الإثنين 04 مارس 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.06 ليرة تركية / يورو
39.73 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.62 ليرة تركية / ريال قطري
8.37 ليرة تركية / الريال السعودي
31.39 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.06
جنيه إسترليني 39.73
ريال قطري 8.62
الريال السعودي 8.37
دولار أمريكي 31.39

الطائرات الإيرانية المسيَّرة: القدرات ونقاط الضعف

09 مايو 2020، 06:36 م
الطائرات_الإيرانية_المسيَّرة_القدرات_ونقاط_الضعف2.
الطائرات_الإيرانية_المسيَّرة_القدرات_ونقاط_الضعف2.

ضياء قدور

كاتب وباحث في الشأن الإيراني

09 مايو 2020 . الساعة 06:36 م

يناقش هذا البحث، بالأدلة والشواهد الواقعية والعلمية، التقييم الحقيقي للقدرات الإيرانية في مجال صناعة الطائرات المسيَّرة، بغض النظر عن الإنجازات المبالغ فيها من قبل قادة الحرس الثوري ومسؤولي وزارة الدفاع الإيرانية، ويُبيّن نقاط الضعف في مشروع الطائرات المسيَّرة الإيرانية، ومرتبة إيران الحقيقة في هذا المجال، ويقيس هذه القدرات بالنسبة إلى الواقع الدولي والإقليمي.

مقدمة:

يعود تاريخ استخدام الطائرات المسيَّرة في إيران إلى ما قبل ثورة عام 1979، حيث استُخدمت الطائرات المسيَّرة، في جيش الشاه، بهدف اختبار فاعلية صواريخ أرض – جو، والمضادات الجوية لمدفعية سفن القوات البحرية، وكذلك من أجل اختبار صواريخ جو – جو لطائرات القوات الجوية الإيرانية.

لكن بعد انتصار ثورة عام 1979، وإبّان الحرب العراقية الإيرانية، استُخدمت الطائرات المسيَّرة، لأول مرة، لتنفيذ مهمات تجسسية كتحديد مواقع القوات العراقية، والحصول على معلومات عن تمركز وتحرك تلك القوات.

وبعد انتهاء الحرب، بدأت نشاطات واسعة في مصانع الدفاع الإيرانية، وفي جامعات أخرى، من أجل تصميم وإنتاج الطائرات المسيَّرة، وما تزال هذه الجهود مستمرة حتى يومنا هذا. وفي الوقت الحالي، تُعدّ الشركة الإيرانية لصناعة الطائرات (هسا)، وصناعات القدس الفضائية، من أهم المراكز في إيران لتصميم وإنتاج الطائرات المسيَّرة.

بداية المشروع:

مع صعوبة وخطورة القيام بعمليات استطلاع، بواسطة طائرات الرافال الفرنسية التي كانت تمتلكها إيران أيام الحرب العراقية الإيرانية، افتقد الإيرانيون أهم وسيلة موثوقة للحصول على معلومات عن مواقع القوات العراقية في ساحة المعركة.

ولذلك، قام الحرس الثوري الإيراني بأخذ بعض هواة صناعة الطائرات المسيَّرة، التي كانت عبارة عن مسيَّرات بسيطة تطير بسرعة وارتفاع منخفض جدًا ومزودة بكاميرات عادية، إلى جبهات القتال، لتجريبها على أرض الواقع؛ حيث تم التعاون مع مصمميها لحل عيوب هذه الطائرات التي كانت لبنة الأساس في مشروع صناعة الطائرات المسيَّرة الإيرانية.

مراحل تطور المشروع:

عائلة تلاش:

تلاش 1 (باللغة العربية تعني مسعى رقم 1) أول طائرة مسيَّرة إيرانية يتم تصنيعها ضمن هذا المشروع في مصانع القدس، حيث كانت طائرة تدريبية تستعمل كهدف لسلاح قوات الدفاع الجوي في تدريباتهم.

وتطير (تلاش 1) بسرعة 120 كم في الساعة، وتصل إلى مدى 5 كم، وارتفاع 2700 متر. بعد ذلك تم تطوير نسخة محسنة من تلاش 1، باسم تلاش 2، التي تمتاز عن سابقتها بسرعة أكبر (140 كم في الساعة)، وبقدرة أفضل على المناورة.

