الخميس 04 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98
...

سأخبرُ الله بكلِّ شيءٍ

22 مارس 2020، 10:02 ص

قال طفلٌ سوريٌّ مظلومٌ مكلوم مجروح: سأخبر الله بكلِّ شيء، وقال آخر من ظلم البشر له: يا الله !! بدّي موت، ليش ما عندنا خبز، يا رب !! خدنا لعندك للجنَّة، حتَّى تطعمنا خبزًا.
ثورة العزَّة والكرامة في شامنا العزيزة، ورَّثت وخلَّفت آهات وآلامًا وأحزانًا، لا تُمحى من ذاكرة السُّوريين، وذلك في ظلِّ النَّظام العالميِّ الجديد، الذي لا يقدِّر أديانًا ولا أخلاقًا ولا إنسانيَّة، همُّه الوحيد الثَّراء والمال والاقتصاد.
لقد مكرت دول العالم أجمع مكرًا كبَّارًا بهذه الثَّورة المباركة، إلا دولًا قليلة، وقفتْ وساندتها على خجل واستحياء.
ولكن !! أعلن ثوَّار سوريا منذ ساعة انطلاقة الثَّورة الأولى قائلين: يا الله !! مالنا غيرك يا الله !!.
فأجاب الجبَّار القهَّار نداءهم، وسمع دعاءهم، فأصاب الصِّين بفيروس كورونا، لأنَّها كانت تصوِّت ضدَّ أي قرار يُتَّخذ في مجلس الأمن الدُّولي لصالح ثورة سوريا وثوارها، واعتدت اعتداء صارخًا على مسلمي الإيغور، وفعلت بهم الأفاعيل العجيبة، وأعجبتها قوَّتُها وعددها وعدَّتُها ونمو اقتصادها، كورونا فيروس صغير لا يرى بالعين المجرَّدة، يفتك بها ويخيفها، ويهدم اقتصادها، ويذلُّها أمام دول العالم، أرسل الله عليها جنديًا صغيرًا من جنوده، ولله جنود السَّماوات والأرض، ثمَّ نال جميع الدُّول من هذا الفيروس، من هذا الجندي الخفي بقدر خذلانها للشَّعب السُّوري المظلوم المنكوب. 
كان من المفترض أن تكون مشاهد الرَّضيع: إيلان، وهو جثَّة هامدة على شاطئ المتوسط، أو الطِّفل: عروة، وهو جثَّة بجانب شجرة زيتون؛ قد خلقت فينا صدمة وشعورًا بالحدث؛ إلا أن اعتياديَّة الأحداث والمشاهد جعلت من ذلك مجرَّد سلعة إعلاميَّة بالنَّسبة لنا، لذلك لم تتحرَّك لها عواطفنا.
إنَّ مأساة: إيلان وعروة كانت تطرق باب هذا العالم كلَّ يوم، إلا أنَّ هذا العالم قد تغافل عن الالتفات إليها، وراح يبحث عن تجربة وحادثة أكثر رعبًا، لقد هرع الجميع عقب رؤية هذه المشاهد، عبر هواتفهم وحواسيبيهم وشاشاتهم، إلى اتخاذ تدابير لمنع تقدُّم موجات اللاجئين، كيلا يطرقوا أبوابهم، هذه النُّقطة بالذَّات تجسِّد هروب العالم المستغل لجميع إمكانيَّات العولمة، ليهرع باحثًا عن سبيل للهروب من المسؤوليَّة، التي تفرضها الظروف الحاليَّة عليه.
الآن، هناك فيروس صغير للغاية، نراه يخترق الأبواب، التي أغلقوها بإحكام، يخترقها بكلِّ سهولة وراحة، ليضرب قوى هذا العالم بأكملها، حتَّى أنَّه يضرب العاقل، وعديم العقل على حدٍّ سواء، ودون تفرقة، إنَّه ينتشر مخترقًا جميع الاستثناءات، التي وضعتها العولمة، إنَّه ينتشر بشكل عولمي دون استثناء أحد.
ضد هذا الفيروس الذي لا يعرف حدودًا، تجد الآن جميع النَّاس متَّحدين في عزلة، بعيدين عن بعضهم البعض ومنفصلين، هذا الفيروس الذي ينتشر وفق عمل ممنهج ومتوازن وذي معنى، يعطي إشارات مهمَّة لكلِّ ذي لبٍّ وعقل، أنَّ قدرة الله ومشيئته فوق الجميع، وقدرته ليس لها حدود، خارقة للعادة، ولذلك هرع الجميع مسلمين وغير مسلمين للالتجاء إلى الله تعالى، لكشف البلاء والضُّر الذي أصابهم من فيروس كورونا، حتَّى سُمح للمسلمين في الصِّين إقامة الصَّلوات في الميادين العامَّة، وطلب منهم الدُّعاء لدفع هذا الفيروس في أمريكا، وتمَّ الإذن برفع الأذان عاليًا في بعض الدُّول، أستبعد كلَّ البُعد أن يندرج فيروس كورونا، تحت مظلَّة نظريَّة المؤامرة، أو الحرب البيولوجيَّة، بل هو إنذار ربَّاني للبشريَّة جمعاء، أنَّ ثمَّة إرادة غالبة في الكون، وعلى البشريَّة أن تعيد النَّظر في موقفها من المنظومة الإيمانيَّة بشكلٍ عام، ورسالة أخرى للإنسان الذي تجاوز حدَّه، وبلغ من الطُّغيان ما بلغ، أنَّ فيروساً لا يُرَى بالعين المجرَّدة، يمكن أن يحرِّك ساكنًا، أو يسكِّن متحرِّكًا، فلمَ الصَّلَف والتكبُّر والغرور، ورسالة ثالثة إلى الحكومات أن اعدلوا عن قبضتكم الأمنيَّة، وميزانيَّاتها الضَّخمة، واجعلوا من وزارات التَّعليم والصحَّة والأوقاف وزارات سياديَّة، وأدرجت الأوقاف هنا، لأنَّ المسجد مركز إشعاع، ومنظومة تربويَّة، قلَّ نظيرها في حال تمَّ استثمارها يأيدي نظيفة، وباستقلاليَّة تامَّة عن الحكومات، المساجد أطهر وخير البقاع في الأرض، قد تمَّ إغلاقها الآن، ومن النَّاس من تعلَّقت روحه، وانشغل فؤاده بها، نسأل المولى ألا تطول فترة إغلاقها، وأن يُنعم على الأحرار من الشُّعوب، وعلى أصحاب النُّفوس النَّقيَّة، التي لا تعرف حقداً ولا غشَّاً ولا تمارس ظلماً، أن ينعم عليها بالنَّجاة من هذا الوافد، ويصرفه عنَّا بلا خسائر، وعلينا الأخذ بالأسباب الماديَّة، كما طلبت منَّا الشَّريعة الإسلاميَّة الغرَّاء، حيث قال رسولنا الكريم: ( لا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ علَى مُصِحٍّ ) رواه البخاري. وقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: ( إذا سمعتم به - الطَّاعون - بأرض فلا تدخلوا عليها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها، فلا تخرجوا منها، فرارًا منه ) متفق عليه.
وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: ( لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، وفرَّ من المجذوم فرارك من الأسد ) رواه البخاري.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عندما قيل له: أنفرُّ من قدر الله ؟، فقال: نفرُّ من قدر الله إلى قدر الله..
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين..