كيف تنظّم وقتك في الحجر المنزلي ؟!
فراس السقال
لحكمة أرادها الله عزّ وجلّ قدّر لنا أن نكون من نزلاء هذا العصر، المُحمّل بما لم نحسبه ونتوقعه من الأحداث، فممّا حَمَلَهُ لنا ذلك الوباء الخفي (الكورونا)، الذي اجتاح عالمنا أجمع، فما ترك بلداً إلا وَلجه، ولا مدينة إلا وأغلقها من بابها لمحرابها، فبثّ الخوف بين العباد، وجعلهم يهرعون إلى بيوتهم، وكأنّهم سمعوا صيحة نملة سليمان عليه السلام: (ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)، فإذا بمئات الملايين من بني البشر يلتزمون مساكنهم، فلا يخرجون منها، ولا يُدخِلون أحداً إليها.
ونتيجة لخطورة انتشار هذا الوباء، فرضتْ الحكومات على شعوبها التزام المنازل، وعدم الاختلاط بالآخرين، ليكون هذا الإجراء سدّاً منيعاً في وجه العدوى، فلا نعلم ساعة إطلاق سراحنا ونجاتنا، فمازال العلماء والباحثون في جميع أنحاء العالم مُستنفرين، يصلون الليل بالنهار، جاهدين لإيجاد علاجاً فعّالاً يهزم هذا المرض السريع، ويقيد نشاطه، وأملنا بربنا كبير بأنّه سيرفع عنّا مُصابنا، ويزيل ما أهمّنا وأغمّنا.
والمرء في أحواله العاديّة السليمة يجتهد في تنظيم أعماله بما يوافق طبعه وفكره، ليساعده على ممارسة أعماله وأنشطته المختلفة بشكل متّزن، واليوم مع تعطّل الحركة خارج البيوت إلى حدّ كبير، والاقتصار على النشاط البيتي فقط، صار من الأولى التخطيط لحياة الطوارئ الخاصة، المنعزلة عن العالم الخارجي بشكل شبه تام، المحصورة بين جدران المنزل، الموافقة لحجرنا الصحيّ الذي نلزمه مضطرين ومختارين بآن واحد.
وقد تختلف البرامج من شخص لآخر، حسب فكره وثقافته، واعتقاده وتوجهه، ومستواه وعمره، وحاولتُ من خلال هذا البرنامج أن أسرد الأعمال والنشاطات المنزليّة المتنوعة، لتكون برنامجاً شخصياً أو أُسريّاً اضطراريّاً، أو شبه دائم بعد زوال هذا الحجر بإذن الله، كما سلكّتُ فيه البساطة والإمكانية، كما اجتهدتُ ليناسب شريحة واسعة من الأشخاص حسب أعمارهم وتوجهاتهم ومستواهم.
البرنامج اليومي المنزلي:
- إجراء بعض الحركات الرياضيّة (السويديّة) لمدّة 30 دقيقة، والإكثار من الحركة والنشاط، وعدم التسليم للكنبة والأسرّة.
- اتباع نظام غذائي دقيق ملائم للحياة القسرية في المنزل، والابتعاد عن الأغذية المسببة في التخمة.
- المحاولة في تغيير أو تعديل بعض العادات القديمة التي كنّا نُمارسها خارج المنزل.
- افتتاح اليوم واختتامه بالأذكار الصباحيّة والمسائيّة.
- مطالعة بعض الكتب المختلفة (الفكريّة والدينيّة والتاريخيّة والأدبيّة والعلميّة والقصصيّة..).
- متابعة الدروس اليوميّة على الإنترنت، إن كان الشخص طالباً أو معلماً، أو أراد طلب العلم لشغل وقته في ظلّ الحجر الصحي.
- سماع بعض الدروس المفيدة والهادفة عبر التلفاز أو الإنترنت، لغير المتفرغين لطلب العلم.
- مساعدة الأهل في تنظيف وترتيب وتحسين المنزل (من غسل ومسح وتعزيل وكوي).
- إجراء بعض الترميمات والإصلاحات في البيت.
- المساعدة والمشاركة في طبخ الطعام والحلوى، وتحضير المائدة.
- تلاوة جزء من القرآن الكريم. وممكن تقسيمه إلى حزب في الصباح، وحزب في المساء.