عائلة مهاجر:

في بداية الثمانينيات، عام 1984 تم البدء بصنع طائرات (مهاجر 1)، التي تم تجهيزها بكاميرا مائلة للأسفل ومثبتة في مقدمتها، وتستطيع التحليق إلى مدى يصل إلى 30 كم، وهذا يعني أن مهاجر 1 كانت قادرة على استطلاع الخطوط الأمامية للقوات العراقية، وكان يتم التحكم فيها بواسطة جهاز اتصال لاسلكي ضعيف (بقدرة أقل من 100 ميغا هرتز)، ويمكن التشويش عليه بكل سهولة.

مهاجر 2 كانت العنصر الثاني في عائلة الطائرات المسيَّرة مهاجر، وتم تطويرها في بداية التسعينيات، إذ أُجريت تعديلات على الشكل وتطويرات لتقنياتها، مثل إدخال نظام الملاحة GPS ونظام بث مباشر. وتتمتع (مهاجر 2) بمدى 50 كم، وسرعة تصل إلى 210 كم في الساعة، وقدرة على التحليق حتى ساعة ونصف، بارتفاع 3300 متر، وتعمل بمحرك مكبسي بريطاني الصنع يدعى WAE-342

اللافت في الأمر أن مهاجر 2 ظهرت مرة مسلحة بـ 12 قذيفة (آر بي جي)، لكننا لا نملك معلومات حول اعتماد هذا التسليح بشكل تام في هذه المسيَّرة. في عام 2011، كشفت إيران عن نسخة انتحارية من المسيَّرة مهاجر 2، وهي رعد 85، التي تبحث عن الهدف في أثناء تحليقها بالتنسيق مع المحطة، لتتجه نحو الهدف بسرعة 450 كم في الساعة، وبنسبة خطأ لا تتجاوز خمسة أمتار. العنصر الثالث من عائلة مهاجر، هو مهاجر 3 التي كشف عنها عام 1999، وصنعت لتحلق مدة أطول ومسافات أبعد من مهاجر2.

بلغ مدى (مهاجر 3) 100 كم، مع قدرة على البقاء ساعتين في الجو، وسرعة تحليق 180 كم في الساعة، لكن مهاجر 3 لم تُشاهد داخل الخدمة فيما بعد، وهذا يدل على فشل عملية تطويرها، وتزامن ظهورها مع فترة تطوير مهاجر 4 التي تمتعت بمدى يصل إلى 150 كم، مع قدرة على البقاء في الجو مدة 5 ساعات، وارتفاع يصل إلى 4500 متر، وسرعة تحليق 180 كم في الساعة.

وتم تزويد بعض نسخ طائرات مهاجر 4 بمحرك مكبسي ألماني الصنع يدعى ليمباخ 550، والبعض الآخر زُود بمحركات مكبسية نوع AR-741.[9] كلا المحركين ادعت إيران أنها استطاعت استنساخهما وصناعتهما محليًا، الأمر الذي ما زال موضع شك كبير، بالنسبة إلى العديد من الخبراء.

وعلى الرغم من أن جميع عائلة مهاجر، من 1 حتى 4، قد صممت لأغراض تجسسية، كتصوير مواقع العدو، أكثر من كونها مسيَّرة هجومية، فإن جميعها لا تملك حتى الآن قدرة العمل ليلًا، لكونها غير مزودة بكاميرات حرارية أو كاميرات تعمل بالأشعة تحت الحمراء. والعنصر الأخير والأحدث، في عائلة مهاجر، هو مهاجر 6 (لم تُصنع نسخة باسم مهاجر 5) التي كشف عنها عام 2017.

تتميز مهاجر6 المستنسخة في الأساس من المسيَّرة (فالكو) الإيطالية التي يمتلكها الجيشان الباكستاني والسعودي، عن باقي أسرتها، بوزن أكبر، وإمكانية للبقاء في الجو مدة 12 ساعة متواصلة، وسرعة 200 كم في الساعة، ومدى يصل إلى 200 كم، وارتفاع يصل إلى 5500 متر.

مهاجر 6 يمكنها حمل 40 كغ من الأسلحة، فضلًا على حمولة الكاميرات، وكما ذكرت المواقع الإيرانية، يمكن تسليحها بصاروخين من نوع قائم الموجه ذي المدى 6 كم، وهي النسخة الوحيدة ضمن عائلة مهاجر التي يمكنها العمل ليلًا.

