الجمعة 12 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

عمائم ومرجعيّات أخطر من وباء الكورونا

22 مارس 2020، 04:13 م
عمائم ومرجعيّات أخطر من وباء الكورونا

مطيع البطين

كاتب سوري

22 مارس 2020 . الساعة 04:13 م

الأزمات الكبرى والنّوازل العظمى تحتاج رجالاً كباراً وعقولاً راجحةً وقادةً أصحابَ بصيرةٍ ورحمةٍ وحسمٍ وحزم ، كلُّ ذلك لأجل نجاة أتباعهم مِن الهلاك ، فهم أمناء الله على الخَلق والرّعاة لهم ، ولكن عندما تنتكسُ الفطرة و تنقلبُ الآيات  ويتحوّل مَنْ يوجّه النّاس يرشدهم  إلى مساهم في نشر الوباء واستفحال أمره ،ويصير حال المستجير بهؤلاء كمن يستجير من الرّمضاء بالنّار ، فذلك هو الخطر الأكبر والجائحة الأهلك ، وفي موضوع السّاعة و نازلة الوقت " وباء كورونا " ، نحتاج أشدّ الحاجة إلى تبيين حقيقة الفئة الثّانية هذه وتبيين مدى خطرها وفداحة ضررها ، وهذه أمثلة ونماذج من هذه الفئة المشتركة فيما يصيب البشريّة جمعاء من بلاء و وباء وجائحة:

رضا بانهيان المرجع الشّيعيّ المقرب من آية الله خامنئي ( المرشد الإيرانيّ ) يدعو لنشر فيروس  كورونا ، لأنّ ذلك يوطّئ لظهور المهدي ، ويعجّل في خروجه على حدّ زعمه لأنّ الفساد والظّلم ينبغي أن يعمّ البشريّة قبل ظهور المهديّ كما يعتقدُ هذا المرجع وغيره ممّن هو على شاكلته   ، وفي هذا  من الوضوح ما يكفي برهاناً ودلالةً  على أنّ الوباء الحقيقيّ هو في معتقدات هذه المرجعيّات وأمثالها، لما تحمله من خطر على البشريّة جمعاء ، فالأنبياء والمرسلون جاؤوا رحمةً للبشريّة لا عذاباً لهم ولا شقاءً عليهم  ، وكذلك يكون من حمل رسالة الأنبياء وتبع هديهم  وسلك سبيلهم  .

المرجع الشّيعيّ قاسم الطّائيّ 

يدعو أتباعه إلى استمرار إقامة الجمعة والجماعات واستمرار زيارة الأماكن المقدّسة قائلاً : إنّ هذا الفيروس لا يصيب المؤمنين ،ناسياً أو متناسياً هذا القاتل أنّ الأسقام والأمراض أصابت خير البشر من الأنبياء والمرسلين ( سيّدنا محمد ، وسيدّنا أيّوب  ، وغيرهم من الأنبياء والمرسلين عليهم الصّلاة والسّلام ) ، ولذلك فإنّ دعوة قاسم  الطّائي هذه افتراء على الله وعلى الدّين واشتراك في جريمة كلّ نفس تُزهق بسبب نشر العدوى الّتي يتسبّب بها الاختلاط والاجتماع  المستند إلى فتواه القاتلة .

مقتدى الصّدر

يرفض الفتاوى القائلة بوجوب ترك الجمعة والجماعات في وقت الوباء المعدي، ويدعو أنصاره إلى إقامة الجمعة، لكنّه يخاف على نفسه ولا يخاف على غيره ، ولذلك يرسل من ينوب عنه إلى الجمعة ولا يخاطر بنفسه، فهل بعد هذا التّدجيل من تدجيل وقتل وإجرام وتضليل ، فروحه عزيزة مصانة غالية ، أمّا أرواح النّاس فرخيصةٌ مباعة مبتذَلة  ؟

كارثة الرّواديد

رادود بين جمهور من الغوغاء والعامّة الجهلة  يتوسّطهم معمّم، يصيح بهم ويردّدون  وراءه ببلاهة  أن شفاء الكورونا هو في زيارة مقام الإمام علي، وأنّ هذه الزيارة تغني عن المستشفى ، حقّاً لقد ملأ هذا وأمثاله اليوم صدر الإمام عليّ ألماً وغصّةً وخيبةً كما ملأه سابقاً مِن ادّعى نصرتَه واتّباعه ثمّ تخلّى عنه وقت الجدّ وفي مواطن الصّدق ، بل إنّ  هذا الرّادود ومعه المعمّم الّذي يتوسّط الجموع جعلوا النّاس يترحّمون على النبّاش الأوّل   .

