أليكسي نافلني السياسي الروسي الشهير الذي يوجه يومياً انتقادات ضد بوتين وسياسته الداخلية والخارجية وحيث انشهر في السنوات القليلة الماضية بتحقيقاته بخصوص فساد الحكومة الروسية والمقربين لبوتين ووجه ضربات قوية ضد حزب روسيا الموحدة "حزب أنصار بوتين" في الانتخابات المحلية واستطاع جمع مظاهرات كبيرة ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو وفي مدن أخرى.

نافلني أصبح عدواً حقيقاً لبوتين مع أن بوتين فرض عليه وعلى مركزه للتحقيق في الفساد في روسيا غرامات مالية كبيرة جداً ومع ذلك بوتين وأصدقاءه لا يستطيعون هزيمة نافلني، لأن لديه دعم قوي من الشارع الروسي واعتقاله يعني خروج العشرات من الناس ليس فقط في موسكو وأيضا في مدن أخرى وهذا يعني ضربة قوية لبوتين وأنصاره لأن بوتين يخاف بأن يحدث أي تغيير في موسكو، لأن موسكو هي المركز وأي تغيير سياسي قد يحدث في موسكو هذا يعني تغيير شامل في كل المدن الروسية.

في سنة 2019 نافلني من حرك الشارع الروسي بخصوص موضوع اعتقال مجموعة من الشبان لهم بمجموعة تسمى "الشبكة" وضعهم في السجن لمدة 6 إلى 18 سنة بسبب ما تقوله الحكومة الروسية محاولتهم عمل تفجيرات في روسيا في وقت الانتخابات الرئاسية وكأس العالم 2018 في مدن مختلفة واعتبر نافلني بأن هذا الاعتقال تعسفي وملفات القضية مزورة لأن بوتين بذلك يحاول تخويف الشباب الروس للتحرك ضده وخرج في شهر سبتمبر 2019 ما يقارب 40 ألف شخص في موسكو تحت شعار "اتركهم" وطالبوا برحيل بوتين وبالتغيير السياسي في روسيا.

ما هو رأي بوتين عن نافلني؟

في سنة 2013 سأل أحد الصحفيين بوتين "نافلني شخص مثير للاهتمام وأنا أعتقد بأنه في الكثير من الأشياء ينجح والسؤال ليس في هذا الشي، نافلني يعتقلونه وبعدها يتركونه وكل مرة يتكرر السيناريو وهل هذا يستمر لوقت طويل؟ وهناك شائعة بأن أنت (بوتين) أعطيت أوامر لكي يتم تحريره من السجن، وأيضا هناك شائعة بأن نافلني هو مشروع وزارة الخارجية الأمريكية وأيضا هناك شائعة بأن نافلني هو مشروع فريق ميدفيديف (رئيس وزراء روسيا السابق) وأيضا هناك أيضا شائعات أخرى لمن مشروع نافلني؟ ولذلك أريد أن أسألك بوضع يدك على قلبك لمن هو مشروع نافنلي؟" رد بوتين " كل شخص إذا هو مشروع لأحد فهو فقط مشروع والديه وكل ما يحدث في الساحة السياسية الروسية أجزاء منها ولكان أنا أغني فترتي الرئاستين التي أنا كنت فيها وأيضا العمل كوزير بطريقة أو بأخرى كل هذه الناس هم نتيجة أو جزء من نتيجة عملي السياسي، ما هو مفهومها وهدفها وهو لكي المجتمع يكون له إمكانية للتعرف على أناس مختلفين ووجهات نظر مختلفة لحل القضايا المختلفة التي تمر بها روسيا وتوجيه روسيا إلى مستقبل أفضل”.

ولكن في السنوات القادمة بوتين هاجم نافلني في الكثير من المرات وقال بأنه شخصية تشبه ساكاشفيلي (رئيس جورجيا السابق) ولم يعد يستخدم اسمه بل يستخدم كلمة "تلك الشخصية" وأصبح يخاف أن يتحدث عن نافلني في مقابلته وهذا دليل على التحول الكبير الذي يحدث في عقل بوتين من سنة 2013 لسنة 2020 وخصوصا بعد التغيير المفاجئ للدستور الروسي ووضع نفسه كرئيس لروسيا لعام 2036 فبوتين يحول روسيا إلى مصر في عهد الفراعنة ويضع نفسه كفرعون لروسيا لأنه يخاف على كرسي السلطة أكثر من أي شي وهو لا يهمه مستقبل روسيا.

هل ينجح نافلني في توحيد المعارضة الروسية؟

مع أن نافلني استطاع جمع أكبر المظاهرات والمسيرات في موسكو ولكنه لا يستطيع أن يوحد المعارضة بسبب وجود شرخ كبير في المعارضة بين الأحزاب والحركات الليبرالية والديمقراطية فمثلا غريغوري يافلينسكي زعيم حزب التفاحة حتى الآن يهاجم نافلني ولا يستطيع إيجاد لغة مشتركة معه أو التعاون معه في المسائل السياسية المختلفة في المعارضة الروسية بسبب انشقاق نافلني عنه في الماضي وتوجهه إلى طريق مختلف عن يافلينسكي وهذا الشرح يكبر ولا يصغر في السنوات القليلة الماضية وخصوصا بعد مقتل السياسي الروسي الكبير بوريس نيمتسوف قرب الكرملين الذي كان يقود أكبر مظاهرات المعارضة مع نافلني ومقتل بوريس نيمتسوف قلب الأوراق لصالح بوتين وساعد بوتين وحزبه تحسين مكاناته لأن بوريس نيمتسوف كان لديه القدرة لتوحيد المعارضة ولكن بدون بوريس المعارضة مشتتة ولا تستطيع إيجاد خطة مشتركة لمواجهة بوتين وحزبه.

نافلني شخصية سياسية قوية يستطيع أن يواجه بوتين وينجح في الكثير من الأمور السياسية في روسيا ولكن السؤال الكبير هل الشعب الروسي سوف يدعمه ويبني مستقبل أفضل؟ هل الشعب الروسي لديه القدرة بأن يخرج في كل الشوارع ويقول لا لبوتين ولا للفساد، هذا ما سوف نراه في السنوات القادمة ولكن خروج مظاهرات ضخمة في خاباروفسك هو خطوة جداً مهمة وهذه هي بداية لنهاية بوتين سياسياً ولكن هل سوف يستطيع نافلني الاستفادة من هذا اللحظة التاريخية وتحويل أنصار بوتين لأنصار له والاستفادة من الضعف السياسي لحزب روسيا الموحدة؟ أتوقع نعم ولكن إذا المعارضة الروسية وحدت صفوفها ووضعت نافلني كزعيم موحد للأحزاب المعارضة وبذلك تنجح خطة المعارضة الروسية.