عائلة أبابيل (المسيَّرة الانتحارية):

في الوقت الذي كانت تعمل فيه إيران على تطوير مهاجر 1، كان الإيرانيون يطورون مسيَّرات أبابيل في مصانع (هسا) التي أنتجت أبابيل 1 في عام 1986. ولضرورة استخدامها خلال الحرب مع العراق، صُنعت بشكل لا يتلاءم مع معايير الجودة المطلوبة.

فكانت صالحة للاستخدام مرة واحدة، ومجهزة لحمل 40 كغ من المواد المتفجرة. كان تصميم أبابيل 1 بالأساس مستوحًى من الطائرات المسيَّرة البريطانية نوع (ميغيت بانشي)، وصنعت بدايةً بهدف القيام بعمليات انتحارية ضد القوات العراقية.

وهناك معلومات غير مؤكدة، حول قيام هذا النوع من المسيَّرات بتنفيذ هجمات انتحارية ضد القوات العراقية المنتشرة على الخطوط الأمامية القريبة، حيث كانت مزودة برأس حربي يزن 40 كغ، وبسبب خروجها من الخدمة في وقت لاحق، لا وجود لتفاصيل وافرة عن مواصفاتها.

أبابيل 2 هي الجيل الثاني من عائلة أبابيل، التي صنعت في عام 1992 لأهداف عدة، منها الأهداف الانتحارية والاستطلاعية والأهداف الجوية، وعرضت لأول مرة في عام 1999 في معرض IDEX في الإمارات العربية المتحدة، حيث عُرضت منها نسختان فقط (مدنية واستطلاعية).

لم تزود أبابيل 2 إلا بمحركات مكبسية بريطانية الصنع، من نوع  WAE – 342 المستخدمة ذاتها في عائلة مهاجر كما ذكرنا سابقًا.

يمكن لأبابيل 2 بثّ ما تصوره وإرساله إلى محطة التحكم مباشرة، لكن برنامج التحكم الخاص بها هو برنامج رديء محلي الصنع يدعى “شهيد النوروز”، كما أن النسخ الاستطلاعية من أبابيل 2 هي نسخ انتحارية أيضًا، كما يؤكد موقع مشرق نيوز الحكومي، علمًا أن أبابيل 2 يمكنها حمل وزن يصل إلى 40 كغ.

أما عن مواصفات أبابيل 2، فسرعتها 250 كم في الساعة، مع قدرة على البقاء في الجو مدة ساعة ونصف تقريبًا، وبمدى 120 كم، مع ارتفاع يصل إلى 3500 متر.

فيما بعد تم تطوير نسخة جديدة سميت (أبابيل ت) التي تميزت عن النسخ الأخرى بجسم مصنوع من مواد أخف وأمتن، ومنحها ذلك مدى وسرعة أكبر. وقد تم تزويد “حزب الله” اللبناني والمتمردين الحوثيين، بنسخ استطلاعية وانتحارية من أبابيل 2، حيث تعرف باسم مرصاد 1، عند “حزب الله”، وباسم قاصف 1 وقاصف 2 (انتحارية تنفجر فوق الهدف) عند الحوثيين.

وما يكشف زيف ادعاءات القادة الإيرانيين، حول عدم قدرة الرادارات على كشف المسيَّرة أبابيل، هو إسقاط “إسرائيل” طائرتين مسيرتين لـ “حزب الله” من نوع مرصاد في عام 2006.

وعلى ما يبدو، فإن قدرات أبابيل 2 المقبولة نسبيًا، وميزاتها الاستطلاعية والانتحارية معًا، دفعت النظام السوري إلى الاستعانة بالخبراء الإيرانيين لصنع طائرات شبيهة بأبابيل 2 الإيرانية، وهذا ما كُشف بعد استيلاء المعارضة السورية على مركز البحوث العلمية في حلب عام 2012، حيث شوهدت طائرات مسيَّرة شبيهة بأبابيل 2، إضافة إلى كتيبات دينية إيرانية.

النسخة الأحدث من عائلة أبابيل هي أبابيل 3، كما تشير التسمية، ولكن حقيقة الأمر أن أبابيل 3 هي طائرة مسيَّرة مستنسخة من الطائرة الجنوب أفريقية SEEKER- 2D، التي حصلت إيران على بعض نسخها عام 2005 – 2006، وبدأت إنتاجها باستخدام الهندسة العكسية.

