الجمعة 03 مايو 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.92 ليرة تركية / يورو
40.78 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.89 ليرة تركية / ريال قطري
8.62 ليرة تركية / الريال السعودي
32.35 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.92
جنيه إسترليني 40.78
ريال قطري 8.89
الريال السعودي 8.62
دولار أمريكي 32.35

القيصر و بائع النقانق

29 يونيو 2023، 09:44 ص
عبد الناصر حوشان
عبد الناصر حوشان

المحامي عبد الناصر حوشان

كاتب وحقوقي سوري

29 يونيو 2023 . الساعة 09:44 ص

لقد أضحى ما فعلته شركة فاغنر مؤخرا في روسيا الشغل الشاغل للمحللين السياسيين و الصحافة والإعلام و لما لهذا الحدث من أهمية وخطورة على وحدة الدول و سيادتها التي تنتشر فيها أمثال هذه الشركات التي أصبحت تشكل دولا داخل الدول الأمر الذي اقتضى منا بيان ماهية شركة فاغنر و دورها في سورية و أوكرانيا والتبعات القانونية لجرائمها وأثرها على رئيس النظام الروسي فلاديمير بوتين و تحليل أبعاد محاولاته دمجها في الجيش الروسي أو إجبارها على إبرام عقود مع الحكومة الروسية .

عرفت وثيقة “مونترو” سنة 2008 بشأن الالتزامات القانونية الدولية والممارسات السليمة للدول ذات الصلة بعمليات الشركات العسكرية والأمنية الخاصة أثناء النزاع المسلح على أنّ: الشركات العسكرية الأمنية الخاصة هي كيانات تجارية خاصة تقدم خدمات عسكرية و/ أو أمنية بصرف النظر عن الطريقة التي تصف بها نفسها وتشمل الخدمات العسكرية والأمنية بوجه خاص توفير الحراسة والحماية المسلحة للأشخاص والممتلكات مثل القوافل والمباني والأماكن الأخرى وصيانة نظـم الأسلحة وتشغيلها واحتجاز السجناء وتقديـم المشورة أو التدريب للقوات المحلية ولموظفي الأمن”.

كما عرفها مشروع الاتفاقية المقترحة بشأن الشركات العسكرية والأمنية الخاصة على أنّها: ” كيانات تقدّم لقاء تعويض خدمات عسكرية و/أو خدمات أمنية بواسطة أشخاص طبيعيين و/أو كيانات اعتبارية”.

تأسست شركة “فاغنر” سنة 2014 على يد أحد ضباط الاستخبارات العسكرية ” ديميتري أوتكين ” وبرز دورها في شرق أوكرانيا في آذار 2014 في العمليّات السريّة للنظام الروسيّ بهدف تخفيف الضغوط الدولية ضده فنشطت في جزيرة القرم، وفي إقليم دونباس ولوهانسك حيث دعمت الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا وانضمت إلى صفوف الجماعات المتمردة التي تحارب السلطات الأوكرانية الموالية للغرب.

تعود جذور نشأة شركة فاغنر إلى شركة أوريل لمكافحة الإرهاب التي تأسست في مدينة أوريل سنة 2003 كونها مركز للتعليم والتدريب غير الحكومي من قبل أفراد متقاعدين من القوات الخاصة وأبرمت هذه الشركة عقود مع شركات مدنية روسية متعددة بغرض حماية عملياتها التجارية في الطرق، وانبثقت عن الشركة المذكورة عدة شركات منها شركة “موران” للأمن المسجلة رسميا في سنة 2011 التي ثبت تورّطها في أعمال غير قانونية في نيجيريا.

