الثلاثاء 05 مارس 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.06 ليرة تركية / يورو
39.73 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.62 ليرة تركية / ريال قطري
8.37 ليرة تركية / الريال السعودي
31.39 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.06
جنيه إسترليني 39.73
ريال قطري 8.62
الريال السعودي 8.37
دولار أمريكي 31.39

كيف حارب الإسلام العنصرية؟

25 يونيو 2020، 11:44 ص
كيف حارب الإسلام العنصرية؟

لقد حارب الإسلام العنصرية منذ ساعات الوحي الأولى، وها هي سورة الضحى تقول للنبي صلى الله عليه وسلم: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} [الضحى: 9، 10]. أما تفصيلا فبيانه كالتالي:

أولا: تكريم الإسلام للإنسان؟ لقد ظهر لكل ذي عينن ومن اللحظة الأولى تكريم الإسلام للإنسان، وكان تكريمه من خلال:

إحسان الخلقة: حيث أبدع الله في خلقه للإنسان، قال تعالى: {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} [غافر: 64].

النفحة الربانية: حيث استودعه الله نفخة ربانية كانت سببا لسجود الملائكة قال تعالى: {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحجر: 29].

سجود الملائكة: ولأنه حوى نفحة ربانية استحق أن تسجد له الملائكة، قال تعالى: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [ص: 72].

التفضيل على كثير من الخلق: فلم يكن الإنسان على هامش الكون وإنما كان في القلب منه، قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: 70].

بالعمل الصالح يرقى على الخلق جميعا: فبالعمل الصالح يرقى ليفوق الملائكة قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [البينة: 7].

الإنعام بالعقل والنطق: فليس من خلق الله من حوى لسانا ناطقا وعقلا مدركا كما الإنسان، قال تعالى: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ}.

السيادة في الكون: فلم يشأ الله أن يكون الإنسان عبدا لمخلوق مثله، وكيف وكل ما في الون له: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29].

حمل الأمانة: وبالعقل والبيان وسيادة الكون كان أهلا لحمل للرسالة وقد رضي بذلك: {مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ} [الأحزاب: 72].

الاستخلاف: وبحمل الأمانة كان أهلا للاستخلاف: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30].

تكليفه بعمارة الكون: ومن متطلبات الاستخلاف كان هو دون غيره من الخلق مطالبا بعمارة الكون: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود: 61].

جعله محور الرسالات: فمنذ أن أهبط إلى الدنيا كان هدى الله هاديا له، قال تعالى: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 38].

ثانيا: تكريم الإسلام للإنسان له معنى ومغزى: ومن خلال هذه النصوص يتضح لنا أن تكريم الإنسان كان له عدد من المعاني، ومنها:

التكريم حماية وصيانة: في نفسه وعقله وماله وعرضه، وقد عدّ العلماء ذلك من مقاصد الشرعية.

التكريم سيادة وقيادة: فالإنسان في هذا الكون سيدا، خلقه الله ليسود، وقد عبّر القرآن عن ذلك بالخلافة أو الاستخلاف: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30].

التكريم تفوق وجدارة: وهذا يعني أنه وحده القادر بما خوله الله من نعمة العقل والإرادة أن يفوق الخلق كله إبداعا، ولهذا لما قال عفريت من الجن: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ} [النمل: 39]، كان الجواب (من عالم الإنس): {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ} [النمل: 40].

التكريم علم وعمل: وهو كذلك علم يصحبه عمل، أما العلم فقد شرّف الله به أبا البشر آدم عليه السلام به، فقال: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة: 31]، وأما العمل فهو قرين العلم، وإلا فلا قيمة له، قال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19].

ثالثا: نداءات إنسانية خالدة في القرآن: وقد حفل القرآن بنداءات للبشر كل البشر، حفل بها القرآن المكي والمدني، لما يكن النداء فيها لجنس دون جنس، ولا للون دون لون، ولا لأصحاب دين دون غيره، بل كان النداء للجميع، وهذه النداءات هي:

يا أيها الناس: ومن ذلك: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} [البقرة: 21].

يا بني آدم: ومن ذلك: {يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ} [الأعراف: 27].

يا أيها الإنسان: ومن ذلك: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ}[الانفطار: 6].

رابعا: نصوص إسلامية خالدة في التكريم: وقد حفرت في التراث الإسلامي أقوال تحقق هذا التكريم، كان منها النصوص القرآنية وأخرى نبوية، ومنها ما قاله السلف من خلال فهم للقرآن والسنة، ومن ذلك:

قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ}[النساء: 1]، والأرحام هنا هي تلك الرابطة الأسرية المعروفة، لكن قولا آخر ذكره القرضاوي واعتبر أن الأرحام هي الرحم الإنسانية العامة فقال: وأنا أحسب أن كلمة (الأرحام) هنا لا تشير إلى الأرحام الخاصة، الأخ والعم والقريب، لكن الأرحام الإنسانية العامة، هو يتحدث (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة) -هي نفس آدم- (وخلق منها زوجها) -حواء[1].

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]، والمعنى كما قال الزمخشري: خلقنا كل واحد منكم من أب وأمّ، فما منكم أحد إلا وهو يدلى بمثل ما يدلى به الآخر سواء بسواء..[2].

روى أحمد عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قال: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ خُطْبَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى[3]".

روى أحمد عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: كَانَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي دُبُرِ صَلَاتِهِ: " اللهُمَّ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، أَنَا شَهِيدٌ أَنَّكَ أَنْتَ الرَّبُّ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، أَنَا شَهِيدٌ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، أَنَا شَهِيدٌ أَنَّ الْعِبَادَ كُلَّهُمْ إِخْوَةٌ....[4]".

ما قاله علي بن أبي طالب لمالك بن الأشتر وهو يوصيه: وأشعر قلبك المحبة للرعية والرحمة بهم والرفق بهم، ولا تكونن عليهم سبعا ضاريا يغتنم أكلهم، فإنما هم صنفان: إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق.

خامسا: المساواة في الإسلام حق للبشر لم يطالبوا به: وقضية المساواة مات في سبيل البحث عنها في العصر الحديث مئات الألوف بل ملايين، هذه القضية أو هذا الحق ناله المسلمون دون مظاهرات أو سفك دماء، وإنما حق شرعه الله للجميع، إنهم متساوون جميعا رجالا ونساء، مسلمين وغير مسلمين، الأبيض منهم والأسود، كلهم متساوون في أصل الخلقة، قال سبحانه:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} [النساء: 1]، متساوون في الحقوق والواجبات: قال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سبأ: 28]، متساوون في الجزاء والعقاب، قال تعالى:{ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97].

سادسا: وجوب المطالبة بالحقوق والموت في سبيل ذلك شهادة: نعم؛ إن المطالبة المرء بحقوقه الأساسية من مساواة وحرية وعدالة أمر يحمد عليه، لا هو مأمور به، والتضحية في الحصول على هذه الحقوق أمر لا ينكره الشرع؛ بل يدعو إليه، ويعلي شأن من يموت في سبيل ذلك، روى أحمد مسند أحمد عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ[5]". وعلى المرء أن يراعي قوانين البلاد التي يعيش فيها، فلا يفتأت على قانون.

 

 


[1] في حوار له على قناة الجزيرة في برنامج الشريعة والحياة (www.aljazeera.net ).

[2] تفسير الزمخشري (4/ 374).

[3] رواه أحمد (23489) وقال محققو المسند: إسناده صحيح.

[4] رواه أحمد (19293) وقال محققو المسند: إسناده ضعيف.

[5] رواه أحمد (1652) وقال محققو المسند: إسناده قوي.