الجمعة 12 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98
...

قبلَ الموتِ بشهقَتَين

24 مارس 2020، 10:56 ص

ربّما سيكون الخوفُ أخفَّ وطأةً على سكّان العشوائيّاتِ والتُّرَب (المقابر) والخيامِ المتشقّقة تحت صفعات الرّياحِ والأمطارِ وسُكّان الحاراتِ الشّعبيّةِ منه على ساكني القصور الرئاسيّةِ والمدنِ العائمةِ والشّاليهات الفاخرةِ والأحياءِ الراقيةِ والمنتزَهات التي هي قِطَعٌ من الجنان أو أنّها كذلك.
إذْ ليس عند الصّنف الأوّلِ ما يخسرونَ أو كثيرٌ ممّا يخسرون.
وسيوحّد هذا الوباءُ الجامحُ العاداتِ عند كلِّ الشرائحِ من النّاس
من المداراة والوقايةِ وتقصّي الطّهارةِ وتحرّي النّظافة وتوخّي الحذر.
منهم من سوفَ يلتهمُ رفوفَ محالِّ الأغذيةِ والمنظّفاتِ ويجعل من بيته مستودعاً لتخزين الموادّ التي سيقاوم بها الوباء.
ومنهم من لم يجد أكثرّ ممّا كان لديه من هذه الحاجيّات
ثمّ لن يسمحَ لخياله أن يسرح فيما يجب أن يشتري أو يدَّخر.
ثمّ سيمرُّ هذا الوباء غيرَ آبهٍ بشكلٍ ولا مظهرٍ ولا مسكنٍ ولا مدخلِ بيتٍ ولا لقبِ صاحبِ بيت.
لن يطرقَ الباب ولن يقتحم خيمةٍ إلّا بقدَر.
وسيتساوى في عينه الكبيرُ والصغيرُ والغنيُّ والفقير.
هنا وهنا فحسب
سيلتهمُ القلوبَ الخائفةَ ويرتدُّ عن القلوبِ الثابتةِ المؤمنة.
سيجد مناعةَ الخائفِ وقد انهارت
ويجدُ مناعةَ المؤمن وقد قوِيَت.
ولن يسألَ أحداً عن ماله وعياله، وخدمه وحشَمه، وراتبه التقاعديّ.
لن يسأل أحداً عن حزبهِ وتوجّهه السياسيّ وبرنامجه الانتخابيّ الذي كذب به على الناس لسنواتٍ وسنوات.
لن يسأل أحداً عن عائلته التي لطالما انتفخَ بها، ولا عن عشيرته التي لطالما استقوى بها، ولا عن منصبه الذي لطالما استرجلَ به، ولا عن كرسيّه الذي يا ما عبده حتى إذا جاءه الأجلُ لم يجده عنده.
سيقف هذا الوباءُ وجهاً لوجهٍ أمام الطاغيةِ الذي قتلَ وسجنَ وظلمَ واستبدّ
سيقفُ رابطَ الجأشِ أمام المتغطرسِ أمسِ المنهارِ اليوم.
وسيضعُ عينيهِ في عيني هذا المرتجف الذي يتفصّد العرقُ من جبينه
وسيجمعُ جفنيه وحاجبيه على عينيه ثمّ على ما بينهما
وكأنّه يمتصُّ كِبرَ خصمه من عينيه.
هنا وهنا وحسْب
رابطُ الجأشِ من يجادلُ عن نفسه ويناور.
هنا وقبلَ الموتِ بشهقَتَين ...
لن يعرفَ هذا الطاغيةُ
إذا كان هو الظالمَ فيما مضى أو المظلوم
والقاتلَ فيما سلفَ أو المقتول
والسّجّانَ فيما خلا من الزّمن أو المسجون.

تابع مستجدات مرض كورونا (من هنا)