امتازت أبابيل 3 التي لا تنتمي إلى عائلة أبابيل إلا بالاسم، بقدرة استطلاعية جيدة، ولكنها بقيت تعمل بمحرك مكبسي ألماني من نوع ليمباخ 550 بقوة 50 حصانًا بخاريًا.

أما عن مواصفات أبابيل 3، فسرعة تحليقها 200 كم في الساعة، مع مدى يصل إلى 100 كم، وسقف ارتفاع يصل إلى 5000 متر، مع قدرة على التحليق لمدة 4 ساعات متواصلة.

وقد تم تسليح أبابيل 3 بصاروخين نوع قائم الموجودين في مهاجر 6. بقيت المسيَّرة أبابيل تقليدية وغير عملية، بسبب عدم قدرة إيران على تزويدها بالمحركات الهوائية المتطورة (توربو فان وتوربو جيت).

ولذلك سعت الشركات الوهمية التابعة لإيران لشراء محركات “ليمباخ 550” (محركات 4 سلندر باستطاعة 50 حصانًا) من الشركة المصنعة في ألمانيا، وإرسالها إلى إيران، وذلك وفقًا لبعض الوثائق التي نشرتها ويكيليكس.

وتأكيدًا لذلك، حاكمت محكمة ولاية فرانكفورت في ألمانيا، في نيسان/ أبريل 2014، اثنين من الإيرانيين، لبيعهم عددًا من المحركات المذكورة أعلاه والمستخدمة في الطائرة المسيَّرة أبابيل 3.

وتؤكد دراسة لحطام إحدى الطائرات من نوع أبابيل 3، التي سقطت في سورية، في شباط/ فبراير 2018، أنها كانت بمحركات مكبسية ألمانية.

الطائرة المسيَّرة كرار (المسيَّرة المقاتلة):

بغض النظر عمّا لدى إيران من ضعف في مجال تصنيع وإعداد المحركات الخاصة بالطائرات المسيَّرة، يُعدّ عرض المقاتلة كرار في تموز/ يوليو عام 2010 علامة فارقة في أنشطة إيران في تصنيع الطائرات المسيَّرة.

وكما يقول الإيرانيون، فإن طائرة كرار هي أول طائرة مسيَّرة من إنتاج مصانع (هسا) الإيرانية تعمل بمحرك نفاث، ولكن حقيقة الأمر، بعد البحث والتدقيق في الشكل والتصميم الخارجي للمسيَّرة كرار، تشير إلى أن أغلب تفاصيلها اشتقت من الهدف الجوي الأميركيMQM-107  (الهدف الجوي هو طائرة مسيَّرة تستخدم كأهداف جوية تدريبية لمضادات قوات الدفاع الجوي)، وخاصة أن إيران تمتلك هذا الهدف الأميركي منذ عهد الشاه.

في بداية الأمر، كانت تستعمل كرار كهدف جوي تدريبي، وتم تطويرها فيما بعد للقيام بأدوار أخرى، منها الدوران الاستطلاعي والهجومي، وهناك معلومات غير مؤكدة حول استخدام كرار للقيام بأدوار انتحارية، أو استخدامها كصاروخ كروز.

وعلى الرغم من أن شركة صناعة الطائرات الإيرانية (هسا) قد أعلنت في عام 2012 أنها قادرة على صناعة المحركات النفاثة (التيربو فان المروحي) للطائرات بدون طيار متوسطة وبعيدة المدى المستخدمة في مسيَّرة كرار، وتأكيد وزير الدفاع الإيراني في العام 2013 استخدام هذا النوع من المحركات النفاثة بدلًا من المحركات المكبسية في الطائرات الإيرانية المسيَّرة، فإن الدراسات وعمليات البحث والتقصي تشير إلى أن مسيَّرات كرار قد زودت بمحركات نفاثة من نوع طلوع 4 المستنسخة أساسًا من المحركات الفرنسية نوع TRI 60.

وفقًا لتقرير وسائل الإعلام الإيرانية، فإن طائرة كرار ذات المحرك النفاث تبلغ سرعتها حوالي 900 كم في الساعة، ويصل مداها لـ 1000 كم، وتستطيع التحليق لارتفاع 12 كم، مع قدرة حمولة تصل إلى 230 كغ.

