إنّه القادمُ من حيث لا يدري أحدٌ أو يدري ولم يعدْ يذكر
 فالخوفُ يذهبُ بالذّاكرة
 والهلَعُ يغيّبُ العقل 
والصّدمةُ تأخذُ بالألباب.

لم يستطع أحدٌ أن يقول:

إنّه جاء من ثياب الفقراء أو من أواني الدّروايش أو من خيامِ اللّاجئين أو من بيوتِ البسطاء 
لأنّه أوّلَ من التَهمَ، التَهَم الأمراءَ والوزراءَ والقادةَ والمتنفّذين.
 إنّه فيروسٌ لا يُرى بالعينِ المجرّدة
 يُخيفُ الزّعماءَ والملوك ويُغلِقُ الشّركاتِ ويعلّقُ الدّوامَ في الجامعات ويوقِفُ رحلاتِ الطيران ويغلقُ الحدودَ بين الدولِ العُظمى وغير العُظمى. 
ويضعُ الرئيسَ الذي كان يرى العالَمَ كلّه حديقةً خلفيّةً لمطامعه يضعُه في الحجر الصحّيّ.
 لا يُرى بالعين المجرّدة
 ولكنّهم جميعهم يرونه بعيونِ خوفِهم.

إنّه (كورونا)

هذا الفيروس الذي يُقاسُ بالنّانومتر
 سيهبطُ بالبورصة ويتحكّمُ بالدّولار ويلعبُ باليورو
وسيمرُّ على جسدِ الديكتاتور كما يمرُّ على جسد المواطن دون أن يرتعشَ أو يتغيّرَ قياسُ قُطره.
 سيمرُّ برباطة الجأشِ ذاتها
 على قصور الرؤساء ومنتزهات الأمراءِ وشاليهاتِ المليارديرات وأكواخِ الدراويش والعشوائيّات والحارات الشّعبيّة.
 سيقفُ هذا الفيروسُ محاضِراً بالعالَم من شرقه إلى غربه 
وسيرتصفُ البشرُ جميعهم في مدرّج المحاضرة.
 أبيضُهم وأسودُهم وغنيُّهم وفقيرهم وبطرانُهم ومُعدمُهم وظالمُهم ومظلومُهم ورئيسُهم ومرؤوسُهم
 ليقول لهم : إنّه الله.
وسينُغِضون إليه برؤوسهم فلا عنادَ ولا استكبار
 ثمّ يُعيد على أسماعهم:
وهو الذي في السّماءِ إلهٌ وفي الأرضِ إله.

فيشيرون برؤوسهم المُطرِقة: أيْ نعم.