- سماع آيات أو سورة من القرآن الكريم من بعض القراء 15 دقيقة، والتنويع في القراء جيد للخروج من النمطية.
- مراجعة المحفوظات من القرآن الكريم والعلوم والمتون الأخرى.
- كتابة البرنامج اليومي الشخصي، وتعليقه في البيت لتذكره وتتبعه.
- القيام بالصلوات المفروضة والنوافل في وقتها، والمحافظة على صلاة الجماعة.
- مشاهدة أخبار العالم في التلفاز، 15 دقيقة صباحاً ومثلها في مساء، أو حسب أهميّة الخبر.
- الأذكار اليومية: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير مئة مرة، أستغفر الله العظيم مئة مرة، الصلاة على رسول الله مئة مرة، سبحان الله وبحمده مئة مرة، سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر مئة مرة، لا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم مئة مرة، حسبي الله ونعم الوكيل مئة مرة.
- التواصل مع الأهل والأصدقاء، والاطمئنان عليهم، وعدم الإفراط في ذلك.
- نشر الأخبار الصحيحة، والمُبشّرة بين النّاس، وزرع الأمل لديهم، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعدم الإفراط في الوقت.
- اللعب مع الأولاد ببعض ألعابهم المفيدة، والتي تُضفي جواً من البهجة على الجميع.
- البحث عن الألعاب الجماعية التي تجمع بين الحركة الجسميّة والفائدة العقلية أو أحدهما، وعدم الاعتماد على ألعاب الأجهزة الإلكترونية، فمواصلة العمل على هذه الأجهزة في الدروس والألعاب أيضاً، ينتج عنها أضرار بدنية وفكرية نحن بغنى عنها.
- تغيير أماكن بعض الأثاث البيت، كفكرة للتجديد والتغيير.
- العمل ببعض المهن اليدويّة البيتيّة كالخياطة والحياكة والتطريز وفن الطبخ.
- إشغال العقل في إيجاد أفكار تُنمّي الذهن والمعرفة، كإنشاء أشكال من الكرتون المقوى.
- استغلال بعض المُهملات في البيت، وإعادة استخدامها في تكوين أشياء تساعد في زينة البيت، أو الاستعمال الشخصي، أو كألعاب للأطفال.
- المحاولة في كتابة مقالة أو قصّة أو كتاب أو حتى نُتف تتناغم مع واقعنا.
- التفكير في إيجاد أفكار جديدة، تنفعنا وتنفع غيرنا في أزمة هذا الوباء العالمي.
- الخروج إلى الشرفة، واستنشاق الهواء النظيف، وتهوية البيت.
- التناوب مع سكّان البناء، في تنظيف وتعقيم الدرج، ومدخل البناء أو البيت وأمامه.
- الاهتمام بالنباتات المنزليّة، كتنظيفها وسقيها وتغيير أماكنها وتقليبها.
- الاهتمام بالصدقة والهديّة، فما كان فائضاً عن حاجتك قد يكون ضرورياً لغيرك.
- متابعة بعض البرامج (الفكريّة والصحيّة والدينيّة والاجتماعيّة) التوعوية والالتزام بها.
- كتابة بعض المُذكّرات اليوميّة المتعلقة بما نعيشه، ولو سطور عدّة.
- القيام بمشاركة بعض المؤسسات الإنسانيّة في مساعدة الآخرين، إمّا بالمال، أو بإيصال الحاجيات لكبار السنّ في بيوتهم، أو بأعمال أخرى لازمة في منع انتشار هذا الوباء.
- تخصيص وقت للدعاء والإكثار منه (أوقات مظنّة استجابة الدعاء) لرفع هذا الوباء عنّا.
وهكذا نجدّ أنّ المسلم الحقّ يتكيّف مع أقدار ربّه جلّ وعلا مؤمناً بها، لا يعترض على قضاء ربه، راض بما أنزله، فتجده صابراً مُحتسباً عند الشدائد، حامداً شاكراً عند المسرات والنعم، ومع كلّ ذلك يجتهد (فيما يملك) في أسباب البقاء والصحّة والسلامة، واختيار الأفضل له ولغيره، ليس من خواصه وذويه فحسب، بل لجميع إخوانه في الإنسانية.