ظهرت كرار، عند عرضها لأول مرة عام 2010، مسلحة بقنبلة نوع MK- 82 غير الموجهة، التي تزن 227 كغ، وبعد مدة قصيرة ظهرت مسلحة بصواريخ (كوثر) الموجهة والمضادة للسفن، التي يصل مداها حتى 25 كم. وفي عام 2019، ظهرت كرار مسلحة بقنبلة نوع (ياسين) ونوع بالابان (قنابل موجهة ذات مدى 50 و60 كم على الترتيب).

ونظرًا للأنواع المتعددة من الأسلحة التي زودت بها كرار، يبدو أن الدور القتالي والهجومي هو الدور الأساسي الذي صُنعت من أجله هذه المسيَّرة، إضافة إلى أن تحويل كرار إلى مسيَّرة انتحارية سيجعلها شبيهة بصاروخ كروز الذي تحدث الإيرانيون عن نجاحهم في إنتاج أربعة أنواع منه: (سومار، هويزة، يا علي، قدس 1).

في أيلول/ سبتمبر من عام 2013، صرّح محمد علي جعفري، قائد الحرس الثوري، متحدثًا حول الطائرة المسيَّرة شاهد 129، وقال إنها تشبه، من حيث الشكل الخارجي، الطائرة هرمس 450 بدون طيار الإسرائيلية، مع فروق بسيطة.

وبحسب تقرير وكالة أنباء فارس، فإن هذه الطائرة يمكنها التحليق لمدة 24 ساعة، بمدى يصل إلى 1700 كم، وعلى ارتفاع 24 ألف قدم. ووفقًا لتقارير وسائل الإعلام الإيرانية، فقد زودت شاهد 129 بمحرك مكبسي نمساوي الأصل نوع روتاكس 914.

وصرّح عدد من المسؤولين الإيرانيين، خلال مراسم عرض (شاهد 129) بأنه سيتم تجهيز كل طائرة بثمانية صواريخ جو-أرض، من نوع “سديد”، وعُرض فيلم على بعض القنوات التلفزيونية الإيرانية، بدأ بإطلاق أحد الصواريخ من طائرة (شاهد 129) وهي في الهواء، ثم تظهر الكاميرا المشهد كاملًا بكل وضوح، ومن ثم يصيب ذلك الصاروخ أحد الأهداف.

لكن في بدايات عام 2014، أظهر أحد مقاطع الفيديو لجماعة “عصائب أهل الحق”، وهي جماعة مدعومة من قبل النظام الإيراني في العراق، عملية قصف بالصواريخ لبعض أوكار (داعش)، باستخدام طائرات شاهد 129، لكن الدراسات المنجزة كشفت أن الفيديو المذكور مفبرك تمامًا، ومن المستبعد أن تكون هذه الجماعة المقربة من إيران قد قامت بنشر هذا التقرير المصور دون إذن مسبق من قبل الحرس الثوري أو فيلق القدس الإيراني.

فطرس:

تُسمى أحدث طائرة إيرانية مقاتلة مسيَّرة (فطرس)، وتم عرضها في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، وهي تُعدّ أحد أكبر النماذج المماثلة التي صنعت في إيران، وبحسب تقرير وسائل الإعلام الإيرانية، فإن مدى هذه الطائرة يصل إلى 2000 كم، وبعلو يصل إلى 25000 قدم.

وتستطيع التحليق من 16 إلى 30 ساعة، إضافة إلى قيامها بمهمة الاستطلاع والمراقبة، وحملها صواريخ جو-أرض، وأنواعًا أخرى من الصواريخ، إضافة إلى مهامها القتالية.

من الناحية النظرية، يُعتقد أن طائرة فطرس -عند النظر إلى تفاصيل وقوة التقارير المنشورة حولها- مماثلة تمامًا للطائرات الأميركية بدون طيار التي استخدمها الجيش الأميركي خلال الأعوام الأخيرة، في حربه ضد طالبان والقاعدة في أفغانستان وباكستان واليمن والصومال، لكن مسألة قيام طائرة (فطرس) على أرض الواقع بكل هذه المهام، وبهذه الإمكانات، مشكوكٌ فيها تمامًا.

