الأربعاء 03 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

من آفات المجتمع .. استمراء الكلمات النابية

02 ابريل 2020، 09:19 م
من آفات المجتمع .. استمراء الكلمات النابية

عائشة صبري

صحفية سورية

02 ابريل 2020 . الساعة 09:19 م

بشكلٍ شبه يومي وأنا أتصفَّح جهاز الهاتف أو الكمبيوتر، أو عندما أبحثُ عن موضوعٍ ما تمرُّ أمامي كلمات نابية، وألفاظ بذيئة، تُشعرني بالتقزُّز منها، والاستغراب من كاتبها سواء امرأة أو رجل، أو ناطقها إن كان تسجيلًا صوتيًا أو مرئيًا.

وما يؤلمنا أكثر عندما نقرأ هذه الكلمات والجمل والتعابير السوقية، هو أنَّ من يكتبها صحفي أو إعلامي، أو أستاذ مدرسة أو مسؤول ما، أو مهندس أو طبيب، وما إلى ذلك ممن يحسبون على طبقة المثقفين من أبناء الثورة السورية، أو حتى من المواليين لنظام الأسد.

الكلمات التي تمرُّ أمامنا أخجل من لفظها بيني وبين نفسي، فكيف استمرأها هؤلاء، وباتت أمرًا عاديًا اعتياديًا، بل مجالًا لإثارة السخرية والضحك، ومن يلفظها ويكتبها يظنُّ نفسه "خفيفَ ظلٍّ، لطيفَ كلامٍ". وكان آخرها أن رفعت إحدى الفتيات المحجبات لافتةً مكتوب عليها عبارة نابية، وهي تظنُّ أنَّها بذلك انتقصت من قيمة نظام الأسد، لكنَّها في الحقيقة انتقصت من قيمة نفسها.

ومن مأساة هذه الآفة، أنَّها متفشيةٌ بين المسلمين الذين هم بعيدون كلَّ البعد عن الأخلاق التي حضّهم الإسلام عليها، وعلّمهم الرسول صلى الله عليه وسلم على اتّباعها، وهو الذي جاء ليتمم مكارم الأخلاق، ونفى رسولنا في حديث صفة المؤمن من المسلم الذي يسبُّ ويلعنُ ويشتمُ بقوله (ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء).. كما قال: (سِباب المؤمن فسوق، وقتاله كُفر)؛ متفق عليه.

عندما أقرأ الكلمات النابية وكثيرًا ما يكتبها، ويقولها أصدقائي عندما نتكلم، أو عندما ينشرون على برنامج "فيسبوك" كونها أمرًا عاديًا لديهم (...) أقول في نفسي بعد النصيحة لهم: إنَّ "الإنسان يكتب ويقول قيمته، وتعكس آراؤه وكلماته تربيته والبيئة التي عاش فيها".

وأحدنا إن لم يستطع الحدّ من هذه الآفة، فربَّما بمثل كلماتي هذه، يُذكّر مَنْ لسانه اعتاد السباب والشتائم على كلِّ صغيرة وكبيرة، بل على أتفه الأشياء، بمراجعة نفسه، وخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، ولا سيَّما الغرف الإخبارية التي غادرت أكثرها بسبب كلماتٍ كتلك، ومنها ما كان موجهًا لي شخصيًا.

والكثير من الأحيان عندما تقول النصيحة، لا يتقبلها الآخر، أو ربَّما يتهمك بأنّك "غير مثقف" أو "حشريًا" أو التهمة الدارجة "داعشي"، فيكون ردّه بإساءة حتى لو اعتبر نفسه مازحًا، كما أنَّ منهم من يحذف تعليق "النصيحة" من منشوره، كونه لا يناسبه أو يناسبها، ما جعلني أهرب من قراءة المنشور كي لا أعلّق، كما حدث معي عندما حذفت إحدى الصديقات تعليقي الذي كتبته ناصحةً لها، وربّما تعليقات أخرى حُذفت دون انتباهي.

أخيرًا .. أمثال هؤلاء يجعلونك تتمنى العودة إلى الوراء حيث لم يكن هناك وسائل تواصل اجتماعي، ولم نكن نرى عباراتهم التي ملأت هذا الواقع الافتراضي هراءً وسخافةً، وكم وددتُ أن تكون هناك إدارة مسؤولة في هذا العالم الافتراضي حتى تُلاحقهم وتحكم عليهم بعدم كتابة أو لفظ أيّ حرف قبل عرضه على "جهات مختصة" تحت طائلة المسؤولية.