الأحد 05 مايو 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.92 ليرة تركية / يورو
40.78 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.89 ليرة تركية / ريال قطري
8.62 ليرة تركية / الريال السعودي
32.35 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.92
جنيه إسترليني 40.78
ريال قطري 8.89
الريال السعودي 8.62
دولار أمريكي 32.35

المعارضات السورية أركان قوتها وارتهاناتها

08 يونيو 2023، 02:41 م
مرهف الزعبي
مرهف الزعبي

مرهف الزعبي

كاتب سوري

08 يونيو 2023 . الساعة 02:41 م

قبل الخوض في الحديث عن السياسة، والمعارضات السياسية لابُدَّ للقارئ أن يعي ما هي المعارضة السياسية؟ ولماذا اتخذ الحاضن الثوري للمتصدرين من أعضاء المعارضات السورية الموقف العدائي؟ ولماذا انهارت الثقة ما بين الطرفين، وزادت الهوة بينهما؟ ولم يعد لها تمثيل ثوري حقيقي على الأرض؟

فبتعريف مبسط لها هي عمل القوى السياسية ضد من هو في سلطة الحكم لا مساندته، أو تعويمه. أي بتعبير آخر هي جماعات لها أهداف سياسية وتملك في الإطار الحقوقي القدرة على إعلان وجهات نظر، ومواقف مباينة للمواقف الحكومية. ويضيف هانس مورغانثو على أن السياسة هي مجال السلطة. والعمل السياسي هو الكفاح من أجل القوة. وأن أساس السياسة هي المصلحة الوطنية المصاغة بمفردات السلطة.

بالعودة إلى ما تمتلكه المعارضات السورية من موارد مالية ضخمة تدرها عليها المعابر الحدودية بعشرات ملايين الدولارات شهرياً حسب رواية بعض الموظفين. فهي حتماً كافية لتقديم كل ما يلزم من دعائم لفتح مشاريع اقتصادية، وإعادة ترميم البنى التحتية، وزيادة دخل الفرد العامل في المجال الصناعي، والاهتمام بالمجال التعليمي والتربوي، ناهيك عن تأمين القطاعين الزراعي، والصحي، والرعاية الاجتماعية لذوي الشهداء، والمعتقلين، والجرحى. وليس آخراً التصنيع الحربي من أجل فتح المعارك اتجاه الجيوش المحتلة، وميلشيات الارتزاق. فبدا الاستيلاء على هذه الإيرادات أهم من توظيفها في القطاع الثوري العام. فلم يخرج منها ما يتم استثماره لصالح الثورة، أو أبنائها من المدنيين الذين ذهب أغلب شبابها مجبراً لرمي نفسه في أحضان الارتزاق من أجل أن يعيل بأسرته، أو بأيتام أقربائه، وأراملهم. عندما ابتعدت المعارضات عنهم، وتركتهم لملاقاة حتوفهم بصواريخ الغزاة الروس، والإيرانيين. دون أن تقوم بالرد عليهم، أو مفاجأتهم بأعمال قتالية انتقاماً للأبرياء الذين سقطوا ضحايا المال السياسي المشروط، وضحايا سوتشي، وأستانا.

ولا نقلل من شأن هذه الموارد المالية إذ نقول بأنَّها كافية لتغيير الواقعي المأساوي الذي يعيشه السوريون في شمالهم على جميع الأصعدة. وبنفس الوقت يُسقط أضاليل المعارضين الذين برروا خياناتهم، وارتباطاتهم بأجهزة مخابرات ودول بعدم وجود موارد مالية تساندهم لحشد معارك التحرير التي بقيت متوقفة طيلة ثماني سنوات ونيف. فما يصلهم من المعابر الحدودية كافٍ لرفض المال السياسي المشروط. وعدم القبول بالوصاية الأجنبية. وسينعكس رفضهم للوصاية إيجابياً على السوريين في شمالهم فيما لو وظفوه لصالح الثورة، وسيكونون هم الرابح الفعلي في حشد معارك التحرير. ورغم ذلك لا يزال الثائر الذي يرابط على الثغور في الحرِّ، والقرِّ لا يصله ما يسدُّ به رمق أسرته ولو لبضعة أيام مما يصل لأدراج هذه المعابر. بينما تُكدَّس هذه الأموال في الخارج لصالح المسيطرين عليها. للعيش بحياة البذخ، والترف، والرفاه.