نقاط الضعف:

أولًا: نجد أن أغلب الطائرات المسيَّرة الإيرانية هي طائرات مسيَّرة قصيرة ومتوسطة المدى (تلا ش1و2، مهاجر 1 حتى 6، أبابيل من 1 حتى 3، المسيَّرة كرار متوسطة المدى 1000 كم)، ماعدا شاهد 129 وفطرس، بمدى 1700 و2000 كم على الترتيب، ويمكن اعتبارها بعيدتي المدى، تقريبًا، لكن زيادة المدى فيهما أثّرت في معدل سرعتهما التي تناقصت كثيرًا إلى (200 و300 كم في الساعة على الترتيب)، مقارنة بسرعة كرار التي وصلت إلى 900 كم في الساعة.

ثانيًا: نجد أن أغلب المسيَّرات الإيرانية صنعت لأهداف استطلاعية وانتحارية، وفي بعض الأحيان صُنعت لهدف انتحاري بحت، كما في مهاجر 2 التي طورت منها نسخة سُميت (رعد 2) الانتحارية، و(أبابيل 1) التي صُنعت لتكون مسيَّرة انتحارية في الدرجة الأولى، و(أبابيل 2) التي زودت بها إيران الحوثيين و”حزب الله” والنظام السوري، و(كرار) التي تعمل كصاروخ كروز.

ثالثًا: لا توجد صناعة طائرات مسيَّرة إيرانية محلية بحتة، فأغلب الطائرات الإيرانية المسيَّرة مستنسخة من طائرات مسيَّرة مصنوعة خارج إيران، كما رأينا في أبابيل، من 1 حتى 3، وكرار وشاهد 129 وفطرس في الجدول أعلاه. جميعها ادعت إيران إنتاجها محليًا، لكن حقيقة الأمر تدل على أنها مسيَّرات صُنعت أو جمعت باستخدام الهندسة العكسية التي لم تصل فيها إيران إلى درجات متقدمة.

رابعًا: بقيت أغلب المسيَّرات الإيرانية تعمل بمحركات مكبسية ضعيفة (ألمانية أو بريطانية أو نمساوية) تم استيرادها من الخارج، وادعت إيران تصنيعها محليًا، كما رأينا في جميع المسيَّرات الإيرانية، ما عدا مسيَّرة (كرار) التي تعمل بمحرك نفاث نوع طلوع المستنسخ أساسًا من المحركات الفرنسية نوع TRI 60، وهذا الأمر هو ما جعل أغلب المسيَّرات الإيرانية ذات سرعات بطيئة ومديات قصيرة ومتوسطة.

إن استخدام عبارات مثل “الاكتفاء الذاتي” و”التكنولوجيا المحلية” و”عدم الحاجة للغرب” و”عدم تأثير العقوبات الدولية”، من بين العبارات التي يعشقها قادة الحرس الثوري ومسؤولو وزارة الدفاع الإيرانية، لذلك تجدهم يكررونها في كل مناسبة وفرصة متاحة بأساليب وتعابير مختلفة.  لكن الشواهد تشير إلى أن العقوبات الدولية المطبقة من قبل الأمم المتحدة والولايات المتحدة وبعض الدول الغربية، قد أوجدت عقبات ملموسة بالنسبة إلى إيران في هذا الصدد.

فإيران اليوم لا تستطيع الحصول على المحركات الخفيفة الضرورية لإنتاج الطائرات المسيَّرة الكبيرة، وخاصة بعيدة المدى منها، والعديد من الشركات الإيرانية مثل الشركة الإيرانية لصناعة الطائرات (هسا) وصناعات القدس الجوية مشمولة ضمن العقوبات الدولية.

ولهذا السبب تجد أن معظم الطائرات المسيَّرة الإيرانية صغيرة الحجم وهي قصيرة، أو متوسطة المدى من الناحية التكتيكية. إن إنتاج أغلب الطائرات الإيرانية المسيَّرة أمرٌ بسيط نسبيًا، ولا يكلف الكثير ولا يتطلب تقنية وتكنولوجيا عالية لإنتاجها، لذلك فإن تأمين القطع اللازمة للطائرات المسيَّرة البسيطة هذه لا يجذب انتباه البائعين في السوق العالمية.

على عكس القطع المعقدة ذات التكنولوجيا المتطورة، التي يمكن الحصول عليها من خلال الوسطاء، أو تجار الأسلحة بضعف قيمة السوق الحقيقة. ولذلك تجد أن أغلب تقارير وسائل الإعلام الغربية تشير إلى أن إيران مهتمة بشراء المحركات الهوائية من الدول الأوروبية، وخاصة ألمانيا، من أجل أن تزيد إيران من سرعة ومديات مسيَّراتها.

