الثلاثاء 16 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

ثلاثةَ عشرَ جنديّاً وسلاحاً فعّالاً في مواجهة كورونا

29 مارس 2020، 07:42 م
ثلاثةَ عشرَ جنديّاً وسلاحاً فعّالاً في مواجهة كورونا

مطيع البطين

كاتب سوري

29 مارس 2020 . الساعة 07:42 م

أوّلُ الجنود هو الطَّبيب وكلُّ مَنْ يعينُه في مهمّته هذه مِن العاملين في حقل الطّبّ والتّمريض والصّحّة ، وهو بطلُ هذه المواجهة ورجلُ المرحلة وفارسُ ميدانها ، ولمثلِ هذه النّازلة أعدَّتْه أُمَّتُه ، فيا مَنْ تنظرُ إليكم البشريّة اليوم وتنتظركم  : انهضوا وشمّروا عن سواعد الجدّ فهذا يومكم،  حماكم الله .

ثاني الجنود هم القادةُ والمسؤولون في دولهم ، يتخذّون كلّ القرارات والتّدابير الّلازمة للحفاظ على سلامة شعوبهم ، ويعينهم في تطبيق ذلك كلُّ موظَّفٍ وجنديٍّ يكلَّف بتنفيذ ما تمّ وضعه من خطط استنفاراً في مواجهة هذه الجائحة.

ثالث الجنود النّظافة ، و زيادة العناية بها وفقاً لما تدعو إليه الجهات المختّصة طبّيّاً وعلميّاً ، وعدم التّهاون فيها،  فهي بابٌ عظيمٌ في وجه هذا البلاء ، وكم نحتاج في مثل هذه الأوقات أنْ نستذكرَ عظيم منزلة القائمين على النّظافة،  ونعرف الفرق بين مجتمع يسمّي هذا العامل زبّالاً،  وبين مجتمع يسمّيه مهندس نظافة !

رابع الجنود الرّياضة ، ففيها زيادة المناعة والمقدرة البدنيّة على مقاومة الجسم للمرض ، وفي الحركة عظيم الخير والبركة ، وما أشدّ الحاجة اليوم إلى أن تصير الرّياضة ثقافةَ بناء للأجساد و الأرواح .

خامس الجنود الغذاء ، وهو كما لا يخفى مِن أهمّ عوامل قوّة الأبدان في مواجهة الأمراض والأدواء، والأكثر أهميّةً أن تكون أنواع الغذاء ممّا يفيد في زيادة مقدرة الجسم على مواجهة الفيروسات والقضاء عليها ، و هي أنواعٌ يذكرها أهل الطّب والصّحة والاختصاص ، فليُنظر في كتاباتهم وإرشادتهم .

سادس الجنود الاعتزال وعدم المخالطة والالتزام في البيوت قدر الممكن والمستطاع ، وعدم الخروج إلّا للضُرورة المقدّرة بقدرها ، ولا يخفى مدى نجاعة هذا الأمر في مواجهة تفشي الوباء المعدي  ، ولقد قالتِ الحكماء : درهم وقاية خير مِن قنطار علاج .

سابع الجنود التّفاؤل والثّقة وبثُّهما  ، فإنّ للكلمة الطّيبة المبشّرة الهادفة في مثل هذه النّازلة فعلَ السّحر في الأنفس والقلوب ، وإنّ للكلمة المتشائمة فعل السّهم المسموم في الأفئدة والمهج  ، فالله الله في أرواح النّاس،  لا تقتلوها بالشّائعات والأراجيف ، ولا تزيدوا خوفهم خوفا ، بل لنكن جميعاً بلسماً لقلوب النّاس ننشر الطّمأنينة والفأل وطيّب الكلام ، فربّ كلمةٍ أحيتْ أمّة بما تحمل مِن ثقةٍ ورحمةٍ وتفاؤلٍ وعلوّ همّة .

ثامنُ الجنود ردُّ المظالم والكفُّ عن التّظالم  ، وحتّى ندرك عظم هذا الباب،  يكفي أن ننظر إلى الارتفاع الحاصل في  شراء المواطنين للسّلاح  في أمريكا اليوم خوفاً مِن تداعيات وباء كورونا ، وما قد ينتج عن هذه الأزمة مِن سطو ونهب ، ولو أنّ المجتمعات سادَتْ فيها اليوم ثقافة ردّ المظالم لكان هذا حصناً لأهلها وأماناً ، بدلاً مِن يصبح النّاس بين خوفين خوف الوباء وفقدان الأمن ، ولقدْ ظهر هذا الخطر الكبير اليوم في قيام بعض الدّول بخطف بعض السّفن المحمّلة بوسائل الوقاية والعلاج من كورونا،  وهذه عودة بالبشريّة إلى عهود القرصنة وقطع الطّريق ، وهذا السّلوك أخطر على الإنسان من كلّ وباء ، وإنّ أوّل ما ينغي أنْ يعمله العالم و المجتمع الدّوليّ اليوم هو الكفّ عن ظلم الرّوهينغا والإيغور والسّوريّين وغيرهم ممّن ذاقوا الظّلم علقما وصابا بين مشاركة بعض الدّول وصمتِ الدّول الأُخرى وخذلانها للمظلومين  .

