تحتفل تركيا، الأربعاء، بيوم "الديمقراطية والوحدة الوطنية"، إحياءً للذكرى السنوية الرابعة لإحباط المحاولة الانقلابية التي شهدتها البلاد في 15 يوليو/ تموز 2016.
وتشهد كافة ولايات البلاد، أنشطة وفعاليات يشارك فيها ممثلو كافة الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وتمتد الفعاليات بهذا اليوم للبعثات والممثليات التركية في الخارج.
وتمتزج في هذا اليوم مشاعر الفرح بالحزن والفخر، إذ تستذكر الأسر التركية شهداءها الذين ارتقوا دفاعاً عن وطنهم.
ونجحت السلطات التركية خلال 15 ساعة فقط، في إجهاض محاولة الانقلاب الفاشلة التي قادتها مجموعة من الضباط المنتسبين لمنظمة "غولن" الإرهابية التي يتزعمها "فتح الله غولن" القابع في بنسلفانیا الأمريكية، ليلة 15 يوليو/ تموز 2016.
وبدأت محاولة الانقلاب التي في الساعة 22.00 بالتوقيت المحلي (19.00 تغ) من يوم الجمعة (15 يوليو/ تموز 2016)، في مقر رئاسة الأركان التركية بالعاصمة أنقرة، وتم إحباطها ظهر السبت 16 يوليو/ تموز في الساعة 12.57 بالتوقيت المحلي (09.57 تغ).
وقوبلت المحاولة الانقلابية باحتجاجات شعبية عارمة في معظم المدن والولايات التركية، إذ توجه المواطنون بحشود غفيرة تجاه البرلمان ورئاسة الأركان بالعاصمة، والمطار الدولي بمدينة إسطنبول، ومديريات الأمن في عدد من المدن، ما أجبر آليات عسكرية كانت تنتشر حولها على الانسحاب، وساهم بشكل كبير في إفشال المخطط الانقلابي.
وأجبر الموقف الشعبي آليات عسكرية كانت تنتشر حول تلك المقرات على الانسحاب، ما ساهم بشكل كبير في إفشال المخطط الانقلابي الذي أسفر عن استشهاد قرابة 248 وإصابة ألفين و196 آخرين.
وشكلت محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا نقطة فاصلة في تاريخ البلاد، ولم يكن للانقلاب أن يفشل لولا المقاومة الشعبية التي شكّلت أسطورة تاريخية ونموذجاً ظهر في صور رسخت في عقول وقلوب شعوب العالم.
ومنذ فشل المحاولة الانقلابية، أصبح يوم الخامس عشر من يوليو/تموز أحد أهم المحطات في تاريخ تركيا المعاصر، الذي خلد انتصار الإرادة الشعبية والديمقراطية.
وتحاكي هذه الصور الملحمة التي واجه فيها الشعب التركي مصيره من أجل مستقبل وطنه.
تعتبر لحظة تجمع الناس في جسر البسفور سابقاً الذي يربط الشق الآسيوي بالأوروبي في مدينة إسطنبول لحظة فارقة في ليلة 15يوليو/تموز 2016، حيث واجهت الحشود الانقلابيين ودارت اشتباكات قوية خلّفَت عشرات الشهداء ليتحول اسمه بعد ذلك إلى جسر "شهداء 15 تموز" .
خلدت هذه الصورة الشهيد أحمد إزجي الذي أراد الوقوف أمام دبابات المنقلبين بجسده، إلا أن دقائق بعد التقاطها كانت كفيلة لتكون مشهده الأخير، إثر إطلاق النار عليه من الدبابات.
التُقطَت هذه الصورة في ساحة تقسيم بمدينة إسطنبول، تجسّد شرطياً بملابس مدنية يقاوم الانقلاب من خلال حمل سلاح الجندي، إذ أظهرت موقف جميع شرائح الشعب من محاولة الانقلاب في 15 يوليو/تموز.
تجسد هذه الصورة وقوف المواطنين حُماة للمقرات الحكومة والرسمية التابعة للدولة، إذ التُقطَت أمام أحد المقرات الرسمية في مدينة إسطنبول بعد منع الانقلابيين من الدخول إليها.
كان الأمر الحاسم الذي لم يحسب حسابه مدبرو الانقلاب هو مقاومة الشعب التركي، يظهر هنا مواطن مدني واقفاً أمام الدبابة من أجل منعها من دخول مطار أتاتورك الدولي الذي شهد معركة قوية بين المنقلبين والقوات المدافعة عن الشرعية.
شكّل نزول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مطار أتاتورك بعد ساعات من تحليقه في الفضاء اللحظة الأولى للانتصار على الانقلاب، إذ عكست هذه اللحظة سيطرة الشعب والأمن التركي على المطار الذي يُعتبر أهم منشآت البلاد الحيوية.
واصل آلاف االناس تجمعهم فوق جسر البسفور من أجل صد الانقلابيين ومنعهم من التقدم، وبعد ساعات من المقاومة نجحت الإرادة الشعبية في الانتصار، ومع ساعات الصبح الأولى بدأت مظاهر الاحتفال تطغى على المشهد.
بدأت المساجد بالدعوة لصلاة الجنازة في كامل تركيا على روح شهداء 15 يوليو/تموز، الذين بلغ عددهم 251 شهيداً وأصبحت صورهم وأسماؤهم تزيّن كل شوارع البلاد.
بعد أسابيع من الاحتفالات في كل شوارع تركيا، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى لقاء عامّ يضمّ الزعماء السياسيين في البلاد، حضره كل من زعيم الحركة القومية دولت باهتشلي وزعيم الحزب الجمهوري كمال قلجدار أوغلو، وسط ملايين الناس، لتحتفل تركيا بانتصار ديمقراطيتها وشعبها.