خامسًا: بقيت كل المسيَّرات الإيرانية لا تتمتع بقدرة التخفي من الرادار، والدليل الأكبر على ذلك هو أن استنساخ إيران لأغلب طائراتها المسيَّرة من طائرات مسيَّرة غير إيرانية لا يعني بالضرورة حصول إيران على تقنية التخفي من الرادار، الأمر الذي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بقدرات إيران الحقيقية في المجال الدفاعي والميزانية، وحصولها على معلومات سرية حول الصناعات العسكرية في الدول المتقدمة.

فالقدرات الإيرانية المحدودة في مجال الطائرات المسيَّرة لا تؤهلها إلى إعادة إنتاج طائرات متقدمة قادرة على التخفي عن الرادار خلال هذه الفترة الزمنية القصيرة، بحيث يكون أداؤها مماثلًا تمامًا للنموذج الأصلي.

ولم تظهر حتى الآن دلائلُ تؤكد حصول إيران على تقنية التخفي عن الرادارات، فأغلب الطائرات المسيَّرة الإيرانية من حيث الشكل الخارجي لا تبدو وكأنها تمتلك هذه التقنية أبدًا. إن استخدام هذه التقنية مكلف جدًا.

وفي الوقت الحاضر تملك كل من أميركا والصين وروسيا هذه التقنية، حيث خصصت لها أعلى الميزانيات العسكرية في العالم، التي تعادل ثمانية أضعاف الميزانية التي تخصصها إيران للسلاح والعتاد.

سعت إيران خلال العقود الثلاثة الماضية إلى توفير احتياجها من السلاح، عن طريق الشركات الوهمية والسبل غير المشروعة، ولا توجد حتى الآن أي إشارة تدل على سعي إيران للحصول على تكنولوجيا التخفي عن الرادار من الدول التي حصلت على هذه التقنية أو استنساخها.

مراتب إيران المزعومة (المرتبة الحقيقة لإيران في هذا المجال):

على مدار السنوات الماضية، قدّم قادة الحرس الثوري الإيراني ومسؤولو وزارة الدفاع والصناعة العسكرية، ووسائل الإعلام الإيرانية، رواياتٍ مختلفة ومتناقضة عن إنجازات إيران في مجال الطائرات المسيَّرة. حسين سلامي، القائد العام السابق للحرس الثوري الإيراني، قال في كانون الأول/ ديسمبر 2011: “إيران ثاني بلد في العالم في مجال تكنولوجيا الطائرات المسيَّرة”.

وتحدث محمد إسلامي، نائب وزير الدفاع في الشؤون البحثية والصناعية، في شباط/ فبراير 2013، حول مرتبة إيران في مجال تكنولوجيا الطائرات المسيَّرة، قائلًا: “تُعد إيران من بين الدول العشر الأولى في المجال العسكري، وهي من بين الدول الخمس الأولى في مجال تكنولوجيا الطائرات بدون طيار”.

وفي 19 أيار/ مايو 2014، عرضت صحيفة (مشرق) الحكومية تقريرًا حول مرتبة إيران مجال صناعة الطائرات المسيَّرة، وقالت: “إيران هي ثالث أكبر منتج للطائرات المسيَّرة المزودة بصواريخ في العالم”.

ومما لا شك فيه أن إيران حققت بعض التقدم الملموس في مجال صناعة وتصميم الطائرات المسيَّرة، لكن مسؤولي وزارة الدفاع الإيرانية وقادة الحرس الثوري الإيراني حريصون دائمًا على تهويل وتضخيم الموضوع، وفي بعض الحالات يقدمون ادعاءات مشبوهة حول أسلحة ومعدات لم يتم إنتاجها أو تشغيلها بعد، الأمر الذي يجعل من الصعب التمييز بين ما هو حقيقي وما هو وهمي، وتحديد الإنجازات الحقيقية لإيران في هذا المجال بشكل دقيق.

إن عدم وجود تناسب ما بين ادعاءات المسؤولين الإيرانيين، والقدرات والإمكانات الإيرانية في مجال صناعة الطائرات المسيَّرة، دفع أغلب المراقبين والباحثين إلى عدم الاكتراث للتهويلات الصادرة على ألسن القادة العسكريين الإيرانيين، حيث لا يتطابق ما سمعناه من ألسنتهم مع ما رأيناه في القدرات الإيرانية في مجال صناعة المسيَّرات أبدًا.

