الجمعة 12 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

الخوف عند الأطفال بسوريا.. وحكاية الطفلة سلوى

06 مارس 2020، 10:50 ص
الخوف عند الأطفال بسوريا وحكاية الطفلة سلوى
الخوف عند الأطفال بسوريا وحكاية الطفلة سلوى

عائشة صبري

صحفية سورية

06 مارس 2020 . الساعة 10:50 ص

عائشة صبري – خاص آرام:

قلق وخوفٌ من آثار الحروب ممتزجةٌ بالضحك.. هكذا اعتاد والد الطفلة سلوى على تلقينها استراتيجية الهروب من تأثيرات الحرب التي يُعاني منها أكثرَ من أربعة مليون مواطنٍ يُحيُوها في مناطق الشمال السوري أثناء تعرضهم لحظياً لعدوان نظام الأسد وحلفائه.

امتزجت الرواية بتفاصيل كثيرة لم تجمعها إحصائيات أشارت إلى تأثيرات الحرب النفسية على الأطفال بسبب النزاع لكن ردات الأطفال تتباين، وكان إحداها قصة سلوى التي سردها أبيها عبد الله بعد أن خرجت عن المألوف وحظت مشاهدهم بالتداول الكبير.

أبو سلوى (32 عاماً) ينحدر من مدينة سراقب شرق محافظة إدلب، وهو خريج معهد زراعي، يوضح شخصية طفلته صاحبة الثلاثة أعوام، مبيناً في معقل حديثه لـ "آرام" أنَّها "تتمتع بالمرح الشديد، ودربها على عدم الخوف من أيّ صوت كان".

إشغالٌ بالضحك

ويقول "حاولتُ جعل كلّ شيء حتى لو كان سيئاً أنّه أمر عادي، وفكرة الضحك جاءت ذاتية، وليست متعلقة بنصيحة أو دراسة، وذلك حرصاً على ابنتي من إصابتها بمرض أو عقدة نفسية، وأحاول إشغالها بالضحك أو بسماع أغنية كي لا تشعر بالمحيط بها من القصف".

ويُضيف: "سلوى طفلة اجتماعية، ولا تخاف من أيّ شخص يقترب منها، وعند سماعها ورؤيتها للأطفال في حيّها وهم يلعبون بالألعاب النارية، باتت تظن أنّ أيّ صوت هو لعب الأطفال، وهي أصبحت تُميِّز بين القذيفة والطائرة، لكن طالما تراني أضحك فهي تفعل مثلي".
photo_2020-03-06_10-50-14.jpgويصفُ "أبو سلوى" الوضع والمشهد بالشمال السوري، بأنَّه "مأساوي جداً" حيث معظم الأطفال بلا غذاء ودواء وتعليم ورعاية صحية واجتماعية، فأغلب العائلات النازحة تفتقر لأدنى مقومات الحياة، وحالة الأطفال النفسية تأثرت بفعل الحرب فأيّ صوت قويّ يجعلهم يرتعبون حتى لو كان إغلاق باب بقوة.

ويُشير إلى أنّه تلقى اهتماماً واسعاً لوسائل الإعلام التي تدافعت عليه لمعرفة القصة كاملة، مؤكداً أنه استقبل الجميع بكل صدر رحب لإيصال صوت الناس في إدلب والشمال السوري.

طبيعة الخوف

بدروها، تبيّن الأخصائية النفسية السورية زهور قهواتي، أنَّ الخوف شعور طبيعي يمرّ به كلّ طفل باختلاف كل ظرف ومكان، ما يجعل الطفل يخشى شيئاً أكثر من شيء آخر أو عدم الشعور بالخوف.

وتقول لـ"آرام": إنّه "في الواقع نجد أنَّ الأطفال أكثر الناس شجاعة، فهم لا يخشون لمس الأشياء الساخنة ولا يخشون التصريح عن مشاعرهم لمن يحبون أو يكرهون، بكلّ أريحية إلى أن يعلّمهم الكبار أنّ هذا الشيء الحار يُسبب له مضار".

