الخميس 11 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98
...

فرصة ثانية

07 يونيو 2020، 12:13 م

فرصة ثانية

قصة قصيرة للكاتب جو أو‘ ريلي – ترجمة: ماجد المحمد

 

تململ ( بيل ) وهو نائم . هل كان يحلم يا ترى؟ لا. استيقظ عند نقطة ما. ثمة شيء كان يطبق على صدره، وضاق عليه أكثر. كان الألم مبرحاً. تكور على جنبه وجر ساقيه محاولاً تخفيف الألم؛ لكن لا جدوى.

          يا إلهي! يستحيل أنه أصيب بنوبة قلبية. ليس الآن! ليس هنا. ولا في أي مكان؛ وليس هنا بالذات. كان عليه أن يوقظها. حاول مرة أخرى لكن نوبة أخرى من الألم مزقت صدره. هذه المرة كانت غاية في الألم. آه ... يا رب!

          وفجأة تلاشى الألم، بسرعة تلاشى كما جاء. تنهد بعمق. كان ذلك شيئاً بالمستطاع فعله. وحاول الاعتدال لكن أطرافه خذلته. حاول مرة أخرى لكن بلا نتيجة. نظر عن كثب إلى الشخص القابع في السرير – شخصه. لم يكن يتنفس؛ حاول أن يهزه، لم يحدث شيء. يا إلهي، كان ميتاً. لا يمكن أن يحدث هذا. كان عمره اثنان وأربعون عاماً فحسب؛ إنه يستحق العيش لفترة أطول. كان ينبغي أن يعطى تنبيهاً أو شيئاً كهذا. ما هكذا يموت الناس. والتفت مذعوراً إلى الشخص الآخر في السرير، وحاول أن يوقظها. تمددت وقد أحست بذلك، وانحسر ثوبها عن كتفيها العاريين.

          صاح فيها: "بيجي! بيجي! أنا ميت، أنظري؛ كرامة لله، أنظري". ابتسمت (بيجي) في نومها ابتسامة هانئة وعلى مهل كما لو أنها كانت تستذكر متعة الليل الماضية. كانت طيبة. وبالطبع لم يحدث ما يشبه النشوة العبثية تلك منذ عدة أشهر. عاد بتفكيره سريعاً إلى تلك الليلة الأولى التي جعلته يبقي فيها. ارتعش؛ فقد كانت ليلة لا تنسى. الليلة الماضية كانت جيدة أيضاً، لكنها لم تكن بتلك الروعة: متوسطة في أحسن حالاتها على طول الوقت؛ وقد استمتعت على كل حال.

          توجب عليه أن يوقظها، وينبغي عليها أن تفعل شيئاً. لم يكن بمقدورها منع وجوده هنا، في شقتها، في سريرها. حاول أن يهزها مرة أخرى، لا فائدة. يبدو أنه لم يستطع الوصول.

          ماذا رأى في بيجي؟ وما الذي فكر فيه؟ لقد كانت هناك، أليس كذلك؟ قال في نفسه: إن الأمر أكثر من ذلك. أحبها .. لا، لم يحبها؛ ارتاح لها كثيراً. آه .. ماذا؟ لقد سعى وراءها من أول مرة رآها فيها في حانة (دونيلي). كانت مع صديقين أحدهما يعمل في الفرع، وظهر له من التعارف أنهم يأتون إلى حانة دونيلي أغلب ليالي الجمعة.

          استطاع القول بأن الفرع كان السبب وراء كل متاعبه. فقد تمت ترقيته إلى مدير إقليمي وكانت (كورك) تحتاج لاهتمامه. ظنوا أنهم جمهورية دموية مستقلة هناك. وسرعان ما جاء بهم إلى الحظ. بدأ يذهب مساء كل جمعة بحيث يستطيع أن يمكث هناك طوال يوم السبت. تلك هي قصة لقائه مع بيجي.

          كانت مثيرة بطريقة لم تكن (جينيفر) تشبهها فيها. لم يحدث أن أقام علاقة مع جينيفر أبداً، فكر وقد انتابه شعور من الندامة. كانت تصغرها بعشر سنين – في آخر عيد ميلاد لها صار عمرها تسعاً وعشرين، أو قريباً منه، هكذا قالت. وزيادة على ذلك، وجد المثير لفعل شيء لم تعرف عنه جينيفر شيئاً أبداً؛ وستعرف الآن. فإن لم يكن بد من إصابته بنوبة قلبية فلمَ لم تحدث في سرير جينيفر؟ يا رب، كم يتمنى لو أنه هناك في هذه اللحظات.