طلب النظام السوري مع بداية الثورة من مجموعة موران للأمن المساعدة للسيطرة على البنية التحتية للنفط والغاز حينها اعتمدت هذه الشركة الروسية على شركة فرعية في “هونغ كونغ” الصينية تسمى “فيالق السلافية ” لصاحبها “فاديم غوسيف” ومساعده “يفغيني سيدوروف”، وأرسلت حولي”300 “مرتزق وفي أول مواجهة لها مع فصائل الثورة في منطقة تدمر انسحبت وعلى إثر فشلها وخلافاتها مع النظام السوري حول المستحقّات الماليّة تم اعتقالهما من قبل الأجهزة الأمنية الروسيّة بتهمة إدارة مجموعات مرتزقة، لتحلّ محلها شركة فاغنر في سنة 2015 وقد بدأت فاغنر بتنفيذ مهام قتالية حقيقية وفقاَ لتصريحات قادتها، وتضم مجموعة فاغنر مجموعة” كارباتي” التي تتكون من “300”مرتزق” من القوزاق الذين يحملون الجنسية الأوكرانية بالإضافة إلى مجموعات من القوات الخاصة الروسية “المشاة” إلى ثمانية آلاف روسي في سورية إلى جانب القوات الحكومية.

• ووفقاً لوثيقة مونترو يقـع علـى عـاتق الـدول المتعاقـدة ودولة الإقليم ودولة المنشأ الالتزامات التالية:

  • الالتزام بعـدم التعاقـد مـع شـركات عـسكرية وأمنيـة خاصة لتنفيذ أنشطة يسندها القانون الإنـساني الـدولي صـراحة إلى موظـف حكـومي أو سـلطة حكوميـة، مـن قبيـل ممارسـة سـلطة الـضابط المـسؤول عـن معـسكرات أسـرى الحـرب أو عـن أماكن احتجاز المدنيين، وفقا لاتفاقيات جنيف.
  • ويقـع علـى عـاتق الـدول المتعاقـدة الالتزام بـسن أي تـشريعات لازمـة لفـرض عقوبـات جنائية فعالة على الأشخاص الذين يرتكبون أو يأمرون بارتكاب انتهاكات خطـيرة لاتفاقيـات جنيف، ولبروتوكولها الإضافي الأول، عند الاقتضاء، كما يقع على عاتقها التزام بالبحـث عـن الأشخاص الذين يُدَّعى أنهم ارتكبوا هـذه الانتـهاكات الخطـيرة أو أمـروا بارتكابهـا، وتقـديمهم إلى محاكمها، بصرف النظر عن جنسيتهم. ويجوز لهـا أيـضا، إذا فـضلت ذلـك ووفقـا لأحكـام تشريعاتها، تسليم هؤلاء الأشخاص إلى دولة أخـرى معنيـة ليُحـاكموا فيهـا، شـريطة أن تكـون تلك الدولة قد أقامت ضدهم دعوى ظاهرة الوجاهة، أو إلى محكمة جنائية دولية.
  • يقع على عاتق دول المنشأ التزام بإجراء التحقيقـات بـشأن الأشـخاص المـشتبه في ارتكابهم جرائم أخرى بموجب القانون الدولي، مثل التعـذيب أو أخـذ الرهـائن، أو ملاحقتـهم أو تــسليمهم أو تقــديمهم للمحاكمــة، بموجــب القــانون الــدولي، أو عنــد الاقتــضاء، وفقــا لالتزاماتها بموجـب القـانون الـدولي. وينبغـي أن تُجـرى هـذه المحاكمـات وفقـا للقـانون الـدولي الذي يقضي بإقامة محاكمة عادلة، مع مراعاة أن تتناسب العقوبات مع خطورة الجريمة.
  • تتحمل هذه الـدول المـسؤولية عـن انتـهاك الـشركات العـسكرية والأمنيـة الخاصـة أو موظفيهـا للقـانون الإنـساني الـدولي أو قـانون حقـوق الإنـسان، أو أيّ قواعـد أخـرى للقـانون الـدولي، عنــدما تُعــزى مــسؤولية هــذا الانتــهاك إلى الدولــة المتعاقــدة عمــلا بالقــانون الــدولي العــرفي، وخصوصا إذا كانت الشركات العسكرية والأمنية الخاصة قد سجّلتها الدولة المعنية في قواتها المسلحة النظامية عملا بتشريعها الوطني أو أعضاء في قـوات أو جماعـات أو وحـدات مـسلحة منظمـة تحـت إمـرة قيـادة تابعة للدولة.
  • فـإن كـان موظفـو الـشركات العـسكرية والأمنيـة الخاصـة مـن المـدنيين وفقـا للقـانون الإنساني الدولي، لا يجوز أن يكونوا هدفا للهجوم إلا في حالـة مـشاركتهم المباشـرة في أعمـال عدائية وفي حدود وقت تلك المشاركة.
  • يتمتعـون بالحمايـة باعتبـارهم مـن المـدنيين بموجـب القـانون الإنـساني الـدولي، إلا في حالــة إدمــاجهم في القــوات المــسلحة النظاميــة لدولــة مــا أو كــونهم أعــضاء في قــوات أو جماعات أو وحدات مسلحة منظمة تحت قيادة مسؤولة أمـام الدولـة؛ أو إذا فقـدوا الحمايـة التي يتمتعون بها على النحو الذي يحدده القانون الإنساني الدولي.
    • مسؤولية رؤساء الشركات العسكرية والأمنية الخاصة:
    باعتبار الشركات العسكرية الخاصة شخصيات اعتبارية لا يمكن أن تحقق معها محاكم جنائية دولية أو محلية و يمكن فقط نظر المسؤولية الجنائية الفردية لموظفيها و المسؤولين الحكوميين، سواء كانوا قادة عسكريين أو رؤساء مدنيين، أو المــديرين أو المــديرين التنفيــذيين للــشركات العــسكرية والأمنيــة الخاصــة، يمكــن أن يتحملــوا المــسؤولية عــن الجــرائم، بموجــب القــانون الــدولي، الــتي يرتكبــها موظفــو الشركات العسكرية والأمنية الخاصـة العـاملون تحـت سـلطتهم ورقابتـهم الفعليـة، نتيجـة لعـدم ممارسـتهم الرقابـة علـيهم بـشكل سـليم، وفقــا لقواعـد القـانون الـدولي. ولا يتحمـل الرؤسـاء المسؤولية بحكم العقد فحسب

• مسؤولية الدول المتعاقدة مع الشركات العسكرية الخاصة: يمكن تحميل الدولة المسؤولية إذا ثبت أن الدولة المستأجرة أمرت بشكل محدد بسلوك أدى إلى انتهاك للقانون الدولي الإنساني أو القانون الدولي لحقوق الإنسان. وتختلف هذه المسؤولية للدولة عن المسؤولية الجنائية التي يتحملها القادة لكنها يمكن أن تفتح الباب أمام الحق في التعويض.

  • ما لم يتسن إثبات اندماج أفراد الشركة العسكرية المسلحة بالقوات المسلحة للدولة المستأجرة، يبدو من المستحيل تحميل الدولة المسؤولية فيما يتعلق بجرائم ارتكبت على يد متعاقدين من القطاع الخاص.
  • تتطلب إمكانية تحميل الدولة المسؤولية عن سلوك شركات عسكرية خاصة تعديل تنظيم وعلاقات السلطات بين الدول المتعاقدة ودول المنشأ ودول الإقليم علاوة على بدائل وضمانات فعالة لاتفاقات الحصانة القائمة على المستوى الدولي.
    للعلم إنّ حجم القوات العسكريّة الروسيّة في سورية بلغ “25738 ” ضابطاً و”434 “جنرالاً و”4329 ” خبيرا في سلاحي المدفعيّة والصواريخ و”48000 ” جندياً وحوالي “3000” من المرتزقة من الجنسيّة السوريّة كل هؤلاء كانوا شركاء فاغنر في جرائمها في سورية وأوكرانيا بعد نقل قسم كبير منهم للقتال هناك، وقد نشأت كتلة عسكريّة نظاميّة من هؤلاء تدين لزعيم فاغنر أكثر من ولائها للجيش الروسي وهي التي تعرّضت للغدر كما يزعم زعيمها وهي التي باتت مصدر تهديد لوجود بوتين عبر أي عمليّة انقلابيّة أو إثارة الانقسام في صفوف الجيش والشعب الروسي.
    كما ترتبط هذه الكتلة بعلاقات تجارية مع شركة ” ميركوري” وشركة “فيلادا” للتنقيب عن البترول و”Stroytransgaz” المستحوِذة على قطّاع إنتاج الغاز والنقيب عنه وشركة “STG Logistika” المحدودة المسؤولية لإدارة واستثمار مرفأ طرطوس وشركة “Argus SFK” وشركة “Argus SFK” العائدة لزوجة الجنرال سيرغي سوروفيكين قائد القوات الروسيّة السابق في سوريّة وقائد العمليات العسكرية الخاصّة الروسيّة في أوكرانيا الذي أقاله بوتين بعد ثلاثة أشهر من توليّه مهامه وتعيين رئيس الأركان العامة فاليري جيراسيموف مكانه.
    وبعد ثبوت مشاركتهم بأعمال قتاليّة مباشرة وتجاوزوهم الممارسات السليمة التي حدّدتها وثيقة مونترو للشركات الأمنيّة تحوّلوا إلى مرتزقة وفقاً للفقرة”1″ من المادة الأولى من اتفاقية الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتدريبهم وتمويلهم لسنة 1977 التي عرّفت “المرتزق” هو أي شخص: يجند خصيصاً، محليا أو في الخارج، للقتال في نزاع مسلح لقاء مغنم شخصي، وهو ليس من أفراد القوات العسكريّة لطرفي النزاع أو غير موفد من دولة غير طرف في مهمة رسمية بصفته من أفراد قواتها المسلحة.
    مما يرفع عنهم الحماية القانونيّة بصفتهم فئة محميّة بموجب القانون الدوليّ الإنسانيّ “مدنيين” وبالتالي حرمانهم من التمتع بوضع المقاتل أو أسير الحرب وفقاً للمادة”48″ من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977. وبالتالي أصبحوا أهدافًا مشروعة ويمكن أيضًا احتجازهم ومحاكمتهم على أساس مثل هذه المشاركة باعتبارها عملًا من أعمال الحرب التي تلحق الضرر بأفراد أو معدات القوات المسلحة المعادية وفقاً للفقرة “3” من المادة”51″ من البرتوكول الإضافي الأول.
    ومن هنا يمكن فهم أبعاد وأهداف محاولات رئيس النظام الروسي بوتين دمج فاغنر بالجيش الروسي مت خلال فرض التعاقد بهدف تعديل تنظيم وعلاقات السلطات بين الدول المتعاقدة ودول المنشأ ودول الإقليم لتفادي مسؤوليّة روسيا بصفتها دولة المنشأ والمتعاقدة عن جرائم فاغنر وتحويل وضعهم القانوني من مرتزقة إلى مقاتلين “متعاقدين” وبالتالي تمتّعهم بوضع “أسرى الحرب ” وحقّ الحماية بموجب القانون الدولي الإنساني وفقاً للفقرة “3” من المادة”43″ من البرتوكول الإضافي الأول.
    كما يهدف بوتين من وراء ذلك القضاء على أي احتمال للتمرّد عليه من قبل تلك الكتلة العسكريّة المرتبطة بزعيم فاغنر عبر ملاحقة مرتزقة فاغنر أمام المحاكم الوطنيّة الروسيّة بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانيّة عبر تفعيل التزاماته الواردة في وثيقة مونترو باعتبارها دولة المنشأ ودولة متعاقدة بمباشرة التحقيق في جرائم فاغنر ومحاكمة مجرميها.
    كما يهدف إلى حماية مصالح الشركات الروسية العاملة في سوريّة المُتعاقدة أو الشريكة مع فاغنر من العقوبات الدوليّة.
    كما يهدف إلى لتعطيل أي محاولة لإقامة دعاوى ضدها و بالتالي ضدّه أمام المحكمة الجنائيّة الدوليّة كونها تقاتل إلى جانب قواته النظاميّة في “عدوانه” على أوكرانيا، و كونها تقاتل في سورية تحت قيادة القوات الروسيّة في قاعدة حميميم الجويّة في” نزاع داخلي مًسلّح” الذي يحظر القانون الدولي على الدول التدخّل فيه سوءاً بطريقة مباشرة أو غير مباشرة كما نصّ قرار الجمعيّة العامة للأمم المتحدة رقم “3314” لسنة 1974 الذي اعتبر أنّ تجنيد المرتزقة أ تدريبهم أو تمويلهم أو إرسالهم للقتال الى جانب أي طرف في نزاع داخلي يُعتبر من أعمال العدوان

المصدر: رسالة بوست

اقرأ أيضاً:

شاهد إصداراتنا: