هذه الإقامة في البيوت الّتي تبدو الآن مُزعجةً قد تكون أعظم فُرص العمر فلا تضيّعوها.
في هذه الإقامة لم يعدِ المنزل مكاناً للنوم تأوي إليه كما يأوي المسافر إلى الفندق، بل أصبح ميدان حياة تخفق الأرواح فيه ، تجعله أحبَّ إلى سكّانه من القصور المنيفة.
صار لديك فسخةٌ واسعة للتّفكّر وإعادة الحسابات، والتّخطيط البنّاء الّذي طالما افتقدناه فأضعنا البوصلة وانحرفنا عن الهدف ، فإذا أضفنا لبرنامج إقامتنا الإعداد والمراجعة فقد أصبنا فرصة العمر الّتي لا تعوّض.
في الإقامة أروع المنح تلك الّتي تجعلك تعطي أبلغ ما عندك من حنان لمن هم أولى الناس بعطفك ورعايتك، فاقتسم معهم لقمة الحبّ، وأملأ قلوبهم ببسمة الرضى، وحوِّل ضِيقَ المكان بأخلاقك إلى أرحب ميدان.
أعلم وأنت في إقامتك أنّ هذه الأوقات ستنقضي لتصير غداً بكلِّ تفاصيلها أروع الذّكريات الّتي يذوب أبناؤك وأهلك إليها لهفة وحنينا تشدّهم إليها سطوة ذكرى لا تزول.
أنت في نعمة فاغتنمها، واملأها تحصيل علمٍ، وجوداً بمكنونات قلبٍ رحيم، وافقه مراد الله فيما أقامك تكن أسعد الناس ومُسعِدهم.
إنّ من يفقه هذه الحقائق لن تكون إقامته سبباً للخصومة والشّقاق بل للودّ والبرّ والوفاق، ولن يرى فيها ضِيق السّجن بل سيطوي برحابتِها واسعَ الكون.
