الجمعة 08 مارس 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.06 ليرة تركية / يورو
39.73 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.62 ليرة تركية / ريال قطري
8.37 ليرة تركية / الريال السعودي
31.39 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.06
جنيه إسترليني 39.73
ريال قطري 8.62
الريال السعودي 8.37
دولار أمريكي 31.39
...

في ذكرى اعتقالي.. هذا ما رأيته في رابعة

04 اغسطس 2020، 01:02 م

ليلة  في رابعة ..

.. أذكر يومها أنه كان علي قضاء الليلة في رابعة .. كنت سأنام في خيمة أطفال ضد الانقلاب ولكن النوم مضيعة للوقت في رابعة القيام والذكر .. جلست أقرأ ما تيسر من كتاب الله.. فاقتربت مني تلك الطفلة البريئة قالت وهي تقدم لي طبقا من الحلويات    "أمي بتقولك كل سنة وانتي طيبة "..
من بعيد أشارت إلي الأم بيدها ثم قامت واقتربت مني مهرولة بطريقة جعلتني أستغرب وأوجس في نفسي خيفة.. دون مقدمات قبلت رأسي وحضنتني بحرارة وهي تبكي  " جزائرية في رابعة..ربنا يعلي مراتبك ..نصرتونا لما اولاد بلدنا خذلونا " تعجبت كيف عرفت أني جزائرية  ثم تذكرت أني لا أزال أتوشح علم الجزائر  قلت لها "الأخوة في الله أقوى من أي رباط ..وكم تعرضنا للخذلان والخيانة من أبناء وطننا ..في كل بلد الطيب والخبيث..  " ..كانت يدها تمسك يدي وعيونها تذرف دموعا كأنها لآلئ تهديني إياها في لحظات صدق قلما تصادفنا في هذا العالم  المخادع.. قالت بعفوية دون أن ترتب كلماتها"احنا من المنصورة ومن وأنا صغيرة تربيت على العمل الدعوي والخيري ..أهلنا الي كنا بنعلمهم في المساجد ونقف معهم في الفرح والحزن موقف السند والدعم بقوا بيقتلونا ..الرجل الطيب الي حب يخدم الدين والبلد حطوه في السجن ..اعتقلوا العلماء ..الإسلام هو الي بيتحارب في مصر يا اختاه ..احنا الي بيحاربنا مش مصري الي بيحاربنا اسرائيل "... قاطعتها صغيرتها "ماما بيقولولك هاتي طنط بره يتعرفوا عليها "
..كانوا يفترشون الأرض ويقتسمون لقمة متواضعة وابتسامة أهل الحق والسريرة الطيبة تعلو محياهم ..رغم الحزن الشديد ..رغم إدراك أهل رابعة أن العسكر سيقتحمون الميدان عاجلا أو آجلا  وأن قوى الشر تتربص بهم شرقا وغربا ..إلا أنهم كانوا يبتسمون ..ابتسامة العارف بأن أمر المؤمن كله خير ..امتزجت عبرات روحي بفرحة قلبي..لقد أكرمني ربي  ومنحني شرف الرباط مع هؤلاء القوم ..
"يا أهل الجهاد وأسود الأمة يا أبناء الجزائر ..دائما في النفير تتسابقون على الشهادة .."قال  شيخ مسن وهو يكبر  ..ثم استطرد "كان لي إخوة من الجزائر في أفغانستان أيام عبد الله عزام رحمه الله وفي الشيشان تقبلهم الله شهداء "..خجلت من فرحهم بمشاركتي في الاعتصام فهو شرف لا أستحق عليه الثناء بل أنا من عليها شكرهم على استقبالهم لي ..تركنا الشيخ فجلست مع الأخوات ..منهن الدكتورة والطبيبة والمعلمة وربة البيت والداعية ..إذا نطقن ..فكل كلمة منهن تحتاج لكتاب يفسر معانيها روحانيا وإنسانيا ونضاليا ..إيمان صمود وثبات وفلسفة فكرية ..لسن مجرد منساقات تشاركن في اعتصام لمرافقة أزواجهن ،بل هن مجاهدات ومناضلات، إذا كل الزوج كن شعلة توقظ حماسه ..هن واعيات بالواقع وتحدياته ..

كنت ألاعب احد الاطفال وسألت والدته "الا تخافين عليه .. يوميا نصلي على الشهداء  ومن بينهم أطفال وقد تصيبه رصاصة غاذرة".... ابتسمت وقالت  "يا أختاه في بيتنا اربع رجال ولكننا عشنا سنين بدون رجال لأن رجالنا اغلب الوقت  في  السجون ..يا أختاه قضينا سنين ننام بحجاباتنا وجلابيبنا لأن جنود أمن الدولة كانوا يكسرون الأبواب ويقتحمون  البيوت إذا أرادوا اعتقال أخ أو أخت ..يا أختاه حياتنا لله كلها لا بعضها ،تتزوج الأخت بأخ يعينها على دينها  وتعينه على دينه ..أخ تدرك أنه قد يعتقل أو يقتل أو يغيب عنها أياما بسبب عمل دعوي أو خيري ويدرك هو أن زوجته قد تتعرض للأذى في سبيل الله  ..نحن نتزوج لننجب جيلا ربانيا لا نبخل به على الله ..أنبخل على الله بما نحب وهو الحب كله يا أختاه .."
هي لحظات من رابعة ..لمحات عن أهلها  أردت مشاركتها معكم  ..من دخل رابعة  وعرف أهلها يفهم لماذا تحولت إلى ملحمة إنسانية لا تزال صامدة في قلوب الملايين ..صدقوني أيها الاخوة لا زالت عيوني تذرف دموع الشوق كلما تحدثت عن #رابعة ..