وتُبين أن ذلك الأمر يكون مصدراً للألم وأشياء أخرى قد تؤدي بالإنسان إلى الشعور بالفزع، وهكذا يكتسب الطفل الخوف شيئاً فشيئاً، إمَّا أن يكون خوف ناتج عن تجربة أو خوف مكتسب من تجارب الغير".
photo_2020-03-06_10-50-35.jpg

وتُضيف قهواتي "الطفل يجمع في حياته حصيلة كبيرة من ذلك الخوف دون أن يعي أو يعرف أو حتى يتأكد من صحة تلك المخاوف، فلكل تجربة وضعها الخاص".

وتتابع "في الواقع وفيما يخص النفس البشرية الخوف حالة نفسية وميل طبيعي موجود في أعماق نفس الإنسان بغض النظر عن الخلاف الموجود بين علماء النفس القدامى والجدد حول تحديده أنه غريزة أو هو ميل فطري وحاجة طبيعية".

ويرى علماء النفس أنَّ معظم أنواع الخوف مكتسبة، فبعض الأطفال يخافون من القطط، حيث تشرح قهواتي، أنَّ "الفرد منذ نشأته يخاف تبعاً للتأثر بالبيئة والثقافة، وليس بشكل غريزي، فالطفل لا يخاف من القطط بشكل فطري، ولكنه يبني خوفه هذا من رؤيته لوالديه وكيفية تعاملهم مع القطط".

الخوف وعلم النفس

وتردف قهواتي بعض العلماء، رجحوا أنَّ الخوف غريزي، بينما علم النفس الحديث قد أثبت أنه ليس هناك غرائز، بل ميول فطرية أو حاجات أصلية تقبل التعديل والتحويل والتبديل، "فليس ثمة غريزة محدودة جامدة متصلبة، يمكن أن نطلق عليها اسم (غريزة الخوف)".

وتستطرد "هناك وظيفة نفسية يضطلع بها الخوف في حياة البشر وتلك هي حماية الذات الفردية ضد أخطار العالمين الخارجي والداخلي وكلّ ما يهدّد سلامة الإنسان، ويعني هذا أن الخوف انفعال طبيعي يقوم بدور حيوي هام في صميم الحياة النفسية للوجود البشري".

وتنوّه "هنا يمكننا الحديث عن الطفلة سلوى بأنّها طفلة لم تكتسب الخوف لصوت القذيفة لأنَّ الانفعال المكتسب للصوت من الكبار، وهو والدها أو ربما والديها لم يبعث بداخلها الشعور بالخوف أو التهديد بالألم".
photo_2020-03-06_10-50-25.jpg

وتبيّن أنه "لا يمكننا الحديث عن وجود أعراض نفسية أو اضطراب نفسي واضح لدى الطفلة كل ما هنالك هي كانت تعبّر عن شيء مكتسب من المحيط تبعاً للتأثر بالبيئة ووسائل الدعم والرعاية وهم الوالدين".

يُذكر أن تركيا استقبلت الثلاثاء 25 شباط/ فبراير الفائت، سلوى وأسرتها الذين أتوا من مدينة سرمدا ودخلوا الأراضي التركية عبر معبر باب الهوى الحدودي شمال إدلب.

واشتهرت سلوى في تسجيل مصوّر نشره والدها على مواقع التواصل الاجتماعي وهي تضحك معه كلما سمعت أصوات القصف، وهي طريقة ابتكرها والدها للحيولة دون تأزم طفلته نفسياً من تلك الأصوات.

وتُقدر منظمة الأمم المتحدة للطفولة الـ"يونيسف" وجود نحو مليون طفل في محافظة إدلب وما حولها، ويتواصل القصف الممنهج على مناطق إدلب وسط مجازر شبه يومية ترتكبها ميليشيات الأسد وروسيا وغالبية الضحايا من الأطفال.
photo_2020-03-06_10-50-08.jpg