ومع ذلك، يواصل هؤلاء التضخيم من قدرات الطائرات الإيرانية المسيَّرة والقدرات العسكرية الإيرانية بشكل عام، الأمر الذي يستخدم للاستهلاك المحلي الداخلي بلا شك.

عمومًا، إن أداء الطائرات الإيرانية المسيَّرة ليس على المستوى الذي ينشره قادة الحرس الثوري الإيراني، أو وزارة الدفاع والصناعات العسكرية، وفي النهاية لا يمكن أبدًا مقارنة الطائرات الإيرانية المسيَّرة مع الطائرات المسيَّرة الأكثر تطورًا التي يمتلكها الجيش الأميركي أو “إسرائيل”.

بغض النظر عن هذه التهويلات، فقد أنتجت إيران، على الرغم من العقوبات الدولية المفروضة، طائرات مسيَّرة تتمتع بقدرات نسبية (استطلاعية وانتحارية وقتالية في بعض الأحيان).

وعلى الرغم من شح التقارير الإعلامية المنتشرة، فإن شهود عيان عديدين في سورية تحدثوا بأن المسيَّرات الإيرانية (مهاجر وأبابيل) قد ساعدت قواتِ النظام السوري في توجيه الصواريخ والمدفعية بشكل دقيق نحو مواقع المعارضة السورية، من خلال تقديمها المعلومات الدقيقة عن أماكن تموضع تلك القوات.

إضافة إلى أن العمليات التخريبية التي استهدفت منشآت (أرامكو) السعودية تمت بمسيَّرات وصواريخ إيرانية (مسيَّرات من نوع أبابيل وكرار الانتحارية على ما أعتقد)، دون تقديم أي دليل ملموس من جانب الولايات المتحدة على ضلوع إيران في هذه الهجمات، واكتفائها بالحديث عن وجود معلومات استخبارية، وأن الهجوم نُفذ من جهة الغرب والشمال الغربي، وليس من المنطقة التي يسيطر عليها الحوثيون.

تُعدّ إيران اليومَ قوة في مجال صناعات الطائرات المسيَّرة، لكنها لا تحتل المرتبة الأولى أو الثانية أو الثالثة في التصميم والإنتاج، كما تدعي.

وإن إلقاء نظرة سريعة على أحدث تقنيات الطائرات المسيَّرة المصنعة في “إسرائيل” ومدى كفاءتها، وتصدير “إسرائيل” لتلك المسيَّرات إلى دول أوروبية، مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا وهولندا وإسبانيا، يدل على أن “إسرائيل” تحتل المرتبة الأولى إقليميًا في هذا المجال.

“إسرائيل” اليوم هي أكبر مصدر للطائرات المسيَّرة في العالم، وذلك وفقًا لتقارير أميركية، حيث بلغ إجمالي صادرات “إسرائيل” للطائرات المسيَّرة حوالي 4 مليارات دولار و600 ملايين دولار، بين عامي 2005 و2012، بينما بلغت صادرات الولايات المتحدة 2 إلى 3 مليار دولار، في تلك الفترة.

خاتمة:

إن استخدام الطائرات المسيَّرة الإيرانية عوّض جزئيًا عن أوجه القصور في سلاح الجو الإيراني، الذي يواجه تحديات خطيرة بسبب العقوبات المفروضة على صيانة الطائرات القديمة المتبقية منذ زمن الشاه. لكن اعتماد إيران في إنتاج أغلب مسيَّراتها على الطراز الانتحاري حوّل هذه الصناعة إلى سلاح خطير في يد إيران ووكلائها وميليشياتها في المنطقة.

والمسيَّرات الإيرانية لا تقلّ خطورة عن البرنامج الصاروخي الإيراني، بل يمكننا أن نعدّ مشروع الطائرات المسيَّرة جزءًا لا يتجزأ من المشروع الصاروخي الإيراني، ويجب التفاوض عليه في أي مفاوضات مستقبلية قادمة؛ لأن هذا المشروع تخطى حدود الحاجات الدفاعية لإيران، وبلغ حد تهديد وزعزعة استقرار دول المنطقة والجوار.

المصدر: مركز حرمون للدراسات