الرُّجولة خُلقٌ رفيع لايُولدُ مع المرء ولا يُمنحُ بغير فِعالٍ كريمة سامية .
أكثرُ النّاس لديهم إخوة ، ولكنّ الشّدائد هي الّتي تحكم على حقيقة هذه الأُخوّة ، فصخرُ كانَ للخنساء أخاها الذَّكر ، ولكنّ عوائدَ صخرٍ وجزائلَ عطاياه لها يومَ حاجتها هي الّتي ولَدتْ صخراً الرّجل، ولولا فِعالُ صخرٍ الّتي خلَّدتْها أشعار الخنساء لنُسي ذِكْرُه و درسَ خبرُه .
ما أكثر الجامعات الّتي خرَّجَتِ الأطباء ومنحتْهم الدّرجاتِ العلميّةَالرّفيعةَ، ولكنّ المواقف وخصوصاً ما كان منها وقتَ الخطرِ المُحدِق والوباءِ المنتشر المعدي هي الّتي تمنح لقبَ الطّبيب الإنسان، هذه الرّتبة الّتي لا تمنحها أرفعُ الجامعات ، ولكن تمنحها الدّعوات الصّادقاتُ تلهج بها ألسنة المرضى والمتألّمين .
فلانٌ صاحبي في العمل وفلانٌ صاحبي في الدّراسة وذاك صاحبي في الأسفار ، وما أكثر الأصحاب حينَ تعدّهم ، لكنّ الشّدائد والمِحن وحدها مَن يُغربِلُ الأصحاب ، فيبقى الصّاحب الحقّ هو الّذي يواسيك ويتوجّع لك أيّام شدَّتك.
عندما يكثرُ الطّلاق في أيّام الحظر الصّحيّ الّذي تفرضُه الّدول ، فهذا يعني فشلاً ذريعاً في امتحان الرّجولة ، فالرّجولة الحقّة تعني في مثل هذه الحال التّراحم والمودّة والحِلم والصّبر وحُسن الخُلق، لا النّزق ولا الضّيق ولاالعصبيّة ولا سوء الخُلق.
المجالات الّتي نحتاجُ فيها إلى معاني الرّجولة اليوم كثيرة جدّاً ، وباختصار : البشريّة اليوم تعيش مع الوباء المنتشر " كورونا" حرباً حقيقيّة ذاتَ انعكاساتٍ وتداعياتٍ خطيرةٍ جدّاً على شتّى الصُّعد ، وهذه الحربُ لا يربحُها إلّا الرّجال الّذين يخوضون غمارها في سائر ميادينها يدفعهم الإيمان وتُزيّنهم أخلاق الرّجولة وفعالها.