تاسع الجنود الزّكاة والصّدقة ، فالزّكاة حصن،  والصّدقة تدفع البلاء ، فيا من آتاكم الله الأموال :  اليومَ يُعرفُ الجواد مِن البخيل ، و المعطاء مِن الشّحيح،  وهذا ميدان الامتحان و وقتُ البذل والعطاء ، و خَلْفَ الأبواب محتاجون متعفِّفون ينتظرونكم فلا تخذلوهم ، بل إنّ في شمال سوريا منَ لا يجدُ مأوىً ليؤويه ولا باباً ليغلقه ، فكونوا في هذه الجائحة غوثهم ليفتحَ الله لكم باب جوده وفضله.

عاشر الجنود صلة الأرحام والإحسان إلى الجيران والتّكافل ، فهذه أعمالٌ واجبةٌ في سائر الأحوال ، ولكنّها وقتَ الشّدائد أوجبُ ، فصِلوا أرحامكم وصلَكم الله ، وأحسنوا إلى جيرانكم أحسن الله إليكم،  ولا تنسوا أصحابكم فهذا زمان تظهر في حقيقة الأُخوّة والصّداقة .

حادي عشر الجنود الرّحمة ، خصوصاً في ظلٍّ الحديث المتعلّق بأنّ هذا الوباء يفتك كثيراً بكبار السّن وأصحاب الأمراض الشّديدة ، وأنّ العناية الأكبر ينبغي أن تولى للشّباب وللأصحاء ، إنّ هذا الطّرح أقسى على نفوس الآباء والأمّهات والأجداد الّذين كانوا سبباً في وجودنا مِن الوباء ذاته ، وإنّ الرّحمة وزيادة العناية بهم سببٌ في جلب رحمة الله بنا،  وإنّما يرحم الله مِن عباده الرّحماء .

ثاني عشر الجنود الوعي

يقول كثيرٌ مِن النّاس اليوم : ما فائدة الكلام والكتابة  في مواجهة هذا الخطر والوباء ، وهل ينفع الكلام في مثل هذه الجائحة  ، و أقول : بل إنّ الكلامَ والكتابةَ اليوم مِنْ أوجب الواجبات وأدقِّ المهمّات، وخصوصاً مِن قِبَل صنّاع الوعي مِن العلماء والدّعاة والمفكّرين وأصحاب الخبرة و الاختصاص ، الّذين يستطيعون توجيه المجتمعات ودلالتها وإرشادها إلى العمل بكلّ الوسائل لتطويق الوباء ودفع شرِّه وضرره ، بل إنّ قادة الرأي والفكر وصنّاع الوعيّ مطالبون اليوم أكثر مِن أيّ زمان بالقيام بواجب أمانة الكلمة والنّصح والإرشاد  والهداية .

ثالث عشر الجنود  الدّعاء ....الدّعاء....الدّعاء أخَّرْتُ ما حقّه التّقديم ، لكي نعلم جميعاً أنّ الدّعاء إنّما يكون تتويجاً للأخذ بالأسباب ، وليكون الختام مسك،  ففوق كلّ الأسباب وقبل كلّ التّدابير ، نضرعُ إلى الله العليّ القدير  ربّ الأرباب ومسبِّب الأسباب مَن بيده الأمر كلّه ، أن يكشف الضُّرَّ ويشفي السّقام ويرفع البلاء والوباء ويتجلّى علينا برحمته وعفوه .

ختاماً : إذا كان مِن وسائل الوقاية ترك المصافحة،  فلنجعل مكانها العفوَ والمصالحة لعلّ الله يعفو عنّا و يصلحنا ، وإن كان مِن المحظور زمن الوباء التّجمع التّزاحم ، فلننشر ثقافة الرّحمة والتّراحم ، عسى الله أن يجود علينا ويرحمنا ، و يتجلّى على البشريّة كلّها بواسع لطفه وإحسانه بعدْ أن تكون قدْ فقهتْ هذه المحنة وقلبتْها بوعيها إلى عطاء ومنحة.