المعمّم أمير القرشيّ

شرّ العمائم وأنتنها تلك الّتي تنضح حقداً وطائفيّة واستدعاءً لأحقاد سوداء كتاريخ هذا المعمّم وأمثاله، يقول هذا الأفّاك : إنّ كورونا داء منبعه أصحاب النّبيّ محمّد _ صلّى الله عليه وسلّم  _ ويخصّ ويحدّد أبا بكر وعمر وعائشة رضي الله عنهم جميعاً.

إنّ منطقاً وحقداً كهذا  أخطر من الكورونا ومِن الأوبئة المستفحلة، ذلك أنّ هذه الأوبئة هي جوائح تمرّ و تنتهي  بوقتها وزمنها ، ولكنّ أمراض هذا وأمثاله وأحقادهم

ليس لها حدّ  فينقضي ، ولا شفاء فيُرتجى  إلا بهلاك دعاتها و ناشريها.

يضاف إلى ذلك بقاء المزارات مفتوحة، و استمرار لعق شبابيك الأضرحة زائراً بعد زائر ، ولاعقاً بعد لاعق ، على مسمع ومرأى العمائم والمرجعيّات ، يلعق الشّباك الجمع تلو الجمع يطلبون الشّفاء بالهلاك، والحقيقة أنّ المشترك الأكبر في إهلاكهم هو الّذي يروّج لهذه الظّواهر ويشجّع عليها.

راية الإمام عليّ بن موسى الرّضا يُطاف بها على المرضى في المشافي يقبّلونها ويتمسّحون بها، فمن كان مريضاً منهم وأصابها، نشر مرضه عن طريقها إلى الباقين، أيّ دِين هو هذا الدّين وأيّة عقول تلك العقول، إن كان هذا يحصل في المشافي الّتي يوجد فيها الأطباء وأصحاب الاختصاص فما هو الحال في غيرها من الأماكن والمزارات ؟

أين هؤلاء من دين يأمر بالفصل بين المُمرض والمُصحّ ، ويأمر أتباعه الموجودين بأرض الطّاعون ألّا يخرجوا منها، و يأمر من كان خارج البلدة الّتي فيها الطّاعون ألّا يدخلوها، بل أين هؤلاء مِن فقه وعقل عمر بن العاص رضي الله عنه الّذي أمر النّاس أن يتفرّقوا في رؤوس الجبال في زمن الوباء ، وألّا  يختلطوا حتّى لا يقضي عليهم الطّاعون ، فكان في  رأيه وإرشاده نجاة النّاس جميعاً من الوباء والطّاعون، أينَ هؤلاء مِن تركِ النّبيّ محمّد _ صلّى الله عليه وسلّم  _ لمسَ  المجذوم ، و مِن مبايعته بغير مصافحة، وأين هم من الفاروق عمر بن الخطّاب _ رضي الله عنه _ وقد قيل له بعد أن رفض الدّخول إلى الأرض الّتي فيها الطّاعون : أفراراً مِن قدر الله يا عمر ، فقال : نفرُّ مِن قَدر الله إلى قَدر الله ، هؤلاء هم القادة العظماء والدّعاة الفقهاء والمرشدون النّاصحون الرّحماء  الّذين قادوا البشريّة بهديهم ودلالتهم وإرشادهم وحزمهم إلى شاطئ النّجاة وبَرّ الأمان

حقّاً كم في الطّاعون والوباء مِن آية، لقد ميّز لنا بين أصحاب الدّين الحقّ  الّذين يحرصون على سلامة الإنسان وصحّته وشفائه  وسعادته، مِن الّذين يتاجرون بأرواح النّاس وأبدانهم ومهجهم وعقولهم ، ويفرّطون بحياة البشر لأجل عقائدهم الباطلة وأمجادهم الزّائفة.

ختاماً : قبل أنْ تُعلن أيّ بلد عن نظام الحَجْر الصّحيّ عليها أنْ تحجرَ على أمثال أصحاب هذه العمائم المضلّلة ، وقبل أن تُنزلَ الجيش إلى الشّوراع عليها أن تُنزل هذه العمائم عن تلك الرؤوس تعريةً لها ، وقبل أن تعمل على التّخلّص من وباء كورونا عليها أن تعمل على التخلّص من وباء هؤلاء الدّجاجلة الّذين ينشرون فيروساتهم الإرهابيّة الّتي تعطّل العقول و تنمّي الجهل والأحقاد العابرة للحدود.

مطيع البطين