي.

ثانياً: إن تأمين دعوة المهجرين والنازحين إلى بيوتهم وبلداتهم دون أي عائق أمني يشكل الخطوة الأساسية لحالة استقرار مجتمعي، وهذا لا يمكن أن يحصل دون توفر البيئة الآمنة التي تعني رحيل الأسد وطغمته الحاكمة باعتبار رأس النظام بات متماهياً مع منظومته الأمنية التي لا يمكن أن تزول إلا بزواله.

ثالثاً: زوال الأسد وزمرته الحاكمة مع الإبقاء على مؤسسات الدولة قد يتيح المجال للعودة من جديد لتطبيق القرارات الأممية دون عوائق، وحين ذاك يمكن الحديث عن كتابة دستور جديد للبلاد وفق الأصول الدستورية المتعارف عليها.

رابعاً: سحب كافة الميليشيات والقوات الأجنبية من الأراضي السورية ودخول قوات أممية ريثما يعاد تشكيل الجيش والمؤسسات الأمنية في البلاد على أسس وطنية.

ربما تكون هذه الإجراءات أولية لكنها بالنسبة للسوريين تعتبر محددات أساسية لأي مبادرة حل تهدف إلى أن تضع حداً للمقتلة السورية وتمهّد لعودة السوريين إلى بناء دولتهم السورية.

ولإنضاج هذا الحل يجب الدعوة إلى مؤتمر وطني سوري عام يفضي إلى تشكيل كيان سياسي يمثل كافة السوريين بحق ولا يُختزل بقوى الثورة والمعارضة التقليدية أو المهيمنة على المشهد، بل يتسع لكل الأصوات السورية التي تريد إنقاذ سوريا ومنع المشاريع التي أدت إلى احتلالها واستباحتها، وإيقاف نزيف الحرب والفساد والجوع الذي طاول كل السوريين على امتداد الجغرافيا السورية، وإنهاء جميع سلطات الأمر الواقع وإعادة بناء الدولة السورية على أسس وطنية مدنية وديمقراطية، يحترم تطلعاتهم وإرادتهم وتناط به قيادة البلاد سياسياً في المرحلة الانتقالية.

المصدر: المدن

المقالات المنشورة تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي شبكة آرام ميديا

اقرأ أيضاً: هل سترعى سلطنة عمان مشروع التطبيع مع الأسد؟

زلزال سوريا ليس طوق نجاة لإنقاذ الأسد ونظامه!

شاهد إصداراتنا: