الأحد 05 مايو 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.92 ليرة تركية / يورو
40.78 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.89 ليرة تركية / ريال قطري
8.62 ليرة تركية / الريال السعودي
32.35 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.92
جنيه إسترليني 40.78
ريال قطري 8.89
الريال السعودي 8.62
دولار أمريكي 32.35
...

يا فرسان المنابر في الشام ... أين المفر

13 يناير 2020، 03:30 م

ريحُ العبيرٍ لكم ونحنُ عبيرُنا ... رَهَجُ السنابكِ والغبارُ الأطيبُ

لم يعد يخفى على الصديق والعدو أو القريب والبعيد ما تتعرض له الأمة الإسلامية اليوم من استهدافٍ مباشرٍ لدينها وعقيدتها وشعائرها التي تربت عليها منذ تاريخ إشراقة فجر التوحيد ببطن مكة وحتى يومنا هذا .

ولما كانت خطبة الجمعة تلخص سياسة الدوله العامه وتوضح مسارها وأهدافها سواءاً كانت البعيدة أو المرحلية ففيها كانت الرايات تعقد والجيوش تجهز والأمة ترشد إلى مكامن القوة والمنعة فتعض عليها بالنواجذ وترشد أيضا إلى مكامن الضعف والوهن فتتخلص منه وتصلح من شأن حالها فضلاً عن إلهاب حماسة المسلمين في صد عدوان أو التنبيه لخطر محدق أو الدعوى لتحقيق مصلحة كبيرة تأكل ثمارها وتستضل فيئها الأمه في قادم أيامها .

فيا فرسان المنابر بالشام ..أين المفر

أين المفر ... عن نازلة العصر التي ألمت في أمتنا وسرت فيها سريان الدم في الشرايين وبلغت منها الجهد في تغريبها عن عقيدها ومصادر عزها وتمكينها حتى باتت أمة الإسلام اليوم في حالةٍ لا يرثى لها بين الأمم الممتدة على زوايا الدنيا الأربعة .

أين المفر ... عن غربة فكرية ممنهجة مدفوعة الثمن فصلت عصر النبي صلى الله عليه وسلم بما يحتويه من صناعة الجيوش وبراعة الإدارة وذكاء السياسة حتى تحطمت على يديه الطاهرتين أخبث جاهليه عرفتها البشرية جمعاء فغير العقول وأنقذ الأرواح ورفع سقف المطالب من دنيا مهما تبهرجت لابد لها من نكوص وإندثار إلى جنة سقفها عرش الملك الديان .

أين المفر ... يا فرسان المنابر عن مجازر تحصد المسلمين في إدلب اليوم كحصاد المنجل مواسم الآكلين حتى غدا نسف البيوت المستورة و سفك الدماء المعصومة وتطاير الأشلاء المكلومة والمعجونة بعجاف السنين ومرارة الأيام قهراً وألماً وفجعاً وكأنها شيئا ً من تسابيح الدهر أو تراتيل الحياة .

أين المفر ... عن أسيرات تصدعت وتشققت لأنينهن شاهقات الحجاز ودمعت لهول مصابهن حجارة الحرمين ولسان حالهن ينادي في إرجاء هذا الخراب ( ياليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً )

أين المفر ... يا فرسان المنابر عن شباب تسيري في عروقهم دماء أهل الثغور وعزة الفاتحين فركنوا الى الفتات من الدنيا كما يركن الرضيع إلى حجر أمه بعدما خُدرت حواسة وأبعدت عن جراح الأمة علاقاته .

أين المفر ... من جنود مجهولين عند الناس معلومين عند الله أثقلتهم هموم من خلفوهم خلف ضهورهم يتجرعون مرارة الدنيا وشظف العيش وهم على ثغورهم محافظين وعلى آلام الأمة مرابطين

أين المفر يا معشر الخطباء عن هذا وذاك .

أبعد كل هذا تطيق منابرنا أن تتحدث اليوم عن شروط الغسل ونواقض الوضوء ومواضع سجود السهو وغيرها من تلك المواضيع .

ولما نودي للصلاة من يوم الجمعة وكلي شغف وحماس في أن أسمع اليوم ما يلهب المشاعر ويثلج الصدور ويشفي القلوب فما أن تكلم الخطيب حتى خارت العزيمة وغارت القوة وتبدد الحماس بخطيب يقول كلاما ربما يكون أجمل في غير هذا الوقت من حياة أمةٍ مسلمةٍ وقد تلها عدوها للجبين بعدما نصب لها المسارح وهيئ لها الأكفان في مذابح التصفية بكل مكوناتها وتياراتها الجهاديتة والفكرية والعلمية ولم يستثني منها أحدا يقول ربي الله .

فلما نودي للصلاة من يوم الجمعة و وقفت بين كلمات المنبر وحال الأمة اليوم فهمت بل تيقنت كيف سقطت القدس بيد مجاهيل العصور الأروبية الوسطى وكيف تسلط المغول على حاضرة العباسيين في بغداد وكيف أضحت دمشق والقدس وبغداد ومكة والمدينة المنورة رهينة تفاهمات سايكس بيكو المشؤمة و كيف دفنت وغيبت راية الخلافة الإسلامية عن حركة الحياة وقواعد الدنيا * إن لم تكن خطبة الجمعه هي منبر التوجيه السياسي و المعنوي للأمة فماذا تكون إذن !!

* إن لم تكن خطبة الجمعة منبر إعلاميا لتجديد وتصحيح وتنقية المفاهيم فماذا تكون إذن !!!

* إن لم تكن بمثابة رسالة تجنيد للأمة بكل مشاربها للوقوف سدا واحدا وحاجزا منيعا ضد مشاريع استئصالها ومخططات عدو يسعى نهارا جهارا لطمس هويتها وحرف مسار نهوضها التاريخي المنتظر ...فماذا تكون إذن ..يا فرسان المنابر في الشام .

بقلم محمد السعيد