          وفجأة بان ضوء، كان ضوءً خفيفاً لطيفاً ومألوفاً إلى حد ما. إنها ضحكة جينيفر. نظر إلى السرير عن قرب، ومان في غرفته. بينما اتكأت جينيفر على أحد مرفقيها تتحدث إلى رفيقها. رفيقها! يا إلهي الكريم، إنها تتحدث مع رجل.

          "مزاجي رائق لثوان هذه الليلة، يا حبيبي".

          "آه، لا. يجب أن تفعل شيئاً مميزاً إذاً. إنني منهكة".

          بدت جينيفر عارية، وملابس النوم نزلت إلى وركيها، ورفيقها عار أيضاً. استلقى على ظهره وقد أغمض عينيه، وابتسامة هادئة تعلو وجهه. نظر بيل إليه ثانيةً. أعرف ذلك الوجه؛ طبعاً، إنه هو. إنه في قسم "القمصان والملابس الداخلية" في مخزن دبلن. (جيري)، جيري شيء ما أو غير ذلك. قسماً بالله، سيقتله. وجينيفر! ما الذي يجول بخاطرها يا ترى؟ لا أعتقد أنه بلغ الثلاثين بعد. "سوف أقتلها، سأقتل الاثنين معاً". انقض عليهما؛ لم يلاحظا شيئاً. يد جينيفر طالت معدة رفيقها، وببطء انحدرت للأسفل. يا إلهي، لم يستطع مشاهدة ذلك. كان عليه العودة إلى بيجي واستشارتها بطريقة ما.

          إنه في ظلمة غرفة بيجي مرة ثانية. لم تهتز. عاد إلى جسده ثانية وحاول أن يتحرك، لكن بلا جدوى. فقط لو أنه استطاع الخروج من هنا. سوف يتخلى عن بيجي. سيخبرها بأنه لن يأتي إلى الفرع كثيراً الآن. لا، سيقول لها الحقيقة، إنه يحب زوجته، نعم، زوجته جينيفر. وبالله، سيقتل ذلك الشاب من قسم "القمصان والملابس الداخلية". لم تكن غلطة جينيفر؛ فلم يكن يعيرها جل اهتمامه؛ وقد تجاهل الأمارات. كانت تشعر بالضجر. وليت أن الفرصة سنحت له مرة أخرى فيصلح الأمر معها على نحو ما.

          انتابه الألم ثانيةً. الألم! وبحذر رفع ذراعه؛ لقد استجاب، تحرك ذراعه. واستدار نحو بيجي، والألم يشق صدره مع كل حركة. "بيجي، بيجي".

          "ما الأمر يا بيل"؟ بيجي كانت مستيقظة تماماً.

          "أظن – أظن أنني أصبت بنوبة قلبية أو شيء من هذا القبيل. أعاني من ألم فظيع في صدري".

أضاءت بيجي المصباح الجانبي ونهضت من السرير، وانعكس الضوء الخافت من جسمها العاري. ارتدت ثوباً واقتربت من جانب السرير الذي هو فيه. "ما الخطب يا بيل"؟ "أنا – أنا كان عندي ألم شديد في صدري. لقد تلاشى الآن لكنه كان مخيفاً لعدة دقائق". ورفع نفسه بحذر على أحد مرفقيه. "ظننت أنني قد مت".

          تحسست جبهته. "إنك تتعرق. عشت كابوساً" نظرت إلى الساعة؛ الوقت بعد الثالثة فحسب. " هل ترغب أن أستدعي لك طبيباً؟" هز رأسه، " ... أعمل لك كوباً من الشاي إذاً؟"

"لا، سأحاول النوم ثانية. أنت على حق بالطبع. لقد كان حلماً مزعجاً فحسب".

          لكنه لم ينم ثانية في تلك الليلة. وعند الصباح قرر، سيهجر بيجي، لمن ليس لوقت قصير. فليس مفيداً فعل أي شيء فجأة وبسرعة بتأثير حلم مزعج.

          قضى ساعة في الفرع ذاك الصباح، وبعدها فاجأ الجميع بالرحيل إلى دبلن.

          وجد جينيفر ما تزال ماكثة في السرير. "آه، لم أتوقع مجيئك يا بيل، همست والنعاس يغلبها عندما دخل حجرة النوم. "كم الساعة؟" تأمل وجهها، ثمة دوائر سوداء تحت عينيها. "لم أنم جيداً الليلة الماضية؛ ولا أنام قريرة العين أبداً عندما تغيب". تمتم بشيء يوحي بأنه لا يريد إزعاجها. كان في طريقه إلى المحل فقط.

شق طريقه إلى "القمصان والملابس الداخلية". وكان جيري في مكانه؛ ورغم ذلك، هل كان قد تصوره، أم أنه بدا مهلهلاً نوعاً ما؟ وظن بيل أنه كان متعباً.

          تفحص سجلات الموظفين. جيري ميرفي؛ كان هذا اسمه. خمس وثلاثون؛ ست سنوات مع الشركة. لاحظ بدقة أنه يسكن قريباً منهم. بالضبط خمس دقائق سيراً على الأقدام. سجل المبيعات جيد؛ قدم فكرة جيدة للعرض بموجب "خطة المقترحات" السنة الماضية ونال خمسين جنيهاً لقاء ذلك. في الجمعة التالية اتخذ بيل قراره؛ فلا غاية من الانزعاج من حلم سيئ. لكن لا يزال يود إثبات ذاته. وصل إلى (كورك) بعد الظهيرة، وعندئذ حالما أغلق المخزن، اتصل ببيجي وقال إن عليه العودة إلى دبلن، فثمة مشكلة في المخزن. ووقّت وصوله عند منتصف الليل، وجينيفر لم تكن لتتوقع مجيئه.

          ترك السيارة إلى جانب البيت، وسيدلف إلى البيت بهدوء لئلا يثير جينيفر – سيقول ذلك. أدار المفتاح ودفع الباب، وفجأة فتحت طاقة جهنم. تذكر جهاز الإنذار متأخراً جداً. فقد شغلت الدارة (ب) – التي كانت تستخدمها عندما كانت في المنزل؛ وهذا يعني أن الباب الأمامي لا يمكن أن يفتح دون تشغيل الصافرة. وهو الذي أحضر لها جهاز الإنذار هذا عندما بدأ يقضي ليلة الجمعة في (كورك). وبسرعة استدار إلى لوحة المفاتيح وأدخل الرمز.

          "بيل"، صرخ صوت من الدرج. "يا إلهي، لقد أرعبتني، لمَ لم تتصل؟" كان فكر بيل مضطرباً؛ كيف نسي. " حدث تغيير مفاجئ في الخطة يا جيني، نسيت المنبه تماماً".

          "حسناً، لا تهتم. إنني مسرورة بوجودك". ولفته بذراعيها. "هيا؛ سأعمل لك كوباً من الشاي". وأخذت بيده إلى المطبخ. "شيء رائع أن تكون في البيت". وقد تعجب من فرط رقتها.

          وعندما وصل المخزن صباح اليوم التالي، وجد جواً من الإثارة على غير المعتاد. أسرع المدير نحوه. "مات جيري الشاب"؛ قالها والحزن يعلو محياه. "وجد في الشارع الليلة الماضية. ولا شبهة بسلوك غير أخلاقي". والآنسة (أوريلي) من قسم العطور أبدت رأيها: "شاب لطيف لكنه مولع جداً بالنساء". أما (نك) في قسم الملابس الرجالية فإنه يعتقد أن جيري لم يبد على ما يرام على مدى الأسبوعين الماضيين. السيدة (كريمنز) في المطعم أوجزت الأمر بقولها: "إشعال الشمعة من الطرفين – قتل نفسه". بينما (تينا) الشابة من قسم الألبسة الرجالية فقد بلغ الحزن منها مبلغاً أضحى لزاماً معه أن تذهب على البيت.

          أصرت جينيفر أن تذهب معه للجنازة. وبإحساس نابع من أعماقها على غير العادة قالت: "مسكين جيري! يتضح جلياً أننا معلقون بخيط الحياة؛ كان يمكن أن يكون أحدنا مكانه بكل بساطة".