المحير في الأمر أن دولاً تعيش حالات الرخاء الاقتصادي، والرفاه الاجتماعي تتوحد على الرغم من اختلاف اللغات، والدين، والجغرافيا. فانتشرت الأقلمة على نطاق واسع في العالم. ولم توحد دماء الشهداء، وعذابات المعتقلين، وقهر النازحين، والمهجَّرين المعارضات السورية. فبدا الانقسام، والتشتت هما المتصدران لمشهدهما. والمسيطران عليهما. فحلَّ الاقتتال البيني بدلاً من توجيه المعارك نحو ميلشيات بشار، ومرتزقته. ولم يستطع هؤلاء التوحد، ورصَّ الصف، وتوحيد الجهود القتالية نحو الأعداء. فغرق الشمال السوري في سيطرة قوى استخباراتية متعددة تساعده في إبقاء الوضع كما هو عليه المعارضات التي تلقت الدعم المشروط، ورضخت لشروط قوى مخابراتية معادية بمقرراتها لأهداف الثورة السورية. فانتشر التجهيل، والتفقير، والإفساد، وتجارة المخدرات، والترويج لها، وتزوير الحقائق، وتضليل الحاضن الثوري. وكم الأفواه، والتضييق على الثوار. الأمر الذي عاد على سوريي الشمال بالوبال، والكوارث، والتبرئ من معارضي الثورة ممثلين، وقادة. وصولاً إلى الابتعاد عن احتضان هؤلاء، أو تقديم الشرعية لهم، والانتهاء بالطلاق الحبي.

فبعد استراحة تُقارب الثماني سنوات من عدم خوض المعارك، وتوقف القتال، وعدم استنزاف ما يصل لجيوب المعارضين. بالإضافة إلى وجود الأراضي الزراعية الخصبة، ومياه الري، والثروة الحيوانية اللواتي يخففون عليهم الكثير من الأعباء. أن يكون هؤلاء القوة الضاربة في الشمال السوري على جميع المستويات. وأن تهاب قوتهم كل من يحاذيهم من أسد، وقسد. بعكس جيش بشار، والميلشيات المرتزقة التي أنهكها القتال، والقصف، والتحرك من مكان لآخر، ناهيك عن الاستنزاف المالي، والبشري الذي حلَّ بالأطراف المعادية للثورة.

فعلى سبيل المثال لا الحصر؛ اليابان أصبحت قوة اقتصادية ضخمة تقوم على أرخبيل لا يكاد يصلح للسكن، ولا تحتوي بواطنه البركانية على أية ثروات طبيعية تذكر نقلته الأمانة، والإخلاص، وحب الوطن لأن يصبح قوة عظمى في العالم. في حين أن دولاً عديدة في المعمورة تضيق بأرضها الثروات الطبيعية والكنوز تكاد تعجز عن إطعام شعوبها. وذلك بسبب الوصاية، والارتهان الأجنبي، والاستقواء بالخارج على حساب المصالح الوطنية.

وفي النهاية، ومهما يكن من أمر فإن الدرب الذي خطَّه الثوار لأنفسهم درب لا رجعة عنه بعد أن قدَّم الشعب السوري الحر كل غالٍ، ونفيسٍ من تضحيات لم يبخل بها من أجل نيل حريته، واسترداد كرامته، وإسقاط حكم أسد، والوصول للسلطة.

اقرأ أيضاً:

شاهد إصداراتنا: